بقلم : د/سوسن عبد الكريم بونقيشة
ملخص البحث:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من اقتفى أثره إلى يوم الدين، وبعد,
نعيش في السنوات الأخيرة أحداثا اقتصادية كارثية وصلت حدّتها إلى المساس بالسلم العالمي , فبعد أن تقهقر النظام الاقتصادي الرأسمالي اثر الأزمة المالية العالمية ألقى بتبعاته على الدول و الشعوب , هذا ما جعل أهل الاختصاص يدرسون الأمر بحثا عن منفذ للنجاة من نتائج الأزمة الاقتصادية الخانقة , وعليه فقد اختارت الدول غير الإسلامية المنهج الإسلامي كنموذج لترميم نظام آيل للسقوط و ذلك لأسباب عدة , منها ما تميز به هذا النظام في عمق الأزمة من صلابة و نجاعة , بالإضافة إلى مرونته و سهولة تطبيقه , ممّا جعل المعاملات المالية الإسلامية تهيمن على عالم المال الكوني في فترة ما بعد الأزمة .
وقد شهدت البلدان الغربية حركة علمية لدراسة الحلول الإسلامية حتى يتيسر الانتفاع بها , وهي كتابات يجب الاطلاع عليها و دراستها لنتمكن من تطوير و توسيع دائرة المعاملات المالية الإسلامية لنبني غدا أفضل للإنسانية , فالمساهمة في إنقاذ العالم من سفك الدماء و من الحروب و المجاعات مناط التكليف و جوهر المبادئ الإسلامية التي تدعو إلى السلام .
إن المعاملات المالية الإسلامية متميزة عن غيرها من ناحية الهدف و الأسلوب و الوسائل و النتائج ..., فهي قائمة بالأساس على مجموعة من الأخلاقيات و القيم الإنسانية النبيلة المستمدة من العقيدة الإسلامية مما يجعل علاقة المسلم بالمال علاقة قيميّة , والعالم اليوم في أشد الحاجة إلى العودة إلى الأصل بعد القطيعة الطويلة مع الرقي الأخلاقي.
المقدمة:
لقد قامت في الغرب حركة علمية واسعة لدراسة و تحليل و فهم المنهج الإسلامي بمختلف نظرياته و تطبيقاته في عالم المعاملات المالية , إلا أن البحوث في هذا المجال شحيحة فلا نكاد نعثر على بحث واحد يحلل لنا كتابات غير المسلمين منذ بدايتها إلى وقتنا الحاضر و أسباب تهافت البلدان الغربية على تطبيق النظام المالي الإسلامي من جهة المعاملات المالية, و قد دعا معهد الاقتصاد الإسلامي التابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة الباحثين و المتخصصين في مجال الفقه و أصوله إلى البحث في عدد من المواضيع المقترحة في الاقتصاد الإسلامي ومن بينها علم الاقتصاد الإسلامي ومنهجيته و الذي احتوى على مقترح "كتابات غير المسلمين عن الاقتصاد الإسلامي : دراسة وتحليل".
فالأمر أخطر ممّا يتصوره البعض , لأن الأزمة المالية العالمية التي هزت عالم المال الكوني مازالت تبعاتها تهدد البلدان و الشعوب الإسلامية و غيرها مما يجعل شبح الفقر و البطالة و الإفلاس و التقشف يرهق الشعوب و بالتالي يمسّ بالسلم العالمي , و إن واجبنا نحن كمسلمين هو الأخذ بيد البشرية لنمنع سفك الدماء و نعمل على اعمار الأرض و ذلك بتقديم النموذج الرباني الذي ينظم المعاملات المالية كما هو دون المساس بحدوده المبينة في الشريعة الإسلامية , هذا ما يدعونا إلى النظر في تطبيقاته كما استعملها الغرب, وفي التنزيل قوله تعالى:"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [ [1]
هكذا يكون هذا البحث من بواكير الأعمال التي تناولت كتابات غير المسلمين بالدراسة و التحليل و النقد بالاستناد إلى المرجعية الإسلامية و هو مطلب يجب إثارته في مجال البحوث الفقهية المعاصرة ,وعليه اخترت أن يكون عنوان الدراسة :"كتابات غير المسلمين عن الاقتصاد الاسلامي :دراسة و تحليل ".
وهي تتكون من مقدمة و تمهيد و مبحثين الأول و عنوانه: أسباب لجوء البلدان غير الإسلامية إلى المعاملات المالية الإسلامية و المبحث الثاني عنوانه: الخصائص التي جعلت المعاملات المالية الإسلامية درعا حصينا وضامنا أساسيا لاستقرار اقتصاديات بلدان العالم ,يليها الخاتمة فالتوصيات ثم المصادر و المراجع .
وقد استخدمت المناهج العلمية الأصيلة , وأولاها المنهج الوصفي التحليلي وثانيها المنهج النقدي وثالثها المنهج الاستنتاجي الاستخلاصي.
التمهيد:
إن "الاقتصاد الإسلامي قديم قدم الإسلام"[2], فقد كان منهجا متجسدا مع رسول اللهr ومن بعده الخلفاء الراشدين ,و قد بدأ التأليف المتخصص في مجال النظام المالي الإسلامي منذ نهاية القرن الثاني الهجري في العصر العباسي بطلب من هارون الرشيد , حيث كتب أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة (توفي سنة182هـ)[3] كتابه الخراج, وقد صنفت بعده كتب كثيرة أذكر منها كتاب الكسب لمحمد بن الحسن الشيباني (توفي سنة189هـ) [4]و كتاب الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام (توفي سنة 224 هـ ) [5], و بتعاقب الأزمان عرف الفقه الإسلامي مراحل عديدة إلى أن جاء عصر الصحوة كما أطلق عليه البعض وهو زماننا هذا حيث ازدهر الفقه[6] وقد أثمرت هذه العناية بالفقه الإسلامي علوما شتى أينعت في هذا الزمن مثل علم مقاصد الشريعة كعلم له قواعده و تفريعاته [7] و علم الاقتصاد الإسلامي, ومن بين أهم الانجازات أذكر تطويع التقنية الحديثة و التكنولوجيا لخدمة الدين والسعي لتوحيد كلمة الأمة بقرارات شبيهة بالإجماع الأصولي خاصة في القضايا العامة من خلال المجامع الفقهية التي تعتبر قيمة إسلامية قامت بمثابة صرح تضامنت فيها جهود الفقهاء مع المختصين من العلماء المسلمين الثقاة في جميع المجالات لتثري الحياة العلمية و العملية باجتهادهم .
وقد فرض النظام الاقتصادي الإسلامي نفسه في وقت قصير من تطبيقه وسط أجواء مشحونة ضد الإسلام , فأصبحنا نتحدث عن نوعين من الأنظمة على المستوى العالمي أولاها الأنظمة الاقتصادية الوضعية و ثانيها النظام الاقتصادي الإسلامي. لكنه ما فتئ أن احتل الصدارة ليصبح قطبا جاذبا للمستثمرين ولجميع دول العالم ومحلّ تهافت وتسابق قصد الاستفادة منه . و في طيات هذا البحث توضيح لهذا الأمر.
المبحث الأول:أسباب لجوء البلدان غير الإسلامية إلى المعاملات المالية الإسلامية:
إن الاطلاع على كتابات غير المسلمين حول المعاملات المالية الإسلامية يوضح لنا مدى اهتمامهم بهذا الشأن , إذ أن الأمر يتعدى المقالات المحدودة إلى حركة علمية منظمة تدعمها إرادة سياسية متمثلة في التسهيلات و توجيه ديني متمثل في دعوات الفاتيكان إلى تبني النهج الإسلامي في المعاملات المالية, مما يدعونا إلى معرفة الدوافع الكامنة وراء هذا التنظير و التطبيق للمنهج الإسلامي , خاصة و أننا في عصر يحارب فيه الإسلام بدعوى أنه دموي , و يسبّ فيه الرسول الأكرم r و تداس فيه المقدسات بدعوى حرية التعبير , و الحال أن من يسبونه يتعلمون منه و يأخذون عنه وهو من المفارقات التي أوجدها الفراغ الروحي و الأخلاقي, فهذه الدول تعتبر النظام العلماني قيمة و مكسب يجب الذود عنه في قطيعة صريحة مع الدين و القيم فيما نزلت الأديان لتهدي الإنسان إلى الصلاح ولم تنزل لتكون عبئا عليه, وقد قال تعالى: وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [[8] , لذلك فالانسلاخ عن الدين هو سبب كل أزمة , وما الأزمة العالمية المالية الأخيرة إلا مثالا للاتعاظ.
و فيما يلي بيان لأهم الدوافع التي ساهمت في نحت "اقتصاد ما بعد الرأسمالية " وإتباع النموذج الإسلامي في المعاملات المالية .
أولا: حدة الأزمة المالية العالمية و انعكاسها على اقتصاديات الدول و الأفراد:
قامت كل الأنظمة الاقتصادية الوضعية في العالم على أساس واحد و هو فصل الدين عن الدولة , و لقد شهدت كلها تراجعات و أخص بالذكر النظام الرأسمالي الليبرالي الذي ساد العالم منذ القرن التاسع عشر وهو" نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية، يقوم على أساس إشباع حاجات الإنسان الضرورية والكمالية، وتنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعاً في مفهوم الحرية، معتمداً على سياسة فصل الدين نهائياً عن الحياة. ولقد ذاق العالم بسببه ويلات كثيرة نتيجة إصراره على كون المنفعة واللذة هما أقصى ما يمكن تحقيقه من السعادة للإنسان.
وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتدخلها السياسي والاجتماعي والثقافي وترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض"[9] . إنها تطبيق للفكر الاقتصادي الحر و أهم مبادئه حرية التملك و حرية التعاقد و حرية الإنتاج و حرية تحديد الأسعار و حرية التبادل و حرية الاستهلاك و حرية التصرف في الدخل و الثروة [10] , وقد مرّ هذا النظام بأزمات عديدة بداية من أزمة الكساد الطويل أواخر القرن التاسع عشر ثم أزمة الكساد العظيم سنة 1929 م و أزمات الثمانينات و التسعينات التي ضربت دول شرق آسيا "النمور الآسيوية"و دول من أمريكا اللاتينية ثم الأزمة الأخيرة [11] و التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية "فجرها في البداية تهافت البنوك على منح قروض عالية المخاطر و بدأت الأزمة تكبر ككرة الثلج لتهدد قطاع العقارات في الولايات المتحدة الأمريكية ثم البنوك و الأسواق المالية العالمية و تشكل تهديدا للاقتصاد المالي العالمي .وقد سعي العالم للخروج من الأزمة فتدافعت الحكومات إلى ضخ الأموال الهائلة إلى الأسواق , ثم تدخلت البنوك المركزية في كل دول العالم لبحث الآليات للحد من الأزمة , ثم عقدت المؤتمرات الثنائية و الدولية و ما زال العالم يرضخ بشدة إلى تلك الأزمة."[12] وقد تناول هذه الأزمة منذ الثمانينات موريس آلي الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد , حيث أشار إلى " الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة معتبرا أن الوضع على حافة بركان وهو مهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة المديونية و البطالة"[13], مما يؤكد شدة هذه الأزمة و انعكاسها على الدول و الشعوب .
ثانيا: الاستفادة من النظام الاقتصادي الإسلامي الذي أثبت جدارته ونجاعته :
صدرت وثيقة هامة عن معهد الاقتصاد الإسلامي التابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة [14], وهي عبارة عن تفاصيل مقال مقدم في المؤتمر العالمي السابع للاقتصاد الإسلامي سنة 2008م بعنوان "كتابات غير المسلمين عن الاقتصاد الإسلامي: 1976 – 2008م ,بريطانيا نموذجا"حيث اعتبر الباحث أحمد مهدي بلوافي أن المؤتمر الأول للاقتصاد الإسلامي ,و الذي نظمته جامعة الملك عبد العزيز المنعقد في مكة المكرمة عام 1396هـ الموافق لعام 1976م , نقطة انطلاق لحركة علمية و عملية عند غير المسلمين في مجال الاقتصاد الإسلامي [14] استنادا إلى نتائج الدراسة التي قدمها . وقد اهتم هذا البحث بالنموذج البريطاني, فيما اهتمت كتابات أخرى من نفس المؤتمر بحصر اهتمامات غير المسلمين في فرنسا و غيرها في نفس الفترة, وذلك بإيراد قائمات مطولة من الأطروحات التي مازالت في طور التحضير و رسائل الماجستير و الكتب و الأوراق و المحاضرات و الصحف و المجلات الورقية و الالكترونية و المؤتمرات و الندوات و الجامعات و المراكز البحثية المهتمة بالاقتصاد الإسلامي و المجلات التي نشرت مقالات متعلقة بالاقتصاد الإسلامي ...
و الملفت للانتباه أن حركة التدوين انطلقت بعد المؤتمر الأول للاقتصاد الإسلامي, و الذي نظمته جامعة الملك عبد العزيز فعلا ,وهذا يحسب للمملكة العربية السعودية كمركز إشعاع علمي عالمي كما يبين الجهود المبذولة في خدمة الإسلام و رفعة كلمته بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل المجالات .
وتلت هذه الفترة مباشرة (مارس2008م) دعوة الفاتيكان إلى اعتماد الأساليب المالية الإسلامية , و ذلك في شكل مقال مختصر ورد في صحيفة الفاتيكان الرسمية (لوبزيرفاتوري رومانو) , تبعه تقرير موسع نشر في مجلة (فيتي أي بينسيرو) الصادرة عن جامعة كاتوليكا الكاثوليكية في ميلان , و يبرز هذا التقرير رصد الفاتيكان للصحوة الإسلامية و إرادة الاستفادة منها في المجال المالي و قد تضمن ما نصه:" ولقد تمخض عن عملية البحث عن نموذج مقبول من الناحية الشرعية وموافق للمتطلبات الأخلاقية تحالف تجمعه المقاصد والأغراض بين علماء التمويل وعلماء الشريعة الذين انخرطوا في العمل من أجل بعث وتجديد نظام مالي إسلامي قوي.
وهذا التحالف العجيب ليس له مثيل في الاقتصاديات المعاصرة ولكنه أدى إلى تدعيم قاعدة قوية لنظام اقتصادي جديد".[16]
والاستفادة المقصودة هنا هو استعمال النظام المالي الإسلامي كوسيلة للإصلاح لترميم بنية الاقتصاد الرأسمالي المهددة بالانهيار مما يعبر عنها بتنوع الأدوات الاقتصادية و من بعد ذلك بناء "اقتصاد جديد" , و ذلك بإعادة هيكلة الاقتصاد الحر ليصبح اقتصادا منظما , قاعدته الرأسمالية و أدواته إسلامية و صناعه من المسلمين و من غير المسلمين ,و هو منطق متناقض لأن النظام الاقتصادي الإسلامي قد جعل العلاقة بين الإنسان و المال علاقة أخلاقية تنطلق من الأصول الاعتقادية أما النظام الاقتصادي الرأسمالي فينطلق من قاعدة تقديس الماديات و الربح , وما هذا في الحقيقة إلا مفهوم جديد للعولمة و صياغة جديدة للسيطرة على العالم و على الشعوب و تشكيل وجه جديد للاقتصاد السياسي , وما يعزز هذا المنحى ما ورد في نفس المقال الوارد عن الفاتيكان و نصه :"نحن نعتقد أن النظام المالي الإسلامي قادر على المساهمة في إعادة تشكيل قواعد النظام المالي الغربي، ونحن نرى أننا نواجه أزمة مالية، لا تقتصرعلى مسألة شح السيولة لكنها تعاني من أزمة انهيار الثقة بالنظام ذاته. يحتاج النظام المصرفي العالمي إلى أدوات تمكن من إرجاع القيم الأخلاقية إلى مركز الاهتمام مرة أخرى، أدوات تمكن من تعزيز السيولة وكذلك إعادة بناء سمعة نموذج نظام رأسمالي ثبت فشله"[17].إنها نظرة رجل دين واثق بأن المنحى الأخلاقي إن غاب فمعناه أن هذا الإنسان بصدد تدمير نفسه بنفسه.
كما بينت فمزايا النظام الاقتصادي الإسلامي عديدة أولاها بعده الأخلاقي , و لقد لاحظ الغربيون الإمكانيات الهامة التي تحويها المعاملات المالية الإسلامية و خاصة منها كونها تضمن الاستقرار و الأمان الداخلي للاقتصاد ذاته فهي تحميه من الهزات العنيفة و من الانهيار, مما جعلهم يعيدون حساباتهم فيما آلت إليه اقتصادياتهم التي تحتوي على مساوئ كثيرة تجعلها دائمة التعرض للهزات المدمرة و هو ما يشهد به تاريخها , و هو على ما يبدو عواقب الفراغ الروحي و الأخلاقي الذي زرعت بذوره و نمته العلمانية .
لقد بدأ المشهد العالمي يتغير بعد ما شهدته الدول الغربية من تسابق بينها نحو تطبيق المنهج الإسلامي على مستوى التمويل و المعاملات المالية , فبعد أن عاش كل العالم على وقع الأزمة المالية الأخيرة التي أدت إلى خسائر كبيرة بانهيار عمالقة البنوك الرأسمالية وإفلاسها أيقن الجميع ضرورة التغيير .
وعن اهتمام غير المسلمين بالمصرفية الإسلامية صدر مقال في صحيفة لوموند الفرنسية للكاتب آن ميشل قال فيه والترجمة لمحمد بدوي "شرعت تلك الدول الأوروبية في تعديل قوانينها بما يتماشى ومبادئ المالية الإسلامية , الأمر الذي أثار غضب المدافعين عن العلمانية , وقامت بتمويل الأقسام الجامعية الخاصة بدراسة النظم المالية الإسلامية لتخريج خبراء لهم في هذا المجال القائم على مبادئ الشريعة الإسلامية ومن بين ذلك القسم الذي افتتح بجامعة باريس دوفين في 25 نوفمبر 2009م , وضاعفت أيضاً من عقد المؤتمرات المتعلقة بنظم المصرفية الإسلامية...فالنظام المالي الإسلامي نظام ضمني وأكثر احتراماً للنظم الأخلاقية وبالأحرى أكثر استقراراً... وبالتالي فهو يشكل نوعاً من الدروع المضادة للأزمات المالية ".[18]
هذا وتعد فرنسا من الدول المتخلفة عن نظيراتها من الدول الغربية مثل سويسرا وأمريكا وألمانيا وهولندا وبريطانية واليابان في هذا المجال. وتحتل اليوم سويسرا وبريطانيا مراكز عالية في التمويل الإسلامي وصل إلى إطلاق لقب" لندن عاصمة المصرفية الإسلامية "على العاصمة البريطانية . وإننا نلمس اهتماما بالتمويل و المعاملات الإسلامية في هذه البلدان من خلال كثرة تناوله في الإعلام المكتوب وشتى محاولات تطويره وتركيزه.
وفي خضم التهافت على التمركز في السوق وضمان اقتصاد قوي, سعت الجامعات البريطانية إلى إسناد درجات علمية كدرجة الماجستير في الصرافة الإسلامية وذلك للإقبال المتزايد من الطلبة البريطانيين على هذه الدراسة وهذا ما يفسر مركزها المالي كأكبر مركز مالي للصرافة الإسلامية في الغرب [19].
كما قدمت الدول الغربية تسهيلات فلندن مثلا:"لم تقتصر التسهيلات التي قدمتها الحكومة البريطانية للصرافة الإسلامية على الإعفاء الضريبي في الصكوك فحسب، بل قامت الحكومة بإلغاء الضريبة المزدوجة التي كانت تفرضها على القروض العقارية الإسلامية (وهي القروض التي يحصل عليها الأفراد لشراء مساكنهم).ويقضي النظام الإسلامي بأن يشتري البنك العقار، ثم يبيعه بسعر أعلى للمشتري، في شكل «عقد إيجار تملكي». لكن النظام البريطاني كان يعتبر هذه الطريقة تنطوي على عمليتي بيع، من ثم يفرض الضريبية عليها مرتين - عندما يشتري البنك العقار، ثم عندما يشتريه منه الزبون - غير أن الحكومة ألغت الضريبتين، وفرضت بدلا منهما ضريبة واحدة تعادل الضريبة المدفوعة على بقية العقارات في بريطانيا "[20],أما فرنسا و حسب ما ذكره موقع الجزيرة نت في بداية شهر أكتوبر 2008م، فقد دعا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا، وقال المجلس في تقرير أعدته لجنة تعنى بالشؤون المالية في المجلس : "إن النظام المصرفي الذي يعتمد على قواعد مستمدة من الشريعة الإسلامية مريح للجميع سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين" [21].
وقد أورد موقع " المونيتور" الأمريكي أن الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في العام 2008م قد منحت فرصة تاريخية للقطاع المالي الإسلامي ليثبت نجاحه في مواجهة الأزمات المتلاحقة ,كما نقل عن الموقع حسب دراسات اعتمدها أن الأصول المصرفية المطابقة للشريعة الإسلامية في البنوك العالمية قد سجلت نموا لتصل إلى ما إجمالي قيمته 1.7 تريليون دولار بحلول نهاية 2013م.وعلاوة على ذلك، تشير التقديرات إلى أن تلك الأصول سوف تتجاوز 2 تريليون دولار بحلول نهاية 2014م. وزادت الأصول المصرفية الإسلامية في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من 452 مليار دولار في 2012م إلى 525 مليار دولار بحلول نهاية 2013م.وتصدرت السعودية القائمة بحجم أصول صيرفة إسلامية بلغ 260 مليار دولار، يليها الإمارات ( 90 مليار دولار) وقطر ( 60 مليار دولار). وتشكل دول مجلس التعاون الخليجي 6 13 بنكا إسلاميا والتي تعد من بين أكبر 15 بنك إسلامي في العالم، برأس مال يزيد عن المليار دولار كل منها.وخارج الدول العربية، ظهرت ماليزيا وبريطانيا كسوقين نشطين من حيث إصدار السندات وتأسيس البنوك الإسلامية. وخلال الفترة ما بين2002م و2012م، ارتفعت عمليات إصدار السندات السنوية بمتوسط نسبته 34%، من 4 مليار دولار إلى 83 مليار دولار.وتحتل ماليزيا المركز الأول في قائمة الدول الإسلامية في هذه المنطقة، في حين تصبح بريطانيا أول دولة غربية تصدر سندات إسلامية سيادية بقيمة 200 مليون جنيه إسترليني ( 320 مليون دولار)، والتي نجحت من خلالها في جذب المستثمرين حول العالم والذين قاموا من جانبهم بضخ استثمارات تقدر بنحو 2.3 مليار جنيه إسترليني ( 3.6 مليار دولار)[22].
و"بفضل الدعم الكبير الذي تقدمه مبادرة دبي عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي منذ أن أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في يناير 2013 م , و أفاد تقرير و مؤشر الاقتصاد الإسلامي لعام 2014 م تناميا ملحوظا في القطاعات السبعة خاصة في التمويل و المصرفية الإسلامية و قطاع منتجات الحلال على أنواعها في ظل ارتفاع الطلب على هذه القطاعات , و احتلت الإمارات المرتبة الأولى عربيا و الثانية عالميا كأفضل بيئة لنمو الاستثمارات الإسلامية."[23]
هذا بإيجاز بيان تنامي حضور المعاملات المالية الإسلامية نظريا و عمليا ابتداء من سنة 1976م إلى سنة 2015م على مستوى عالم المال الكوني .
ثالثا: الاستفادة من المستثمرين العرب المسلمين :
إن استقطاب رؤوس أموال من المسلمين وخاصة من الخليج العربي من شأنه أن يتيح للغربيين فرصة التعرَف على أدوات المعاملات المالية الإسلامية التي حاولوا أن
يوفروا جميع السبل المتاحة لفهمها و إتقانها , وممَا لا يخفى فالمستثمرون العرب المسلمون معروفون بحنكتهم في مجال المعاملات المالية الإسلامية ,بالإضافة إلى وزنهم في السوق من ناحية استثماراتهم الناجحة , وقد ورد في مقال في صحيفة لوموند ما نصه "وبدون أن تخفي تلك الدول الأوروبية هدفها المشترك وهو جذب رؤوس الأموال الخليجية لتساعدها في الخروج من الأزمة المالية التي استنزفتها فهي تشتغل بتعدد مزايا نظم المصرفية الإسلامية , (...)"[24].
كما قال النائب الفرنسي " كريستيان سوتيه"، نائب التنمية الاقتصادية والعمالة والجذب الدولي في بلدية باريس،: " إن المصرفية الإسلامية تأتي بمدخرات البلدان التي تمتلك موارد كبيرة وتبحث عن أماكن للاستثمار في حقبة ما بعد النفط، ونحن لدينا استثمارات لعرضها عليها في إطار خطتنا باريس 2020م".[25]
ومن قبل فقد استفاد غير المسلمين من العلوم الإسلامية التي صنع مجدها رجال تركوا بصمتهم في التاريخ , "لقد تخرج من المدرسة الإسلامية رجال قادوا الإنسانية إلى أسمى مثال وأعز اعتبار وأعلى منال فظهرت جوانب الإشراق فِي التشريع الإسلامي فِي مجالات العبادة والثقافة والولاية والتقنين والاقتصاد وسائر المعارف العقلية والنقلية مما شهد به الأعداء وهم أبعد ما يكونون من الشهادة بالحق والاتصاف بالإنصاف فلقد قال بعضهم : إننا لا نبالغ إذا قلنا إن أوربا مدينة للمسلمين بخدمتهم العلمية ، تلك الخدمة التي كانت العامل الأكبر فِي النهضة العلمية الأوروبية فِي القرنين الثالث عشر والرابع عشر . وقال آخرون : إنه لولا أعمال ابن الهيثم والبيروني وابن سيناء والخوارزمي والكندي والطوسي والبوزجاني وغيرهم لاضطر علماء النهضة الأوروبية أن يبنوا من حيث بدأ هؤلاء ولتأخر سير المدنية عدة قرون"[26].
والرجال الذين نتحدث عنهم في دراستنا هم أصحاب القرار السياسي ,الذين رعوا ودعموا المنهج الإسلامي و شجعوا عليه من خلال التنظيمات و القوانين و سائر التسهيلات زيادة على عقد الصفقات..., و المستثمرون المسلمون الذين حفظ التاريخ ما قدم نظراؤهم للإسلام , فقد"كان التجار دعاة لدينهم بالفطرة , وكانوا المشعل الذي أضاء طريق الدعوة للإسلام فانتشر من صدورهم في أرجاء الكون حيث
كانوا نماذجا ...ومن الصفات التي امتاز بها هؤلاء التجار حينذاك الكثير, كالصدق و الصبر و الخلق الرفيع والسلوك النزيه و الأمانة وقد كان لهذه الصفات الأثر الحيوي في كسب الاحترام و الثقة "[27].
وفي زماننا الحاضر يتمتع المستثمرون العرب بسمعة طيبة, حيث يميزهم عن غيرهم التزامهم غير الخفي بمبادئ الشريعة الإسلامية و هو ما يسمى تجارة الحلال و قد "أفادت دراسة صادرة عن المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية أن التمويل المصرفي الإسلامي محفز مثالي لتنمية العلاقات بين الشرق والغرب إلى مستويات جديدة، إنهم مهرة في التعامل بالتمويل الإسلامي الذي يستند إلى عدة مبادئ أهمها عدم التعامل بالفائدة وعدم تحديدها مقدما أو مؤخرا، والعمل بمبدأ المشاركة في تحمل الربح والخسارة، وتغطية التمويل بأصول ثابتة أو أصول تجارية، إلى جانب خضوع جميع مجالاته لأحكام الشريعة الإسلامية. ويتخذ التمويل الإسلامي صورا شائعة أهمها المشاركة والمضاربة والمرابحة."[28] فهو إذن " تقديم ثروة عينية أو نقدية بقصد الاسترباح من مالكها إلى شخص آخر يديرها و يتصرف فيها لقاء عائد تبيحه الأحكام الشرعية".[29] فالمستثمرون العرب المسلمون لديهم من الرقي الأخلاقي ما يحبب الناس فيهم ولديهم اعتزاز بدينهم يؤكده حرصهم على التعامل وفق المبادئ الشرعية , لذلك تشهد اليوم تجارة الحلال تناميا متزايدا جعل أصولها ترتفع والاستفادة منها مضمونة .
إن الدوافع وراء إقدام البلدان غير الإسلامية على المعاملات المالية الإسلامية والاهتمام بها على المستوى النظري بالتعليم و التعلّم و على المستوى التطبيقي بالسعي إلى جذب الأطراف المساعدة على تجسيد هذا النظام على أراضيها ينحصر في نقطتين , أولاها الاستفادة من نظام لم تمسه الأزمة المالية والذي أثبت جدارته , وثانيها استقطاب رؤوس أموال من المستثمرين المسلمين لتدارك النزيف الذي سببته الأزمة المالية . مما يحيلنا إلى خصائص المعاملات المالية الإسلامية التي جعلت منها درعا حصينا وضامنا أساسيا لاستقرار اقتصاديات بلدان العالم .
المبحث الثاني:الخصائص التي جعلت المعاملات المالية الإسلامية درعا حصينا وضامنا أساسيا لاستقرار اقتصاديات بلدان العالم :
إن الحديث عن خصائص المعاملات المالية الإسلامية هو ذاته الحديث عن خصائص الاقتصاد الإسلامي , إذ تمثل المعاملات المالية الإسلامية رافدا من روافده لأنه أعمّ و أشمل منها سواء من ناحية الموضوع أو الأهداف أو المجالات...
ولئن كان الكل يستمد أصوله من الإسلام كشريعة و عقيدة . وفي لفتة مهمّة فان الاقتصاد الإسلامي ذو صلة وطيدة بفقه المعاملات و بفقه العبادات و بفقه الأسرة و بأحكام الجنايات و الحدود و أحكام القضاء...
ولقد اختار الغربيون الاستفادة فقط من المعاملات المالية الإسلامية لا من الاقتصاد الإسلامي كوحدة لا تتجزأ.
وفيما يلي ذكر لبعض الخاصيات التي أكسبت المعاملات المالية الإسلامية تميزا فريدا جعلها طوق نجاة للعالم اليوم , فهي قادرة على الحفاظ على توازنات لم يقدر جهابذة الاقتصاد على حبكها . ولكن قبل ذلك فلنتعرف على المفهوم الشرعي للمعاملات المالية الإسلامية .
1-تعريف المعاملات المالية الإسلامية:
أولا يجب أن نعرّف الفقه الذي هو في اصطلاح الفقهاء "العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية" [30]. أما فقه المعاملات فهو أحد فروع علم الفقه و"هي تطلق على الأحكام الشرعية المتعلقة بأمور الدنيا باعتبار بقاء الشخص كالبيع و الشراء و الإجارة و نحوها..."[31] , فيما "اختلف الفقهاء في تعريف المال نظرا لتباين وجهات نظرهم في حقيقته و ذلك على مذهبين , أحدهما للحنفية وهو أن المال عبارة عن موجود قابل للادخار في حال السعة و الاختيار و له قيمة مادية بين الناس , والثاني للشافعية و المالكية و الحنابلة و هو أن المال ما كان فيه منفعة مقصودة مباحة شرعا لغير حاجة أو ضرورة و له قيمة مادية بين الناس . و يلاحظ أن الحنفية لم يجعلوا من عناصر المالية إباحة الانتفاع بالشيء شرعا مما ساقهم إلى تقسيم المال إلى متقوّ م و غير متقوِّم بينما اعتبرها سائر الفقهاء فلم يحتاجوا إلى ذلك و له قيمة مادية بين الناس . و يلاحظ أن الحنفية لم يجعلوا من عناصر المالية إباحة الانتفاع بالشيء شرعا مما ساقهم إلى تقسيم المال إلى متقوّ م و غير متقوِّم بينما اعتبرها سائر الفقهاء فلم يحتاجوا إلى ذلك التقسيم . كما انفرد الحنفية باشتراط إمكان الادخار لوقت الحاجة حتى أخرجوا المنافع عن أن تعدّ أموالا و خالفهم في هذا الاشتراط الجمهور حيث اعتبروا المنافع أموالا – وقد قسم الفقهاء المال بحسب طبيعته فنجد – المال الاستعمالي و المال الاستهلاكي و المال الحرام و المال الحلال المختلط بالحرام و المال الخاص و المال العام و المال الضِّمار و المال غير القابل للقسمة و المال القابل للقسمة و مال القِنية و المال المأمون و المال المحجور و المال المرجو و المال المشترك و المال المملوك و المال النامي. و الأموال قسمان : خَلقي : أي الذهب و الفضة و فعلي أي ما سواهما ".[32]
و المعاملات المالية متعددة الأنواع "فان كانت ثمنا بثمن سمي صرفا و إن كان على الخيار سمي بيع خيار و إن كانت على المرابحة سمي بيع مرابحة وان كان على المزايدة سمي بيع مزايدة "[33] , و قد أدرجها الفقهاء في أبواب باسم البيع أو البيوع . فموضوع المعاملات المالية إذن " البحث عن أنواع المبادلات المالية و ما يحرم مبادلته وتملكه معاوضة و ما يحل و شروط ذلك و موانعه و صحيحه و فاسده "[34] , أما عن المجتهد الذي ينظر في فقه المعاملات المالية فيحتاج زيادة على النص الجزئي الثابت من القرآن الكريم والسنة الشريفة إلى معرفة بمقاصد الشريعة و بمعرفة كذلك بالقواعد الكلية العامة و هي كثيرة منها قاعدة الأصل في المعاملات الإباحة و قاعدة لا ضرر و لا ضرار و قاعدة رعاية الضرورا ت و الحاجات و إلى معرفة بمقاصد الشريعة و بمعرفة كذلك بالقواعد الكلية العامة و هي كثيرة منها قاعدة الأصل في المعاملات الإباحة و قاعدة لا ضرر و لا ضرار و قاعدة رعاية الضرورا ت و الحاجات و قاعدة مراعاة العادات و الأعراف فيما لا يخالف الشرع ...[35]
2- خصائص المعاملات المالية الإسلامية و أصولها العقدية :
من خلال ما سبق ذكره يبدو جليا أن المعاملات المالية الإسلامية تستمد جذورها من الإسلام مما يضفي عليها طابعا خاصا ينبع من مصدرها الرباني , فهي أولا ربانية المصدر وثانيا ربانية الهدف وثالثا ذات رقابة مزدوجة و رابعا ذات وجهين واحد ثابت و الآخر متغير وخامسا ضامنة للتوازن بين الجانبين المادي و الروحي و سادسا جامعة بين مصلحة الفرد و مصلحة الجماعة في توازن و تكامل و سابعا ذات صبغة واقعية و ثامنا ذات بعد عالمي عام لجميع البشر على مستوى النظرية و التطبيق.
أولا: ربانية المصدر: أي أن مصدرها الوحي فهي مستمدة بالأساس من الأصلين القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يليها الإجماع والقياس كأصول معتبرة ومحل اتفاق بين الفقهاء تم تأ تي الأدلة الشرعية الأخرى وهي المصلحة المرسلة و سد الذرائع و العرف ... مما يجعلها خالية من السلبيات والتناقضات فهي لا تحتاج إلى التعديل من حين إلى آخر مثل المعاملات المالية الأخرى بل تتطور بنفس الثوابت في استجابة للحاجات البشرية . وقد احتوى القرآن الكريم على عدد كبير من أحكام المعاملات المالية منها تحريم الربا و تحليل البيع في قوله تعالى :وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ [.[36] و كذلك الأحاديث النبوية , مثل قوله صلى الله عليه و سلم :" لا يبع بعضكم على بيع بعض "[37] ونهيه صلى الله عليه و سلم عن بيع الثمر النخل حتى تزهي فقلنا لأنس : و ما زهوها ؟ قال تحمر و تصفرَ , أرأيت ان منع الله الثمرة , بم تستحلَ مال أخيك ؟ " [38] و هذه أحاديث تبين صفة البيع في الإسلام و تحث على احترام حق الآخر , و أكثر من ذلك فهي تجعل هذه الأخلاقيات من التكاليف الشرعية الإلزامية . ثانيا :ربانية ثانيا : ربانية الهدف : إن المصدر الرباني للمعاملات المالية الإسلامية يضفي عليها قدسية تجعلها ذات طابع تعبدي تحكمه رقابة الضمير الإيماني الذي يحدد الحلال و الحرام و الذي يقف عند الحدود الشرعية , مما يقلص من الأنانية و من الحب الشديد للمال , فالقاعدة هنا هي "المال مال الله و الإنسان مستخلف فيه" , وهي قاعدة ترتقي بالإنسان من الانغماس في المادية و الشهوات إلى الرقي الأخلاقي و القيمي في علاقته بالمال , و هذه العلاقة الخلقية لم يشهد لها العالم نظير فكل المذاهب المنظمة للعلاقات المالية تسعى إلى إشباع رغبات النّهم و حب المال و كسبه دون مراعاة للجوانب الأخلاقية .
ثالثا: الرقابة المزدوجة :إنّ الطابع التعبدي يجعل مستوى الرقابة الذاتية مرتفع في داخل الإنسان , فهو يراقب الله الذي ياه حيثما كان , قال تعالى :" الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ" [39]
وبالإضافة إلى رقابة وبالإضافة إلى رقابة الضمير الإيماني فالمسلم خاضع لسلطة الرقابة البشري.
رابعا:الجمع بين وجه ثابت وآخر متغير: وهي من الأشياء التي تميز المعاملات المالية الإسلامية عن غيرها حيث تتسم عما سواها بكونها ذات جانبين الأول متغيرة والثاني ثابت , و تكتسب المعاملات المالية الإسلامية الوجه الثابت من جهة أصولها الربانية أي التشريعات القطعية بنصوص قطعية سواء من القرآن الكريم أو من السنة الشريفة , في حين يبرز الوجه المتغير في كل المظاهر المتغيرة في الزمان و المكان , مما يعطيها مرونة يستقيم بها التكليف وتنتفي معها المشقة , فالأصول ثابتة و ما دونها متغير , فمثلا الاتجار في الخمر محرم و سيبقى محرما إلى يوم القيامة مهما تغيرت تسمياته و ألوانه مادام محتويا على علة التحريم و هي إذهاب العقل, أما الاتجار في الفواكه فهو حلال إلى يوم القيامة ومنها حِلّ عصائرها, فان تغيرت الآلة التي نستخرج بها هذه العصائر أ والإناء الذي وضعت فيه فهذا لا يغير شيئا لا من الأصل ولا من الحكم الشرعي ,فثنائية الثابت و المتغير تقرها الأصول الشرعية.
وفي الحديث قول رسول الله صلى الله عليه و سلم :" الحلال بيّن و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهة فمن ترك ما شبَه عليه من الإثم كان لما استبان أترك".. "[40]. فالحرام محصور و الحلال غير محصور, وتبقى المتشابهات و هي التي يحسن تجنبها حتى لا نقع في المحظور .
خامسا: التوازن بين الجانبين المادي و الروحي: وتعتبر هذه الثنائية من المنظور الإسلامي أرقى الثنائيات و أجلّهاّ , إذ بها يتحقق مبدأ اعمار الأرض و بالتالي التكليف وحسن حمل الأمانة و تحقيق الاستخلاف الحقيقي الذي مناطه عبادة الله . وقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالإنسان كروح وجسد فلكل منهما حاجياته , فهي لم تقص أياَ منهما , وقد تميزت المعاملات المالية الإسلامية ببعدها القيمي الذي ينبع من مفهوم الحلال و الذي يضمن سعادة الروح و الجسد داخل منظومة محكمة البيان ’ هذا ما لا نجده في منظومات مالية أخرى, فالرأسمالية مثلا تقدس الفرد و تسعى لإشباع رغباته دون التفات إلى البقية ,مستعينة بجملة من المبادئ و النظريات لتطبيق نظامها .
سادسا: التوازن بين مصلحة الفرد و مصلحة الجماعة : يبدو لنا منذ الوهلة الأولى أن مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة ثنائية متنافرة , إلا أنها تتحول بالمنطق الإسلامي إلى ثنائية متكاملة مما يخلق توازنا رهيبا بين المتضادات في النظام الإسلامي عامة و المالي بصفة أخص , فتتحول الأنانية إلى حب للعطاء حيث يتم الانصهار داخل المجموعة . وقد حدّد الإسلام مجموعة من الحقوق و الواجبات التي من شأنها أن تحمي هذه العلاقة مثل منعه للاحتكار و للغش حتى لا نعتدي على حقوق الأفراد و نسيء للمجتمع.
سابعا: الواقعية: إنّ المعاملات المالية الإسلامية جزء من الاقتصاد الإسلامي الذي يتميز بكونه "واقعي في مبادئه و منهجه و أحكامه, ينظر إلى الواقع العملي الذي
يتّفق مع طبائع الناس ويراعي دوافعهم و حاجاتهم و مشكلاتهم , لا يجنح إلى خيال و أوهام , و لا ينزل إلى درك لا يتفق مع البشرية التي كرمها ربنا U "[41] . وخاصية الواقعية تبرز جلية من خلال خاصية التوازن بين الجانبين المادي و الروحي و خاصية التوازن بين مصلحة الفرد و مصلحة الجماعة , فالمبادئ التي رسمت حدود المعاملات المالية الإسلامية نابعة من تصور واقعي للإنسان و لعلاقاته المختلفة , مع ربه و نفسه و مع الآخر ومع الكون , فهي تستحق أن تكون منهجا متبعا في الواقع لأنها تحترم خصوصيات هذا الواقع و طبيعته ومميزاته.
ثامنا : العالمية : إنّ البعد العالمي للمعاملات المالية الإسلامية يجعل منها منهجا قابلا للتطبيق في كل زمان و مكان نظرا لاتصافها بالخاصيات المذكورة سلفا و التي تنبع من الإسلام الذي نزل للناس كافة, وقد قال U : ]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ [[42], لذلك فالمعاملات المالية الإسلامية مبنيّة على مبادئ كلّية, منها أن "الأصل في المعاملات الإباحة ما لم يقم دليل شرعي ينفي ذلك ".
نستطيع القول إذن أن العقيدة الإسلامية هي المحرّك الأول و الأوحد للمعاملات المالية الإسلامية , فالبعد التعبدي هو محور كل التوازنات حتى الأخلاقي منها ذلك لأن المعاملات المالية الإسلامية ذات بعد قيمي أخلاقي قبل كل شيء ناهيك أن الأخلاق في الإسلام تكاليف شرعية يستحق عليها الإنسان الجزاء و العقاب , هذا ما يحيلنا إلى محدودية نظرة غير المسلمين إلى المعاملات المالية الإسلامية التي ظنوا أنها تكتسب خصائصها من مقومات مفهوم الأمة حيث ورد عن مجلة "فيتى إي بينسيرو" ما نصه :" ما يميز نظام التمويل الإسلامي عن التقليدي هو تكاتف الجهود على مستوى المجتمع ككل والذي يتبلور في مفهوم "الأمة" وهذه هي روح الإسلام. "[43] و هذا غير صحيح لأن العقيدة هي التي صنعت مفهوم الأمة و مقوماتها .
لقد دافع النظام الاقتصادي الرأسمالي عن المادية و انتصر لها فأقصى الدين و استبعد الأخلاق و اختار الحرية المطلقة التي لا يمكن أن تكون إلا في الغابات حيث تكون الغلبة للأقوى فسار في خطى متسارعة نحو الخراب .
إن الرّقي الأخلاقي مقوّم من مقوّمات وجود الإنسان , فمتى أغفل هذا المبدأ حكم على نفسه بالموت و الفناء , و هو ما نعيشه اليوم , حيث سببت الأزمة المالية العالمية وضعا كارثيا بعد إفلاس عديد البنوك و المؤسسات و الدول التي سلكت سياسات متنوعة لمواجهة هذه الأزمة ومنها سياسة الاستغناء عن العمالة والرفع من الضرائب ونهج سياسات التقشف مما مسّ بأمن البلدان و استقرار شعوبها و بالتالي بالسلم العالمي ." فالنظام الرأسمالي ظالم و يعوزه التعديل و التصويب لان البشرية تريد العدل مع الإنماء و لا تريد أن تعود القهقرى و تسمح بظلم الإنسان لأخيه الإنسان أو بهدر كرامته باسم ديمقراطية شكلية .."[44]
أمام هذا الوضع تكاثفت الجهود لإنقاذ العالم من دمار محدق و عاجل , فتعالت أصوات أهل الاختصاص لتبنّي النموذج الإسلامي كمنهج و أداة لترميم ما يمكن ترميمه و إصلاح ما يمكن إصلاحه و لتطوير النظام الاقتصادي الرأسمالي حتى يستطيع تجاوز الأزمات و تدارك النقائص الموجودة داخله.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الغربيين قد أدركوا فعلا أن السبب الرئيسي للأزمة المالية هو إقصاء الجانب الأخلاقي والروحي[45] و لكنهم لم يقدموا على إعادة النظر في
كامل المنظومة التي بنيت على قواعد العلمانية بل مازالوا مصرين على تطبيقها و الدفاع عنها كقيمة , بل آثروا إثراءها ببعض من التعديلات المستفادة من الإسلام من خلال المعاملات المالية الإسلامية . مما ينبئ بأزمات مالية عالمية قادمة أكثر دمارا من مثيلاتها لأنها سوف تكون فجائية خاصة و أن العالم اليوم قد توجه إلى الاستثمار في قطاع التكنولوجيات في بيئة ما بعد الأزمة ولقد بدأ المختصون في إعلان مخاوفهم , ولكن بوجهة نظر اقتصادية مادية وليست كالتي طرحت, في تخوف من الوقوع في خطر الانكماش ونجد هذه التخوفات في كتاب "التقارب التالي: مستقبل النمو الاقتصادي في عالم متعدد السرعات" لمايكل سبنس الحائز على جائزة نوبل في علوم الاقتصاد، وأستاذ الاقتصاد في كلية شتيرين لإدارة الأعمال بجامعة نيويورك، وكبير زملاء مؤسسة هووفر[46].
لقد ظهر نوع جديد من الاستثمارات, وهو الاستثمار في التكنولوجيا وهو من أنواعه التداولات المالية ذات الوتيرة العالية التي تعتمد على الحاسوب كليا وترتبط بأسواق العملات و الأسهم, الأمر الذي يجعلها معرضة إلى الانهيار المفاجئ بانخفاض الأسعار . مما يدعو المسلمين إلى التثبت من هذه الاستثمارات في محاولة لتقليص خطورتها و إعادة هيكلتها وذلك بتمحيصها و عرضها على المختصين في الفقه الإسلامي و على المجامع الفقهية حتى تكون مساهمتنا فعالة وإلا سنكون مساهمين في تدمير اقتصادنا و في انهيار العالم. فربط الماديات بالأخلاق هو في جوهره إعادة للفضيلة إلى حياة الإنسان الذي نزلت من أجله كل الأديان , وهو معنى هداية البشرية إلى الفهم الصحيح لوجوده, ولعلاقاته بالآخرين ,وبالكون والحياة, ومن ثمّ الاهتداء إلى نور الصانع الأول الذي يشرق حيثما وقعت الأبصار.
الخاتمة :
تبين لنا من خلال هذا البحث تسارع الدول غير الإسلامية لتطبيق ا لمعاملات المالية الإسلامية على أراضيها , و سعيها إلى تحضير بيئة الاستثمار المناسبة لهذه المعاملات المختلفة تماما للنموذج الغربي المتعارف عليه , وقد ساهم المسلمون في إنجاح هذه التجربة بتعاونهم مع غير المسلمين لتوسيع دائرة التمويل الإسلامي , إلا أني أرى عمقا آخر للمسألة يخص المنظومة الإسلامية ذاتها فهي في حاجة إلى مراجعة لترفع عنها عباءة النظام الرأسمالي , وذلك بالانطلاق من نموذج إسلامي بحت بعيدا عن الإسقاط و التلفيق لنضمن هياكل ومناهج سليمة و نتائج مستقرة و مطمئنة. فلنعمل لإعادة النظر في مسألة هيكلة المؤسسات المالية كأدوات للاستثمار الإسلامي في مراجعة دورية لمختلف أدوارها حتى تكون حلولنا جذرية و عامة و نافعة يستفيد منها الجميع في نظرة شاملة إلى المكاسب و المخاطر حتى نحافظ على النظام الاقتصادي الآمن كما أراده صانعه الأول , بهذه النظرة نضمن التواصل و الحياة للمعاملات الإسلامية التي يجب أن نحميها على المستوى العملي من لواحق الأنظمة الأخرى, خاصة و كما أشرت في هذه الدراسة و أن الاقتصاد العالمي ما بعد الأزمة مازال هشا و قاصرا على احتواء كل المشاكل المعلقة مع احتمال انهياره فجأة هذه المرة, نظرا لأسباب عدة أهمها تشبثه بالعلمانية كنظام يفصل الدين عن الدولة مما يجعل البعد الأخلاقي غير إلزاميا و يحول النظام ذاته إلى مصدر للأزمات المتلاحقة.
التوصيات:
توصي الدراسة بما يلي :
-إعادة النظر في هيكلة المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرة .
-القطع مع إسقاط الهياكل الغربية و المرور إلى مرحلة النضج بمنطق إسلامي بحت يستفيد من تجارب الآخرين لكنه لا ينطلق منها بل يوظفها توظيفا محكما و دقيقا .
-التأكيد على الترجمة الصحيحة للأشياء و تسمية الأشياء بمسمياتها و خاصة المصطلحات الفقهية لأنها لا تدل على ذاتها فقط بل على مرجعيتها و أصولها الربانية
, ففي البحث المقدم لم استعمل مصطلح الصناعة بل مصطلح المعاملات المالية الإسلامية , فقد أصبح من المتداول ذكر الأشياء اقتصاديا دون الرجوع إلى التحليل الفقهي و هو أهم جانب في المسألة و الأمثلة كثيرة منها مصطلح المنتجات المالية الإسلامية...وهو ما يدعو إلى تحرير المصطلحات بالرجوع إلى الأصل و إلا دخلنا في مرحلة التلفيق بين النموذج الإسلامي و النموذج الغربي .
الفهرس:
[1] سورة البقرة الآية رقم :30
[2] مفهوم و منهج الاقتصاد الإسلامي ,د/محمد شوقي الفنجري ,نسخة الكترونية
[3] سير أعلام النبلاء,محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ,ج8, ص535, مؤسسة الرسالة سنة 1422هـ/2001م,بدون رقم الطبعة .
[4] سير أعلام النبلاء,محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ,ج9, ص136, (مصدر سابق).
[5] وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان, ابن خلكان, ج 4,ص 60-63, دار صادر – بيروت سنة 1972م
[6] تاريخ التشريع الإسلامي ,مناع القطان, تاريخ التشريع الإسلامي,الشيخ محمد الخضري, تاريخ التشريع الإسلامي,الشيخ محمد علي السايس...والقائمة تطول .
[7] انظر أطروحة دكتوراه بعنوان:"الاجتهاد بين شروطه النظرية و تطبيقاته المعاصرة",د/سوسن عبد الكريم بونقيشة ,الفصل الثاني,جامعة الزيتونة – المكتبة الوطنية التونسية , تونس 2010م.
[8] سورة النور الآية 54
[9] موسوعة المذاهب الفكرية المعاصرة ,الفصل الرابع المطلب الثالث و الخمسون :(الرأسمالية),نسخة الكترونية من موقع الدرر السنية (مرجع علمي موثق على منهج أهل السنة و الجماعة)
[10] مدخل للفكر الاقتصادي في الإسلام , د/سعيد بن سعد مرطان, ص 29 ,ط1 1409هـ مؤسسة الرسالة , بيروت.
[11] لمزيد من التوسع انظر كتاب: "الحل الإسلامي للأزمة المالية العالمية ", د/ محيي الدين يعقوب أبو الهول، صادر عن دار السلام للنشر والتوزيع بالقاهرة عام 2012م
[12] بحث عنوانه: الاقتصاد الإسلامي في مواجهة الأزمة العالمية بين النظرية و التطبيق , د/بشار المطارتة (أ.مساعد في الإدارة المالية,جامعة الإسراء)و د/وليد الصافي(أ.مساعد في الإدارة المالية,جامعة الإسراء) نشر على موقع:www.iasj.net
[13] انظر كتاب "الليبرالية المتوحشة" لموريس آلي , مقال صقر العنزي ,صحيفة اليوم 12-10-2008م العدد 12903.
[14] موقع جامعة الملك عبد العزيز,عمادة تقنية المعلومات.
[15]بحث عنوانه :"كتابات غير المسلمين عن الاقتصاد الإسلامي: 1976 – 2008م ,فرنسا نموذجا"د/عبد الرزاق بلعباس,مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي ,جامعة الملك عبدالعزيز,جدة,المملكة العربية السعودية.
[16] صحيفة الاقتصادية السعودية بتاريخ 7-3-2009م-الموقع العالمي للاقتصاد الإسلامي مقال محمد الخنيفرمن صحيفة الرياض بتاريخ 14-6-2009م
[17] نفس المصدر السابق.
[18] مقال عنوانه :
"MAlgre La CRISE DE DUBAI,PARIS CROIT LA FINANCE ISLAMIQUE" Le Monde | 02.12.2009 |Par Anne Michel)
[19] مقال لمحمد أبو حسبو في جريدة الشرق 15 سبتمبر 2010
[20]جريدة الشرق, الجمعـة 02 شـوال 1431 هـ 10 سبتمبر 2010 العدد 11609,مقال عنوانه: المصرفية الإسلامية تغزو عاصمة الضباب والمشككون يعتبرونها «صرافة علمانية بغطاء إسلامي, لمحمد أبو حسبو .
[21] موقع الجزيرة نت , أكتوبر 2007 م
[22] مقال عنوانه : موقع أمريكي: الصيرفة الإسلامية صمام أمان من الأزمات المالية, بتاريخ:03 نوفمبر 2014 ,لمحمد البرقوقي, موقع مصر العرب.
[23]مقال عنوانه:" المصارف الإسلامية تدخل مرحلة التنافسية و النضج", موقع مجلة الصيرفة الإسلامية.
[24] مقال عنوانه: "MAlgre La CRISE DE DUBAI,PARIS CROIT A
LA FINANCE ISLAMIQUE" Le Monde | 02.12.2009 |Par Anne Michel
[25]نفس المصدر السابق.
[26] مجلة البحوث الإسلامية,
العدد الثالث - الإصدار : من رجب إلى ذو الحجة لسنة 1397هـ,ج3,ص,382, " الخطاب الذي ألقاه عن الوفد السعودي لحضور المؤتمر السادس لجمعية التعليم لعموم الهند فِي حيدر آباد الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع
[27] مقال عنوانه:دور التجار المسلمين في نشر الدعوة ,د/ زيد بن محمد الرماني بتاريخ 28-8-2010 م,الموقع العالمي للاقتصاد الإسلامي.
[28] مقال عنوانه: نمو الطلب على المنتجات التمويلية الإسلامية يفوق العرض,د/علا عمري.موقع مركز أبحاث فقه المعاملات الإسلامية.
[29] مفهوم التمويل في الاقتصاد الإسلامي , د/ منذر قحف,ص 12,البنك الإسلامي للتنمية, المعهد الإسلامي للبحوث و التدريب ,بحث تحليلي رقم 13,ط 3 سنة 1425ه
[30] المدخل إلى الفقه الإسلامي , د/ عبد الله الدرعان , ص31,مكتبة التوبة ,الرياض ,الطبعة الأولى وسنة 1413هـ
[31] المعجم الاقتصادي الإسلامي , د/ أحمد الشرباصي ,ص 429, دار الجيل سنة 1981
[32]معجم المصطلحات المالية و الاقتصادية في لغة الفقهاء , د/ نزيه حماد , ص 388الى 396,ط1 سنة 2008 م ,دار القلم , دمشق .
[33] بداية المجتهد و نهاية المقتصد لابن رشد القرطبي ج2 ص125,دار المعرفة, بيروت.
[34] المعاملات المالية المعاصرة في ضوء الإسلام , سعد الدين محمد الكبي , ص24,المكتب الإسلامي , بيروت ,دمشق , عمان – ط1 ,2002 م.
[35]انظر كتاب المدخل الفقهي العام لمصطفى الزرقا وموسوعة القواعد و الضوابط و القواعد الفقهية الحاكمة للمعاملات المالية في الفقه الإسلامي لعلي أحمد الندوي في ثلاث مجلدات عن دار التأصيل.
[36 ]سورة البقرة , الآية رقم :275
[37]أورده مسلم في صحيحه , كتاب البيوع , باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه , و سومه سومه, و تحريم النجش و تحريم التصرية , رقم 3711,و رقم 1412 من موسوعة الحديث الشريف , الكتب الستة, ص 938, دار السلام ,الرياض , الطبعة الثالثة , ابريل 2000 م .
[38]أورده مسلم في صحيحه , كتاب المساقاة و المزارعة , باب وضع الجوائح , رقم 3975,و رقم 1554من موسوعة الحديث الشريف ,ص 948,( مصدر سابق).
[39] سورة الشعراء , الآية : 218
[40]أورده البخاري في صحيحه , كتاب البيوع , باب الحلال بين و الحرام بين و بينهما مشتبهات , رقم 2051, ص 160 من موسوعة الحديث,( مصدر سابق)
[41] الاقتصاد الإسلامي و القضايا الفقهية المعاصرة, ا.د. علي أحمد السالوس , ص 36-37,دار الثقافة , الدوحة ,مؤسسة الريان للطباعة و النشر و التوزيع ,قطر 1998 م.
[42] سورة سبأ , الآية رقم: 38
[43]صحيفة الاقتصادية السعودية بتاريخ 7-3-2009م-الموقع العالمي للاقتصاد الإسلامي مقال محمد الخنيفرمن صحيفة الرياض بتاريخ 14-6-2009م
[44] ماذا بعد إخفاق الرأسمالية و الشيوعية؟ نحو إيديولوجيا جديدة للتوازن الاقتصادي و الاجتماعي إسلامية و عالمية, د/ حيدر غيبة , ص 386,شركة المطبوعات,لبنان , الطبعة الثانية , سنة 1990 م.
[45]انظر خطاب البابا فرنسيس , نيويورك (الولايات المتحدة) بتاريخ 25 سبتمبر 2015 م و الذي" يعتبر بمثابة تتمّة للكلمات التي ختم فيها بولس السادس الخطاب الذي ألقاه منذ ما يقارب الخمسين سنة" كما قال البابا و يكاد كله يتحدث عن حالة العالم اليوم في غياب الأخلاق و ضرورة الوعي الخلقي للإنسان. وهو خطاب قد انتظره العالم و اعتبره البعض تاريخيا ظنا منهم أن البابا سوف يعلن عن" نظام اقتصادي جديد", شبكة فولتير العالمية , النسخة العربية (النص كاملا).
[46] مقال عنوانه : إصلاحات أوروبا المالية والبنيوية , الجزيرة نت بتاريخ : 24/9/2014 م
تم العمل بفضل الله