شاءت إرادة الله أن تقيد حريتي ويحبس قلمي في الشهور الستة الماضية بين سجن المحكوم ومعتقل وادي النطرون لكنها ضريبة الدعوة التي شرفنا بالانتساب إليها والعمل تحت لواءها ، وبالتزامن مع الهجمة الأمنية الشرسة ضد جماعة الإخوان المسلمين والتي استخدم فيها النظام كل ألوان الأذى المادي والمعنوي من الإقصاء السياسي والإضرار الاقتصادي والقمع الأمني ، طرحت عدة نقاط أو شبهات ودت المشاركة فيها "لكن الكتابة من داخل السجن مغامرة يفضل تجنبها لاعتبارات كثيرة أخفها المزيد من القيود والحرمان من أبسط الحقوق" من هذه النقاط الإخوان والحكم ، سيناريو الصفقة ، الفصل بين الدعوة والسياسة ،
هل يستطيع النظام النيل من الإخوان خاصة وأنه يكرر السيناريو المتبع ضد الجماعات الإسلامية ، ورد فعل الإخوان على الضربات الأمنية المتلاحقة التي تجاوز فيها البعض واصفاً حكمة الجماعة ونضجها بأنها إذا ضربت على خدها الأيمن أدارت خدها الأيسر لضربة جديدة وهذا موضوع التناول في السطور التالية.
خلفيات الطرح
يطرح موضوع رد فعل الجماعة بخلفيات مختلفة منها :
** الخلفية الإعلامية ، بهدف سكب مزيد من الزيت على النار لإشعال فتيل الأزمة بين النظام والإخوان وإيجاد مادة صحفية خصبة تحقق المزيد من التسويق والتوزيع وبعث الحيوية في البرامج التلفزيونية والفضائية التي تعاني النمطية والملل ، فيتم استضافة المفكرين والسياسيين لمزيد من التحليل في الوقت التي تستقبل فيه السجون والمعتقلات المزيد من الإخوان
** الخلفية الأمنية ، والتي تسعي لمزيد من الاحتقان داخل قواعد الجماعة ليضاف العبء الأمني للأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها أفراد الجماعة كجزء من معاناة الشعب المصري بهدف ترسيخ اليأس والإحباط وكبح مشاعر الانتعاش والإنجاز التي عاشتها قواعد الجماعة عقب انتخابات 2005 وكذا توريط بعض المتحمسين والتشكيك في قدرة القيادة على التعاطي مع الأحداث كمحاولات أمنية يائسة بهدف إحداث أوهام الانشقاق والانحراف والتوقف
** الخلفية الفكرية ، التي يتبناها مجموعة اللبراليين الجدد من بعض الساسة والإعلاميين والأكاديميين ورجال المال والأعمال أدوات النظام لمزيد من التحريض كتصفية حسابات تاريخية قديمة عندما سحب الإخوان البساط من تحت أقدامهم فلم يعد لهم شرعية ولا شعبية وقد أخذوا فرصتهم الكاملة في الحكم والوقت والإمكانات ولم تجنى البلاد منهم إلا مزيد من الفشل فضلاً عن إفراز هذا النظام المستبد الفاسد
الجماعة هي الفعل
أود التأكيد أن الجماعة هي الفعل، والنظام بأدواته الأمنية والإعلامية هو "ردّ الفعل"، الجماعة هي الفعل بمشروعها الإصلاحي المعلَن، وهي الفعل بوجودها الميداني، وهي الفعل بشعبيتها الجارفة، وهي الفعل بكمِّ النجاحات والمكتسبات التي حققتها، محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا على المستوى السياسي والإعلامي والاجتماعي والثقافي؛ لذا تأتي الضربات الأمنية كرد فعلٍ في محاولةٍ لإجهاض أو تعطيل أو تغيير مسار هذا الفعل.
أما عن كيفية التعاطي مع هذه الضربات فتحدِّده الجماعة في ضوء المصالح العامة لمشروعها الإصلاحي، ووفقًا لاعتبارات أهمها نهجها السلمي في التعاطي و المحافظة على مصر وعدم تعريضها لحالات الفوضى التي يدبِّر لها أعداء الوطن فضلاً عن عدم المجازفة أو المغامرة برصيد الجماعة وتاريخها الوطني المشرف
وأخيراً لا يسعني إلا الاستشهاد بكلمات المرشد المربي الأستاذ مصطفى مشهور حين أوصى إخوانه في مثل هذه الظروف "بالصبر الجميل والثبات المتين والعمل المتواصل"