ملخّص البحث
اهتمّ القرآن الكريم بإرشاد الإنسان إلى ما يحقق له العيش الرغيد في الحياة الدنيا والفوز برضا ربّه في الآخرة، وذلك من خلال القيام بدوره كخليفة في الأرض. فمصلحة الإنسان، وسعادته وكرامته مرتبطة بمسؤولية السعي في إقامة عدل الله والتحلي بقيم الوحي في الكون.
وتعتبر الخلافة المسؤولية الأساس التي على الإنسان أن يعيها تمام الوعي ، فعليه أن يدرك العوامل التي تساعده على النهوض بها على أحسن وجه، ويعي كذلك العوامل التي تصرفه عن الاشتغال بها.
لقد فقِــه الرعيل الأوّل نداءات القرآن وحملها وعمل بها، فشيّد بها حضارة يشهد الناس بسموّها. أمّا وقد طال الأمد على الذين ورثوا القرآن وابتعدوا عن نهجه فقد فقدوا بذلك فاعليّتهم، فتدهورت حالهم.
ومن أبرز الأدواء التي يعاني منها المسلمون أفرادا وجماعات -بعيدا عن هدي الوحي-: تنصلهم من مسؤولياتهم وهو ما جعلهم يتخلّفون عن ركب الحضارة، فاحتاجوا بذلك إلى إعادة تفعيلهم، وذلك بتبصيرهم وتذكيرهم بالعوامل التي تدفعهم إلى النهوض بمسؤولياتهم ليتحرّروا من التخلف والعجز، منطلقين في أداء مهمتهم المنوطة بهم ألا وهي خلافة الأرض وبناء الحضارة.
هذا على مستوى المسلمين، أمّا فيما يخص غير المسلمين الفعّالين فهم بحاجة إلى توجيه فاعليتهم الوجهة الصحيحة وذلك بربطها بقيم الوحي. ويظهر دور المسلم هنا في أن يكون شهيدا على غيره.
لذلك فليس أفضل من الرجوع إلى الوحي للتعرّف على حقيقة المسؤولية والكشف عن طريقة القرآن في تفعيل الإنسان من خلال جانبي الوعي والفعل وهذا ما حاول القيام به هذا البحث.
وما يسوّغ البحث في هذا الموضوع: أهميّته، باعتبار أنّ المسؤولية هي الخاصيّة البشرية الأساسية التي يقوم بها الارتقاء بالإنسان لبلوغ الصلاح.وكذلك الرغبة في الوقوف على كيفية تناول القرآن لموضوع المسؤولية من خلال نماذج الأنبياء الكرام الذين هم القدوة للبشر في الصلاح.
ومن الذين تناولوا موضوع المسؤولية الدكتور محمد عبد الله دراز في رسالة دكتوراه دستور الأخلاق في القرآن: دراسة مقارنة للأخلاق النظرية في القرآن"، فقد تناول موضوع المسؤولية بصفته خُلقا من بين الأخلاق الإسلامية التي حاول أن يبرز حقيقتها للغربيين. فكان تناوله لموضوع المسؤولية من جانب ارتباطها بحرية الإنسان في اختياره. وما ركّزنا عليه في بحثنا هو المسؤولية الحضارية للإنسان، وأسس تحفيزها وتفعيلها. والكتاب الثاني هو للدكتور عبد السلام الأحمر تحت عنوان "المسؤولية أساس التربية الإسلامية: محاولة في التأصيل"، ولعلّ أبرز سمة لهذا المُؤَلّف هو أنه أقرب إلى الجانب التربوي منه إلى تناول عناصر بارزة في النهوض بالمسؤوليات.
أمّا عن الإشكاليات الأساسية التي سعى البحث للإجابة عنها فهي كالآتي:
ما هي أبرز العوامل التي ساعدت الأنبياء –عليهم السلام- على اعتبار المسؤولية جزءا لا يتجزّأ من ذواتهم وبالتالي تمكّنوا من القيام بمهمتهم على أفضل وجه؟
- ما هي دلالات المسؤولية؟ ما أسسها ومستوياتها؟
- ما هي أبرز عوامل تحمّلها ؟ ما هي آليات تفعيلها ؟
وللإجابة على هذه الإشكالية، قُسّم البحث إلى ثلاثة فصول: تناول الفصل الأوّل مفهوم المسؤولية ودلالاتها وأسسها ومستوياتها، وتطرّق الفصل الثاني إلى عامل التفكّر والوعي والإرادة، بينما تناول الفصل الثالث تفعيل المسؤولية.
تجدر الإشارة إلى أنّه قد تمّ التركيز على المسؤولية الكبرى للإنسان، وهي خلافة الأرض، بما أنّها المسؤولية الأساسية التي تنبثق منها المسؤوليات الجزئية والتي لا تقلّ أهمية منها، وأكثر من ذلك فحُسن تحمّل المسؤوليات الصغرى على مختلف المستويات وفي كافة المجالات مرتبط أو يؤدي إلى حسن القيام بالمسؤولية الكبرى. وهذا لا ينفي ذكر بعض أوجه المسؤوليات الجزئية من حين لآخر في ثنايا البحث. وكذلك قد تمّ التركيز على تقصّي عوامل التحمّل البارزة وذِكر البعض من عوامل التنصّل، لإبراز جوانب التفعيل التي تمكّن الإنسان من السعي نحو النهوض والارتقاء وبلوغ المكانة التي أرادها الله له.
للمسؤولية معان كثيرة أهمّها فيما يتعلّق بمعنى الخلافة هو: المسؤولية ميزة إنسانية وثيقة الصلة بموضوع الواجبات، وتعني تحمّل القيام بالأعمال والمهام ابتداء وتحمّل تبعات هذه الأعمال نتيجة.
وهي كذلك وعي ينتج المبادرة إلى القيام بالمهام والأعمال بروح مخلصة وفي إتقان وتفان.
أما عن القصص فهي الأخبار المتتبعة. ومن أبرز أهدافها في القرآن تربية الإنسان والسمو به إلى درجة الصلاح وتوعيته بأسباب الهلاك وأسباب الفلاح وهذا ما يثمر في الواقع أفرادا وجماعات ترتقي بهم الحياة.
وتقوم المسؤولية على أسس هي: وعي الإنسان بغايته من الوجود، والتي هي عبادة ربّه بمعناها الواسع؛ يساعده للارتقاء بحياته نحو الكمال في سعي دائم وعمل دؤوب، الوعي بمهمته وهي ضمن العلاقة بالحياة الدنيا القائمة على سنة الابتلاء والجزاء، والمهمة في الكون وفق علاقة التسخير كي يمارس فيه دوره الأساسي الذي هو الاستخلاف. ويحتاج الإنسان للنهوض بمسؤولياته إلى الإرادة والقدرة. كما أنّ العمل الصالح هو نتيجة لتفاعل هذه العناصر: التصوّر الصحيح للكون وهدف الإنسان، والإرادة والقدرة.
وتقع المسؤولية في دوائر متعددة يُكمّل بعضها البعض، بيِِْد أنّ الفرد هو محور هذه الدوائر كلّها. فالفرد هو مسؤول بمقدار قدراته المودعة فيه. والأسرة مسؤولة عن تهيئة المناخ الملائم لتكوين أفراد صالحين فعّالين في مجتمعاتهم. والمجتمع بمؤسساته مسؤول عن رعاية مصالح الأفراد. والأمة مسؤولة عن الارتقاء بحالها لتقوم بواجب الشهادة على الناس وتصل إلى مرتبة التمكين.
ولفهم أعمق للموضوع، لا بدّ أن نتعرّف على بعض العوامل الأساسية التي تؤدي بنا إلى تحمل أمثل للمسؤولية ونتعرّف على ما يؤدي إليه غيابها. من أهمّ هذه العناصر على المستةى الروحي والفكري نذكر: التفكّر والنظر في ملكوت الله، والوصول إلى درجة من الوعي والبصيرة، الإرادة والاختيار الأقوم الذي ينتج يقينا ثابتا.
فقد حثّ الوحي بني البشر على التفكّر في آيات الله المبثوثة في الكون، سعيا منه إلى تبديد العادة التي تهيمن على عقول الناس حين مشاهدتهم لهذه الآيات الخالدة. وقد استعمل القرآن الكريم الكثير من الأساليب لتحقيق هذا الهدف، ومن بينها استثارة عقل الإنسان وحواسه للقيام بعملية التفكر،" قُلْ سِيرُوا فِي الاَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الاَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَىا كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [العنكبوت: 20] كما امتدح القرآن كثيرا أولي الألباب وأولي النهى أي أصحاب العقول والنظر الدقيق، وذلك في الكثير من المناسبات" اِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لأَيَاتٍ ِّلأُوْليِ الاَلْبَابِ" [آل عمران: 190] فالقرآن الكريم يؤكّد دوما على أنّ السمع والبصر والفؤاد جميعا هي التي تعطي للحياة الإنسانية قيمتها وتميّزها عن غيرها إذا تمّ الاستفادة من هذه النعم، وفي تأكيده هذا يدلّ على أنّ البشر بتحريكهم لهذه الطاقات واستغلالهم لهذه القدرات أحسن استغلال سيصلون إلى قمة الانتصار في دنياهم وأخراهم، وهذا التفعيل بحدّ ذاته هو الذي يؤهّلهم إلى أن يتبوّؤوا مركزهم المسؤول سادة في الكون وخلفاء في الأرض، كما أنّ من شأن تجميد هذه الطاقات أن ينزل بالإنسان إلى منزلة لا يريدها له خالقه وهي منزلة البهائم والأنعام: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" ؟ الأعراف179
وقد أرشد إبراهيم u قومه إلى التأمّل الأمثل: " قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ "[الأنبياء: 56].
كذلك وجّه القرآن الكريم تفكير الإنسان إلى نفسه وبدايات خلقه، وفي ذلك دلالات على إعجاز ودقة خلق الله تعالى: " وَفِي أَنفُسِكُمُ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ " [الذاريات:21]. وسعى الرسل الكرام كذلك إلى تنبيه عقول الناس إلى فضل الله عليهم والذي يتجلّى في نعمه وآلائه التي وهبها لهم، مما لا يقتصر فقط على ماهو ضروري لعيشهم بل يتعدى إلى الاستمتاع بالزينة والجمال. ومن هذه النعم ما أكرم الله به هذا المخلوق من سمع وبصر وفؤاد:" وَهُوَ الذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالاَبْصَارَ وَالاَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ " [المؤمنون: 78]. فمن شأن التأمل الدقيق في هذه النعم وغيرها أن يبعث على الشكر، ويثمر قاعدة أن "فكّروا جيداً بوعي التقوى أن النعمة الوافرة تفرض شكر المنعم، وأن كفرانها يعرّضها للزوال"[1].
وهذا الشكر يتنافى مع الإفساد في الأرض:" وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِنم بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الاَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا ءَالآَءَ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الاَرْضِ مُفْسِدِينَ" [الأعراف: 74].
والتفكّر في حركة الإنسان في التاريخ وتجارب السابقين وتدبّر مصائر الأمم الغابرة مدعاة إلى اكتشاف سنن الله تعالى في خلقه ودور أفعال الإنسان في حركة الحياة، فأحداث الحياة لا تمشي عبثا وإنّما وراء كلّ نتيجة سبب أدّى إلى ظهورها، بهذا المنطق يمكن للإنسان أن يفهم الحياة على حقيقتها، ويدرك أنّ لها خالقا عادلا لا يُظلم عنده أحد.
فبالنظر في قصص الأقوام السابقة يكتشف أنّه حيثما انتفت العلاقة الإيجابية بين الإنسان والله والعالم وضاع تحمّل مسؤولية الإعمار جاء الجزاء موازيا لجنس العمل، وآل الأمر بالبشر إلى التدهور والانهيار[2]:"سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً " [الأحزاب: 62]، ومن خلال التعرّف على هذه السنن يمكن للإنسان أن يتعامل معها بما يعود بالنفع عليه كخليفةً في الأرض، فيقدّم الأسباب التي تأخذ به إلى النصر والتمكين.
يتّضح ممّا سبق أن النظر الدقيق في ما يحيط بالإنسان من آيات، وفي نفسه، وفي آلاء ربّه، وفي تجارب السابقين باعث له على إدراك معنى الحياة، فالتفكّر أوّل مهمة على الإنسان أن يقوم بها، فمن خلالها يتوصّل إلى الكثير من الحقائق التي ترفع من قيمته؛ من مجرّد مخلوق كسائر المخلوقات إلى بشر يستعمل عقله وحواسه ليصل بعد تفكير عميق إلى استحالة العبثية في حياته، تمهيدا إلى إدراك مسؤولياته التي تقع على عاتقه في فترة الحياة الدنيا.
ومن شأن إهمال هذا النظر أن يجعل الإنسان لا يرى معنى وجوده، بل يمكن أن يتحوّل وجوده -جرّاء ذلك التقصير- إلى الإفساد في الأرض. وإغفال التفكر في الأنفس يؤدي إلى إغفال الحكمة من الحياة والنظرة العبثية للوجود، التي تعتبر أحد مصادر تعطيل العقل الإنساني، وتؤدي إلى عدم رؤية السنن والنظام الذي يسود الكون، وهذا بدوره يقود إلى عدم تقدير المسؤولية الاجتماعية ولا الفردية. كما ينعكس سلبا على تصوّره لدوره في الحياة.
والعامل الثاني من عوامل تحمّل المسؤولية هو عامل الوعي؛ حيث يُعدّ الوعي من أبرز العوامل التي تفعّل الإنسان وتدفعه للنهوض بواجباته، فالوعي في مجمله هو اكتساب تصوّر واضح حول العديد من جوانب الحياة الأساسية، فوعي الإنسان بوحدانية ربّه يجعله يحرّر عقله عمّا سواه، وبذلك يكون قد حافظ على طاقاته وجهوده من التبديد، بتوجيهها نحو وجهة واحدة صحيحة، والوعي بنفسه كإنسان مكرّم تكريما لم يحظ به أحد من المخلوقات سواه، وبمهمته المتمثلة في الخلافة يجعله ذو غاية وهدف واضح ومحدد، كما أنّ الوعي بما يصلح له وبالسبيل المؤدية إلى فوزه ونجاته يجعله على بصيرة من أمر نفسه. ولا يخفى ما لغياب الوعي بهذه العناصر من تأثير سلبي على مسؤولية الإنسان ومهمته:
- الوعي بوحدانية الله يستتبع الوعي بصفاته وأسمائه العلا التي إن آمن المرء بها كانت له خير مُعين على تحمل مسؤوليته في الكون، باعتباره عبدًا لله، ويظهر هذا الإيمان جليا في سير الأنبياء ودعائهم الذي امتلأ يقينا بحكمة الله وقيوميته واستشعار معيته دوما، ورجاءا في جميل عونه وسداده وتوفيقه. والإعراض عن حقيقة الإله الواحد تجعل المرء بلا منهج يستنير به لينهض بمسؤولياته، بل يمكن أن تتحوّل طاقاته إلى إفساد.
فالاستدلال على وحدانيته تعالى ومن ثمّ إفراده بالعبادة لا يحتاج إلاّ إلى التعامل مع المظاهر الكونية على أنّها آيات الله، "حيث كلّما ازداد التأمل فيها لمعرفة حقائقها ازداد القرب من الله"[3].
وقد أجاب عيسى uربه قائلا:"مَا قُلْتُ لَهُمُ إِلاَّ مآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنُ اَعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبـَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىا كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ" [المائدة: 117]. وقوله (أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ) "هذه الكلمة تختصر كل تطلعات الرسالة وامتداداتها، لأنَّ العبادة لله تتمثَّل في تحرير النفس من الخضوع لكل شيء غير الله، سواء كان شخصاً، أو جهةً، أو صنماً، وأن تخضع لله في كل شأن من شؤون حياتك، فتطيعه في ما أمر به فتفعله، وفي ما نهى عنه فتتركه، وفي ما رسمه من وسائل وأهداف فتلتزم بها، وفي ما أوحى به من عقائد ومفاهيم فتعتقد بها.. وهكذا تتّسع العبادة لكل قضايا الحياة وأوضاعها، وسبُلِها، ووسائلها، وغاياتها، فيُمثِّل قيامك بكل مسؤولياتك الفرديّة والاجتماعيّة المعنى الأعمق للعبادة، وتكون الصَّلاة والصوم والحج ونحوها مظهراً من مظاهرها، لا كلَّ شيء فيها، وبذلك تكون كل آفاق الرسالة وتحركاتها لوناً من ألوان العبادة الّتي تُحوِّل الحياة كلّها إلى مسجد، يتمثَّل فيها السجود لله في أكثر من شكل."[4]
فالتوحيد خروج بالناس من الظلمات إلى النور، وتحرير للعقل البشري الذي لن يقدر مهما أوتي من فطنة أن يعمل ويبدع ويعطي وهو متخبّط في التّيه ومكبّل بأغلال التعدد[5].
- كذلك على الإنسان أن يعرف حقيقة نفسه وغاية وجوده - من خلال الوحي- كي يوجهها التوجيه المناسب دون إفراط ولا تفريط، فلا هو المسيطر على الكون المستكبر المستعبد لغيره العابد لهواه، ولا هو الكائن الضعيف المستكين لضعفه والخاضع لسيطرة غيره، فبمعرفته خصائص نفسه وقدرها، يمكن له أن يستشعر دوره الذي أنيط به وبالتالي يقوم به بكل ما أوتي من عوامل مساعدة في الكون المسخّر له خصيصا.
وحينما تخفى هذه المفاهيم على الإنسان يضطرب سلوكه في الكون.
وقد تحدّث القرآن الكريم في أكثر من مرة عن خلق الإنسان والاحتفال بخلقه من بين سائر المخلوقات، وما اختصه به من العناية الإلهية المباشرة، كما أنّه استنكر استنكارا شديدا على ابليس الذي أبى أن يسجد لهذا المخلوق الأثير عند الله[6]، يقول تعالى:"وَإذْ قُلْنَا لِلْمَلآَئِكَةِ اسْجُدُواْ ءَلاِدَمَ فَسَجَدُواْ إِلآَّ إِبْلِيسَ أَبَىا وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" [البقرة: 34].
وفي موضع آخر يقول الله تعالى تنبيها لخلق الإنسان في أحسن تقويم: " فَإِذَا سَوَّيـْتـُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [الحجر: 29]. "[7]. فقد "صوّره حتى تكامل خلقه إنساناً سوياً يملك الصورة الجميلة والجسم المعتدل، والأجهزة الدقيقة التي تتحرك في نظامٍ محكمٍ متوازن، فتُحَرِّك فيه العقل والإرادة، اللّذين يستطيع من خلالهما أن يحمل مسؤولية نفسه، ومسؤولية الكون من حوله. ولما كان خلقه بهذه الصورة الفريدة، كان ذلك مظهراً لقدرة الله وعظمته، فأراد الله أن يمنحه الكرامة، ويحمّله المسؤولية، ويظهر لملائكته ما في هذا المخلوق من عناصر الإبداع ومظاهر القدرة؛ (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ) تحية له، وتعظيماً لله الذي خلقه"[8].
وللإيمان بحقيقة تكريم الإنسان أثر كبير في النفس والمجتمع حيث إنّ "استشعار الإنسان لرفعة ذاته يُفضي به إلى استعظام دوره في الحياة، وينأى به عن اليأس والعبثية...وذلك كلّه يُثمر في السلوك سيرة من التعمير في الأرض تعميرا معنويا وماديا، وهو ما جاءت العقيدة الإسلامية تعمل على تحقيقه، باعتباره غاية للوجود الإنساني نفسه"[9]. إذا فشعور الإنسان بقيمته الحقيقة وعلوّ شأنه يعتبر من أقوى الدوافع نحو السلوك الفعّال في الكون وتقصّي مسؤولياته.
والإنسان هو الكائن المستخلف حيث اختاره الله سبحانه وتعالى لأن يكون الخليفة في الأرض يُنفّذ أوامره ونواهيه في مباشرته للكون، ولا يخفى ما تحمله هذه المكانة من التشريف وإعلاء المقام شيئا كثيرا، "إذ الخليفة تتحدّد منزلة شرفه وعُلوّه بمنزلة مستخلِفه، فما بالك بمن كان مستخلفه الله جلّ شأنه"[10].
- خُلق الإنسان ليعمر الأرض ويكون خليفة فيها، لذلك عليه أن يكون واعيا بما تصلح به حياته وبما يفسدها، ما يجعله يثابر في الإتيان بما يساعده على التحمل الأمثل لمسؤولية الخلافة في الأرض، بينما قلة الوعي بهذا الجانب باعث على تبديد الطاقات وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة التي تثمر الحياة الطيبة. فالإنسان ميّال إلى اتباع ما فيه مصلحته ونفعه، لذلك نجد أنّ الوحي استعمل هذا الميل لتقرير بعض المبادئ والمفاهيم الأساسية في تفعيل الانسان، أهمّها: الترغيب في طيب الحياة، فقد قال الله تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "النحل: 97 . وكذلك الترغيب في الفوز والصلاح وينبثق منه وضوح التصور حول المصير والجزاء، فعقيدة الجزاء تعتبر أنّ مصير الإنسان في الحياة الأخرى مرتبط بدوره في ساحة الدنيا: " مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىآ إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ اَوُ اُنثَىا وَهُوَ مُومِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ " [غافر: 40]. وللإيمان باليوم الآخر أثر تربوي جليل في حياة الإنسان، حيث إنّه لا يقتصر فقط بكونه طريقا للثواب في الحياة الأخرى، إنّما هو كذلك الحافز على الخير في الدنيا، بإصلاحها وإنمائها، على أن يُراعى أنّ هذا الإصلاح وذلك الإنماء ليسا هدفا في ذاته، وإنّما هو وسيلة لتحقيق حياة لائقة بالإنسان الذي نفخ الله فيه من روحه وكرّمه على كثير من خلقه...وبالإيمان بالآخرة على هذا الأساس يتبيّن الفرق بين من يشعر أنّ حياته على الأرض هي كلّ ماله في هذا الوجود ومن يشعر أنّ حياته على الأرض ابتلاء يُمهّد للجزاء[11].
كما أنّ من مصلحة الانسانية أن يسودها العدل والصلاح اللذان يعتبران الأصل في الكون، وهذا ما يستنهض همم الذين بأيديهم الحق إلى مزيد عمل ومواظبة وجهاد، ودراسة لسنن التمكين من أجل الوصول إلى مرتبة الخلافة والأخذ بزمام الأمور بدل الانقياد، فلم نخلق كي ننقاد بل خلقنا لنقود الرّكب نحو الأمام بما يرضاه ربّ الأكوان، يقول تعالى:" وَعَدَ اللَّهُ الذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الاَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الذِي ارْتَضَىا لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنم بَعْدِ خَوْفِهِمُ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَالِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [النور: 55].
فالوعي بما يصلح للإنسان وينفعه يجعله راغبا في تحصيل سعادته والتزام السبيل المؤدية إليها بكل عزم، وذلك بالقيام بمسؤولياته التي من شأنها أن تحقق له الصلاح في الدنيا والفوز في الآخرة.
والعامل الثالث من عوامل التحمّل هو: الإرادة والاختيار؛ فقد ركبّ الله تعالى في فطرة الإنسان الميل إلى إتباع الحق، وجعل في الكون آيات يستدلّ بها عليه، ومن رحمته أن أرسل الرسل بالوحي لهداية الإنسان، لذلك فمسؤولية خلافة الأرض لا يمكن أن يقوم بها من هو ضعيف الإيمان أو مُكره، بل يتحمّلها من بنَى إيمانه على أساس صلب لا يتـزعزع، فبذلك يكون مستعدّا للثبات أمام كلّ الابتلاءات التي سوف يواجهها، فيزداد بها صلابة ورشدا؛ ويتجلى هذا في نموذج مؤمن آل فرعون، وامرأة فرعون والسحرة من آل فرعون. لهذا ركّز الرسل الكرام على تبيين هذا الأساس لأقوامهم فلم يكرهوا أحدا على الإيمان ولو كان أقرب الناس إليهم كأبي سيدنا ابراهيم وابن سيدنا نوح وامرأته وامرأة لوط.
وبعدما يتمّ اختيار طريق الحق، يكون الإنسان في حاجة إلى دوام الارتباط بخالقه، ليمشي على بصيرة من أمره، وهذا سوف يثمر سلوكا معمّرا راقيا. بينما لو اختار سبيل الضّياع، فإنّه سيكون عرضة لمختلف المؤثرات التي تجعل منه إنسانا مقصّرا في تحمّل مسؤوليته التي خٌلق من أجلها؛ وذلك كتأثير الإلف والعادة والهوى والشهوات والعظمة والسلطة أو الضعف والخوف وتزيين الشيطان وغيرها من التأثيرات التي تجد سبيلها إلى الإنسان الذي اختار لنفسه سبيل الغيّ.
بعد أن تعرِف الأفراد والجماعات خالقها حقّ المعرفة، وتستشعر عظم المهمة التي عليها أداؤها، وهي مسؤولية الخلافة، تكون على أتمّ الاستعداد لتحمّل هـمّ الإصلاح في الأرض بكل ما أوتيت من طاقة وقدرة، فهذا الشعور الذي يتولّد لديها يكون دافعا قويا لها نحو العمل.
وهذا لا ينفي أن تكون للإنسان فعالية تحتاج إلى توجيه وذلك بربطها بالمنهج القويم ألا وهو الوحي.
وتظهر ثمرة هذا التفعيل في قيام الإنسان بمسؤولياته المتعددة شكرا لأنعم ربّه وعظيم إحسانه.
ومن أبرز عوامل تفعيل إرادة الإنسان في الجانب العملي: القدوة والتدريب والجماعة والتنافس بين الخير والشر.
-يمثل الأنبياء قدوة للبشر بامتياز، بما حفلت به حياتهم من عمل صالح ومسارعة في الخيرات وجهاد ومثابرة وصبر ومصابرة. فقد كوّنوا من خلال كلّ هذه العناصر وغيرها منهج الحياة الأمثل، بما تمثلوه من صفات الصلاح سلوكا واقعا، فعلى البشر أن يتبعوا هذا المنهج في سبيل خلافة أرقى.
وعدم الإيمان بالأنبياء يفضي إلى عدم الإقتداء بهم ممّا يجعل الناس من دون طريق صحيح يتبعونه في توجيه فعاليتهم، وهذا ما يجعل هذه الفعالية تتجه نحو خدمة مصالحهم، بل يمكن أن تتعدّاها إلى الإفساد في الأرض.
-أمّا عن التدريب، فقد وهب الله تعالى للإنسان طاقات هائلة وإمكانات متعددة، لكن أكثر هذه الطاقات كامن يحتاج إلى اكتشاف من خلال التنمية والتدريب، حتى يبلغ الإنسان أعلى كمالاته المتاحة[12]. لذلك يعتبر التدريب من آليات تفعيل إرادة الإنسان وتوجيهها، فهو يمنح الفرصة للأفراد بأن يحوّلوا الجانب النظري -الذي يمثل مجموع ما اكتسبه من معلومات وإرادات- إلى الجانب الفعلي مما يجعلهم متأهلين لتحمّل مسؤولياتهم بأنفسهم كلّ حسب قدرته.
-الجماعة توفّر العون والمواساة لأفرادها، مما يحفزهم على تحمّل مسؤولياتهم، وحين يستشعرون أنّهم جزء لا يتجزّء منها يقومون بواجب التواصي بالحق بينهم، بينما في غياب المنهج الحق يمكن أن يكون للجماعات تأثير سلبي على الأفراد بما يمكن أن توفره من عناصر التشجيع على الإفساد، وبالتالي تُغيِّب الشعور بتحمل المسؤوليات. و"خُصّ الإنسان في بنيته المعنوية بجملة من العواطف والغرائز ذات البعد الفردي والاجتماعي، من شأنها أن تحقق للإنسان التواصل النوعي والتواصل الاجتماعي، وتضمن التآزر بين الأفراد والتعاون في تأدية الأعمال"[13]وغيرها من المنافع.
-أمّا عن التنافس فعوامل الشر والفساد تشكّل حافزا لأصحاب الخير كي يتقدّموا ويتنافسوا من أجل نشر الخير بكل ما يستلزمه ذلك من عمل ومجاهدات، لذا فالتنافس بين الحق والباطل يٌعدّ من بين المحفّزات لإرادة الإنسان. فقد أحس مؤمن آل فرعون بمسؤولية نصرة الحق في وجه المتسلطين المغوين للناس المناصرين للباطل؛ فرعون يدعو قومه ويحاول التأثير فيهم بكل ما أوتي من قوة، فكان له المؤمن بالمرصاد بكلّ ما أوتي من أدلّة: "وَيَاقَوْمِ مَا لِيَ أَدْعُوكُمُ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيَ إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي ِلأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَآ أَدْعُوكُمُ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلاَ فِي الاَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمُ أَصْحَابُ النَّارِ" [غافر: 41-43]. كما أن السعي إلى التغلّب على إغواءات الشيطان بالإقبال على الخيرات ومخالفة دعوته يُعدّ من أوجه التنافس :"قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ" [الأعراف: 16] وهذا الإيحاء وذلك الإغواء يعتمدان على نقط الضعف الفطرية في الإنسان. وهذا الضعف يمكن اتقاؤه بالإيمان والذكر؛ حتى ما يكون للشيطان سلطان على المؤمن الذاكر؛ وما يكون لكيده الضعيف حينئذ من تأثير..
وهو ما يتقرر من أن الشيطان ليس له إلا الإغراء، قال الله تعالى:" َقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الاَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ اِلآَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّآ أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنـِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ" [ابراهيم: 22] فليس هناك سلطة في الإضلال حتى للشيطان، بل كل دوره هو أن يوسوس ويثير ويدعو الإنسان إلى الاستجابة له، بعيداً عن دعوة الله، وتلك هي مهمته الأساسية، ويبقى، بعد ذلك، للإنسان دوره في التفكير والمقارنة بين دعوة الله ودعوة الشيطان، فإذا سار مع فطرته، كان ذلك باختياره، وإذا انطلق في طريق الشيطان، فبإرادته سارت خطواته، فلماذا يلقون اللوم على الشيطان، ولا يلقون اللوم على أنفسهم، في الوقت الذي لم يكن منه إلا إثارة مكامن الشهوة، وتزيينها للنفس، بينما كان منهم التصميم والإرادة والعمل؟!"[14].
ومن بين الأسس الثابتة لتحمّل المسؤولية؛ شكر النعم وقد مثّل الرسل الكرام أبرز النماذج في السعي في الخيرات شكرا لأنعم الله ِ"انْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي". كما يتجلّى شكر نعم الله تعالى في السعي في الأرض بإصلاحها.
وتُعدّ مسؤولية شكر النعم ثمرة لما يصل إليه الإنسان من وعي بعظمة خالقه وما يسلكه في سبيل تفعيل إرادته، فتكون أعماله كلها مخلصة لوجه الله تعالى راجيا بها الوفاء ولو بجزء يسير من جميل إنعام الله عليه، كما قال الرسول r:"أفلا أكون عبدا شكورا"[15].ومستمدا استعلاءه على كلّ المثبطات من سموّ هدفه.
وفي الختام، فموضوع المسؤولية موضوع ثري وحيويّ في آن واحد، فهو يهمّ الإنسان في كلّ عصر ومصر لارتباطه الوثيق بوجوده أساسا.
وقد ضمّ بين ثناياه الكثير من العناصر التي تحتاج إلى بحوث للتوسع فيه.
كما يحسن تناول المسؤوليات الجزئية ببحوث مستقلة، وذلك لما لها من أهمية في الارتقاء بالبشر إلى حسن أدائها وإتقانها.
نسأل الله عز وجلّ أن يتقبل عملنا هذا خالصا لوجهه ويوفقنا للنفع به واستثماره واقعا، وأن يكون في مستوى الاستفادة منه والحمد لله.
[1] فضل الله، محمد حسين، تفسير من وحي القرآن، موقع بيّنـات.
[2]ينظر: عماد الدين خليل، مدخل إلى الحضارة الإسلامية،، ط1، المركز الثقافي العربي، المغرب، 2005، 28-30
[3]ينظر: عبد المجيد النجار، عوامل الشهود الحضاري، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1999ص37
[4]فضل الله، من وحي القرآن، مصدر سابق.
[5]ينظر:عماد الدين خليل، مدخل إلى الحضارة الإسلامية، مرجع سابق: ص18
[6]ينظر: النجار، عبد المجيد، قيمة الإنسان، ط1، دار الزيتونة للنشر، الرباط، المملكة المغربية، 1996، ص13
[7] الشعرواي، تفسير الشعراوي، مج12، ص7694.
[8] فضل الله، من وحي القرآن، مصدر سابق.
[9] النجار، قيمة الإنسان، ط1، دار الزيتونة للنشر، الرباط، المملكة المغربية، 1996ص11-12
[10]النجار، عوامل الشهود الحضاري، مرجع سابق، ص34-36
[11]ينظر: المقري، أحمد محمد يحيى، تربية النفس الإنسانية في ظل القرآن، رسالة ماجستير، جامعة الملك عبد العزيز، مكة المكرمة، 1990، ص63
[12]ينظر: بكار، عبد الكريم، التربية والتعليم، ط2، دار القلم، دمشق، سوريا، 2005، ص325
[13] النجار، قيمة الإنسان، مرجع سابق، ص23.
[14] فضل الله، من وحي القرآن، مصدر سابق.
[15] رواه البخاري: باب: قيام النبي rحتى تتورّم قدماه، رقم الحديث: 1078، ج1، ص380، ورواه مسلم: باب: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، رقم الحديث: 2819، ج4، 2171.