لو رجعنا الى التاريخ و تصفحنا أيامه و قلبنا سنينه لوجدنا أن البلاد العربية كلها استبيحت بيضتها و ديست بطاحها بطغيان واحد جسده صلبي و رأسه صهيوني أو قل بقوة صليبية و ذكاء صهيوني و لا يزال هذا العدو قائما بهذه الفكرة و الأصح بهذا المعتقد - أي يجب أن لا تقوم للأمة العربية قائمة لأنها هي العدو اللدود للصليبية و الصهيونية في هذا العالم و لا ثالث بينهما-
و نتساءل
هل الاحتلال الصهيوني لفلسطين هو كغيره من المحتلين الآخرين ؟
نكن من الخاطئين .... و الغافلين...... إن توهمنا أن الاحتلال الصهيوني لفلسطين هو كغيره من المحتلين للبلاد العربية من قبل أو من بعد
فالاحتلال في فلسطين هو احتلال للأمة العربية كلها
لأن فلسطين قضية أمة....... ليست قضية شعب فحسب
و فلسطين قضية معتقد...... ليست قضية أرض فحسب
و فلسطين قضية دنيا وآخرة..... ليست قضية متاع فحسب
و فلسطين ليست جنوب أفريقيا...و لا فتنام.....ولا إرلندة ....وليست كنبوديا..... أبدا.....أبدا و إنما هي قضية هناء العالم أو شقاوته كله
فعدونا هذا ليس كغيره من الأعداء فهو جسد واحد غير أن فيه أرواح كثيرة.....
فيه روح أمريكا.... و إنجلترا..... و فرنسا... و هولندا.... و روسيا ...و ألمانيا والفاتكان.....و الظالمون أجمعون........
وعدونا هذا ليس عدو اليوم و الأمس قبله بل هو عدونا منذ أربعة عشر قرنا يوم أن كانت قريظة و النضير و قينقاع ثلاثة تركت أحفادا لها هي أمريكا وإنجلترا و المانيا وسلالتهم
إذا فلسطين هي القلب النابض للأمة و صهيون خنجر مسموم فيه و ستظل الأمة جسدها واهن عليل مصاب يشكو الضر و الألم ما دام الخنجر مغروسا......
و لن تكون البلدان العربية كاملة التحرر إلا بتحرير فلسطين كل فلسطين وليست فلسطين- سبعة وستين بل ثمانية وأربعين - و مدينة القدس كاملة بكل أركانها و بطاحها
و لا نهضة للأمة العربية و لا تطور إلا بعد أن يستلموا مفتاح القدس كما استلمها عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فماذا قدمنا لها؟
يتساءل المرء هل أسهم أثرياء العرب بأموالهم في تحرير فلسطين كما أسهم أثرياء صهيون في اغتصاب فلسطين....... فالواقع ينفي ذلك و يقول لا يكفي درهم زهيد أو دينار لجوعه شريد في قضية كبرى كقضية فلسطين فالأمر يتطلب أموال عظمى وسخاء حاتم..... فالمال في مواجهة العدو أمر لابد منه.....
فإذا ذكرت القوة كان من بين خصائصها المال و الثروة فهما أساس لابد منه لتحرر الأمة أو تطورها
اختلاف النقمة
ومن أعجب العجب أن تختلف أمتنا في معنى الاحتلال و الأعجب منه أن يختلفوا في معنى الاستقلال و الأعجب من ذاك و هذا أن يختلفوا في معنى الحرية و الطامة و الصاخة و الحالقة أن يختلفوا في وسائل التحرر......
فقد تنازعنا الأمر بيننا فقام المطرفون بعطاء البخيل حين يخجل فكانت دراهيم معدودات و كانوا في القضية من الزاهدين
وقام أهل الرأي فينا بعد أن نظروا و بصروا ثم نظروا ثم صاحوا أن و جدنا الحل لقضيتنا هي بنا نفاوض العدو الصهيوني .........
و تاهوا سنين عدد بين قيل و قال و أمة تموت وأخرى تتنعم فتحادثوا حتى نام الحضور و تفاوضوا حتى أزعجوا من في القبور.......
هل جاءت المفوضات إلا بالخزي و العار.....
فكمب ديفد مرغت أنوفنا في التراب .......
و أسلوا شوهت وجوهنا بالوحل........
و مدريد طمستنا في حمء مسنون
و شرم الشيخ وضع اللحد على القبر و وقفت الأمة تبكي و تقول سأذرف عليك دمعا يا فلسطين حتى يشق رمسي فبئس الدرهم درهم البخيل........
و بئس الرأي رأي الجبان......
و بئس الدمع دمع الواهن...........
واسألوا العقلاء
و نسأل العقلاء من أمتنا العربية هل نستطيع أن نتفاوض مع الصهاينة ؟
لاشك أن الجواب سريع و صريح و لا يحتاج الى تخمين أو تفكير أو تدبير أو تقنين أو تعبير أو تعليل أو تقديم أو تأخير أو تقدير...... كــــلا ...... لأنها القدس......و لأنها فلسطين ....... ولأنهم أشد الناس عداوة لنا
إننا نختلف معهم في الأصول لا الفروع و المفاوضات تكون حول الفروع لا الأصول
أصولنا وأصولهم
نقول فلسطين أرض عربية...... و يقولون أرض صهيونية
نقول القدس ثالث الحرمين....... ويقولون يهدم القدس و يخرج هيكل سليمان
نقول أنتم اغتصبتم أرضنا.... و يقولون استعدنا أرضنا
نقول اللاجئون فلسطينيون .... و يقولون اللاجئون أجانب
نقول نحن خير أمة ....... و يقولون نحن أبناء الله و أحباءه
نقول محمد عبد الله و رسوله...... و يقولون عزير ابن الله
فلينظر العقلاء فهل تتلاقى هذه بتلك؟ و هل يعقل أن نتخلى عن أصولنا في الوقت الذي تتشبث صهيون بأصولها رحم الله محمد علي جناح أول رئيس باكستان حينما قال له الحاكم الإنجليزي آنذاك لما لا تبقوا تتوحدوا مع الهند قال هذا الأمر مستحيل قال الحاكم الانجليزي لماذا قال محمد علي جناح لأنهم يعبدون البقر و نحن نأكل البقر.
و بعد هل نفاوض خمسين سنة أخرى ليكتمل العدد و نقول مائة سنة.......