الألعاب في أدب الخيال العلمي
د. سائر بصمه جي
اللعبةGame هي تسلية ملزمة بقانون ذات طبيعة تنافسية على نحو معتاد. وقد تكون اللُّعْبة مسابقة ذهنية أو بدنية تُجْرى طبقًا لقواعد معينة. فمنذ أزمنة ما قبل التاريخ استمتع الناس بممارسة الألعاب. وتوفر الألعاب الإثارة والتحديوالاسترخاء إلى جانب المتعة. وعلاوة على ذلك قد تساعد ممارسة اللعب على تنمية المهارات العقلية والجسمانية والاجتماعية .
ويفسح مدلول الكلمة المجالات لتأويلات مختلفة بدرجة أكبر يمكن استعملها لجميع الألعاب الأخرى.
المباريات الرياضية في البراعة الفائقة البدنية، التي تستخدم أحياناً كرة، تشكل قسماً فرعياً رئيساً واحداً من الفئة، وألعاب الحظ التي تتضمن في أحوال كثيرة النرد أو لعب الورق تشكل قسماً آخر.
كلا النوعين من الألعاب ربما يكون قد بدأ على شكل طقوس دينية؛ فالأولى بدأت تحول إلى شكل من التسلية الجماعية في عصور الرومان عندما قدمت مباريات المجالدين ومسابقات المركبات الحربية القديمة ذات العجلتين التي تجرها الجياد من أجل تثقيف الجماهير.
الأحجيات والخداعات من أنواع مختلفة تمتلك الأهلية لتكون ألعاباً تحت تعريف يفسح المجال لتأويلات مختلفة، مع أنها تستثنى على نحو اعتيادي من قبل التعريفات الضيقة أكثر.
نتيجة لوجود ألعاب كثيرة فقد تقرر استعمال مهارة بدنية أو عقلية لكن ألعاب الحظ تدخل روتينياً عامل الحظ (الاحتمال) الذي يتطلب استعمال مهارات حسابية في أوضاع من الشك النسبي.
ومع أنها تعرف على نحو معتاد بلغة الاستجمام ووقت الفراغ من الأعمال، إلا أن الألعاب تعكس في أحوال كثيرة فعاليات تنفذ في جدّ إلى حد بعيد خصوصاً الصراع واختبارات الشجاعة، وبالنسبة للاعب فإنها يمكن أن تمده بتدريب مفيد في التكتيك والإستراتيجية.
في كتابه (اللعب عند الإنسان) عام 1939م يقترح جوهان هويزنغا أن اللعب هو الجوهر الحقيقي للطبيعة البشرية، مشيراً إلى أن الطقوس البشرية الأكثر جدية المرافقة للدين والقانون تحتفظ روتينياً بعناصر من الادعاء الرمزي والقوانين المدروسة المشابهة إلى حد بعيد لتلك المميزة للألعاب.
تعد السياسة في أحوال كثيرة كلعبة وفيها فإن الحرب هي مجرد وجه فحسب. العلم أيضاً يمكن اعتباره كلعبة أو على الأقل كسلسلة مثالية من الأحجيات. وكذلك التحليل الرياضياتي للألعاب واستراتيجياتها التنافسية المرفقة فقد أمد بأسس لنظرية الاحتمال ونظرية اللعب.
المجال الثاني معني بالأوضاع التي يجب أن تعد فيها الخيارات التكتيكية للاعبين في جهل بالخيارات التي سيقوم بإعدادها اللاعبين الآخرين، والنتيجة معتمدة على مجموع الخيارات الفردية، الأمر الذي يلقي ضوءً قيماً على علم النفس والأساليب السياسية لصنع القرار.
الأشكال التي طورت بواسطة ألعاب الحظ تحت ضغط الانتقاء التاريخي تعكس صورة الوجه الكثيرة للـ(الاحتمال النفسي) مظهرة الانفصالات بين التقييمات الذاتية للخطر والحسابات الموضوعية للاحتمال.
اكتسبت الألعاب أهمية جديدة مع تطوير علم الحاسوب، فألعاب المهارة مثل الشطرنج تمد بسلسلة من الاختبارات الحاسمة للمبرمجين في حين أن صنفاً جديداً من الألعاب مصمم على وجه التخصيص للعب بالحاسوب، المثال المبكر الأكثر أهمية عنه كانت (الحياة) لجيمس كونواي، الذي أمد بتبصيرات جديدة مهمة في الطرائق التي يمكن فيها استعمال مجموعات من القواعد البسيطة التي تنتج على نحو مدهش نماذج معقدة ومتنوعة من النظام.
إنشاء الأعمال الأدبية يتضمن أوجه تشبه بقوة الألعاب، وعلى نحو أكثر بروزاً تصميم الحبكات الروائية كـ(أحجيات) لتحل أو (طرق عقبات) لتتغلب عليها الشخصيات والقارئ. مع أن الأمثلة الأكثر وضوحاً عن الخيال المشابه للعبة يمد بها الخيال البوليسي، إلا أنّ جميع الحبكات الروائية تنزع لأن تتضمن عنصراً من الغموض الذي يقدم نفسه للقارئ، إن لم يكن للشخصيات كأحجية لتحل.
وفوق ذلك فإن جميع القصص تكون قابلة للتصوير كطرائق عقبات حتى عندما تكون العقبات المتضمنة نفسية على نحو صرف، كما تكون جميع عقبات البطولة في الواقع وفقاً لتحليل جوزيف كامبيل لأساطير البطل.
التشابهات والاختلافات بين ألعاب المهارة المتحدية والحبكات الروائية القابلة للتطبيق عكست في حبكات روائية مصممة لعكس صورة ألعاب الشطرنج تتضمن: (من خلال المرآة) عام 1871م للويس كارول، و(ساحات المدينة) عام 1965م لجون برونر، أما ألعاب الرقعة المصممة لعكس صورة الصيغ الأدبية مثل كلويدو Cluedo، قبل أن تصبح واضحة في ألعاب الحاسوب المبنية على أساس التخيلات الأدبية، على نحو أكثر بروزا تلك المبنية على أساس نوع فرعي من الخيال الجامح عن البحث الذي طرازه البدائي هو (سيد الخواتم) بين عامي (1954-1955م) لجي. آر. تولكين، وأفلام مبنية على أساس ألعاب الحاسوب.
ورود ألعاب تمثيل الدور مثل (الأبراج المحصنة والتنانين) (وقد بدأت عام 1974م نسخة محسنة عام 1978م) والتي شوشت الحد بين الألعاب والخيال إلى حد بعيد.
التطويرات المتوقعة في الواقع الافتراضي يمكن أن تكمل تركيب عميق أكثر. يوجد بعد اجتماعي مهم للأدب الذي يبحث في الألعاب استناداً إلى حقيقة أن اللعبة يمكن أن ترمز إلى مجموعة من القيم المميزة لثقافة أو ثقافة فرعية.
تكون الألعاب القومية (أي الخاصة بأمّة أو شعب ما) بسهولة في متناول الاستعمال الاستعاري في التعليقات على مناقب المجتمع. والأدب الأكثر وفرة من هذا النوع يبحث في لعبة البيسبول الأمريكية، الأمثلة الرئيسة هي: (شركة اتحاد البيسبول العالمي) عام 1968م لروبرت كوفر، و(جوي بدون حذاء) عام 1982م لدبليو. بي. كينسيلا، و(جولات هشة) عام 1994م لميشيل بيشوب، و(أشياء محجوبة عن الرؤية) عام 1984م لنانسي ويلارد، و(عالم الصيف) عام 2002م لميشيل تشابون.
لقد استعملت (لعبة الخرزة الزجاجية) عام 1943 لهيرمان هيسه منطقاً مماثلاً في إنشاء مدينة فاضلة. وفي (ألعاب يائسة) عام 1971م لبيير بوليه فإن حكومة من الاختصاصيين التقنيين تحدث مجتمع (مدينة محسنة) لكن يجب أن تخترع ألعاب منطوية على مخاطرة لتخفيف الملل العام.
بسبب هذا الرنين الثقافي، فإن الامتدادات المتعلقة بالمستقبل للخيال الجامح عن الألعاب في الخيال التأمل كثيراً ما يكون ذو تأثير مهم كحكايات فلسفية. كما في النوع الأوسع فإن النوع الفرعي الأكثر وفرة من الخيالات الجامحة عن الألعاب الخيالية – العلمية يبحث في البيسبول كما في: (أينشتاين في تبادل لإطلاق النار) عام 1938م لنيلسون بوند، و(ساحر البيسبول) عام 1940م، و(كيسي العزيزة) عام 1960م لرود سيرلنغ، و(جامح وفي الهواء الطلق) عام 1966م لألن كيم لانغ، وعدة قصص بقلم جورج أليك إيفنغر تتضمن: (واضح لعين خفية) عام 1973م و(الامتياز) 1993م، و(الغرّ: الحصان الحديدي والسيد ماك جيليكودي) عام 1997م، و(فتيات الماس) عام 2005م للويس مارلي.
كرة القدم الأمريكية تصور في (القانون 18) لكليفورد سيماك وعدة قصص بقلم جاك هالدمان تتضمن (رعشة النصر) و(كرب الهزيمة) (كلاهما عام 1978م، و(هبوط، هبوط، راه راه راه) عام 1995م لدبليو. آر. طومبسون.
الأوجه المتسمة بالمجالدة والصبر في الملاكمة تزكيها للاستعمال في قصص تبرز الجهد الفردي مفضلة ذلك على روح الفريق كما في: (مباراة اللقب في الملاكمة) عام 1956م لوليم كامبيل غاولت، و(الفولاذ) عام 1956م لريتشارد ماثيسون، و(مستحوذين على العقل) عام 1976م لبرين ستابلفورد، و( مواليمي في حلقة الملاكمة) عام 1993م لمايك ريسنيك.
لعبة الغولف تؤدي وظيفة مماثلة في (صراع مفتوح) عام 1954م لجيمس عن، و(ملعب مدرج وراء النجوم) عام 1960م لميلتون ليسر التي تصور مهرجان مباريات أولمبية تحدث بين النجوم.
الاستعمالات الممكنة للتقانة الحيوية في تعزيز الأداء المنسجم انعكس في قصص مثل (نظام المزرعة) عام 1988م لهاورد هندريكس، و(الفوز) عام 1990م لإيان ماك دونالد.
وفي أوائل سبعينات القرن العشرين ظهرت لعبة الفيديو الأولى، وهي لعبة البونج، وفي 1979م دخلت صناعة الألعاب الإلكترونية مرحلة نمو سريع بازدياد شعبية لعبة أُطلق عليها غزاة الفضاء. ثم أصبحت باك - مان أكثر ألعاب الفيديو المحبوبةفي أوائل الثمانينات.
وقد أثارت الألعاب الإلكترونية الجدل واتهم المربون والآباء هذه الألعاب بأنها تضيع كثيراً من وقت الشباب ونقودهم. وأصدرت بعض المجتمعات قوانين تحدّ من عدد الساعات التي يُسمح فيها للأطفال والمراهقين بأن يوجدوا في أروقة الألعاب الإلكترونية. ولكن آخرين دافعوا بأن هذه الألعاب تنمي القدرة على رد الفعل والتركيز السريع لدى اللاعبين وتقربهم إلى مجال الحاسبات.
بالمقابل فإن حلول الألعاب الإلكترونية وتطورها السريع، أثار فيضاً مفاجئاً من الخيال المتصل بها، الكثير منه بقي غير منشور لأن فكرة قصة مهمة واحدة تخطر في بال عدد ضخم من الكتاب الطموحين فتصبح فكرة مبتذلة.
شخصيات القصة تظهر في (نهاية المفاجأة) لتكون أيقونات أو نماذج في فضاء اللعبة. في الأشكال المختلفة البسيطة للموضوع تصبح الشخصيات البشرية منهمكة في اتصال مع الشخصيات في اللعبة الحاسوبية. كما في (في النهاية تستطيع إنقاذ الجنس البشري) عام 1992م لتيري براتشيت، أو تصبح فعلاً واقعةً في شرك هذه اللعبة كما في (مجوهرات في جناح ملاك) عام 1988م لإيان واطسون، و(عفاريت الفضاء) عام 1996م لغيليام روبنشتاين.
الحيلة الثانية تلائم مجموعة أوسع من الخيالات ففي (سحر الملك سحر الملكة) عام 1986م تأخذ شخصياتها عبر تسلسل كامل من أمكنة اللعبة والتي تتضمن أكواناً منافية للعقل مثل الكون المبني على أساس (الأفاعي والسلالم).
الخيالات التأملية المهتمة على نحو واسع أكثر بتكتيك لعب – اللعبة وأصدائها الاجتماعية تتضمن: (البيادق الجنية) عام 1946م لسي. إل. مور و هنري كوتنر (كتاب عام 1951م ويعرف أيضاً باسم: كوكب رقعة الشطرنج )، و(لعبة ثانية) عام 1958م لكاثرين ماك ليان و تشارلز دفيت [كتاب موسع عام 1962م باسم: إماتة الشاه الكوني عام 1981م)، و(قتل عمل بكرة متدحرجة) عام 1973م لوليم هاريسون، و(تكتيك الإخضاع) عام 1974م لباري مالزبيرغ، و(كرة البولينغ القاتلة) عام 1975م لغاري كولف، و(العجلة الضخمة) عام 1977م لبارينغتون بايلي، و(لعبة المنتهي) عام 1977م لأورسوم سكوت كارد [كتاب موسع عام 1985م] و(صراع عنيف) عام 1985م لوليم جيبسون، و(لاعب الألعاب) عام 1988م لإيان بانكس.
ثمة أدوار متنوعة في تطور ألعاب الحظ في الواقع الافتراضي انعكست في (المثمن) عام 1981م لفريد سابرهاجين، و (سايفرتون) عام 1981م لإس. سي. سايكس، و(الأسماء الحقيقية) عام 1981م لفيرنون فينغ، و (جزيرة كون للعقل) عام 1993م لمورين ماك هو، و (نير متّقد) عام 1993م لميلسا سكوت.
(تقريب مع النوم) عام 1990م لروبرت تشالسون تصف الشيء الأساسي في ألعاب تمثيل – دور محوسبة.
الألعاب المخترعة للاستعمال في الخيال تكيف أحياناً من أجل اللعب الفعلي لكن الأمثلة الطموحة أكثر مثل (كويديتش) لجي. كي. رولينغ، و(لعبة كرة القدم) الافتراضية المصورة في (حراس الحد) عام 1999م يكون من الصعب على نحو محتوم نقلها إلى التطبيق المعاصر.