- عبد القادر بن عسلة
- واحة الإبداع
- بحوث و دراسات
- الزيارات: 8982
جذور ومقومات المنهج التوليدي والتحويلي
يرتبط المنهج التوليدي التحويلي في مقوماته (بالإطار العام للفكر اللساني منذ عهود الهنود واليونان القدمـاء ، نستطيع على ضوئه أن نتفحص في إيجاز مقومات المدرسة التحويلية ، فمنــــذ Panini الهندي وتراكــس Thrax اليوناني حتى اليوم ، والدراسات اللسانية تدور حول أمور محددة ، من أهمها :
1 ـ أصوات الألسنة وقواعدها .
2 ـ صرف الألسنة وقواعده .
3 ـ نحو الألسنة وقواعده .
4 ـ طبيعة الألسنة .)) (2)
وهذا يعني أن المدرسة التحويلية تعود في أصولها إلى التراث اللغوي الغربي القديم حيـــــــــــث استفادت (( من النتائـج التي توصل إليها النحو التقليدي والنحو الوصفي ، فأخذت نقاط القوة منهما وانتقدت نقاط ضعفهما .ولئن كان تشومسكي قد اعترف ببعض جوانب القوة في النحو التقليدي فإنه انتقد على الخصوص شكله العام ، وتعريفاتـه وقواعده الغامضة .)) (3)
ولعل أبرز ما يدل على ارتباط هذا المنهج بالنحو التقليدي الغربي أن تشومسكي استمد فكرتــــه من نحو بول رويال الذي نادى ودعا ابتداء من 1660م إلى (( إحياء القواعد الكليةUniversal grammar )) (4) كما استثمر من جهة أخرى (( البحوث اللغوية التي ظهرت في القرن الثامن عشر الميلادي ، والتي كان دي سوسير وبلومفيلد قـد حكم عليها بأنها فلسفية وغير علمية .)) (5)
والجدير بالإشارة أن المنهج التوليدي التحويلي لم يتبلور في شكله النهائي إلا في حدود 1972 م ولم يكن في وسع تشومسكي وضع أسس هذه المدرسة الجديدة إلا بعد استثمار جهود سابقيه و معاصريه وفي مقدمتهم أستاذه زيلـج هاريس الذي يعود إليه الفضل في إرساء دعائم هذا المنهج حيث عمل تشومسكي على تطوير آراء أستاذه (( إلى أن استطاع أن يحدث لنفسه هذه المدرسة التحويلية الجديدة )) (6) التي أهلته أن يكون (( إماما لحركة لسانية ضخمة في الولايات المتحـدة الأمريكية تسمى حركة النحو التحويلي التوليدي Transformational Generative .)) (7)
وقد كان من جهة أخرى للدراسات التي (( سبقه إليها ابن يعقوبJakobson الذي تحدث عن السمات المميزة Distinctive Features لكل صوت من أصوات الهجائية في بعـض اللغات )) (8) الأثر الواضح في منهـج تشومسكي الذي يرى في هذه النظرية التي قدمها هذا الأخير (( أساسا للدراسات الصوتية العالمية ، وهي الدراسات التي نستنبطها ونطبقها على كل الأصوات الموجودة في ألسنة العالم كله )) (9) ، ومن هنا اصطبغ منهجه بالصبغـة العالمية أي البحث عـن القواعد الكلية التي تشترك فيها جميع اللغات البشرية سواء (( تناولت هذه القواعد الأصوات أو الصرف أو النحو ويضاف إلى هذه النزعة إلى العالمية الاهتمام الشديد والدقيق بالقواعد العامة التي تنطبق علـى حالات كثيرة وتنظمها في عمومية واحدة .)) (10)
2 ـ أثر الدراسات اللغوية العربية في المنهج التوليدي التحويلي :
ليس من المستبعد أن يكون (( أمثال تشومسكي قد استلهم بعض معطيات النظرية المنهجية من مناهج البحث اللساني والنحوي لنحاة اللغة العربية ولسانييها لا سيما من خلال الآجرومية لابـن آجروم المغربي" ت : 723 هـ" )) (11) كما أنه ليس من المستبعد أيضا أن يكون للبلاغيين العــرب وفي مقدمتهم الجرجاني الأثر الواضح في هذا المنهج ذلك أننا لا نكاد نجد اختلافا بين ما قال بـه العلماء العرب منذ قرون وبين ما جاء به تشومسكي في حديثه عن الفونيـم ، المورفيم ، المحـــدد ، المركب الاسمي ، المركب الفعلي ، البنية السطحية والبنية العميقة وعناصر التحويل وهذا مـا سنتناوله بالتوضيح عند حديثنا عن كل عنصر من هذه العناصر .
والجدير بالإشارة أن تشومسكي وإن استثمر هذا الموروث اللغوي اللساني في بعديه الغربــي والعربي فقد أضاف إليه الشيء الكثير مما أهله أن يستوي على عرش الدراسات اللسانية المعاصرة حيث أصبح منهجه متداولا على نطاق واسع في الدراسات الحديثة وفي مختلف فروع اللغة وفي جانبيها النظري والتطبيقي ، وهذا ما نحن بصدد القيام به في هذه الدراسة ، إلا أنه وقبل هذا يتعين ومن باب الإلمام بأهم خصائص هذا المنهج أن نسلط الأضـواء على بعض المفاهيم التي ارتبط بها هذا المنهج ، وهي كما نرى ذات أهمية بالغة يتوقف عليها الجانب التطبيقي، ومنها : مفهوم الكلمة ، النحو واللغة ، الإسناد ، التوليد والتحويل ، البنية السطحية والبنية العميقة ، المركب الاسمي والمركب الفعلي .
ـ قائمة المصادر والمراجع ـ
(1) ـ قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث ، مازن الوعر ، دار طلاس دمشق ، ط1 ـ 1988 ـ ص : 116
(2) ـ أئمة النحاة في التاريخ ، الدكتور محمد محمود غالي ـ ص : 11 .
(3) ـ اللسانيات النشأة والتطور ، أحمد مومن ـ ص : 203 .
(4) ـ م . ن ـ ص : 206 .
(5) ـ أئمة النحاة في التاريخ ، الدكتور محمد محمود غالي ـ ص : 13 .
ـ ينظر اللسانيات العامة وقضايا العربية ، مصطفى حركات ـ ص : 94 .
(6) ـ أئمة النحاة في التاريخ ، الدكتور محمد محمود غالي ـ ص : 13 .
(7) ـ أئمة النحاة في التاريخ ، الدكتور محمد محمود غالي ـ ص : 09 .
(8) ـ م . ن ـ ص : 11 .
(9)ـ م . ن ـ ص : 11 .
(10)ـ م . ن ـ ص : 12 .
(11)ـ تعليم القواعد وتعلمها ، أحمد بلحوت ـ ص : 499 .