في الآونة الأخيرة طفت على السطح تساؤلات كثيرة تتناول العملية التربوية برمتها ,خاصة في واقع تظهر فيه أفكار غريبة ,وتصنع في حركته قرارات حاسمة تعمل على أن تكون الأهداف التربوية التعليمية منسجمة والوضع الجديد في ظل ما يمسى "بعملية السلام"عن طريق المناهج الدراسية التي تأخذ بها الجهات التربوية المسؤولة .
وهذا الوضع بدا يلقي ظلاله القاتمة على مجتمعنا الأصيل ,وتنخر فيه وبقيمه, كون أن هناك علاقة بين واقع التربية والطموحات والتغيرات التي ستطرأ عليها.
وهذه العلاقة باعتراف الكثير من رجالات التربية وصلت إلى منعطف تاريخي هام وخطير يؤسس لمرحلة جديدة يكون فيها الخطاب التربوي آخذ بعين الاعتبار كل ما من شانه إعطاء صورة علمية جادة للطرف الأخر في صدق التوعية نحو السلام غير المتكافئ.
فما أصعب أن تنزلق الأسس التربوية بأهدافها وسلوكياتها عن دورها الحضاري فلا تقيم أسس بناء الأمة أو تعيد تاريخها المجيد, أو تحذر أعدائها الألداء فتبدأ صفحة جديدة من اجل( مرحلة جديدة ) كانت جددتها مئات المرات فما حصدت غير الهواجس والأوهام.
فالدور الجديد الذي يطمحون إليه في التربية ما كان ليخرجهم من مآزقهم الاجتماعية على كافة مستوياتها وما هو إلا سطور لا يفهمها العقل وستتلاشى عنها الأحلام التي يبنونها في أول جولة عملية تتصادم فيها الأهداف التربوية بين كلا الطرفين.
وليست ثمة شيء في الأفق يشير إلى ثبات المستوى التربوي خلال العملية السياسية الرامية إلى تسوية الصراع العربي الإسرائيلي ,فالاتفاقيات والمعاهدات أصبحت أمرا واقعا حتى إشعار آخر , ومن أهم الحقائق الأساسية والتي يحب أن نعيها هي أن الخطر الحقيقي لا يكمن في قوة إسرائيل في التأثير على مجتمعنا التربوي واديولوجياته , فهذا أمر محال خاصة في ظل انتمائنا الثقافي وما نمتلكه من عوامل الانتماء الفكري مستند إلى ارث تاريخي عن طريق عريق يجعل اماكنية الانسجام مع( الفكر التربوي الصهيوني) أمر مستحيل ,لكن الخطر المحتدم هو إزالة الخطر الصهيوني عن العقول التربوية الوطنية لضمان سير الفعل الصهيوني باغرائاته الاقتصادية والأمنية ,ورغم أن النظرة للتربية تغيرت عموما بعد تزايد البطالة وظهور المشاكل الاجتماعية الوافرة , إلا أن هذا كله لا يعفي من النظر للتربية بوصفها قيمة إنسانية ترفع سوية الإنسان وتنهض به إلى مستويات ترقى إلى خدمة الأمة وكيانها .
فالتربية ما وجدت إلا لتجد مخرجات اجتماعية مرغوب بها ذات كفاءة عالية تعمل على خدمة الوطن , فتخرجه من مشاكله وعثراته وتضع أسسه وخطواته نحو التقدم والازدهار سواءَ كان حاضرا أم مستقبلا غير معنيين بعهود ووعود صهيونية بالية لم يعرف عنهم سوى الدمار والخراب .
ففي واقع محتدم بالرداءة والهزيمة والانكفاء نجد أنفسنا مطالبين وطنيا وحضاريا وإنسانيا وتاريخيا أن نعمل على صون هذه الأمة من كل هجوم فكري غريب على أهم قطاع وطننا العربي الإسلامي "قطاع التربية ".
ويجب العمل على إيجاد مخرجات تربوية توجد معادلة بين واقع التربية وطموحاتها تكون فيها الثوابت :صون كيان الوطن وكرامته وقيمه الحضارية والإنسانية أولا.
ويبقى دور الباحثين والدارسين للتحليل والبحث والتقييم ووضع العلاج قبل أن تستشري هذه الظاهرة فتمس منظومة علاقاتنا الاجتماعية والاديولونجية والأسرية المتماسكة وقبل أن تمس منظومة الوظيفة العملية ,وهذا الخلل ينبغي أن ننظر له بأسلوب جدي ونحاول محاولات فعالة لمعالجته فلا يعتبرون أنفسهم بمنأى عن هذه العملية وفي منجاة من أتونها . والله المستعان