بدا تراجع الإدارة الأميركية الجديدة تجاه تصريحات حكومة نتنياهو ليبرمان , وكأني بأوباما والضعف يلفه , والمخاوف تحيطه , إثر محاولته تغيير المسار , والتعامل بطريقة أخرى خاصة فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط , ومنذ اليوم الذي أبدى فيه الرجل حسن النية والإعلان عن موقف جديد للإدارة الأميركية تجاه العديد من القضايا , انهالت التصريحات الإسرائيلية المعادية المستنكرة للموقف الأميركي الجديد , وترجمت هذه التصريحات واقعاً على الأرض , فشنت إسرائيل هجمة إعلامية شرسة ضد إيران في الوقت الذي أعلن فيه اوباما عن رغبته في التعامل مع الملف الإيراني بعيداً عن العنف , ثم صادقت الحكومة
الإسرائيلية على بناء وحدات استيطانية في القدس وحولها ومناطق عدة في الضفة المحتلة , ورغم تصريحات الرئيس عباس المتعنتة بهذا الخصوص , وإعلانه في أكثر من مرة برفضه المطلق استئناف المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان , ورغم الموقف العربي إزاء هذه التصرفات , وكذلك الموقف الأميركي , بدا التعنت الإسرائيلي الواضح , والاستمرار في مخطط الدولة العبرية التوسعي الرامي إلى نهب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية .
وكان التصريح الأخير الصادر من الخارجية الأميركية , بأن تجميد الاستيطان ليس شرطاً لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين , ما يدلل على التراجع الكبير في مواقف الإدارة الأميركية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية , تبع ذلك التصريح , خبر سربته بعض المواقع الإعلامية يقضي بقبول أبو مازن لقاء نتنياهو , وإن تم تفسير ذلك من البعض بأن اللقاء لا يعني استئناف المفاوضات , وأن أبو مازن ما زال مصراً على شرطه بضرورة وقف الاستيطان كمقدمة لاستئناف المفاوضات .
المشكلة ليست هنا , بل في التركيز على الاستيطان , وعدم الخوض في القضايا الأخرى , فإذا كان نتنياهو قد أعلن عن استمرار الاستيطان , فهو تحدث أيضاً عن يهودية الدولة , وضرورة اعتراف السلطة الفلسطينية بيهودية الدولة , وكذلك أعلن أن القدس كاملة موحدة عاصمة أبدية لدولة إسرائيل , وعلى الفلسطينيين نسيان حق العودة , وعلاج قضيتهم في البلدان التي يقيمون فيها , فلم التركيز إذن على قضية الاستيطان دون القضايا الأخرى ؟
وهل نجحت إسرائيل بلفت الأنظار وسحبها إلى قضية الاستيطان , والتركيز عليها , ليصبح سقف المطالب العربية والفلسطينية هو تجميد الاستيطان , مقابل المفاوضات والتطبيع العربي مع إسرائيل ؟
هل حقاً يمكن أن تعلن بعض الدول العربية موقفها بالتطبيع مع إسرائيل لمجرد إعلان الأخيرة تجميد الاستيطان ؟ وماذا بخصوص القدس ؟ واللاجئين ؟ ويهودية الدولة ؟
وكيف للتطبيع أن يحدث وما زالت فلسطين تحت نير الاحتلال ؟ كيف نطبع ولم يحصل الفلسطينيون على أدنى حقوقهم ؟
أخيراً الحكومة الإسرائيلية التي يقودها اليمين المتطرف بحاجة إلى موقف عربي وإسلامي موحد وقوي , وكذلك بحاجة إلى قيادة فلسطينية موحدة وقوية , لا تتعدى الخطوط الحمراء والمتمثلة في حق العودة , والقدس , والأسرى , والدولة , وأن تكون هذه الخطوط مجمع عليها من قبل الكل الفلسطيني , وألا يتم تجاوزها بالمطلق وتحت أي ظرف لأنها تمثل الحد الأدنى من الحق الفلسطيني المغتصب منذ عقود .