صدق المثل العربي القائل :- رب ضارة نافعة -فرغم بشاعة ووحشية هذا العدوان الغاشم , والذي تعجز الكلمات عن وصفه , وبالرغم من استخدام أسلحة جديدة يتم استعمالها للمرة الأولي للتجريب علي اجساد أطفالنا الرضع في غزة , إلا أن هذا العدو قد خسر أرضه وملعبه الذي يمارس فيه مغامراته , فاللمرة الاولي ينقلب عليه أوفي أصدقائه , ويطالبونه بوقف إطلاق النار , بل وقف العدوان , ولآول مرة يصحو الضمير العالمي , ليعي - بشكل حقيقي وصحيح -أن هناك مايسمي بالفعل بالقضية الفلسطينية ! لقد نجحت اسرائيل , وبجرأة تحسد عليها , في الاعلاء من كلمة المقاومة , واستطاعت منحها اعترافا ودعما , كان قادة المقاومة غير قادرين علي فعله سنوات طوال , بل معظم الظن , أنه كان بعيدا عن أحلامهم في العشرين عاما القادمة , لقد تفاعل العالم - الشارع العالمي -في أنحاء الدنيا كلها , معترفا بحق المقاومة ومنددا بالعدو الغاشم , ومدينا لأفعاله إلي درجة المطالبة بطرد السفراء , ومحاكمة الارهابيين القتلة مجرمي الحرب , وللمرة الأولي منذ التأصيل لمصطلح الارهاب , يكون المقصود بالارهابي هو الاسرائيلي , وليس العربي !, لقد تفهم العالم الحقائق التي لم تنقلها الفضائيات , والتي لم يصفها المحللون , إنما شرحتها أجساد الآطفال الرضع ,ورؤوس دماهم المحطمة , تحت قصف المدافع والدبابات , وال إف 16, وكل أنواع الترسانة الحربية الرهيبة , , لقد ثار الشارع البريطاني ,ولذلك دلالة لاتخفي علي أحد , فهل هناك أكثر من ثورة لشارع كان قد صنع هذا الكيان , وسعي للتمكين له؟! , صمدت المقاومة صمودا رائعا , لم يكن في الحسبان , وكان المتوقع لدي أكثر المتفائلين , أن ينتهي كل شئ في ثمانية وأربعين ساعة , لنشاهد علي شاشات التلفاز اسماعيل هنية والذين معه يخرجون حاملي الاعلام البيضاء , معلنين الاستسلام , وأن غزة عادت إلي أحضان الاحتلال ثانية , وأن الفوارس لم يكونوا , كذلك , أو كان السيناريو الثاني , أن تنهتي الحرب -أيضا -في غضون أيام , وعقب -انتهاء كل شئ - سيتم العثور علي أجساد أو أشلاء الوزراء والبرلمانيين تحت نير القصف , وتنتهي بذلك القصة , ويخرج علينا العالم بدرسه الجديد : هذا هو المصير ! , قلنا لكم ورأيتم شنق صدام حسين ليلة العيد , وها هو هنية وأعوانه -الذين وقفوا أمام القطار - قد سحقتهم أفكارهم وذهبوا إلي الجحيم ! , وإذا المقاومة باسلة , قوية , يلتف حولها القاصي والداني , إذا بمقولات جديدة تبشر بعسكرية مغايرة تماما , مفادها أنه لايمكن لسلاح أن ينتصر دون ارادة , وأن الباطل لا يمكنه كسر شوكة الحق , ,ان الاستعمار الذي هزمه الفلاح المصري البسيط, والجزائري الوطني , والليبي العنيد , لايمكنه سلب الحق الي الأبد , وأن هناك شئ ما فوق قدرة السلاح , وفوق الغطرسة , يصعب علي العدو فهمه , لقد تساءلت :- كيف لم تستطع أمريكا القضاء علي المقاومة العراقية , وهي تملك , أعظم ترسانة اسلحة في العالم ؟, وكيف استطاعت لبنان -الصغيرة - مقارنة بهذا الكيان المدجج بكل ألوان الاسلحة , أن يدحره في تموز , الان أجاب الشعب الفلسطيني بأكمله , علي كل المشككين , برد عملي , لقد اكتسبت القضية أراض جديدة , اكتسبت المصداقية , والتعاطف , والزخم الاعلامي , واتسعت رقعة المؤيدين , ما أتمناه -وهو ما أخشي من عدم حدوثه- أن نستثمر هذا الانتصار الحقيقي , وأن نضعه في رصيد كفاحنا البنكي , ,أتمني التخلص من الجعجعات التي لاطائل ورائها , والتطاحنات التي تجلب الخسائر المذلة , وألا نطلب من الآخر مالا يستطيع تقديمه لنا , وأن يعذر بعضنا بعضا والأهم الأهم , أنه فئة قليلة هزمت فئة كثيرة , النصر لنا
أرض جديدة للمقاومة
- أشرف دسوقي علي
- واحة الإبداع
- مقالات متنوعة
- الزيارات: 2048
Facebook Social Comments