الشعب يريد تحسّن الأوضاع بعد تشريع الرئاسات...
فقر ،معاناة ،تهميش،فوضى،براكاجات،سرقات،استلاءات بغير وجه شرعي،هروب لرجال أعمال بعد غلق لمؤسساتهم ،وغير ذلك كثير ...ما طبع الفترة الممتدّة ما بين قيام الثورة المباركة يوم 14 جانفي وحتى الانتخابات وتركيز المجلس التأسيسي الثاني في تاريخ البلاد ...يأس، قنوط، إحباط وخوف كبير من مستقبل أيام في ظروف غلب عليها الغموض...
أشياء كثيرة سارة حدثت وأخرى كادت تسيء بالثورة وشباب الثورة بل كادت تحيد بهذه الفترة النيّرة من تاريخ بلادنا الحديث و على مرّ الزمن المعاصر وتنتهج بها إلى الدون وحتى الندم أيضا أمام تفاقم تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية على نحو ما ذكرنا ولم تكن لتترك للحكومة المؤقتة إمكانية حلّ تلكم المساءل التي طبعت بانعراجات خطيرة على مستوى توازن الدولة بمختلف هياكلها ومؤسساتها بما في ذلك التي اصطلح على نعتها بالمتماسكة والوطنية خاصة إبان أحداث الثورة وقمّة ذروتها ...أرى شخصيا بأنّ معجزة ما سنحت للحكومة السابقة المؤقتة برئاسة الأستاذ الباجي قائد السبسي بتخطّي عقبات كثيرة للبقاء والمحافظة على البعض من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والتربوية وكذلك الأمنية التي ساهم المناضلون الحقيقيون في ترسيخها على امتداد أكثر من خمسة عقود...فالوضع كان حقيقة مرشح للتطور نحو الأردى خاصة بخروج الجماهير الشعبية من كبتها السياسي ومن فاقتها الاجتماعية المتدهورة جدا التي كبلها بها نظام الردّة والقمع والاستكراش المطاح به ...
توفق الشعب بعناية ربانية من تجاوز أصعب مراحل الثورة الشعبية ،ونجحنا إنشاء الله في تأكيد أولى لبنات الديمقراطية والتي تجسمت خاصة في انجاز انتخابات حرّة ديمقراطية سهر على تكريسها ثلة من أبناء الشعب البررة والمتمثل أساسا في الهيئة العليا للانتخابات وعلى رأسهم الأستاذ كمال الجندوبي والذين أبلوا البلاء الحسن من أجل إنقاذ البلاد من دوامة العنف والتسيب والتدهور السياسي لما أبدوه من حكمة في التفاعل مع مجريات الأحداث ...وأخيرا انبلج فجر الجمهورية الثانية بانتخاب المجلس التأسيسي في كنف الشفافية والديمقراطية ثمّنه القاصي والداني وباركه الصديق والعدوّ وأثلج صدورنا نحن الشعب قبل غيرنا وانبثق عن هذا العرس الديمقراطي الحقيقي انتخاب أو على الأقلّ توضّح الرؤى بالنسبة الى الرئاسات الثلاث الفاعلة في الدولة وفي هرم النظام،واحدة للمجلس التأسيسي وثانية للحكومة وثالثة لرئاسة الجمهورية وما يترتب عن ذلك أيضا من تشكيل للحكومة الشرعية الأولى في تاريخ الجمهورية الثانية حتى وان كانت مؤقتة ...
الشعب بأسره وبمختلف شرائحه وفئاته ينتظر تحسّن الأوضاع وإخراجهم من بوتقة الفاقة وتردي أوضاع اجتماعية عانى من تبعاتها الجميع دون استثناء...لسنا نرضى بتعلاّت أصبحت واهية من أنّ الحكومة مؤقتة ولا يمكن اتخاذ قرارات تعود بالمصلحة على الوطن وعلى الشعب ولسنا نرضى أيضا بتواصل الوضع المتردي للاقتصاد والحياة الاجتماعية ولسنا نسمح أيضا لمن اصطفاهم الشعب نوابا عنه أن باعتبار المجلس التأسيسي فسحة أو *بريستيجا* وقضاء مصالح خاصة مثلما اعتبروه النواب المنصبين في حكومات النظام السابق البائد ...الوقت لا يدعوا للتهاون أو اللعب بمصالح الأمة ،بل الأمر هو كما يعلم الجميع على غاية من الأهمية لوضع إستراتيجية تكون منهجا قويما لتأسيس التقدم والحرية الفعلية والديمقراطية لجمهورية ثانية ،جمهورية الشهداء والشباب الذي أبى إلا أن يواجه الرصاص والقمع بصدور عارية من أجل عدالة دائمة حقيقية وحرية فعلية وتقدم وتطور عملي وعلى جميع المستويات ...
كل ّ شيء حينئذ يعدّ مشرّع وقانوني ألف بالمائة ،واكتسب خلاله رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي وكذلك رئيس الحكومة وفريقه الحكومي كلّ الشرعية من الشعب صاحب القرار الفصل والقائد الأوحد لانقلاب ثورة 14 جانفي 2011 ،وما لنا كشعب حرّ إلا أن ننتظر ما ستأتيه قادم الأيام والذي نأمل بل نرجوه خيرا وبرّا (بكسر الباء) إنشاء الله بما يعود على البلاد بالأمن والعدالة والرخاء والسؤدد والتقدم والنماء .
الأستاذ لطفي بن العجمي الخروبي*-بومرداس –تونس
شاعر وكاتب بالصحافة التونسية والعالمية