مجزرة بشرية وإنسانية في الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ! لكن وبكل أسف الحدث كان متوقعاً ومنتظراً خاصة بعد جولة وزيرة خارجية الكيان الصهيوني والتى اختتمتها بالقاهرة وأعلنت منها الحرب على غزة، نعم أُعلنت الحرب من قلب العروبة والإسلام وفي حضور الوزير الخامل العاجز أحمد أبو الغيط الذي طالما توعد بكسر أقدام سكان غزة ، فليهنأ أبو الغيط وتيار التحريض والعداء في مصر فقد قطع الصهاينة رؤس سكان غزة وليس أقدامهم، كانت المجزرة متوقعة بعد التصريحات التي نٌسبت لكبار القادة السياسيين والأمنيين العرب والذين حذروا الصهاينة من تكرار الفشل الذي تم أمام حزب الله ، بل طالب بعضهم بقطع رؤس حماس في الداخل والخارج بعدما شبههم بالعصابة ، كان الحدث متوقعاً بعدما دقت طبول الحرب من بعض العواصم والصحف والقنوات العربية ، وكانت التصريحات التي لا تستطيع أن تحدد من أي وعاء خرجت ؟ من عدو أو شقيق فهي في السوء سواء ، لماذا غزة دون سواها؟ ولماذا حماس دون غيرها ؟ هل لطبيعة القضية ؟ أم لحساب الدولة اليهودية؟ أم لأن حماس دون غيرها من تيارات المعارضة والمقاومة تمثل تجربة إسلامية ناضجة وفاعلة، داعية ومجاهدة، وسطية وغير مستكينة ، تمثل البديل الإسلامي الحضاري الذي اجتمعت عليه جماهير الأمة نموذج الوسطية والاعتدال ، أم لأنها تدرك طبيعة المرحلة والمكائد والتحديات ، فتعي أن الغريب متآمر والشقيق متخاذل والصديق متواطئ لكنها لا تراهن إلا على نفسها وشعبها ومن يؤمن بمشروعها ورسالتها، ماذا يُراد من غزة و حماس ؟ تنازلات أم مفاوضات أم صفقات ؟ لصالح من ولحساب من؟ حماس لن تكون إلا هي ، وليكن ما يكون ،شهداء وجرحى واغتيالات، لكن وفي جميع الأحوال لن تركع غزة ولن ترفع الراية البيضاء استسلاماً كما صرحت قيادات حماس رغم الجرح النازف ، الرهان ما زال قائماً على الشعوب بالتحرك الفاعل والمؤثر، وعلى الأنظمة العربية أن تبرأ ذمتها وتتحمل مسئولياتها بعد تصريحات ليفني التي أكدت أن المجزرة جاءت تجاوباً مع احتياجات وطلبات قادة المنطقة! نعم ستواصل الطائرات الحربية "الاسرائيلية ـ الامريكية" تقطيع أوصال أهلنا في غزة بصواريخها الفتّاكة، وربما تقتحم الدبابات الحدود في محاولة لانجاز ما عجزت عنه الطائرات من الجو، ولكن الأمر المؤكد ان المقاومة ستتكرس، وأن ثقافة الاستسلام ستنهار وتلفظ أنفسها الأخيرة نعم المعركة غير متكافئة، ولكن التاريخ يشهد أن الحسم العسكري لم يحقق الاهداف السياسية التي جاء من اجلها بني صهيون للمنطقة ، الدنيا تعلم أن القوى العسكرية العظمى تستطيع أن تهزم جيوشاً نظامية، وتطيح بأنظمة، ولكنها تقف عاجزة كليا امام حركات المقاومة ، الانسحاب الصهيوني سيتم في نهاية المطاف، ولكنه سيكون انسحاب المهزومين، والسيد محمود عباس لن يعود الى قطاع غزة، وإن عاد فعلى ظهر دبابة إسرائيلية، على أشلاء الشهداء،ودماء الجرحى وآهات وألام الثكلى الذين حتماً لن يستقبلوه بالزهور في شوارع غزة وإنما بالبيض الفاسد وربما بالأحذية البالية.صمود أهل غزة وتضحياتهم أيقظا الضمير العربي المُغيب، وبثا دماء الكرامة في شرايين الأمة المتيبسة، وعرَوا من يريدون نقل الصهاينة من مربع الأعداء إلى خانة الأصدقاء، والتعويل عليها لتخليصهم من وهم الخطر الإيراني المزعوم.الجولة قاسية ودامية لكنها أفرزت وصنفت من مع قضايانا ومن يتآمر عليها ولكن الأكيد مهما كانت الحسابات والنتائج فلن تركع المقاومة ولن تركع غزة : يا شركاء بني صهيون.
محمد السروجي مدير مركز الفجر للدراسات والتنمية