اعوج السطر، تدفق المداد، الذات شبه جامدة، ترامى عليها العياء، أحداث أخرى نحرت حبرها على الأوراق بينما الأخرى جامدة على الجسد الجالس على الكرسي المعتاد، طاولتها تحمل شموعا تحكي ضياءها الضائع للمكان وهي تذوب معلقة بأفكارها مع سهو صاحبة الجسد الجامد "شيلا" ذوبانها الجميل ، صورة تجعل شياطين المكان طعما في اصطحابها إلى عالم شيطان كبير اسمه الحب المداعب للأجساد على طريقته الخاصة،
يضم الجسد خارقا إياه،وتارة أخرى يقبله في نهم شديد.
أشباح تطوف بالمكان، أحدهم يلامس شعرها المتدلي على الجسد كأنه غطاء حريري "بومبايي"، وآخر يفتح إطارا، ويكتفي لنفسه بلوحة ليصبح ثريا في سوق الأشباح وجمال الجسد تربك ريشته الخجولة، وآخرون يتخيلون أشياء، بينما "شيلا" ترقص في بيت غير معروف، و في رؤيتها الأشباح غائبة ، كانت تقف على شرفة عالية تسخر من أناس أرجلهم تتثاقل ، يجرون الحجارة وهم يرغبون مكانها البعيد، أحدهم:
ـ شيلا ، مياه اليم غاضبة ، ارحلي من ذلك المكان.
يتردد الصوت في نفسها ليصنع بإلحاح، موجب البقاء.
في نفس الشرفة، أناس آخرين، تشد على ظهورهم حبال مشدودة بمكان ما، لا تعرف شيلا إلا أن أحدا لن يصل إليها، ذاتها متأرجحة بين البقاء وما يجري داخل المبنى العتيق، انسياب جديد لأجساد أخرى تطلب من "شيلا":
ـ نريد منك رقصة الحضور.
و صوت آخر:
ـ أنت رائعة، ستذبلين مثلما ينكمش الستار، لا يمكنك العودة إلى الآلة البشرية، افتحي النوافذ سيدتي "شيلا".
قامت ، الستائر متدلية على جنبات الحيطان، رأت أجسادا تمشي في ذلك المكان، تأكدت أنها مجرد أشباح، على نفس المشهد، المطر يتساقط ، يداها منبسطتان تطل من النافذة ترى، ليل، من بعيد ضوء باهت، أجساد تتلاوح، تطاول كل ذلك ليصل إليها، رعب آخر يحتل الجسد، صوت قيثارة يدنو، تذكرت "شيلا" ذلك الصوت وصارت في صمتها تردد:
ـ أخاف أن يجيء الموت وتكون له عيناي.
أغلقت "شيلا" نوافذ المكان، صوت القيثارة يزداد.. يزداد، ترامى عليها العياء من جديد.
تلاشى الكرسي في مكانه، المداد يرسم في التراب " لن تكون له عيناك".
صارت تبحث عن المعنى، قامت من نومها، وجدت أنها كانت ترسم ملامح عيناها أمام المرآة.