من الأهمية بمكان؛أن نقدم قراءة نقدية لتظاهرة مهرجان ربيع الأطفال الذي تقيمه وزارة الثقافة من كل عام , نقدم من خلالها إشارة لبعض المواقف والأفكار والمفاهيم التي يتطلب الكشف عنها القيام بتفكيك وتحليل وإعادة تركيبها ضمن السياق , بهدف الوقوف والاستدلال على المشكلات التي حدثت وتحدث والتي نساهم ( بوعي أو بغير وعي , بقصد أو بغير قصد ) في تعزيزها وتكريسها كل حسب موقعه .
سأحاول النضال من أجل الوقوف بموضوعية بهدف مراجعة حقيقية تجعلنا نُمعن النظر, ونُميط اللثام عن أنماط السلوك والممارسة والتفكير في علاقتنا مع فضاء المسرح
الذي يعاني ما يعاني من مشكلات جمّة , أهمها ازدواجية مفرطة ستودي به إلى التهلكة ليكون إلى جانب مؤسسته التي تحتضر.
لن أشير بإصبع الاتهام , ولن أقدم إدانة , بقدر ما ستكون قراءة ليست برهاناً أكثر منها استقراءا بهدف التوضيح والوقوف بجرأة أمام مشكلة كبيرة وخطيرة بغية تأطيرها في محاولة للسيطرة عليها قبل استفحالها ...
الهدف إذن : طرح الموضوع وعرض الإشكالية لتعميق الوعي بأبعادها .
كيف قامت مديرية المسارح والموسيقا,ومسرح الطفل,ومديرية الثقافة باللاذقية بالانقلاب على وزارة الثقافة لحساب الجمعيات الخاصة ؟ ؟ ؟ ؟
استهلال :
جرت العادة أن تقيم وزارة الثقافة ( مديرية المسارح والموسيقا – مسرح الطفل ) مهرجانا يعرف بمهرجان ربيع الطفل , الذي تبدأ عروضه في كافة محافظات القطر وريفها , خلال العطلة الانتصافية وبنفس التوقيت . وفي كل عام , تقوم مديرية المسارح والموسيقا , ومسرح الطفل بالتنسيق مع مدراء المسارح القومية في المحافظات من اجل الإشراف والتنسيق وانتقاء العروض وحجز صالات العرض ,على مدى سنوات خمس ماضية أتاح المهرجان الفرصة لكثير من التجارب المسرحية الموجهة للأطفال التي تتميز بالغنى والتنوع والجدّة في الطرح والمستوى الفني ..
في هذا العام :
مديرية المسارح والموسيقا – مسرح الطفل تعلن عن إجراء مناقصة بالظرف المختوم لانتقاء عروض مسرحية للمشاركة في مهرجان ربيع الأطفال السادس (دون ذكر شروط تذكر , باعتبار المناقصات التي تحدث تكون جاهزة قبل الإعلان )... وبذلك قامت مديرية المسارح والموسيقا بإبلاغ مدير المسرح القومي باللاذقية عن رغبتها بترشيح عدد من العروض المسرحية التي تجد إدارة المسرح أنها جديرة بالمشاركة في مهرجان تقيمه المديرية باعتبار المديرية تفتح المجال لكل التجارب رغم كثرة العروض الطفلية التي تنتجها كل عام , ولكنها آثرت على نفسها في سبيل تفعيل كل الطاقات والمواهب الشابة خارج إطارها كمؤسسة رسمية .
وبالفعل وكما جرت العادة في السنوات السابقة قام مدير المسرح القومي بإجراء مسح ودعوة كافة المخرجين الذين لديهم أعمال مسرحية بغية مشاهدتها وانتقاء الأفضل للمشاركة في المهرجان , وبعدها قام عدد من المخرجين بإرسال عروضهم في ظرف مختوم إلى مديرية المسارح ... وكانت على الشكل التالي :
· مسرحية " سندريلا " إعداد وإخراج : مجد يونس احمد
· مسرحية " كوكي والنمر " تأليف وإخراج نضال عديرة .
· مسرحية " القبعة الحمراء " إخراج محمد أبو طه .
وكما جرت العادة باعتبار المهرجان أصبح تقليداً سنوياً , فكل إجراءاته معروفة , قام مدير المسرح القومي باللاذقية وفي خطوة احترازية بإرسال كتاب حجز إلى مديرية المسارح يطلب فيه , حجز مركز دار الأسد من أجل مهرجان ربيع الأطفال السادس , وصدر الكتاب في بداية الشهر التاسع من عام 2009 , ولكن كتاب الحجز وللأسف الشديد تاه في دهاليز ومكاتب مديرية المسارح والموسيقا كما جرت العادة أيضاً , وبعد متابعة حثيثة من مدير المسرح القومي تبين أن هذا الكتاب قد توفاه الله ووري الثرى في مقبرة الكتب في مديرية المسارح والموسيقا , ولا نعلم حتى هذه اللحظة سبب الوفاة ؟ إذا لم نقل سبب القتل ... والغريب أن المديرية لم تقم كما العادة بأي تصرف , وكأن الأمر طبيعي ولا غرابة بذلك , والأغرب طلب المديرية من مدير المسرح القيام بإنشاء كتاب آخر بالسرعة الممكنة وإرساله إلى المديرية .
وبالعودة الى الموضوع :
بعد فترة من الزمن أكدّ مدير المسارح والموسيقا ومن خلال اتصال هاتفي على ضرورة إرسال برنامج العروض من أجل إدراجها في برنامج المهرجان والتي ستقدم في محافظة اللاذقية , وتم تأكيد ترشيح العروض للمرة الثانية وهي كما جاءت أعلاه ..
كواليس :
قامت مديرية المسارح والموسيقا ومسرح الطفل بفضّ عروض المناقصة وبنزاهة شديدة وضمن الأصول والتقاليد , وتبين أن كافة العروض مرفوضة لصالح عرض واحد فقط تقدمت به جمعية أسرة مسرح الطفل , وبالتالي تفوز الجمعية بالمناقصة وتقوم بالمهرجان لوحدها باعتبارها المستأثر الوحيد , والمتحدث الرسمي باسم مديرية المسارح ومسرح الطفل ... ولكن جمعية أسرة مسرح الطفل قامت بنشر إعلانها عن مهرجان ربيع الأطفال قبل أن تفض العروض وبفترة زمنية لا بأس بها , وكأن كل ما كان يدور في الكواليس كان مخطط له وبدقة تامة .. والغريب بالموضوع , أن صيغة الإعلان جاءت على الشكل التالي
( جمعية أسرة مسرح الطفل بالتعاون مع مديرية المسارح والموسيقا تقدم مهرجان ربيع الطفل المسرحي ) ودرءاً لأي شك أغفل من الإعلان رقم المهرجان , لأنه في حال كُشف الأمر يكون المهرجان خاص وبعيد عن الشبة أو أي سرقة لمنتج وزاري صُرف عليه ملايين الليرات السورية .. ولكن والحمد لله مرّت جميع الأمور بخير وسلام باعتبار الإعلان والمهرجان والجمعية قد تعاونت مع مديرية الثقافة باللاذقية الذي وكما يظن البعض انه أعطى الشرعية لجمعية أسرة مسرح الطفل باقتناص المهرجان .. ) ..
لم تستطع مديرية المسارح والموسيقا أن تقوم بحجز صالة دار الأسد للثقافة باللاذقية لصالح المهرجان , الذي تقيمه وزارة الثقافة , وبالتالي ستكون له أولوية الحجز لأن المركز وكما أعتقد ويعتقد الجميع يتبع إلى وزارة الثقافة , ولا يتبع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل , وكما يتبادر إلى ذهني أنه في أي مركز من مراكز وزارة الثقافة , يكون الحجز لأي نشاط خارج نشاطات الوزارة بحيث لا يتعارض من أنشطتها ..
بالإجابة على تساؤل لماذا لم تستطع مديرية المسارح والموسيقا حجز مركز دار الأسد ,نجد أن جمعية أسرة مسرح الطفل قد قامت باحتكار صالة دار الأسد وعملت على حجزها لمدة عام كامل في الأعطال الرسمية وغير الرسمية والمناسبات , منذ بداية عام 2010 وحتى نهايته , ولكن رئيس الجمعية يتمتع بمواصفات الكرم بحيث لو احتاج احد ما حجز يوم ما يكون ضمن حجوزاته فإنه سيتكرم عليه ويسمح له , وهكذا نجد أن مديرية الثقافة باللاذقية قد قامت بطرد نشاط خاص للوزارة التابعة لها لحساب عروض خاصة , باعتبار صالة دار الأسد هي للاستثمار ودعم الاقتصاد الشخصي , والثقافة الشخصية ...... الخ .
متابعة :
قبل بدء المهرجان بيومين وفي تمام الساعة العاشرة صباحاً تلقيت اتصالا من مدير مسرح الطفل يبلغني فيه اعتذار مديرية المسارح والموسيقا عن مشاركتي في المهرجان , وبسبب لطافة مدير مسرح الطفل ودبلوماسيته , تجرأت أن أطرح عليه عدد من الأسئلة , وكانت على الشكل التالي :
قلت : أستاذ ما هو سبب الاعتذار ؟
قال : أنا لا علاقة لي بشيء , ولا أعرف شيء , راجعوا مدير المسارح والموسيقا .
( وبما أن الموضوع قد اتضح في ذهني وتشابكت جميع الخيوط الدرامية وأصبحت الحبكة واضحة , قلت في نفسي تابع إلى النهاية لن تخسر شيئاً ) .
قلت : هل ألغي المهرجان في هذه السنة أيضاً ..؟
قال : لا لا ..
قلت : إذن فقط اللاذقية لن تنال نصيبها من عروض المهرجان ؟
قال : لا ,لا , هناك عروض في اللاذقية .. ولكن .. ( صمت قصير ) ما بعرف , راجعوا مدير المسرح القومي , أو مدير المسارح والموسيقا .
قلت : شكراً لأنكم سارعتم إلى إبلاغي بالاعتذار حرصاً منكم على وقتنا وجهدنا .. شكراً ..
قال : معكم حق بكل شيء , معك حق .. ولكن ما حدث قد حدث ..
قلت :شكراً مرة أخرى , نحن نحب هذه المؤسسة ونقف إلى جانبها ونساهم في نشاطاتها لكن يبدو أن المؤسسة لا تحب من يعمل لأجلها أو يقف إلى جانبها .. شكراً ..
باب :
مما سبق نجد أن مديرية المسارح والموسيقا , ومسرح الطفل , ومديرية الثقافة باللاذقية قاموا بانقلاب على وزارة الثقافة ( بقصد أو بغير قصد ) من خلال إفراغ محتوى المهرجان من جوهره , وهي خطوة رئيسية على طريق إجهاض المهرجان من الخارطة المسرحية , لأن جمعية أسرة مسرح الطفل يهمها إجهاض المهرجان باعتبار أن رئيس الجمعية قد صرّح على الهواء مباشرة أن المهرجان تعود فكرة إنشائه إلى اللاذقية ولابد انه تعهد بإعادة الفكرة إلى أصحابها لذلك استأثر بالمهرجان لصالح الجمعية التي قدمت برنامجها على الشكل التالي :
· مسرحية ( محاكمة الذئب والثعلب ) تأليف وإخراج هاني محمد
· مسرحية ( ليلى والذئب ) تأليف وإخراج هاني محمد .
كما أن الجمعية قد طرحت سعر تذكرة الدخول ( 50 ل.س ) للراس الواحد . بعد أن كان المهرجان يقام بشكل مجاني , ولا أستغرب أن تصرف مكافآت للعاملين فيه .
كما أن رئيس جمعية أسرة مسرح الطفل , وجه الى الأخوة المنافسين على حد زعمه , وشجع أن يقوموا بعرض مسرحياتهم في الأرياف , كما عبر عن حزنه لعدم قدرته على عرض مسرحياته في الأرياف بسبب المسؤولية الكبيرة التي وقعت على كاهله وهي مهرجان ربيع الأطفال الخاص بوزارة الثقافة .
حقيقة :
يقع على كاهل جمعية أسرة مسرح الطفل باللاذقية مجموعة كبيرة من المسؤوليات والأعباء بسبب حجم الأعمال التي تستأثر بها لصالح الجمعية أو رئيسها لا فرق , ففي مهرجان المحبة الأخير وللأمانة التاريخية, قامت جمعية أسرة مسرح الطفل بعبء عروض المهرجان كاملة على أكتافها لوحدها لعدم توفر عروض مسرحية خاصة بالأطفال , فكان من جمعية أسرة مسرح الطفل أن تقوم بإنقاذ المهرجان كفعل وطني وقومي , ولابد من الإشارة هنا والشكر الجزيل لجمعية أسرة مسرح الطفل لِما تقوم به من استبسال في الفردانية وبكافة الوسائل الممكنة لتكون الوحيدة في المحافظة , وها هي تمد جذورها الى كافة أنحاء القطر .. نتمنى كل التوفيق والنجاح في مهمتكم الثقافية والفنية والتربوية التي تعتمد على أهم الأسس الحديثة ومبادئ علم النفس التربوي وتأهيل جيل من الأطفال قوي ومنيع ومحصّن بالثقافة المنيعة والانتماء الى الوطن ..
أخيراً :
لابد من ذكر معلومة مفيد قبل أن انهي , بعد أن انتهى المهرجان , وصلت الى المسرح القومي وعبر شركة القدموس رزمة من البروشورات والبوسترات الخاصة بالمهرجان الذي انتهى , وحين مطالعتي احد هذه البرشورات , تبين في البرنامج أن عروض اللاذقية وكما جاءت على الشكل التالي :
· مسرحية " سندريلا " إعداد وإخراج مجد يونس احمد , دار الأسد من تاريخ 14 حتى 15 / 1 / 2010 .
· مسرحية "القبعة الحمراء"إخراج محمد أبو طه,المركز الثقافي جبلة من تاريخ 14 حتى 15 / 1 / 2010 .
وأعتقد أن مسرحية " كوكي والنمر " تأليف وإخراج نضال عديرة , قد سقطت سهوا .. وبذلك تنتهي خيوط هذه المسرحية الهزلية المكشوفة , والتي يجب أن تتوقف يوماً ما .
نهاية :
يقوم الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة,بفتح آفاق,وتعبيد الطرق أمام الكثير ممن يطرحون مشاريع ثقافية , وعمل على ضمّ جميع ألوان الثقافة دون حصرها في لون واحد,وهي إستراتيجية تحمل ما تحمل من المسؤولية والثقة بأبناء هذا البقعة من الأرض العصية ثقافيا وسياسيا واجتماعياً على اختراقها بسهولة .. ولكن الأيدي العابثة والتي تعمل في غفلة من الزمن بسبب فقرها وعجزها على أن تثبت وجودها على حساب الآخرين وتقزيمهم وتخوينهم وضربهم في الجذور حتى تبقى بمأمن عن الكشف عن عفن جذورها .. ولكن , لن يصح إلا الصحيح ..
كلمة :
من يتآمر على أي مؤسسة وطنية , يتآمر على وطن بأكمله .. وأقول لهم هؤلاء : الوطن لنا جميعاً .. والساحة تتسع للجميع , للجميع ..
......
تحية من القلب :
أرفع القبعة احتراماً وإعجاباً بالإنسان والفنان والمفكر .. الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة المحترم . وأعانه الله على مهمته الصعبة ..