من المعروف ان الفلسطينيين والاسرائيليين قد عادوا الى جولة جديدة من المفاوضات لتحقيق ما يسمى بالسلام في شهر تشرين الثاني عام 2007 وذلك في اطار ما يسمى بمؤتمر السلام في الشرق الأوسط والذي انعقد في مدينة انابوليس الأمريكية, وكان هدفه المعلن هو التوصل الى اتفاق قبل نهاية العام الحالي واحلال السلام في المنطقة.
وأما الهدف الحقيقي منه هو انقاذ الادارة الأمريكية الحالية من تورطها وخسارتها في تدخلاتها العسكرية وغير العسكرية وفي كل الجبهات.ومن المعروف ان هذه الادارة ستودع البيت الأبيض "سود الله وجهه" في نهاية العام الحالي. واذا قمنا بدراسة ما حصل منذ انعقاد هذا المؤتمر المشؤوم حتى يومنا هذا فسنجد ان الطرف الفلسطيني المفاوض كان الطرف الضعيف وبالمقابل كان الطرف الاسرائيلي هو القوي وهو الذي يفرض املائاته وشروطه في ادارة المفاوضات..هذه المفاوضات التي وصفها البعض بالعبثية,وانه لا جدوى منها, وبينما وصفها اخرون بأنها مضيعة للوقت ليس الا.
فعلى الصعيد الاسرائيلي:
لا يجد رئيس الوزراء الصهيوني"أولمرت" الغارق حتى أذنيه في محاكمات الفساد، إلا التصريحات التى ترضى عصابات المستوطنين، والتى ترتكز على التمسك بالسياسات التى لا تجيز التنازلات في أية مفاوضات وعلى جميع المسارات التى أهمها ما يتعلق باللاجئين فلسطينيا، والجولان المحتلة سوريا، في محاولته لإثبات إنه قادر على الإمساك بموقعه رغم كل شيء.
وفى احدث تصريحاته قال أن القدس خط احمرلا يمكن الحديث عنها، مع التمسك بأنها العاصمة الأبدية للدولة اليهودية، أما ما يخص قضية اللاجئين، فهى أمر مفروغ منه، يجب على العالم معالجته كحالة إنسانية يمكن حلها من خلال مشاريع التوطين، التى يبدو أنها في طريقها للتنفيذ، فيما انه يؤكد بالنسبة للمفاوضات، رغم التصريحات المتفائلة السابقة، على أنه لا يرى أن العام 2008، سيشهد أى تقدم في عملية السلام، وان كان يريد إمساك العصا من الوسط، ليرضى وزيرة الخارجية الأمريكية التواقة وبأى شكل، إلى إعلان ينعش رئيسها الغارق هو أيضا في الفضائح.
أما فيما يتعلق بالقدس فانه يصرح:"إن موضوع القدس سوف لن يكون مشمولا في أى اتفاق محتمل حتى نهاية العام الحالي, وان من يعتقد أنه يمكن العيش مع 270 ألف عربى في القدس، يجب عليه أن يأخذ في الحسبان أنه ستكون هناك جرافات وجرارات ومركبات أخرى لتنفيذ عمليات أخرى مما يعني، انه يجب العمل على عدم وجود المقدسيين في هذه المدينة، دون أن ينسى القول أيضا، إنه- إذا أمكن- التوصل إلى اتفاق مع السلطة الفلسطينية حتى نهاية العام الحالي، فإن هذا الاتفاق لن يشمل مدينة القدس.
على العموم، أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، لا يمكن تمييزها عن كافة تصريحات المسؤولين الصهاينة السابقة والحاضرة، والتى ستأتى أيضا، مما يؤكد أن المفاوضات مع الكيان الصهيوني، ليست إلا مضيعة للوقت.
وأما على الصعيد الفلسطيني:
يقول عزام الأحمد رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني "المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الجارية حاليا لن تؤدي الى نتيجة",وان "تغيير الوضع القائم او التوصل الى شكل من اشكال التسوية امر غير ممكن في ظل الانقسام بين الضفة وقطاع غزة" الخاضع لسيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) منذ حزيران العام الماضي.
وعلى صعيد آخر قال الاحمد ان مبادرة عباس للحوار بين فتح وحماس والتي اطلقها في حزيران الماضي "انتهت بعد 48 ساعة من اعلانها لان حماس وواشنطن لا تريدانها فيما ظلت الدول العربية ساكنة دون حراك", واضاف ان "حماس لم تقدم على اي خطوة تدل على رغبتها في الحوار الى جانب فيتو اميركي مفروض على الحوار وعدم وجود اي تحرك من الفصائل الوطنية",معتبرا ان ما سيجري في القاهرة من دعوة الفصائل الوطنية للحوار مضيعة للوقت تحت شعار تهيئة الاجواء. والسؤال:يا عزام الأحمد,ان كنت تقر بأن المفاوضات لا جدوى منها,فلماذا تصرون على الاستمرار بها؟ وأما حماس فقد صرحت مرارا بأنها لن تتنازل عن ثوابتها الأساسية والمعروفة, ولا داعي لذكرها الان.
ما هو المطلوب؟
ان الاصرار على مواصلة المفاوضات خلال الاشهر المقبلة سيكون مضيعة للوقت, التركيز ينبغي ان يكون على قضايا اهم في مقدمتها تحقيق وحدة الموقف الفلسطيني والخروج بمبادرة عربية لانهاء حالة الانقسام بين الضفة وغزة ودعم جهود التهدئة في غزة ومناطق الضفة وتنسيق حملة عالمية لفك الحصار عن غزة, ووضع خطة عربية لحماية القدس من التهويد وحماية المقدسات الاسلامية والمسيحية. وبالتزامن مع ذلك وقف الاتصالات مع اسرائيل بشأن العملية السلمية.
بمعنى آخر يجب العمل على اعادة بناء الموقف الرسمي التفاوضي على اسس جديدة استعدادا لمرحلة جديدة وهذا الامر يتطلب حملة موسعة من الاتصالات مع القوى الدولية لكشف النوايا الاسرائيلية ودعم الموقف العربي في مواجهة سياسات التسويف, والمماطلة من طرف الادارة الامريكية الراهنة واسرائيل.
ان تصميم خطة عربية جديدة للمفاوضات تأخذ في الحسبان عدم القبول بالدخول في مفاوضات بلا جدول زمني محدد والتزام اسرائيلي صريح بقبول مبادرة السلام العربية يشكل اولوية اساسية في المرحلة المقبلة. وبالعودة الى الطرف الفلسطيني المفاوض, وان كان قد فشل فشلا ذريعا على الصعيد العام, الا انه حقق انجازات كبيرة وشخصية وهذا ما يهمه في نهاية المطاف..فبالأمس21 اب مرت علينا ذكرى أليمة وعصيبة وحارقة الا وهي الذكرى التاسعة والثلاثون لاحراق المسجد الأقصى المبارك,فهل تتذكرون هذا المسجد والمدينة التي تحتضنه؟ لقد نسيتم القدس وتنازلتم عنها وعن حق العودة واللاجئين..ووضعتم مصالحكم الشخصية فوق كل اعتبار,وساهمتم بتهويد القدس ومونتم الجدار العازل بالجدار العنصري زورا وبهتانا بالاسمنت المصري وذلك دعما للاقتصاد الوطني عفوا "للجيوب" الوطنية..وكل هذا من اجل ارضاء الطرف الاسرائيلي والذي اصبحتم بيديه كأحجار الشطرنج يحرككم كيفما شاء والى أين يشاء..! يخطىء من يقول بأن المفاوضات عبثية ومضيعة للوقت واليكم الدليل القاطع:قبل أيام خلت بث التلفزيون الاسرائيلي ومن خلال قناته العاشرة برنامجا تتضمن فيما تضمنه حصول بنت كبير المفاوضين الفلسطينيين ابو العلاء على الهوية الاسرائيلية(في الوقت الذي تقوم فيه اسرائيل بسحب هويلت المقدسيين من اجل تفريغها من سكانها وتهويدها),أليس هذا الأمر يعتبر انجازا كبيرا يستحق ابو العلاء منا ان نتقدم اليه بأحر التهاني والتبريكات؟والى "ابو العلاء" أقول:هل أنت تفاوض لتحقيق أهداف فلسطينية، أم تشغل بالك بموضوع هوية ابنتك؟ وأنت لست الأول ولست الآخر في استخدام المفاوضات لتحقيق أغراض شخصية، ونحن نسمع بحكايات كثيرة وعجيبة حول سلوك العديد من المفاوضين الفلسطينيين..! فعلا وكما يقول المثل العربي"ان لم تستحي فافعل ما شئت".. وفي أحد اخرخطبه العنتريه، قال قريع "لا اعتقد اننا سنتوصل حتى نهاية هذا العام الى اتفاق مع الجانب الاسرائيلي لعدة اسباب اولها صعوبة العملية التفاوضية، وثانيها ان الجانب الاسرائيلي هذه الايام يولي كل اهتماماته لمشاكله الداخلية" ...لقد صدقت يا قريع, فمن سابع المستحيلات تحقيق السلام مع الصهاينة هذا العام ولا حتى في أي عام اخر,فالسلام لا يصنع مع محتل والحل هو التحرير ومهما كلف الأمر،ولكن لندخل الى عقل هذا الرجل ونحاول ان نفسر ما يجري في اعصابه من معادلات,كيف سيتحقق السلام، وسيادة احمد قريع لم يفتح من ملفات القضية شيئاً مهما وعاما يخص مصالح الشعب الفلسطيني العليا على طاولة المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي الشرس والقوي، فحضرته مشغول في الحصول على الهوية الزرقاء الاسرائيلية لابنته ، والتي تنكر فلسطينيتها وتفخر بكونها تحمل هوية اسرائيلية..! ويكمل قريع حديثه قائلا: "اننا لن نقبل بأقل من دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشريف, ولن نقبل الا بحل قضية اللاجئين حلا عادلا وعلى اساس قرارات الشرعية الدولية واساس قرار حق العودة"... بالله عليك يا قريع أليس هذا الكلام "هذيانا"؟وهل تحاول استغبائنا؟ كيف يا سيد قريع سنقيم دولة فلسطينية في حدود 67 ، الم تقم مصانعك بتمويل جدار الفصل العنصري بالاسمنت المصري للصهاينة ،لكي يبتلع هذا السرطان اراضي المزارعين في الضفة ويقطع الناس والشعب عن بعضهم، وكيف ستكون القدس عاصمتنا وانتم تسعون الى مصالحكم الشخصية ، وراء عمولات ووكالات تجارية وهويات اسرائيلية، بينما لا تلتفتون الى معاناة اهل القدس، الذين تهدم بيوتهم ويهجرون من بلادهم، وكيف سيعود اللاجئون وقضيتهم غيبت بغباءكم في ادراج النسيان، بل ذهب بعضكم للتنازل عن تلك القضية وكأنه ملك ابيه او ورثة من عائلته، اية دولة واية عاصمة ستكون لنا بملفات مفاوضاتكم المخزية..قليلاً من الخجل مطلوب.. هذا الكلام الذي يتفوه به هذا الشخص هو وامثاله ، عبارة عن " طقم" كلام مجهز بكل جماليته وثوابته ، ولكن ما هو على الأرض من خلال الممارسات السلوكية، فانه يدل الى اي مدى ذهب هؤلاء القوم في تواطئهم مع الاحتلال، ونسيانهم لمصالح الشعب وقضيته، ويكشف كيف اسرائيل تستهزىء بهم، وتستحقرهم وتكشفهم الى الشعوب كتجار وسماسرة اوطان، فقضية ابنة احمد قريع والهوية الزرقاء والتي كشفها التلفزيون الاسرائيلي يدل على ان الصهاينة يحاولون كشف حقيقة هؤلاء القوم وفضحهم، واظهار مدى انحطاطهم الوطني، وهذا يعيدنا الى قضية روحي فتوح وصفقة الجوالات المهربة، والي كشفها الصهاينة، هي لم تكن بالتأكيد المرة الاولى التي يقوم بها بالتهريب، فحتماً قد سبقها مرات عدة، ولكن هذه المرة كان لا بد من فضحه وكشفه امام الملأ بالمهمات التي يقوم بها... هذا كان يوماً ما رئيس المجلس التشريعي وممثل الشعب الفلسطيني. هكذا ضاعت القضية الفلسطينية... على يد هؤلاء السماسرة ، الذين يركبون الشعب الفلسطيني عنوة، وينهبون ويسرقون مقدراته وانجازاته لجيوبهم الخاصة...لذلك يستحقون لقب عصابة"الأربعين حرامي" بكل جدارة واستحقاق..!! ألا تعلم يا أبا العلاء بأن هؤلاء الصهاينة لا يحفظون سرا.. إنهم يقدمون خدمات لأناس، ومن ثم ينشرون ما يقدمون في وسائل الإعلام استصغارا للفلسطينيين واحتقارا لهم..لا انكم تعلمون ولكن لم يعد يهمكم شيء سوى مصالحكم الشخصية, وقمتم بالضرب بعرض الحاءط المصالح العليا والوطنية لأبناء هذا الشعب الذين ما زال يسمع أخباركم، ويصمت على مفاوضاتكم العبثية والتي تقوم باستنزافه أخلاقيا ووطنيا ومعنويا..ان ابناء هذا الشعب مقصرون بحق أنفسهم، ولولم يكونوا كذلك لما كنت تقف أنت أو غيرك من المفاوضين يوما تتحدث عن مصلحة فلسطينية أو حقوق وطنية ثابتة..ولكنه القدر الذي لا بد منه والذي خذلنا مرات عديدة.وهل تعلم يا أبا العلاء ان بعض الصحف الاسرائلية(هارتس) تناولت نفس الموضوع ووضحت أن المفاوضين الفلسطينيين لا يبخلون على انفسهم بالطلبات الخاصة وأوردت اسمك حينما طلبت تصريحا لانشاء محطات وقود لأحد اقربائك..!! الأمر لا يخص ابو العلاء فقط وانما كل من يفاوض من الطرف الفلسطيني له طلباته الخاصة..! يا أبا العلاء:والله انني أتعجب كيف تنظر لنفسك في المراة ووتتسائل,كيف ينظر الي المفاوض الاسرائيلي وانا امرر امورا شخصية وأنسى الأمور الجوهرية؟
هنيئا لك يا "ابو العلاء" على هذا الانجاز التاريخي وهنيئا لابنتك التي اصبحت تحمل الهوية الاسرائيلية وهنيئا لوزيرة الخارجية الاسرائيلية"تسيفي ليفني" التي تضحك على اشباه الرجال والله يكون في عون شعبنا..! ألمعذرة يا أبا العلاء ان كنت قد تطاولت عليك وعلى غيرك من المفاوضين, لكن نصيحة من مقدسي صغير:ان المفاوضات فعلا عبثية ومضيعة للوقت وحان الأوان لوقفها والأهم منها هو العودة الى طاولة الحوار الفلسطيني -الفلسطيني فهو اهم من هذه المفاوضات التي لا معنى لها, والتي تصب في صالح الجانب الاسرائيلي ..!
د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة