العيب والألاعيب

العيب والألاعيب

حيدر محمد الوائلي

قيل: (ليس من العيب أن ينخدع المرء فيما لا يعرف، بل العيب أن يخدعك بالعيب من يعرف)

فضاع العمر بين عيبٍ وألاعيب...!!

ضاع العمر إذ تمضي أيامه قهراً، نتجرعها علقماً مراً، حين غابت الحرية دهراً، فلما جاءت نطقت كفراً، في حياة عشناها غصباً وكُرهاً...

تتوالى الأيام على عمرٍ لم نفهم من سنواته العجاف شيئاً يُذكر، فعجولٌ سمان دوماً يأكلن السنابل الخضر لتبقي اليابس منها للعجول النحاف تقتات عليه، فغالبية الشعب عجول نحاف...!!

ومن قضى على مذبح الحرية نحبه من الأحرار والنبلاء الذين نتحسر لفقدانهم كل يوم، حيث لا يوجد من يذكرنا بهم إلا قليلاً جداً...

وأمجاد تاريخ مضى لغير رجعه فيتفوه بفضائله من ليس له فضل ولا فضيلة، وممن دمر الحاضر لينصر الماضي والتاريخ، ويصغي سوادٌ عظيم من الكتل البشرية لتلك الأحاديث فتمر ضجة وضوضاء من الأذن اليمنى لليسرى.

تمضي الأيام حيث تشاء لا حيث نشاء وتدور فينا ولم نعرف ما هو دورنا في دورانها فكل شيء (خبصة)...

وهالعمر هذا طويل...وهسة تونة ابدينة نصة...

كلشي هوسة، كلشي خبصة...وهذا عمر الراح نصة...

قضى جمعٌ نحبه مقتولاً وقضى أخر متغرباً عن أهله في بلاد الغربة، وقضى غيرهم يومه غريبٌ في وطنه حيث الفقر في الوطن غربة، وقضوا جميعاً ممن لم يكن لهم بعيوب الساذجين والمغفلين ولا ألاعيب الماكرين والانتهازيين لا ناقة ولا جمل...

يصبح العيب ألعوبة بيد من لا يخاف الله ولا يستحي لا منه ولا من الناس فله من الحمقى الكثيرين الذين يدعون الاستقلالية وهم يتقاتلون دفاعاً عن المسمى المعدود عيباً ليتلاعب بالكلام ليصبح العيب ذا مبرراً وذو مجدٍ عظيم...

كلهم في الهوا سوا...!!

فلماذا يتقاتل البعض في الدفاع عن هذا وذاك ويزعل البعض في الدفاع المستميت عن حزب فلان وتوجه فلان وموقف فلان، حيث ينام رغداً صاحب الألاعيب وينام منزعجاً وضجراً من هو ملعوبٌ به من مغفلين وساذجين...

ينام رغداً في ركب الرابحين سحتاً من عوائد التغيير والحرية التي درت على بعض الجيوب أرباحاً حطمت أرقام غينس من أموال دخلت الجيوب فلم تستر العيوب ولو أنفقوها على تنظيم الألاعيب...

لم تستر لا أموال السحت والتبذير وهدر قوت الشعب وثرواته العيوب الكثيرة حيث كلهم عيوب، ولم تغطي العار أصوات المغفلين النائمين بحرّ الظهيرة تحت لهيب سقف المنازل المتهرئة والتي أتعبتها السنين فيتنعم على إثرها من فاز بصوت المغفلين ممن نام بالبيوت الفارهة على نسمات (التبريد المركزي)، وينام بحسرة التبريد الشعب كله.

هذا نائب في البرلمان القبرصي يستبدل سيارته الرسمية بحمار كوسيلة للنقل عقب إعلان الدولة رفع أجور البنزين على المواطنين تضامناً من النائب مع مواطنيه وتعبيراً عن مصداقيته في تمثيلهم...!!

ونحن الأهداف المستمرة لأعمال العنف، والغلاء المتصاعد الذي لا يتناسب مع القدرات الشرائية المحدودة للمواطنين، وقلة الخدمات وأزمة السكن وسوء توزيع الثروات، ولا توجد حرقة قلب، كحرقة قلب النائب القبرصي...!!

وبين من يتكلم بعدالة علي من الشيعة وكذا بمن يتكلم بعدالة عمر من السنة ومن يومها ضاعت العدالة وزاد الغبن وسوء الخدمات والفساد كلما تمنطق سياسيينا بعدالة تاريخ قضى نحبه على أيديهم.

ولا يزال المواطن المغفل يتكلم بروعة من تكلم بعدالة علي وعمر...؟!

لا بل يذكي تلك المشاكل دور العار من الجوار كلٍ حسب طائفته وهواه ومشتهاه بتدخل طائفي بغيض، وبحجة الدفاع عن الشعب العراقي الذي دمروه وهيبته ومكوناته الأجتماعية، والشعب العراقي يعير أهمية للأختلاف الطائفي بقدر إعارته أهمية لمن يشجع الريال والبرشة...!!

عيب الساذج هو أنه سهل الأنقياد وسهل الأنخداع وسهل الأقناع، حيث ألاعيب الماكرين أنهم يعرفون كيف يصيدون فرائس البشر وغنائم غباء المواطنين والذين لاحقاً سيصبحون ناخبين.

هذا الرئيس (لولا دي سيلفا) الذي بدأ حياته ماسح احذيه إلى انه أسهم لاحقاً في جعل بلاده البرازيل ضمن أقوى الاقتصادات والقوى الإقليمية المحورية في أميركا الجنوبية، اضطرت عائلته أن تسكن في منطقة فقيرة في المدينة، في غرفة صغيرة خلف ناد ليلي تنبعث منه موسيقى صاخبة، وشتائم سكارى، ولكن أسهمت أمه بشكل كبير في تربيته وتكوين شخصيته، ولذلك يعترف قائلا: (لقد علمتني أمي كيف أمشي مرفوع الرأس وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون).

بدأ دراسته في سن مبكرة، غير أنه توقف عن التحصيل الدراسي في مستوى الخامسة من التعليم الأساسي، بسبب المعاناة الشديدة والفقر الذي أحاط بأسرته، الأمر الذي اضطره إلى العمل: كماسح للأحذية لفترة ليست بالقصيرة بضواحي ساو باولو، وبعدها صبيا بمحطة بنزين، ثم خراطا، وميكانيكي سيارات، وبائع خضار، لينتهي به هذا الحال كمتخصص في التعدين، بعد التحاقه بمعمل (فيس ماترا) وحصوله على دورة لمدة ثلاث سنوات، وفي سن الـ19 خسر (لولا دي سيلفا) أصبعه الصغير في يده اليسرى في حادث أثناء العمل في مصنع قطع غيار للسيارات.

للرئيس (لولا دي سيلفا) صورة شهيرة وهو يبكي فيها عند إنتهاء دورته الرئاسية الدستورية، فهل تعلمون لماذا كان يبكي في ذلك اليوم...؟!

كان يبكي لأن مدته الرئاسية إنتهت, والشعب يطالبه بتعديل الدستور والبقاء في الحكم لدورة أخرى...!!

ولكنه رفض...!!

ولكن بعض سياسيينا يذهب لدول الجوار لإسقاط خصوم سياسيين حتى ولو أحرق الوطن وأهله، وأهان كرامة وهيبة الدولة عند من لا كرامة له...!!

متى يتعلم الناس من قصص الحياة درساً حيث كل دقيقة قصة وعبرة ومتى يفهم مغفلينا وماكرينا حب الأرض والوطن والشعب، مثل لولا دي سيلفا...؟!

إلى كل أحلامنا المتأخرة، والتي أخرها وغيّر بعضها الساذجين والماكرين وأماتوها لاحقاً ممن أحرقوا النبات قبل أن يأتي ثمره والحصاد...

سيأتي يوم أفضل من يومنا هذا وسيصبح لنا ماضي أفضل من ماضينا المعاصر المملوء دماً وجرحاً وفساداً على طول الخريطة...

وسيأتي يوم نعيش فيه الراحة والطمأنينة حيث لا يكون مصيرنا بيد الساذجين والمغفلين ولا الماكرين، فالله خير الماكرين...

فالله لا ينسى، وهو لا يضيع أجر المحسنين...

ولا ينسى الله صبر الصابرين العاقلين من رحمته ورعايته حيث محال أن يتساوى الذين يصبرون من الذين يعقلون والذين لا يصبرون ولا يعقلون...

وأغبى الأغبياء من يعثر بحجرٍ مرتين، وأغبى منهم من يقع بنفس الحفرة مرتين، فحتى لا تسقط للمرة الثالثة على التوالي في نفس الحفرة ولكيلا تدفن فيها حياً...

فكر من جديد بشيء جديد...

 

Please publish modules in offcanvas position.