آخر أماني يارا

[ناظم العثمان الصغير]

خر أماني يارا ..
دفع الملقم القذيفة في حجرة الإغلاق وصاح الرقيب نار .
انطلقت القذيفة عبر بساتين المشمش واللوز وكروم العنب وأحدثت خلخلة في الهواء و هلعا بين أجواق العصافير ورفوف الحمام قبل أن تهوي على سطح منزل المعلم مالك الذي كان لازال... يداعب ابنته لارا فيما كانت أم لارا في المطبخ تستحضر طعام الإفطار .
أحدثت القذيفة عند ارتطامها بالسطح حفرة وانهار جزء من سقف المنزل ليرتطم بأرضها وأحدث الارتطام دويا هائلا وغيمة غبار غطت البيت فيما كان الرقيب في ذات اللحظة يعاود سكب الماء في كأس " المته " ويهمهم
" خليهم ينعموا بالحرية !"
2
كان جهاز التلفزيون لا زال يعمل حين أستيقظ مالك يغالب ألما مبعثه قدمه التي علقت تحت كتلة من الطوب ..
في البداية كان يحاول تدارك ما حدث وآخر الأشياء التي رآها قبل أن يحدث ذلك الشيء
يارا يارا أين أنت
بابا يارا أين أنت ؟
لم تكن قد استيقظت يارا بعد من أغمائتها فقد نبت قضيب حديد من قضبان السقف في خاصرتها ومنعها من الحركة .
كانت تصدر عن الجدران كلمات وصرخات غير مفهومة ناتجة عن الخارج حين تجمع حشد من الجوار يحاول إزالة الركام .
فيما كان الضوء الذي لا زال مصدره شاشة التلفزيون يمكن مالك من رؤية جزء لابأس به من مساحة الغرفة رغم انه لم يكن قادرا على تحريك رأسه للأعلى حيث الجزء الذي كانت تختبئ يارا به عندما كانت تحاول أن تحدث مفاجئة لأبيها
يارا يارا
حاول أن يغالب صوته صوت المذيعة التي كانت تحاور مدربة رياضية لتشرح للمشاهدين شيئا عن تمارين الصباح .
يارا يارا
صرخ مالك بأعلى صوته حين أستطاع أن يسمع همهمة صادرة من الخلف
بابا يارا
جاءه صوتها أخيرا ضعيفا متقطعا .
بابا أنا عطشى .
بابا يارا
بابا
انتظري حبيبتي بعد أن يخرجونا من هنا سأجلب لك الماء .
بابا لا أريد ماء أريد بوظة !
سأجلب لك البوظة من أبو عبدو وسأفعل لك كل ما ترغبين
هل ستسمح لي أن العب مع سمير ؟
نعم سأسمح لك أن تلعبي مع الجميع .
بابا أن فستاني قد توسخ . ستقول لأمي أن لا تعاقبني .
طبعا لن تعاقبك حبيبتي .
لقد امتلأ بالدماء !!
بابا متى سنخرج من هنا .أريد بوظة ..أريد ...
يار يارا يارامشاهدة المزيد

[عدي بلال]

القدير ناظم العثمان الصغير ..

آخر أماني يارا
التصوير الحركي للقذيفة منذ أن لقمها الملقم وصاح الرقيب نار - أحرقهم الله يوم الحساب - وانطلاقتها عبر البساتين وبين أجواق العصافير ورفوف الحمام ، وصولاً إلى سقف المنزل وانهياره على الشخصيات الرئيسية الأب و يارا والشخصية الثانوية الأم التي كانت تعد الإفطار ..

أرأيت كيف وصفت لنا البيئة المكانية وكأنك وضعت كاميرا على القذيفة ، تصور لنا المناخ العام للحدث ، واختتمت الفقرة ب طعام الإفطار ، البيئة الزمانية .
لتعود بعدها الكاميرا إلى الرقيب - قاتله الله - وكأس المته الخاص به ، وجملته " خليهم ينعموا بالحرية " .

كنت رائعاً أخي في تصوير المشهد .

في المشهد الذي يليه .. نتائج سقوط القذيفة ، وضع الأب ، يارا ..
كان الوصف دقيقاً ، فرأيت الأب ورأيت القضيب في خاصرة يارا .. وأظن بأن مصير الأم قد أفلت منك .
التلفاز وأشعته المضيئة ، وبقاءه يعمل ، وصوت المذيعة التي تحاور مدربة الرياضة عن تمارين الصباح ، وأصوات الجيران الغير مفهومة .. جعل الرؤيا للمشهد العام أكبر وأوضح من جهة ، وجلعتني كقارىء أحزن وأتعاطف مع يارا ووالدها ..

تمرير براءة يارا في اختباءها للعب من والدها برأيي خدم النص ، وتصرف الأب أيضاً .. فأصبحت كقارىء أنتظر ماذا سيحدث ل يارا ..؟ الحبكة
تكرار اسم يارا في النص لم يزعجني

أسئلة يارا لوالدها كانت تدفع النص إلى ذروة التأزم ، والجمل الحوارية كانت رائعة دفعتني للدعاء ل يارا ..
جاءت النهاية التي اختارها الكاتب ، موت يارا ، ليقول لنا بأن هذا هو ثمن الحرية ..

شكراً لك على هذا النص أخي

[مبروكة بوناب]

شكرا لك على هذه القصةالقصيرة في اسطر وكبيرة في فحواها رغم بساطة الاسلوب تصور لنا الواقع المؤلم لشعوب المضلومة في وقتنا الحالي فاصبحت القنابل بدل الكورة والصرخات بديل القهقهات
كنت اقراها وهي تمر كالشريط \امام عيني عشت بين كلماتها فهناك (مالك ويارا \ في كل شبر في هذا العالم ونجحت في اصال الفكرة العامة من هذه القصة

[خليف محفوظ]

نص جميل حافل بالحركة الصادمة ، االتحول من النقيض إلى النقيض ، محاولة استيعاب اللحظة الفاجعة التي أحدثتها قذيفة طائشة عصفت ببيت أسرة كانت إلى وقت قريب جدا تعيش لحظة هنية ...وسط الخراب يبدو المشهد قاسيا ، و تنبري اللغة بكل قوتها طاقتها التعبيرية لتنقل الصورة الفادحة ، صورة البنت يارا وهي عالقة بين الأنقاض مشلولة الحركة " فقد نبت قضيب حديد من قضبان السقف في خاصرتها ومنعها من الحركة . " من قال بأن صورة أقوى من الكلمة ؟ هاهنا عندي الكلمة أقوى من صورة الكاميرا ...

وسط هذا اليباب الذي أحجثته القذيفة المجنونة التي أطلقها مجنون مستهتر يكره الحرية " خليهم ينعموا بالحرية !" ...وسط هذا الخراب نصغي لثلاثة أصوات : صوت الأب يبحث عن ابنته يارا ، صوت التافاز الذي كان في موضوع بعيد كليا عن الحدث في لامبالةتامة و عدم اكتراث كلي ، صوت يارا التي يخترق حديد السقف خاصرتها تعبر عن آخر أمانيها ...

قوة التصوير في القصة مضاف إليها قوة التلميح ..هناك ربط جميل بين بداية القصة و نهايتها ...القذيفة حين انطلقت في بداية النص كانت تخترق مساحات جميلة ( بساتين المشمش و اللوز وكروم العنب ) ، وتزعج كائنات لطيفة بريئة ( العصافير و الحمام ) لتستقر في عش أسرة بريئة فتمزق هذه العصفورة الصغيرة يارا ...
الصورة المرفقة ، الرسم الساذج ليارا اغتيال عنيف فظ للبراءة في أنقى صورها ...
نص ممتاز ، و إن كان لي مأخذ فهو شيء من الإسراف العاطفي الذي اتسم به حوار الأب مع يارا .

كما أحيي الأستاذ عدي على قراءته العميقة للنص .حقا نحن في حاجة إلى مثل هذه القراءة الواعية .
عميق تحيتي

[سهام العليوي]

لم أتمالك نفسي من البكاء
لو كانت أبنتي لمت في ذات اللحظة من أنين أبنتي ..
أشكرك من كل قلبي سيدي القدير على تأثيرك وتصويرك الدقيق لهذا المشهد التراجيدي ..

[ناظم العثمان الصغير]

انا دائما اردد ... أن للنص الجميل ثلاث أبطال
المتلقي الذواق
والحدث المهم
أما الثالث ... وهو هنا أصغر الأبطال وهو الكاتب ... وهو هنا ....أنا
أشكر الأخ عدي بلال على ذلك النقد الجميل وما أفرحني به هو أطلالة مشاعره عبر سطوره وتحزبه لأبطال القصة
شكرا أخ عدي شكرا شكرا

[ناظم العثمان الصغير]

مبروكة بوناب\ لا بد ان القصة قد لامست مشاعرك النبيلة .. وهي بالطبع تعني الكثير الكثير لمن يملكون أحساسا نبيلا ... شكرا لك اخت مبروكة

[ناظم العثمان الصغير]

أستاذ خليف
لقد أحطتم نصوصي في موقعكم الجميل بالعناية
وانا أشكركم على تلك العناية ..
وانت استاذ خليف تعرف أو أكثر من يعرف ان النص حين ينشر يصبح ملكا للمتلقي والناقد .. ولكن الناقد الجميل هو من يجعل الكاتب ملكه وقد جعلتني اليوم ملكا لموقعكم الجميل
شكرا لك اخي خليف .. شكرا شكرا
ملاحظة "اين هو الاستاذ ذوابة ؟؟

[ناظم العثمان الصغير]

الأخت سهام العليوي
ما أبكاك أبكاني أنا
والمأساة أن نهاية تلك القصة هي حرفيا مثلما وردت على لسان والد الطفلة
نحن نبكي لأننا بشر
شكرا لك اخت سهام ... شكرا لصدق أحساسك