السمت الحسن([1]):
أقصد بالسَّمْت ذلك التميز الشكلي والمضموني عن مظهر الجاهلية والضلال ومخابر الفتنة، والتحلي القلبي والعقلي بالقيم الإيمانية والأخلاق الإحسانية، وزيال عادات الكفار في العاديات والفكر والأسلوب والحياة والأخلاق، التي يكتسب بها المجتمع الإسلامي المناعة ضد العدوى الحضارية المادية فيتقمص أشكالا حضارية تظهر على السطح
ما في الباطن ([2]).
يقول الحق جل وعلا: (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)([3])، قال شيخ المفسرين الإمام الطبري: لو تميز الذين في مشركي مكة من الرجال والنساء المؤمنات الذين لم تعلموهم منهم، ففارقوهم وخرجوا من بين أظهرهم،لقتلنا من بقي بها بالسيف، أو لأهلكناهم ببعض ما يؤلمهم من عذابنا العاجل ([4]).
ولأهمية السمت الحسن في تربية الفرد والجماعة كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بذلك، ويربيهم على التميز مظهرا ومخبرا عن الجاهلية، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ الْمُزَنِي رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَال: pالسَّمْتُ([5]) الْحَسَنُ، وَالتُّؤَدَةُ ([6]) وَالاِقْتِصَادُ([7]) جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِi ([8]).
([1]) يتفيأ ظلال السمت مجموعة من الأخلاق: النظافة والطهارة، وآداب اللباس، وحسن المظهر والبشر، والحياء، وآداب المعاشرة، وعمارة المساجد، والجمعة والعيدان.
([2]) مقدمات في المنهاج، الإمام عبد السلام ياسين، ص83.
([4]) جامع البيان عن تأويل القرآن، الإمام أبو جرير الطبري، 9/7505.
([5]) السمت هو: الطريق و (السَّمْتُ) القصد والسكينة والوقار وسمت الرجل سمتا من باب قتل إذا كان ذا وقار وهو حسن (السَّمْتِ) أي الهيئة (السَّمْتِ) وهو القصد والهدى والاستقامة وكلّ داعٍ بخير،وهو أيضاً هَيْئة أهل الخَيْر. المصباح المنير، كتاب السين، مادة: سمت، مختار الصحاح، باب السين، مادة:سمت، ص141.
([6]) التُّؤَدةُ: وهي التأني والتمهل. مختار الصحاح، باب الواو، مادة:وأد، ص308.
([7]) الاقتصاد: (قَصَدَ) في الأمر (قَصْداً) توسط و طلب الأَسَدَّ ولم يجاوز الحدّ. المصباح المنير، كتاب القاف، مادة:قصد، ص260.
([8]) سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في التأني والعجلة، ح2010، قال أبو عيسى:"وَفِى الْبَابِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ". وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. كتاب الزُّهد، وكيع بن الجراح، ص-64-65.