الإهداء: إلى عباس داخل حبيب
الشخصيات: 1. المصور
2. الرجل الأول
3. الرجل الثاني
المشهد الأول
خشبة المسرح فارغة ومظلمة ..ثلاث بقع ضوء على الشخصيات الثلاثة وهي منحنية تزحف
على أربع باتجاه أعلى وسط المسرح حيث توجد آلة تصوير فوتوغرافية(كاميرا)..الرجل
الأول من اليسار والرجل الثاني من اليمين والمصور من الوسط.
المصور: بس..بس
الأول: بس.. بس
الثاني: بس.. بس
( تتكرر هذه الكلمات على ألسنتهم وهم يبحثون ..إلى أن يجد المصور
الكاميرا يحملها
وينهض فيما يواصل الآخران البحث)
المصور: لا شك انه عالم يبسبس (فرح بنيله الكاميرا)
الأول: بس بس بس
الثاني: بس بس بس
المصور: ( وهو يلتقط صورا للأول والثاني) وان تبسبس لا يعني انك نلت ما تريد..
بل لا يعني
انك نلت أي شيء!! فالمحاولة ليست دائما سبب الوصول ولا طريقا
له..
( إلى الجمهور) أن تصل.. يعني أن..(يلتقط صورة للجمهور)
إظلام
المشهد الثاني
منصة عالية ذات مستويين عن الأرض كما التي تستخدم في البناء الشاهق(سكلة) وسط
خشبة المسرح..المصور جالسا في المستوى الأول يحمل كاميرته فيما يحاول الأول
والثاني الصعود.
الأول: السعي غالبا يؤدي إلى المنال.
الثاني: وليس من جهد يذهب هباءا أبدا.
الأول: أليس بالصبر والمثابرة تصنع المعجزات؟
الثاني: وبالجهد والعمل نصل.
الأول: وكلما عظم الجهاد حسن المنال.
الثاني: وليس من شدة الإ وبعدها فرج.
الأول: أتظن إن لكل جواد فعلا كبوة؟
الثاني: على أن لا تكون كبوته نهايته.
المصور: بل الأولى أن يقال إن لكل كبوة جواد..فلا يقع إلا الشاطر ولا يصل إلا
الشاطر..ولهذا
فان السقوط يعني الوصول.
الأول: طرق مختلفة.
الثاني: هل تظن إن وصولنا لا بد إن يمر بالضرورة بسقوطك؟
المصور: بالتأكيد وعندها لن يعد سقوطي..بل لكل منا سقوطه.
الأول: لكننا نسعى لنصل.
المصور: نعم !
الثاني: وأنت وصلت ولم تسع؟
المصور: بل سعيت أيضا.. ولكن ليس مثلكم.. ألم تقولوا إنها طرق مختلفة؟
الثاني: لم نشهد سعيك.
المصور: ولكنني الآن أشهد فشلكم.
الأول: الإصرار يغذي جذوة السعي عند الفشل والسقوط يخمدها.
المصور: وليس كل سعي مثمر ولا كل ثمرة أسبابها السعي.. أن تحصد يعني أن
تزرع..ولكن
أن تحصد كل ما زرعت!! لا..لا..
الثاني: أنت وصلت.
المصور: زرعت.
الأول: ونحن نسعى.. نزرع.
المصور: ولن تصلوا!
الثاني: إنها ضرورة؟
المصور: حتمية وواضحة وضوح النهايات اللامكشوفة التي تسعون إليها
فتشدكم..وغامضة
غموض المسالك المكشوفة التي تصدون عنها.
الأول: نعم تقصد الملتوية.
المصور: لكنها مباشرة.
الثاني: صعبة.
المصور: لكنها آمنة.
الأول: لا أدري.
المصور: أن تنشدها وصولك حتمي.
الثاني: لا أفهم وأكاد أدوخ.
المصور: ليكن.. ولكن أن تصل...
الأول: ضيقت بنا السبل.
المصور: بل إني أكشفها لكم ليكون سعيكم مجديا ومكللا بالوصول التام. وان اختلفت
طرق
السعي فغايتكم تبرر مسلكا دون آخر..ليس كل ما يبدو سهل المنال هو
كذلك.. ولا كل
أمل مستحيل.. إنما يتطلب نوعا من الشقاء والحيلة فقد تجعل ما تريده
يصلك لا أنت
تصله.. فالسعي ليس باتجاه واحد..كل ما عليك أن تنزل قليلا وهذا ما
يبرر السقوط إذ
يكون دافعا للنجاح..والسعي هنا ليس تجارب ومحاولات إنما هو إقناع
النفس
وإبعادها عن أي شي آخر...فقط اعزل الآخرين وكل شيء عن غايتك
واجعلها نصب
مرامك..ستبرر كل وسائلك.
إظلام
المشهد الثالث
مشهد صامت( بانتومايم) مكتب بسيط وكرسي دوار يجلس الأول على الكرسي خلف المكتب
مزهوا ويقوم الثاني بخدمته.. يمسح المكتب والكرسي.. يمد الأول يده لإخراج
سيكارة من العلبة التي على المكتب.. فيسارع الثاني بإخراجها وتقديمها له.. يمد
يده لإشعالها.. فيبادر الثاني.. يحاول نفض الرماد.. يقرب المنفضة منه..
وهكذا...يلتفت الثاني جهة اليمين ويتجه إلى هناك يدخل المصور مع كاميرته
يستوقفه ويعود إلى الأول مشيرا له بوصول المصور ثم يعود يفتش المصور جيدا
ويستقدمه إلى الأول..يلتقط المصور صورا للأول متبخترا على كرسيه فيما يخدمه
الثاني ثم شيئا فشيئا يحول المصور انتباهه إلى الثاني ليكثر من التقاط الصور له
وسط حنق الأول ودهشة الثاني..يتقدم المصور نحو الأول ويمسكه من ياقة قميصه
ينهضه ويجره إلى الخارج..يحاول الثاني الخروج وراءه يوقفه المصور ويأخذه ليجلسه
على الكرسي خلف المكتب ويبدأ بالتقاط الصور له والثاني مندهش أول الأمر ثم
يعتاده ليقوم بسحب الكاميرا من المصور والإشارة له بمسح المكتب..يفعل المصور
راضيا ويكرر ما فعله الثاني من خدمة للأول(السيكارة..الخ) يحمل الثاني الكاميرا
ويتجه إلى اليمين حيث يدخل الأول يرحب به الثاني ويسلمه الكاميرا ويعود إلى
مكانه خلف المكتب..يبدأ الأول بالتقاط صور للثاني المزهو وللمصور وهو يقوم
بالخدمة.. ثم شيئا فشيئا يحول الأول انتباهه إلى المصور ليكثر من التقاط الصور
له مع دهشة الثاني وسرور المصور ثم يتقدم إلى الثاني ويمسكه من ياقة قميصه
وينهضه ويجره إلى الخارج ثم يعود إلى المصور يأخذه إلى الكرسي خلف المكتب يجلسه
ويبدأ بالتقاط الصور له فيما المصور مزهوا مختالا مقهقها يدور بالكرسي يمنة
ويسرة.
( أغلب أفعال الشخصيات تتم بطريقة كاريكاتورية).
إظلام
المشهد الرابع
(المصور في الأعلى يضحك والأول والثاني في الأسفل )
الأول: هل هي بطولة؟
المصور: لا شك .
الثاني: أنت وعدتنا.
المصور: نعم.
الأول: نعم وعدتنا بالوصول.
المصور: نعم وقد وصلتم.
الثاني : أهي مزحة؟
الأول : ألا تنظر أين نحن؟
المصور: ( ضاحكا) أيها المساكين.. تقليديين.. تظنون بأنكم فشلتم....هاها
الأول: أي أكيد..
المصور: كنت أظن إنكم أتقنتم سلوك السبل.. وقد اتفقنا إن الوصول ينطوي على سقوط
والعكس صحيح أيضا.... ألا تتذكرون؟
الثاني: نعم ولكننا حضينا بالسقوط وأنت بالوصول.
المصور : ومن يقول ذلك؟
الثاني: عجيب وبعد كل هذا؟
المصور: الهيمنة والسيطرة والوصول.. والسقوط كذلك مراحل وهي ليست مراحل
متعاقبة... باية باية..لالالالالا هي مراحل متداخلة أحدها ينطوي على الآخر.
الأول: ( يشير إلى الجمهور) وهم؟
المصور: ماذا عنهم؟
الثاني: قد التقطت لهم صورا؟
المصور: نعم.
الأول: أدخلهم أرشيفه.
الثاني: نعم..نعم.. أين هم الآن؟
المصور: أسألوهم؟
الثاني: ليس بإمكاننا.. فهم ..فهم...
الأول: إنهم محفوظون!!
الثاني: كيف تظن ذلك فهم معنا هنا؟
الأول: نعم خاضوا طرق الوصول مثلنا ولكنهم الآن في أدراج.. ألا تراهم؟؟
الثاني: كيف ذلك؟
الأول: إنهم ينتظرون!
الثاني: ماذا ينتظرون؟
الأول: ابتعد عني..(إلى المصور ) لماذا هم موافقون هكذا... لا يعترضون؟
المصور: عرفوا الأمر وأتقنوه وهم في واحدة من مراحله.
الثاني: كيف؟
المصور : مثلا بعضهم سقط ووصل والآخر وصل ويسعى للسقوط والآخر سعى ولم يصل
والآخر وصل ولم يسعى والآخر سقط ولم يسعى وووو وهكذا... لماذا لا تريدون فهم
الأمر.. وتكونوا مثلهم؟
الثاني: أنا لا يعجبني هذا.. سأخرج..
المصور: ليس بيدك ذلك.
الأول: انتظر أنت.
الثاني: كيف؟(إلى المصور)
المصور: من يدخلها لا يخرج منها.. أنت نفسك لا تريد ذلك.
الثاني: أنا الآن أمامك وبملأ إرادتي أقولها.. أريد الخروج.
الأول: (للثاني) لا يمكن أن تهدر كل هذا العناء والسعي.
الثاني: وماذا نلت؟
الأول: بذلك ستعود إلى المربع الأول.
المصور: (ضاحكا) الباية الأولى..(إلى الأول) يعجبني فهمك للأمر الآن.
الأول: إذن ساعدنا على المحاولة من جديد.
المصور: لا يمكنني التدخل الآن فأنتم ساقطون.. الأمر يتعلق بكم انتم فقط هل
تريدون السقوط مجددا أو الوصول للسقوط أو... يعني.. أنت تفهم الأمر.
الثاني ): يحاول إسقاط المصور من مكانه) أي أمر هذا؟ أريد الخروج.. أخرجني
هيا..هذه القضية يعصى علي فهمها..
الأول:( يحاول منع الثاني) انتظر أرجوك لنفهم أكثر..
الثاني: وهل هنالك مجال للفهم..
المصور: (في الأعلى ضاحكا) مسكين...
الثاني: إنها دوامة عجيبة.
الأول: نعم هكذا حياتنا وقد اعترفنا بذلك..
المصور: مسكين لا يريد أن يفهم.
الأول: ولكن نحن ككل الآخرين..
الثاني: وما بهم الآخرون؟
الأول: ألا تراهم يواصلون السعي والسقوط طبعا.
الثاني: لا أريد لا أريد...
الأول: انتظر أرجوك..
(يحاول الثاني إسقاط المصور يساعده الأول مرة ويمنعه أخرى فيما يرتقي المصور
إلى الأعلى كلما حاولا إسقاطه ضاحكا).
إظلام
إانتهت