إن البيئة فى مصر لا يستقيم معها إصلاح ما فسد لا لعجز الناس وإنما لأن المناخ العام يدعو للإفساد ويقاوم – بقوة غريبة- ما يدعو للإصلاح سواء فى الشئون السياسية أو الاجتماعية أو غير ذلك مما هو معروف.
ورغم أن الحملات الدعائية للتوعية من خطر أنفلونزا الخنازير تسير بصورة تبث الرعب فى نفوس الناس - ولعله للإلهاء- لكنها على كل حال دعاية جيدة نرجو أن يصحبها أفعال تترجم حقيقة الخطر وحسن التصرف معه.
والحق أن المواطنين
يستشعرون الخطر على أبنائهم فى المدارس ذلك – لما هو معلوم- لطبيعة الازدحام وكثافة الفصول...ولا شك أن هناك مقترحات من هنا وهناك لكن يبدو أن المعنيين فى بلادنا لا يمكنهم أن يسمعوا لمقترحات المواطنين فهم أقل شأنا – من وجهة نظرهم – من أن يقترحوا حلولا – معقولة- للحد من انتشار وباء أنفلونزا الخنازير.
بعض الناس – وبعض بلداننا العربية المجاورة- رأت تأجيل الدراسة لكن القوم عندنا لهم رأى آخر- نعرض ملامحه ودوافعه بعد قليل- وبعضهم اقترح خفض كثافة الفصول وهو اقتراح وجيه يفرض زيادة فى عدد المدرسين ولعل ذلك غير متاح، وبعضهم يقترح تقسيم أيام الدراسة ثلاثة أيام غير متعاقبة...وبعضهم يقترح اقتراحات أخر.
لو أن المعنيين عندنا تجاوزوا هذه المقترحات وغيرها انطلاقا من خطة يطمئن لها الناس لكان خيرا لكن ما علمنا من خطة الحكومة عندنا لمجابهة هذا الخطر تنم أن العقلية التى جابهت أنفلونزا الطيور هى هى التى تجابه أنفلونزا الخنازير أى تعالى ممزوج بغباء وتخبط ومن ثم فالنتيجة كارثة نسأل الله ألا تشهدها البلاد.
فما معنى أن تسير الدراسة فى موعدها دون توافر الأمصال المضادة إلا فى شهر ديسمبر 2009 ؟! وما معنى أن تتوقف الدراسة لمدة ثمانية أيام تقريبا أو يزيد (للفصل لا للمدرسة) حين حدوث إصابة فى فصل دراسى؟! وما معنى أن يتوافر بكل مدرسة زائرة صحية فهل لدينا أعداد منهن كافية؟ وكيف إذا أصيب طالب واحد ألا يستلزم ذلك الكشف عن عائلته ومن يختلط بهم وعن جميع الطلاب فى المدرسة؟ ومن يضمن العلاج المنزلى للطالب المصاب من حكومة مهملة؟ وماذا عن أهله وإمكانية إصابتهم بالعدوى؟وهل لدينا إمكانيات ذلك؟ هل لدى حكومتنا إمكانيات ما أعلنته من تدابير لا ترقى لمستوى خطة؟! وهل مدارسنا الحكومية تصلح أساسا لهذه التدابير أم هى نفسها بيئة مهددة لصحة طلابنا ومن ثم إصابتهم بالأمراض؟!
( ملحوظة: نحن هنا لم نتحدث عن مدرجات الكليات التى تتسع لبضعة آلاف من الطلاب)
ألا يشعر مسئولونا بالعار حين يقلصون عدد المعتمرين وعدد الحجاج وعلى استحياء كادوا أن يمنعوا الحج هذا العام وعلى استحياء أيضا كادوا أن يمنعوا صلاة التراويح فى المساجد ثم هم أنفسهم يطمئنونا عبر تصريحات رئيس الوزراء أن مصر (بخير) ذلك أن مصر لا تزال تعد من الدول التى لم يصبها المرض بنفس معدلات الإصابة فى الدول المجاورة، مما يؤكد سلامة ونجاح الإجراءات المصرية فى مواجهة المرض، رغم انتقاد البعض لها ووصفها بأنها مبالغ فيها على حد وصف رئيس الوزراء...أقول ألا يشعرون بالعار من تناقض الإجراءات أم أن فقراء بلادى وطلابهم لا ظهر لهم؟
يبدو أن حكومتنا نرى أن هناك نوعين من أنفلونزا الخنازير – على حد وصف أحد قراء التفاعلى بصحيفة مستقلة- أنفلونزا للحج وأخرى للمدارس الأولى تمنع فيها الناس من الحج بدعوى درء الخطر والثانية تبدأ فيها الدراسة فى موعدها مع إجراءات غبية بدعوى سهولة التحكم فى المرض حين حدوثه.
وتبقى كلمة
فى يقينى أن الذى يلوث المزروعات بمياه المجارى، ويسرطن المأكولات بالقمح الفاسد وبالمبيدات المسرطنة ولا يتحرك حين يغرق مواطنونا فى عبارات اللصوص الكبار أو يحترقون على مسارحنا أو غير ذلك مما هو معروف فإنه لا يعنيه أن يموت طلابنا لا سيما الفقراء من أنفلونزا الخنازير ...إن المسألة أساسا ليست فى حساباته وإلا لأولى لها خطة محكمة ومنهج قويم لكنه الإجرام فى حق المصريين.
وبناء على هذا فعلى كل أب أن يدافع عن ما يتهدد أبناءه من خطر بمعرفته ف( المتغطى بالحكومة عريان)، والذى يصدق وعودها وخططها ساذج وإلا يفعل فلا يلومن إلا نفسه.
سيد يوسف