- حسن المليص
- واحة الإبداع
- خواطر ونثر
- الزيارات: 2335
سيرة ذاتية .
عندما استيقظ القلم .. نامت الفكرة تخبأت الحروف .. غارت الكلمات ..
لم هذا الخذلان يا معاني ..؟ لماذا تفضِّلين يا سطور أن تنعزلي بوحدتكِ؟؟أم أنَّك أنستِ لبياض الصفحة الخاوي وخنعت إلى تلكَ اللا مسؤولية الباردة الجوفاء؟؟؟
آهٍ منكِ يا عبَراتُ,كنتِ كلَّ يوم ٍ تخرِّ شين وجنتيَّ بملحك المرّ..ترقصين بجبروتكِ على شرياني العليل .. تُمَزِّقينَ أوصالي .. وتلعبين بخنَّة سعالي .. تقهقهين لحشرجة صدري … وتقطِّرينَ زرنيخكِ المسموم على صفحة فؤادي …. تستعذبينَ أنَّاتي .. وتتمايلين طرباً على وقع آهاتي…وأنتِ تسقينها زقُّومَ الحياةِ وهي لم تذق تسنيمها بعد ….
واليومَ لن أصمت …لن أستسلمَ لرشوى زق الشاي والرغيف….ها هي أقراص المنوِّم رميتها في الحاوية,وسيستيقظ اليوم دمي وتتفتّح روحي..وتصحو أعصابي ولن ترتجف يداي اليوم ..بل إنَّ جوارحي ستنتفضُ كلّها ….فقراتُ ظهري استوت,وخطواتي اتَّزنت..وعاد شعريَ المرجَّل بدويَّ التسريحة …. لم تعد نظَّاراتي المفيَّمة تعجبني …. سأركلها على قارعة الطريق وسأتبختر في الطرقاتِ أحولاً …. إنَّ أذيال الخوف تنسلُّ هاربةَ من ثورة أضلاعي ,لتتسلّلَ إلى طيَّات صدري أشعَّةٌ ذهبيَّةٌ مطمئنَّة…
سوفَ تُنتِشُ في روحي بذرةَ اليقين … وستورق في صدري زيتونة … وسأسقيها من سحاب الأفكار المركوم … وسأجني الحبََّاتِ السودِ وأعصرها زيتاً لا شرقيَّاً … يشعلُني مشكاةً من نور … وسأطفي نارَ التَّنُّور ِ بماءٍ منهمر ٍ من دمع عيوني….وسيأتي الإعصارُ المشرقُ من أوردتي ..ليدكَّ جدارَ الوهم المرصودِ…ويُطيحُ بكلِّ الأوثانِ ويبقى المعبود..
سأفخِّخُ في عقلي فكرة…فإما أن تفجِّره فأحمل أشلاءه بينَ كفَّيَّ وأسيرُ هائماً على وجهي ,أنظرُ إلى اللامنظور متبختراً بقدميّ الحافيتين اللتين أدماهما البردُ والقذى … وأجدِّلُ شعري وأدلكُ جبهتي بفحم النسيان اللامقصودِ ثمَّ أعودُ إلى الحارة ِ بهلولاً….
أو أنَّ الفكرة لا تنفجرُ دفعة واحدة…بل تشتعلُ اشتعالَ عودِ الثقابِ في زيت الفانوس الغافي بزاوية الغرفة الشمالية المظلمة..فتنتعش تلافيف دماغي ويطمئنُّ دمي المتجمد للدفء المنبعث, وتتورَّدُ وجنتاي نشوى بالعبير القادم,فسيتقيمُ بصري ويستوي بعد أن تنجلي عن شبكيّته عتمة الجبن الذي قبع في صدري لآلاف السنين وآن لشبحهِ أن يُطردَ شرّ طردةٍ…ولسوف تستيقظ أوردتي حينها بعد سباتها المضجر,فتبتسم لها ثنايا جلدي التي ألفتِ العبوس قروناً…وأصيرُ بعدَ كلِّ تلك العتمة كما الفانوس الضاحك ,فأسرِّح شعري وأرجِّله ثم أفرقه كما استطعت أن أفرق بين حلو الحنظل المدفون ومرِّ العسل الملغوم,وأفنِّدَ قملَ الشهواتِ ,فأسحقها بترتيل الابتهالات ,ثمَّ أسوِّكُ أسناني التي تعشَّقها الإصفرارُ كما عشقتهُ أوراق الخريف ,ولسوف تبيضُّ نواجذي لأولِ مرَّةٍ في حياتها…فأكشِّرَ عنها لأغيظ كلَّ فتيات الحارة الحسناواتِ اللواتي لم يتفقَّهن في الحبِّ فخنَّ العهودَ فقتلن القلوبَ وسرقنَ الألبابَ..ثمّ أتين بالبهتاناتِ المفترياتِ أنَّهنَّ تعذَّبن في ضروب العشق …والعشق يقسم كلَّ ساعةٍ بأنّض حبالهُ بريئةٌ منهنَّ والشاهدُ قميصه الذي قُدَّ من دبر….فليعلمنَ ولتعلم جميع النسوة ويقطعن أيديهن مراراً وتكراراً عندما يرينَ أني عدتُ إلى الحارةِ بشيراً.
لقد سمعتُ أن الرياحين لا تزهرُ إلا في تربةٍ ضاحكةٍ قهقهَ الخصب فيها,وبأنَّ الكلأ لا يخضرُّ إلا إذا شربَ إكسيرَ السعادة مع قطراتِ ندى الربيع الراقصة فرحاً,وبأن النجوم لا تشتعلُ فلَّاً إلا إذا تجلّى عليها الربُّ فتخرَّ الجبالُ دكَّاً وتصعق السموات والأرض مغشياً عليها من شدة اللذة التي باشرتها مذ بشَّرتها سنا أنوار ٍ لاحت برووقاً سؤددية وعواصف نورانية تعشى بها العيون وتنطفئ بسحرها الأرواح…..وسمعتُ أيضاً أن الجمال برونقه البديع يطوفُ على الفتيات الوليدات …ثمَّ يناغيهنَّ بإصبعه المتلألئة كما البدر ,فإذا تبسَّمن له واستبشرن بطلعته…تلبَّسَهنَّ وفرشَ وشاحه الساحر على أجسادهن …. أما إذا عبسن في وجهه وتذمَّرن منه وصرخن باكياتٍ ..فرَّ مدبراً وجاءت الدمامة فتلبَّستهُنّ.
لأجل ذلكَ كله ……ولأنّ السعادة زبدة الحياة وكوثرها المنشود…قرّرتُ أن أصبح بشـيراً ….
نعم إني البشير