جهاد التعليم

أقصد بالجهاد التعليمي، إخراج الأمة من دياجير ظلام الجهل إلى نور العلم، وتعليمها دينها وشرع ربها، وحقوقها، كما علمها سيد الوجود r الذي بُعث معلما، وكما علمها أصحابه من بعده رضوان الله عليهم جميعا.من المسجد انطلقوا في تعليم الأمة، ومن المسجد انطلقت الجيوش الإسلامية معلية كلمة الله، ناشرة دينه بين الخلائق... كان المسجد بحق منارا للعلم والجهاد، ونحن نلحظ والحسرة تملأ قلوبنا أن عزه

التليد كلم وأن هيبته الأصيلة خدشت، فصارت الأنفاس فيه محصية قبل الكلمات، وتلاشى دوره الجهادي أو يكاد...

ويندرج في جهاد التعليم "بذل الجهد مع من استجاب للإسلام من أجل تعليمه وتثقيفه وتربيته"([1])، ليتحصل لديه في النهاية "الثقافة الإسلامية الشاملة، والتصور الصحيح عن فكرة الإسلام الكلية عن الكون والحياة والإنسان""([2]).

ومقياس النجاح  في جهاد التعليم هو: "أن نستطيع إعطاء كل مسلم ثقافة إسلامية كاملة وتربية إسلامية صحيحة وسليمة ومتكاملة"([3]).

عن ابن مسعود t قال لي رسول الله r: pتعلموا العلم وعلموه الناس، تعلموا الفرائض وعلموه الناس، تعلموا القرآن وعلموه الناس، فإني امرؤ مقبوض، والعلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف اثنان في فريضة لا يجدان أحدا يفصل بينهماi([4]).

وعن الحسن t قال: قال رسول الله r: pمَنْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِىَ بِهِ الإِسْلاَمَ، فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّينَ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِi([5]).

فواجب المجاهدين هو أن يعلموا الأمة رسالة الإسلام والإيمان، في الطرق والمساجد والمعاهد والمدارس والجامعات، والبيوت...قال الحق تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً﴾([6]).

إنه جهاد لإبلاغ الكلمة الطيبة، وإسماع صوت الحق للناس، والأخذ بأيديهم إلى طريق السعادة والفلاح.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره، نضيف مَهَمة أخرى ملقاة على عاتق المجاهدين، وهي "محو الأمية" في صفوف أمة {إقرأ}، أو بالمفهوم النبوي الجامع والشامل؛ تعليم الناس الخير، الذي يدخل فيه كل خير مادي ومعنوي.

هذا جانب، والجانب الآخر؛ إعادة بناء الهيكل التعليمي المنخور -الذي يتخرج منه أفواج من أبناء الأمة- على قواعد تخدم رسالة الإسلام، ولا تتعارض معه.


 


 ([1]) جند الله ثقافة وأخلاقا، سعيد حوى، ص374.

 ([2]) حتى يعلم الشباب، عبد الله ناصح علوان، ص75.

 ([3]) جند الله ثقافة وأخلاقا، سعيد حوى، ص375.

 ([4]) سنن الدارمي (مذيلة بأحكام حسين سليم أسد عليها)، باب الاقتداء بالعلماء، ح221. قال حسين سليم أسد: في إسناده ثلاث علل: ضعف عثمان بن الهيثم والانقطاع وجهالة سليمان.

 ([5]) سنن الدارمي، المقدمة، باب في فضل العلم والعالم، ح354. قال السخاوي في هذا الحديث:"رواه الدارمي عن الحسن مرسلا". المقاصد الحسنة، ص468.

 ([6]) سورة الأحزاب:39.

 

Please publish modules in offcanvas position.