تفحص تلك المرآه .. وهندم الحلـّة الأنيقة
تنهد .. اغمض عينيه .... وأعجب بالصورة لدقيقة
رفع الكف حمدا للإله ... بعدها نزل الحديقة
*************
استدار ... ودع ست الدار ... وداعب ابنته الرقيقة
كانت بين الازهار .... تختبىء وسط الحديقة
ابتسم ... قبـّلها وسار
***********
وتذكر عهد الإختباء
من سياط الظلم والجبناء
ومن وباء
وباء الصمت فى عصر البغاء
****************
وتذكر تلك السنوات
كم كان القلم يسهره اطول ليلات
ويقطـّر من قلبه دمعا يسطر كلمات
كم كان الحلم بعينيه عظم ورفات
يبتسم بنشوة فرح .. يتحسس ذاك الجرح
يلعن كل المعتقلات
*****************
يتذكر كم طال القهر
وترنح دوما من تعذيب أو جوع ادماه لشهر
يلتفت لداره كى يدرك ... لماذا قد دفع المهر
يرى تلك الايدى تشير....
وصوت يعلو بابتسامة ... وينير
تقول صحبتك السلامة ... وسهل لك الله العسير
يلوح لها وداعا ويسير ......
*****************
يتذكر تلك النيران ..
تعتصر القلب الولهان ....
قد كان يراها دوما أجمل بنت فى الجيران ...
بل أروع ما يولد إنسان ...
بل بالأحرى .... ليست انس .. ليست جان ....
ليست الا حورية قادمة من اعلى مكان .....
أو لمسة حب تحيى قلوبا قد ماتت فيها الابدان ...
كم طال الفقر يجاهر بالبعد مابين الاثنان ...
كم عابوا فيه الشاعر .. بل عابوا فيه الانسان ...
كم سألوه مرارا عن افدنة ... عن أطيان ....
كم ضحكوا بعبث وقالوا نحن الاعيان ....
كم قالوا قلمك لن يثمر رغدا .. أو يأمن غدر الأزمان ..
فابنتنا لن تاكل شعراا .. أو تسكن بيت الأوزاان ...
قد وصل أخيرا للحلم ومات زمان الأحزان ....
يشعر بالفرح بدمه يتدفق فى الشريان .....
قد ذاب الألم وعاش القلم وسطر أروع ألحان ......
وجد امامه بوابة داره رقيقة القضبان ...
يحفها الزهر وتحتضنها الاغصان ....
وحارس الدار لسدل الجلباب .. ووقف مبتسما فى امتنان ...
*******************
وذاك الشاب الاسوانى يسرع الخطوات ...
كى يحمل منه حقيبة الكلمات ....
يتقدم نحو السيارة ... ويمسك المقبض بحرارة ....
ويدخل الشاعر بثبات ... مبتدئا يوما معتااد ....
جريدته التى اسماها حقيقة الآهات ....
بعدها دار النشر التى طبعت له اولى الروايات ...
وبعد الظهر يسترخى على كرسيه الوثير ..
فى مقهى ذاك الدور الأخير ...
يغمض العينين ويذكر الحكايات ....
****************
ساعة يده تدق بأن الوقت فات ....
فينبه السائق ان عجّل السرعات ...
ينتابه انتباه شديد ..
وهو يتابع الدقات ...
يده لاتحمل خاتم فضة او حتى حديد ...
يتذكر انه لم يحظى أية زيجات ...
والشيب قد طال بيده عدة شعرات...
ويفيق على أبواق السيارات ..
يفتح الحقيبة .. لا يجد إلا شهادات ...
واخيرا .. نادى السائق " الاجرة يا حضرات"
ولم يكن ما رآه بيومه إلا خيالات.....