تتعلق الأسس التربوية في الإسلام في كيفية المحافظة على النمو وفق النظم البيليوجية دون إخلال أو تجاوز لتلك المحددات مما سوف يؤثر مستقبلا على تكوين المقدمات التكليفية اللاحقة ومنها التنشئة والتعليم والتأديب حيث أن النفس البشرية كما تبنى أساسا عل سلامة نمو النفس النباتية النامية وضرورة تكامل واستمرار هذا النمو لكي لا يتعارض مع وظيفة كونها مقدمة فاعلة لنمو بقية الأنفس اللاحقة ومنها الحسية والناطقة والكلية,إن هذا الترابط بين مؤديات تنشيط كل نفس وفق وسائلها في تصور المعرفة القرآنية ومما ورد بصورة جلية في فكر
الإمام علي عليه السلام كون البحث متعلق به أساسا كقياس أصلي.
فالمحافظة على الأصولية والمنهجية الطبيعية دون إسراف ولا حرمان في التربية في القرآن واضحة جلية في نصوص الكتاب المجيد فمثلا نجد الإشارة الى المحافظة على إتمام المراحل دون بسترة أو حرق المراحل أو التمهل والتواني مما يضر في عملية التربية وأثارها المستقبلية على تكوين الشخصية والوعي{ ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً }الحج5, فالانتقال من الخروج والانتقال الى الشدة لها أصول منها{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }البقرة233,فالرضاعة وهي أهم مظاهر التربية وأكثرها التصاقا بحياة الطفل فقد قدر الله بعلم مدة الرضاعة بحولين ليتكون الجهاز الهضمي عند الطفل ليكون بمقدوره الاعتماد على محيطه الخارجي في تفعيل القوى النامية التي منها الماصة والماسكة والهاضمة والدافعة والمربية من جهة ومن جهة أخرى ضبط الإيقاع التنظيمي لها من اللاإرادية إلى مرحلة الإمساك والضبط الإرادي لكل هذه القوى وفاعليتها الخارجية وفق الحاجة والتقدير دون إفراط أو تفريط ووفق قوانين التناسب, ففي الرسالة المذهبة المنسوبة للإمام الرضا عليه السلام نجد القاعدة الكلية المتعلقة بضبط القوة النامية بقوله((أن الجسد بمنزلة الأرض الطيبة,متى تعوهدت بالعمارة والسقي من حيث لا يزداد في الماء فتغرق,ولا ينقص منه فتعطش,دامت عمارتها ,وكثر ريعها, وزكي زرعها,وإن تغوفل عنها فسدت,ولم ينبت فيها العشب ,فالجسد بهذه المنزلة))(موسوعة أهل البيت , الطب والتشريح ,د باسم محمد حسين العطية المجلد السابع).
هذه النتيجة التي سوف نحصل عليها من الإدامة والتكثير والتزكية والتي سوف تترافق من الآن فصاعدا مع أساليب التنشئة وفق معطيات ومحددات التنشئة السلوكية وحتى المعرفية كما هي عند رسو مثلا وإن لا نزال نعاني من الخلط والاشتراك بين المفاهيم الا ما يمكن ملاحظته عند رسو وغيره من الذين اهتموا بالتربية هي تلك الإشارة الى مسألة النمو الطبيعي للبدن كواحد من أهداف التربية وإن كانت عندنا هي ألأصل(الطبيعة البشرية مثل النبات الذي لا بد أن نرعاه ونهتم به. هذه هي مهمة المربي.)( يجب أن يتعلم الأطفال الاعتماد على النفس، وكلما ازدادت قدرتهم على الاعتماد على أنفسهم قل اعتمادهم على الآخرين)( يجب أن يختبر الأطفال المعاناة بشكل يمهد لهم السبيل أن يعيشوا الحياة بشكل كامل. يجب أن لا نجعلهم يعانون أكثر أو اقل مما يجب. فالطبيعة تعلم عن طريق الألم والمعاناة. وهذا من شأنه أن يجعلهم يخشوشنون) هذه هي من الوصايا الأساسية لروسو كما أوردها الدكتور زياد الحكيم في كتابه أسس التربية عند روسو ( ملخص للنظرية التربوية عند جان جاك روسو ),فهو يشير الى الميل الطبيعي للطبيعة ذاتها وهنا الإشارة الى الطبيعة الذاتية للإنسان في دورها التربوي والتنموي للبدن وما يتبعها من تنشئة وتعليم يقوم على مبدأ الضبط الديني الإيماني والالتزام بالمحددات التكوينية للإيمان ذاته فهو الذي سيطبع بطابعه الخاص خط التربية من خلال إفرازاته السلوكية المجسدة للالتزام بها أو تركها ومن الابتلاءات التي ابتليت الأمة بها هو الانفصال بين الفكرة و التطبيق بين الإرادة و النظرية ..
هذا الإمام الحسين عليه السلام يقول لمن قاتله ( أنتم امتلأت بطونكم من أموال الشبهة لذلك لا تعون ما أقوله لكم ...)هذه الأمور تضع حجبا على قلب الطفل و عقله ولن يتمكن من قبول الحق فيما بعد .. فالأساس إذن التربية البدنية ألذاتيته والموضوعية وضرورة ضبط التربية وفق اتجاهات لابد أن يختبرها أو أختبرها المربي من قبل.
فالأسس التي يقوم عليها المنهج التربوي البدني في الإسلام يقوم على مراعاة وألحاظ النقاط التالية في كيفية تدبير التربية ومنهجتها وضبطها لبلوغ المراد الأصلي من وراءها معتبرا إن المسك بهذه النقاط هو من عوامل التمامية وهي:
1. الاستيفاء.
2. الضبط.
3. التوجيه.
4. التدبير.
5. التعزيز.