الحمد لله الذي علا فأرتفع وعلم ما لايعلم وقال فأفهم والصلاة على صاحب الأمر والصادع به والمأمور بتبليغه وعلى الأل منه الذين وضع الأمر فيهم بعد أن طهرهم وأذهب عنهم الرجس ووعدهم فأصدقهم وعده لا لزلفى ولا لحوبة ولكن تقديرا من العزيز الجبار الذي قال{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ }الرعد21,فصدق من صدق وتابع من لحقه نصيب من لطف الله وأخلد الباقون يرجون مما لايرجى منه شي الا أن يكون فتنة للقوم الضالين,عندها لا تنفع شفاعة الشافعين ولا يؤخذ منهم عدل ولا هم ينصرون.
ورد في الروايات الصحيحة المنسوبه لأل البيت عليهم السلام قولا في غاية الأهمية والأعتبار ويمكن عده من مفصليات الأيمان عندي وعند من يرى الأمور في سياقاتها القصدية خارج المألوف من فهمها ألا وهو قول الإمام الصادق عليه السلام((عن أبي عبد الله سلام الله عليه أنه قال للفضيل,تجلسون وتتحدثون؟فقال:نعم.فقال«إن تلك المجالس أحبّها،فأحيوا أمرنا،فرحم الله من أحيا أمرنا». وسائل الشيعة ج 14 ص 501.ومن مثله روايات كثيرة وردت عن المعصومين من أل محمد صلى الله عليه وأله وسلم تحث على أحياء (أمرهم) تحديدا لا تعميما ولا تلخيصا وإنما قالوا(فرحم الله من أحيا أمرنا),وقد ترددت هذه الكلمات على الذهنيه المسلمة والمؤمنة من مئات السنين وتشعبت في فهمها النفوس والعقول مشارب شتى ونواحي عدة ولازال المؤمنون من أتباع أل البيت يحاولون تجسيد تلك المقولة بالقدر الذي يعتقدون أنه هو المطلوب على أي حال.
فما هو أمرهم وكيفية أحياءه وما معنى الإحياء في اللسان العربي القرآني المبين ومدى وجوبية الإحياء وما هي سننه إن أردنا أن نفعل هذا التكليف من المعصوم الذي في علته تكليف رباني وجوبي؟اسئلة تدور في معطيات حقيقة الإيمان عند المسلم بعيدا عن الحزبية والطائفية ونحن نتكلم عن رحمة الله التي هي للعالمين جميعا.
يقول الله تعالى في المحكم من القول الفصل{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }الرعد25,النص يتناول مسألتين محوريتين هما:
· النقض والقطع والافساد.
· الوعد والوعيد
النص يتضمن إخبار من الله تعالى بأن البعض من(الذين)وهنا تعمد النص تجهيلهم فلا هم كفار قطعا بالأشارة ولا هم مسلمون قطعا لان المسلم من أطاع الله بما هو واجب عليه,ولم يشر إليهم بالمؤمنين وهذ مناقض لوصفهم,فجهلهم النص تحقيرا وتصغيرا عكس المنهج القرآني المتعلق بالتكريم كقوله تعالى{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}الأنفال2,وهذا مما تفهمه العرب وتستعمله في لسانياتها اليومية,فيقول الله في وصف هؤلاء الذين أرتكبوا ثلاث جنايات متسلسلة كل منها تقود للأخرى والأخيرة تقود إلى عذاب الله ولعنته,فالجانية الأولى هي نقض العهد,وهذا يتضمن شعبتين عهد الله وعهد رسوله وكلاهما من عهد الله,وهذا العهد أما مباشرا مع الله أو بواسطة معاهدة الرسول,أو أن الرسول يأخذ العهد منهم,فمن أوفى بما عاهد الله عليه فسيؤتيه الله أجرا عظيما ليس كجائزة فقط ولكن لثبات عوامل الإيمان في النفس وتشجيعا لمن في نفسه حديث والله تعالى يقول{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب 23,فالثبات وعدم التبدل والتبديل هو هدفية وحقيقة الوفاء بالعهد,فسواء أكان العهد مع الله أو مع رسوله فكلا العهدين كان مسئولا فلا نقض من بعد الأبرام ولا إقالة له فالناقض والناكث والمقيل لعهد الله سينقاد بما سعى إلى التقاطع مع اوامر الله الواحدة بعد الأخرى ,أي ان كل الأوامر الأخرى ستنسحب من سلوكه الإيماني بالتأكيد الواحده بعد الأخرى ليجد الناقض للعهد نفسه بعد مدة وقد أفلس من كل عمل يربطه بالله تعالى,فنقض االعهد لابد من أن يقود المرء للخروج من دائرة الإيمان ليلتحق في الوصف المناقض والله تعالى يقول{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }البقرة100,والآية قد تقود إلى فهمين,الأول أن نبذ العهود لابد أن يكون نتيجة لعدم الإيمان فالغير مؤمن حتما يكون غير قادر على أن يوفي بما لم يؤمن به سلفا وبالتالي فهو غير مستعد أصلا للوفاء بالعهد,والفهم الثاني أن نبذ العهود,وجوابا على وصف الحالة بأن من ينبذ العهد أكثرهم لايؤمنون بنتيجة النبذ وإنما كانوا من قبل أن ينبذوه مؤمنين ولكن الذي أخرجهم من دائرة الإيمان هو النبذ للعهود,وفي كلا الحالتين فأن من ينبذ العهد من بعد ميثاقه موسوم بعدم الإيمان,وهذه الصفة تتقاطع مع مستوجب إيماني كلي أصلي ألا هو وصل الأرتباط مع الله بالحبل المفروض{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103,فالتواصل مع الله يقود إلى النقاط التالية:
1. عدم التفرق.
2. التألف والمودة بين الناس.
3. الموأخات بين الناس.
4. النجاة من السقوط في النار
5. التبين للناس من الوقوع بالجهالة.
6. الهداية والأهتداء.
وهنا نقف عند النقطة الأولى والأخيرة في تسلسل المنافع التي وردت في الآية الكريمة وأعتبار أن كل ما عداهما وبينهما هو في الحقيقة ما بين طرفيها مستغرقة في هاتين النقطتين المحوريتين وهما عدم التفرق والهداية.
من الأوامر الكلية الربانية هي عدم التفرق والأختلاف والتنازع بقوله تعالى{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}آل عمران105,فالتفرق من موجبات عذاب الله العظيم وخاصة من بعد ما جاءهم العلم ,ونحن نؤمن بأن الله تعالى أنزل العلم والذكر على رسوله المصطفى صل الله عليه وأله وسلم ولم يبق لمن يقول أن الحجة لم تبلغه,فيكون المفرق والمتفرق بعده,أي تفرق بعد الرسول من مستوجبات العذاب الرباني العظيم بلا أستثناء وبأطلاق شامل وخاصة بعد تبلغه وأبلاغه العلم والذكر والتذكير.
ومن موجبات التفرق الأختلاف وقد يكون مؤدى له,وقد يكون نتيجة متوقعة وحتمية له, فهو مرة يكون سبب ومرة يكون علة وبالأثنين فالآختلاف طريق دمار للإنسانية{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }آل عمران105,هنا الأختلاف نتيجة التفرق علة وسبب وهنا نتيجة السبب نفسه(العذاب العظيم),وفي نص ثان{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }البقرة213,هنا الأختلاف كان السبب بتفريق المؤمنين عن الكافرين فكان الأختلاف هو سبب التفرق والتفريق.
ومن نتائج التفرق والأختلاف نتيجة حتمية موافقة للطبيعة البشرية ألا وهي التنازع في الأمر المختلف فيه أو عليه أو منه أو به,ومن نتائج التنازع ما جاء بالنص المقدس بقوله تعالى{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}الأنفال46,فالنتيجة الحتمية للتنازع هو الفشل وإذهاب الريح التي قال عنها النص أنها نتيجة من نتائج عدم الإطاعة لله وللرسول,ومنها أطاعة ما عاهدوا الله عليه وما تواثقوا به مع الرسول صل الله عليه وأله وسلم,وهنا نجد هذا النسيج المترابط بين أمر الله الذي مثله الله بالحبل,والحبل في لسان الله هو النسيج المنسوج من مادة واحدة بصورة تجعل منه قادرا على الحمل والتحل لما أعتد لأجله,فالحبل المتين نسيج من نوع واحد من مؤديات الإيمان كلها بما عند الله ومنه ومن كليات تنتج الهداية التي يتوصل بها الإنسان المؤمن لعلة العلات من أمره وحكمه وهي الرحمة الإلهية من خلال التمسك بالحبل للوصول لرحمة الله بقوله تعالى{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71,فلا تنال الرحمة إلا بهذا النسيج الفذ المتناسق من أوامر الله وأحكامه.
نعود للنقطة الثانية والتي أجملنا كل شيء بينها وبين ما تقدم وهي الهداية لما يريد الله له أن يمضي عليه المهتدون فالجليل الأجل الهادي يقول{يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}المائدة 16,فالهداية بالقصد الرباني والغاية الإلهية هي إتباع رضوانه ورضاه وبهما تنال رحمته والفوز الكلي والمطلق بالرحمة{يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ }التوبة21,فالرضوان بمقام الحيثية مع الرحمة في صعيد واحد لا يفترقان ,فمن أراد رضا الله لابد له من أن ينال رحمته بالنتيجة والله تعالى يقول{يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ}التوبة62,فأرضاء الله واجب تكليفي بمقام العينية أي انه واجب عيني لا بد من الأتيان به عينا لكل من أمن بالله وأراد رضاه منتبها إلى طلب الرحمة بالأهتداء لمراد الرب.
هذا الرضا منه ما هو في شكلية محددة لا بد من أتيانه على الوجه المتقدم مكشوف ومبين بكتاب الله كما في النصوص المتقدمه,ومنه ما هو رضا بما للرسول صل الله عليه واله وسلم بالفرض الإلهي كقوله تعالى{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}الحشر7,فهذا الرضا بما أتاكم به الرسول عليه وعلى أله الصلاة والسلام رضا لله,ومنه رضا المعصوم المفترض الطاعة بقوله تعالى{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} الأنبياء73,ليس الرضا هنا لمجرد التزلف الشخصي فيما يحسبون ولكن لان فيه رضا الله أصلا لما يلاحظ فيه ومنه,عليه فإرضاء المعصوم مفترض الطاعة هو رضا لاينفصل ولا ينفك عن رضا الله ورسوله وهما أحق ممن يرضون والله تعالى يقول{يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ}التوبة62,فالرضا والطاعة لله وللرسول حق وتكليف بمقام العينية ومنه إطاعة ما أمر الله به أن يطاع لمن يهدي لسبيله{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125,وهذه قاعدة كلية لا تشذ في حكمها لتعلقها بموضوع كلي مطلق يقوم على العمومية والأشتمال لما هو دعوة في سبيل الله,فمن يدعوا لسبيله واجب الأطاعة ومستوجب للرضا بما يقوم به من دعوة للهدى,ونجد ذات المعنى في قوله تعالى{قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } يونس35,وذلك هو عين مقصد وجوهرية كلام المعصوم المستوجب الطاعة وهو ما عبّر عنه الإمام الحسين(عليه السلام) بقوله: "رضا الله رضانا أهل البيت".
فرضا أهل البيت من رضا الله ورضا رسوله,فيه الرحمة ومنه الهداية,وهو أمر الله وأمر رسوله وهو أمرهم تجسيدا للطاعة ومنالا للرحمة الإلهية المنشودة من إيمان الناس بالله وبكتبه ورسله وأنبيائه وملائكته ولذلك خصهم بالتطهير,والتخصيص الوجوبي لا لكونهم أل الرسول فقط ولكن لكونهم يأمرون بما أمر الله وهم لإمره صابرون{وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ }القصص5,صابرون لما أصابهم من إستضعاف وتهميش وترك وقطع وإماته لأمرهم,فهل من معارض أو منكر أن أئمة الدين من أل البيت كانوا مستضعفين,كما أستضعف قوما ممن هم من أهل الكتاب من قبل ممن يدعوا إلى الهدى{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }الأعراف150,فالإستضعاف سمة خالصة للظالمين الذين يريدوا أن يضلوا الناس على علم منهم بما يظلمون{وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ}إبراهيم30,فالإستضعاف ليس متعلق بذاتيات وأشخاص من أستضعفوهم ولكن لظنهم بأنهم قادرون على أن يغيروا أصل التكليف ومن كلف به وهو الكفر بالله فالظالمين الضالين هم كفار أصلا لما كان من تضليلهم وظلمهم والله تعالي يقول{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }القصص50,فالأمتناع عن الأستجابة للرسول هو إتباع للهوى وهو ضلال بغير هدى من الله,فكان منه أن الله لا يهديهم لأنهم ظالمون.
فالأل مستضعفون عند الناس وهم وصية رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم وهو أجره فيما طلب من الله وسئله فيهم,بقول الله تعالى{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}الشورى23,ليس هذا فقط من مقامية السؤال والجواب,بل زاد الله عليه في الإحسان إذ جعل من المودة حسنة,الزيادة فيها مزيدة للإحسان الإلهي للناس من خلال المغفرة فالحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف كما ورد عن الرسول صل الله عليه وأله,وأعتبرها الله شكرا له ولرسوله والله تعالى يقول{وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}آل عمران 145,فالجزاء على الشكر من الله ثوابا له وبه,فهل شكرت أمة محمد وصانت العهد وحفظت الأمانه,يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في بيان حالة الإستضعاف والمغالبة على أمر الله وأمر رسوله وهو أمرهم كما بينا بقوله في نهج البلاغه معبرا عن مرارة ما جرى به النبذ والنقض وقطع ما أمر الله به أن يوصل ليس من باب أظهار المظلومية فحسب ولكن من باب التحسر على ما هم فيه يعني حال المسلمين من أستحبابهم للعمى وأستجلابهم لغضب الله من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون((كل حقد حقدته قريش على رسول الله صل الله عليه وأله وسلم أظهرته فيَ وستظهرهُ في ولدي من بعدي ما لي ولقريش إنما وترتهم بأمر الله وأمر رسوله أفهذا جزاء من أطاع الله ورسوله إن كانوا مسلمين)).
لايزال أمير المؤمنين عليه السلام يصارع لدين الله وفي سبيله حتى قال قولته المشهورة(لقد ملئتم قلبي قيحا) فهل من شكوى أعظم منها,لا تقاس بشكوى الأنبياء من قبل{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً }نوح7,فقوم نوح أستهزئوا برسولهم ولكن لم يملئوا قلبه قيحا ولا قال كما قال أمير المؤمنين عليه السلام((قال لي رسول الله صل الله عليه وأله إن اجتمعوا عليك فاصنع ما أمرتك وإلا فألصق كلكلك بالأرض فلما تفرقوا عني جررت على المكروه ذيلي وأغضيت على القذى جفني وألصقت بالأرض كلكلي)),لقد جروا عليه المكروه جرا,وملئوا جفنيه قذى,فألصق كلكله في الأرض لا عاجزا ولا مهادنا ولا متحيرا عن الهدى ولكن كما قال للبضعة الشهيدة سلام الله عليها ولما يرفع الأذان وفيه أشهد أن محمد رسول الله(قال لها أتحبين أن تزول هذه الدعوة من الدنيا قالت لا قال فهو ما أقول لك)) فكان الصبر دواءه والأنتظار لأمر الله ديدنه متبعا قول الله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }البقرة153,لا أطرا ولا بطرا{فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ}يونس102,ولكن الأنتظار فيمن ولمن ودين الله في مهب الأهواء الضالة يؤخذ أسيرا ويقاد حقيرا,وهو يخاطبهم شفقة ورحمة لا لسلطان يطلبه ولا لمئال يرجوه من دنياهم وهي عنده أهون من عفطة عنز ولكن ليلقي الحجة ويتم البرهان((يا عبيد الدنيا كيف تخالف فروعكم أصولكم وعقولكم أهواءكم قولكم شفاء يبرئ الداء وعملكم داء لا يقبل الدواء ولستم كالكرمة التي حسن ورقها وطاب ثمرها وسهل مرتقاها ولكنكم كالشجرة التي قل ورقها وكثر شوكها وخبث ثمرها وصعب مرتقاها جعلتم العلم تحت أقدامكم والدنيا فوق رؤسكم فالعلم عندكم مذال ممتهن والدنيا لا يستطاع تناولها فقد منعتم كل أحد من الوصول إليها فلا أحرار كرام أنتم ولا عبيد أتقياء ويحكم يا أجراء السوء أما الأجر فتأخذون وأما العمل فلا تعملون إن عملتم فللعمل تفسدون وسوف تلقون ما تفعلون يوشك رب العمل أن ينظر في عمله الذي أفسدتم وفي أجره الذي أخذتم يا غرماء السوء تبدءون بالهدية قبل قضاء الدين تتطوعون بالنوافل ولا تؤدون الفرائض إن رب الدين لا يرضى بالهدية حتى يقضى دينه)).
لقد شرح إمام الأئمة وسيدة العترة أمره الذي وجب علينا أن نتبعه ونهتدي بهداه مفصلا ومطنبا لعل النفوس تخشع والقلوب تسكن والهوى يرتد من حيث أتى ولكن لا حياة لمن تنادي,فقد أوغلوا في الغي وتمادوا بالردية كرها وحسدا من عند أنفسهم لما فضل الله من فضل لرسوله ولأله الطاهرين بغيا وعدوانا,فيقول يعسوب المؤمنين وقائد الغر المحجلين قولته وهو عالم بما في القلوب من أقفال قد أغلقت وأبواب قد أوصدت وأفهام قد استعجمت وأستغشوا بثيابهم وصموا أذانهم عن سماع الحق وهو ينطق صادحا ويستعلوا عن خبائثهم متعاليا ويريد الله ويريدون والله بالغ أمره ولو كره الكافرون((قال له قائل يا أمير المؤمنين أرأيت لو كان رسول الله صل الله عليه وأله ترك ولدا ذكرا قد بلغ الحلم و آنس منه الرشد أكانت العرب تسلم إليه أمرها قال لا بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلت إن العرب كرهت أمر محمد صلى الله عليه وأله و حسدته على ما آتاه الله من فضله وأستطالت أيامه حتى قذفت زوجته ونفرت به ناقته مع عظيم إحسانه إليها وجسيم مننه عندها وأجمعت مذ كان حيا على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته ولولا أن قريشا جعلت اسمه ذريعة إلى الرئاسة وسلما إلى العز والإمرة لما عبدت الله بعد موته يوما واحدا ولأرتدت في حافرتها وعاد قارحها جذعا وبازلها بكرا ثم فتح الله عليها الفتوح فأثرت بعد الفاقة وتمولت بعد الجهد والمخمصة فحسن في عيونها من الإسلام ما كان سمجا وثبت في قلوب كثير منها من الدين ما كان مضطربا وقالت لولا أنه حق لما كان كذا ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها و حسن تدبير الأمراء القائمين بها فتأكد عند الناس نباهة قوم وخمول آخرين فكنا نحن ممن خمل ذكره وخبت ناره وانقطع صوته وصيته حتى أكل الدهر علينا وشرب ومضت السنون والأحقاب بما فيها ومات كثير ممن يعرف ونشأ كثير ممن لا يعرف وما عسى أن يكون الولد لو كان إن رسول الله صل الله عليه وأله لم يقربني بما تعلمونه من القرب للنسب واللحمة بل للجهاد والنصيحة أفتراه لو كان له ولد هل كان يفعل ما فعلت وكذاك لم يكن يقرب ما قربت ثم لم يكن عند قريش والعرب سببا للحظوة و المنزلة بل للحرمان والجفوة اللهم إنك تعلم أني لم أرد الإمرة و لا علو الملك والرئاسة وإنما أردت القيام بحدودك والأداء لشرعك ووضع الأمور في مواضعها وتوفير الحقوق على أهلها والمضي على منهاج نبيك وإرشاد الضال إلى أنوار هدايتك)),هذا هو أمر أل محمد ليس بميت فيحيى بل جذوت خبت وخمول بعد أشراق وأنقطاع بعد أن استوصى بهم الإتصال به,فقد مات من كان يعلم ونشأ ما كان جاهلا بما لايعلم أنه حق,وضيع المضيعون ما لزم حفظه وتناسى المستوصون به ما عاهدوا الله عليه من قبل فهل من محي له إلا الله وهو الحي الذي لا يموت,فما أمر الله بميت ولكن قد أغفله المتغافلون وأنكره الضالون بغيا منهم وعدوانا والله متم نوره ولو كره الكافرون.
لقد تفرق الناس بعد الجمعه وأختلفوا وتنازعوا أمرهم كل فريق بما عنده فرح ولما لديه حريص فذهبت العزة بعد أستعلاءها وقل الديانون وتمشدق المتفيقهون يأكلون تراث محمد وأله نهبا ويستسيغون ما حرم الله نصبا,فما أجرءهم على الله وعلى رسوله وعلى دينه الذي أرتضى لهم,فتجنبوا الهدى وأستحبوا العمى وأنساقوا وراء الضلالة والغوى,فكان صرخة الهادين (أحيوا أمرنا) تكليفا عينيا لا مرد له ولا مهرب منه وهو قول الحق الذي فيه الظالمون يمترون وعن قصده يهربون,فما له إلا أنتم يا من كنتم على العهد باقون ومن غضبه وسخطه تخشون,لا يأخذكم بالله لومة اللائمين ولا ترف المتجبرين ولا سطوة الحاكمين,أحيوا أمرهم الذي أنتم عنه مسئولون وبه يوم غد تسائلون{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }الحشر18.
يقول ابن عبد ربه والمسعودي وغيرهم ممن كتب عن أيام السقيفة وبعدها في روايات وردت عندهم من مصادرهم التأريخيه ومن النصوص المتواترة لديهم أن الإمام علي عليه السلام وبعد أن حدث ما حدث من أمر السقيفة قال محاصما ومعاتبا الخليفة الأول ومنكرا لما عملوه وهو ومن والاه وتابعه في ذلك,وهو مما يوافق ما أوردناه من أقوال الإمام عليه السلام" أفسدت علينا أمرنا ولم تستشر ولم ترع لنا حقا "(انظر كتاب السقيفه ص148 لمؤلفه محمد جواد الغبان) فقد أورد كذلك عن المسعودي في مروج الذهب ما يلي(وأول اعلان له عن رأيه كان عند خروجه في اليوم الثاني من السقيفة بعد البيعة العامة ـ كما في مروج الذهب ـ فقال لابي بكر« أفسدت علينا أمرنا ولم تستشر ولم ترع لنا حقا»وهذا القول صرخة في وجه الاستئثار عليه والمستأثرين به،وتصريح بعدم الرضى بما تم،وليس علي ممن يداجي أو يخاتل ولا ممن تأخذه في الله لومة لائم.ولذلك هم كانو يفرون من التحرش به قبل تمام البيعة خوف اعلان خصومتهم،فنرى ابا بكر في جواب كلامه السابق يعترف له ويقول« بلى!ولكن خشيت الفتنة».هنا يتبن مفهوم أمرنا على أنه أمر الله الذي أفسده القوم ولم يراعوا فيه حرمة لله وللرسول ولا إيفاء للعهد الذي فيه مطوقون{الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}البقرة27,لأن الإفساد ليس فيه ضياع حق وتضييع قضية فقط,ولكن كما قال الله تعالى{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ}البقرة205,إهلاك للحرث والنسل وفيه الخروج من رضا ومحبة الله وهو نقيض الإصلاح الذي هو من أرادة الله تعالى وبه تقاس مقاسات المقاصد الإلهية{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }هود88.
لقد أثبتت النصوص القرآنية المقدسة أن الأصلاح غاية من غايات أمرمهم أهل البيت ولذلك خرج الإمام الحسين عيه السلام لكربلاء إحياء للأمر وطلبا للأصلاح بقوله عليه السلام((إني لم أخرج بطرا ولا أشرا ولا مفسدا ولا ظالما،وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد(صل الله عليه وآله وسلم) أريد أن آمر بالمعروف،وأنهى عن المنكر،وأسير بسيرة جدي(صل الله عليه وآله وسلم)وسيرة أبي علي بن أبي طالب(عليه السلام),هذا المنهج في الأصلاح للأمر هو في الحقيقة إحياء لأمر أل الرسول عليهم السلام وليس عنوانا أكبر من مضمونه ولكن هدفا قدسيا سار عليه الأولون ويفترض أن يسير عليه الناس من بعدهم الامر الذي جعل احد علمائنا الذين اغنوا المشهد الحسيني بالمزيد من الكتب والبحوث والدراسات وهو الامام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي(قد)الى قول(إن فلسفة الحركة الحسينية في عاشوراء تكمن في أنها إحياء الإسلام،وإرجاع القرآن إلى الحياة)( الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رسالة عاشوراء) طبع هيئة محمد الأمين – بيروت ط1/1422هـ ص3.)،وهذا يعني أن الحركة الحسينية بالنسبة للإمام الشيرازي لم تكن مجرد حركة منبثقة عن معركة حامية الوطيس بين الإمام الحسين (عليه السلام) ويزيد اللعين،وإنما هي حالة صراع بين تيارين يمثلان كمال الخير وكمال الشر،فالإمام الحسين)(عليه السلام) هو الدين الكامل والقانون الشامل الذي يضمن للإنسان الارتقاء بإنسانيته إلى مستوى تحمل المسؤولية الفردية أمام ما تقتضيه المسؤوليات والواجبات الجماعية في ظل تعاليم خاتمة الرسالات الموجهة إلى بني آدم أجمعين وإرجاع القرآن الى الحياة العملية وإحياء للشريعة وأحكامها.من هنا ننطلق في الجزء الثاني لنتعرف على ماهية المنهج الإحيائي ومقدماته وأساليبه بعيد عن الشعاراتية والمظاهراتية وإتخاذ العناوين الكبيرة مظلة للتعجز والتقصير عن تلبية النداء والأستجابة للواجب العيني التكليفي بمصاديقه وأصوله.