تساقطت قطرات المطر.. خلفَ الأبواب المُغلقَةِ
لتطبَعَ على جبينِ الجَدَدِ قُبلةً دافئةَ
قبلَةً بنكهةِ التُراب..
ورائحةِ البخور.
ليلٌ داجِ ينثُرُ العتمةَ في المساحاتِ الضيّقة
فناجينُ الزمنِ تُشرب بلا كللٍ
رشفةً رشفة
وقارئةُ الفنجان تنعي هِجرةَ الطيور.
يستعِدُ العابِرون لمُغادرة راحتِهِم المؤقّتة
يوضِّبونَ حقائبهم الجلديّة
ويرتِبونَ فوضى الوداعِ
دمعةً دمعةً
وحضناً حضناً.
تحتَ كلِ حبّة عِنبٍ
كَلْمُ الوطنِ يسرِقُ الكَلِم.
يدّعي العاشِقون / الراحِلون .. الصمم
ويتبادَلون السجائر:
ليتَ الغُربةَ تحترِق مثلها.
يجلسُ طِفلٌ على قارعَةِ الطريق ويُصلّي:
أفقِدني وجهي على هذه الأرض؛
وبين كل حصاةٍ وأخرى على هذا الرّصيف ربّاه
كي أبقى للبحثٍ عنهُ .. وأنسى أن أرحل.
تواسيهِ طِفلةٌ:
" قد صار المنفى لكم وطناً
وصارَ التلويحُ لنا كفناً"
وتَنتَظِر من يواسي حرفها المُهمَل.
حين ينتصِفُ القمرُ جبينَ العتمة
يستمِرُ المطرُ في الانهِمار
و يطلُبونَ إبقاء مقاعِدهم شاغِرة
فرُبما..
رُبما..
سيعودون.
___________________________
بقلم :هدى غانم