ربما وصل حصاد محرقة غزة للرقم السحري والمطلوب "22 يوماً من العدوان المجرم الآثم ومليون كجم من المتفجرات من كافة وأسوء الأنواع وأكثر من 1200 شهيداً و5500 جريحاً " حتى يخرج علينا الرئيس مبارك بخطاب مفاجئ وموقف مغاير وقمة طارئة في شرم الشيخ ، ما الذي حدث ليتغير الموقف المصري ؟
هل تيقظ ضميره الوطني والديني فعاد إلى صوابه وانحاز لطلبات الشعب الأبي في مصر الذي ظل 22 يوماً يجوب شوارع المدن والقرى في أكبر حراك شعبي تعيشه الأمه المصرية ومعها كل شعوب العالم ؟ أم أن هناك معطيات سياسية فرضت نفسها فتعامل معها النظام المصري تحت قاعدة "لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة ولكن مصالح دائمة"؟ هذه القاعدة التي تبدو في كثير من الأحيان غير إنسانية ولا أخلاقية، وهل حقاً ما ادعاه مفكري النظام من أنه استشعر تعنت الجانب الصهيوني في التجاوب مع المبادرة المصرية فكان هذا التغير، و أنه شعر بالشفقة على حماس التي حرص المفاوض الصهيوني حرمانها من كل أوراق الضغط فكان هذا التغير، و أنه استاء من حرص الكيان الصهيوني عدم فك الحصار وفتح المعابر وتجويع شعب غزة فكان هذا التغير؟، أم أن النظام وجد نفسه فجأة ودون ترتيب خارج السياق الإقليمي والدولي بعد الإهانة البالغة التي وجهت إليه من أقرب أصدقاءه في تل أبيب وواشنطن بتهميش المبادرة المصرية وفرض اتفاق أمني لمنع تهريب السلاح إلى حماس ، اتفاق يطعن السيادة المصرية في الصميم براً وبحراً وجواً؟ أم أنه استشعر وقف العدوان من طرف واحد فكانت الخطوة الاستباقية بالحديث عن الخطوط الحمراء والخضراء ، والإقرار بأن العدوان لن يوقف المقاومة ولن يحقق الأمن لإسرائيل و شعبها؟ ولماذا قمة شرم الشيخ قبل قمة الكويت الاقتصادية؟ وما عساها أن تفعل في هذا الوقت الضيق؟ هل أراد النظام الذهاب إلى الكويت ولو ببعض وعود أروبية بعد تخلي الحليف الأمريكي ؟ ولماذا استضاف محمود عباس وهو ليس طرف فاعل في هذه الأجواء أم أنه أراد تأكيد رسالته بأن عباس مازال رئيساً لما تسمى السلطة؟ أسئلة كثيرة تؤكد أن النظام المصري يجيد خلط الأوراق ثم يعجز عن ترتيبها، فهل تغير الموقف المصري في لهجته وفكرته تصحيحاً لموقفه السابق والخاطئ أم رسالة غضب لشركاءه الذين باعوه بثمن بخس؟ أم أنها مناورة؟!
عموماً مهما كانت الأسباب فعلى الجميع إدرك أن الكيان الصهيوني يتعامل مع الدول العربية بصفة عامة ودول الجوار بصفة خاصة لا على أنهم حلفاء أو أصدقاء بل على أنهم مطايا و أدوات والعجيب أنهم يدركون هذا النمط من التعامل ومع ذلك يبررون!
محمد السروجي
مدير مركز الفجر للدراسات والتنمية