|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
16-05-2009, 08:27 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
عرض الحديث على القرآن العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم العرض على القرآن الدكتور المرتضى المحطوري الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، والصلاة والسلام على رسول الله وآله, المبيّن للناس ما نُزّل إليهم، فكانت سنته الشريفة بشأن القرآن مذكرته التفسيرية أقوالا وأفعالا، لهذا ينبغي أن نعطي السنة حقها من القداسة والتبجيل، وقد نالت من العناية ما لا مزيد عليه، وفي هذه الأحرف أسوق بعض الفوائد التي لا غنى عنها في سياق تنبيهات، ثم أتكلم في معيار عرض الروايات على القرآن. التنبيه الأول: أن السنة تراث المسلمين جميعًا، وليس لفريق أن يدعي أنه أهل السنة والجماعة وحده؛ طالما والسنة مصدر التشريع بعد القرآن عند كل المسلمين، ولا يخرج عن السنة إلا من لم يعمل بالسنة وأنكر شرعيتها. التنبيه الثاني: أن القرآن محفوظ من الله لا كذب فيه ولا ريب، متواتر، ولا بحث حول وروده، لكن السنة تختلف فهي بحاجة إلى بحث وتمحيص في الراوي والمروي، فلا نعتقد أن مَن ردّ حديثا لسبب جعله لا يطمئن له قد كفر بالسنة؛ لأن السنة على وجه الإجمال متواترة وآحاد. والمتواتر لا خلاف حول صحته وثبوته عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )، لكنه قليل، وأحاديث الآحاد تنقسم إلى: صحيحة، وحسنة، وضعيفة، كما هو معروف ، والصحيح قد يُرد على الرُّغم من الحكم بصحته؛ لشذوذ في متنه أي في نص الحديث كما يوضحه التنبيه الآتي. التنبيه الثالث: ذهب أئمة الزيدية والمحققون من أهل العلم من الأصوليين والمتكلمين إلى وجوب عرض الأحاديث على القرآن الكريم ولا سيما الأحاديث الواردة في المسائل الخطيرة المتعقلة بالله سبحانه، أو التي تُؤَسس عليها قواعد شرعية مُهمة ومبادئ ثابتة. ونحن نرى أن معيار العرض على القرآن أهم المعايير التي ينبغي أن تراعى؛ لتمييز الصحيح من الحديث عن غيره. وسنورد الأدلة على مشروعية العرض، ثم نتبع ذلك بنماذج تطبيقية لعرض الحديث على القرآن تثبت جدوى هذا المعيار. مشروعية عرض الحديث على القرآن يمكن الاحتجاج لمنهج عرض الحديث على القرآن بأدلة منطقية عقلية وشرعية، تؤيد صحته، بل وتجعله أكثر سلامة في قبول وردِّ الأحاديث المروية عن النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وسنعرضها على النحو الآتي: الدليل من العقل: خلاصة الدليل العقلي في هذه المسألة: أننا نعلم أن الكتاب والسنة نابعان من مشكاةٍ واحدة، ولهما هدف واحد، وعلى هذا الأساس يقضي العقل بعدم اختلافهما واتفاقهما ولو في الإطار العام؛ إذ لا يعقل أن يصدرا عن الحكيم وهما متناقضان مختلفان. وبما أن ثبوت القرآن قطعي قد وصل إلينا بالتواتر، وثبوت أحاديث الآحاد الواردة عن النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) ظنيَّة يمكن فيها السهو والغلط، فالعقل يحكم بأن نُقَيِّم ما ورد عن طريق الظن على ضوء ما قطع بثبوته. الدليل من القرآن: أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم أنه أرسل إلى الأمم السابقة رسلا وأنزل كتباً لإرشادهم إلى المنهج الأمثل الذي يُعرف الحق من خلاله، ويُحسم أي اختلاف يطرأ وفق نظامه، فقال تعالى: ( كَانَ النّاسُ أُمّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النّبِيّينَ مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ ) [البقرة:213]، وأنكر على المعرضين عن ذلك المنهج، فقال: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىَ كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمّ يَتَوَلّىَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ وَهُمْ مّعْرِضُونَ ) [آل عمران:23]. وعندما تجاهلت بعض الأمم ذلك المنهج انحرفت مسيرتها، وأخذت تغرق في خصومة وجدل عقيم، أدى إلى إقدام كل طرف على مصادرة حق الآخر في الانتماء إلى الفكر المشترك بينهم، وبنو إسرائيل أوضح مثال على ذلك، فقد حكى لنا الله تعالى خلاصة حالهم بقوله: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النّصَارَىَ عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النّصَارَىَ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) [البقرة:113]، فأخبر أنهم كانوا (يَتْلُونَ الْكِتَابَ )؛ لينبه بذلك على أنه كان بإمكانهم الخروج من الخلاف بالعودة إلى كتاب ربهم الذي هو محل احترامهم جميعاً، ولكنهم بتجاهلهم صاروا مثلاً للذين لا يعلمون، فقالوا مثل قولهم. وعلى نفس النسق أكد الله تعالى لهذه الأمة من خلال القرآن الكريم أن الرجوع إلى كتابه عند الاختلاف، هو منهج مأمون، وطريق مأمون، فهو مصدر الهداية الذي يمكنها الاعتماد عليه، قال تعالى : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللّهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبّي عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) [الشورى:10]، وقوله: ( إِنّ هَـَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) [الإسراء:9]. وفي ذلك دلالة كافية على أن القرآن الكريم أمان لهذه الأمة من الانحراف والتفرق، إن اجتمعت عليه وعملت وفق توجيهاته، وهذا لا يعني إلغاء دور أي مصدر من مصادر الهداية، وإنما المراد أن نجعل القرآن أصل الأصول ومرج المراجع. الدليل من السنة: حديث العرض: هذا الحديث له طرق كثيرة ينجبر بعضها ببعض، وما ضُعِّف من طرقه يستشهد به؛ لورود الحديث من طرق صحيحة، ونورد الروايات بدءًا بأصحها سندًا. الحديث الأول: عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، رواه ابن عساكر([1]) بسنده. قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، حدثنا الشيخ أبو عبدالله محمد بن أبي نصر الحميدي، من لفظه بدمشق، قال: أخبرتنا كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية، قالت: أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه بسرخس، أنبأنا أبو لبيد محمد بن إدريس السامي، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو بكر عن عاصم عن زر عن علي قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ((ستكون علي رواة يروون الحديث، فأعرضوا القرآن، فإن وافقت القرآن فخذوها وإلا فدعوها)). ثم قال ابن عساكر: أخبرناه عاليا أبو محمد بن الأكفاني، أخبرتنا كريمة إجازة، قالت: أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد فذكره. سند الحديث: أما شيخ ابن عساكر فهو أبو محمد هبة الله بن أحمد الأنصاري الدمشقي المعدل المعروف بابن الأكفاني. قال الذهبي: الشيخ الإمام الْمُفَنَّن المحدِّث الأمين مفيد الشام، ولد سنة 444هـ([2]). قال ابن عساكر: سمعت منه الكثير، وكان ثقة، ثبتًا، متيقظًا، معنيا بالحديث وجمعه، غير أنه كان عسرا في التحديث. مات ابن الأكفاني سنة 524هـ([3]). والحميدي: هو صاحب المسند. قال الذهبي: حدث عن ابن حزم فأكثر، وعن أبي عبدالله القضاعي وأبي عمر بن عبدالبر، وذكر غيرهم حتى قال: كان صاحب حديث كما ينبغي علمًا وعملا، وكان ظاهريا، ويسر ذلك بعض الأسرار([4]). قال ابن عساكر: سمع خلقًا لا يحصى كثرة، وكان مواظبًا على سماع الحديث وكتابته، ويخرجه مع تحرزٍ وصيانةٍ. توفي الحميدي ببغداد سنة 488هـ([5]). أما كريمة المجاورة المروزية: فقد قال عنها الذهبي: الشيخة، العالمة، الفاضلة، المسندة، أم الكرام، المجاورة بحرم الله، وكانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها علم ومعرفة وتعبد. روت الصحيح مرات كثيرة، وماتت بكرا لم تتزوج ، وقال: الصحيح موتها سنة ثلاث وستين وأربعمائه([6]). وتروي كريمة عن أبي علي زاهر بن أحمد الفقيه . قال الذهبي: الإمام العلامة فقيه خرسان، شيخ القراء والمحدثين أبو علي السرخسي، وذكر سماعه عن أبي لبيد السامي، ورواية كريمة عنه، توفي زاهر سنة 389هـ([7]). أما السامي: فهو أبو لبيد محمد بن إدريس. قال الذهبي: الإمام المحدث، الرحال، الصادق، حافظ سرخس، حدث عنه إمام الأئمة ابن خزيمة، مات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وذكر سماعه عن أبي كريب([8]). وأبو كريب: هو محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، الثقة الإمام، شيخ المحدثين الستة، ولد سنة 161هـ، صنف وجمع وارتحل. قال محمد بن يحيى الذهلي: لم أر بعد أحمد بن حنبل أحفظ منه. سمعت ابن عقدة يقدم أبا كريب في الحفظ والكثرة على جميع مشائخهم، ويقول: ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاث مائة ألف حديث([9]). ورواية أبي كريب عن أبي بكر، وهو: أبو بكر بن عياش، وهو الأسدي الكوفي الحافظ المقرئ مولى واصل بن حيان الأحدب. روي عن عاصم بن بهدلة وغيره، وروى عنه أبو كريب وآخرون. قال أحمد: صدوق، صاحب قرآن وخير، ذكره ابن حبان في الثقات، وروى له البخاري ومسلم في مقدمته والباقون([10]). وأما في القراء فكان شهيرا، قال ابن عدي: يروى عن أجلة الناس، وحديثه فيه كثرة، حتى قال: وهو في رواياته عن كل من روى عنه لا بأس به، ذلك أني لم أجد له حديثًا منكرا؛ إذا روى عنه ثقة، إلا أن يروي عنه ضعيف([11]). أما عاصم بن بهدلة: فشهرته في القراءات شهرة البخاري في الحديث، وهو عاصم بن أبي النجود الكوفي ، وبهدلة أمه، أبو بكر الأسدي المقرئ، محدث، وثقه أحمد بن حنبل، وأبو زرعة وغيرهما، توفي سنة 127هـ، وقيل: غير ذلك. روى له البخاري ومسلم مقرونا بغيره، واحتج به الباقون([12]). زر بن حبيش الكوفي السلمي: تابعي، مقرئ، محدث كثير الحديث، وثقه ابن سعد، ويحيى بن معين، توفي سنة 82هـ، وقيل غير ذلك. قال ابن عبدالبر: كان عالمًا بالقرآن، قارئًا فاضلا، روى له الجماعة([13]). وزر بن حبيش روى الحديث عن علي. وهذا حديث صحيح الإسناد على قواعد المحدثين، فرجاله من الحفاظ الثقات الذين اعتمد روايتهم أصحاب الصحاح وغيرهم. فهذه الرواية وحدها كافية لتصحيح الحديث حسب قواعد المحدثين. وقد ذكر الدارقطني([14]) عند إيراده لهذه الرواية أن رواية عاصم ليست عن زر بن حبيش، قال: (هذا وهم)، والصواب عن عاصم عن زيد عن علي بن الحسين مرسلا عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )، وكلام الدار قطني مردود من وجوه: الأول: أن جميع من ترجم لعاصم لم يذكر له رواية عن الإمام زيد. وكذا من ترجم لزيد لم يذكر عاصما في الرواة عنه، سواء من الزيدية أو المحدثين، وقد أفرد أبو عبدالله العلوي الحافظ من روى عن الإمام زيد من التابعين، ولم يذكر عاصمًا منهم، وكذا لم يذكره عبدالعزيز البقال البغدادي في الرواة عن الإمام زيد([15]). الثاني: أنه إذا ساغ للدارقطني أن يرى في السند توهما؛ لأن فيه جبارة بن مغلس لمحله من الصلاح، إلا أنه يخدع([16]) كما قالوا، فجعله الدارقطني مظنة هذا التوهم، فإن ما ظنه الدارقطني من التوهم مرتفع، فقد وردت الرواية عند ابن عساكر من غير طريق جباره هذا، بل من طريق أبي كريب، وهو من رجال الستة، فسقطت بذلك دعوى الدارقطني. الحديث الثاني: عن أبي هريرة رواه الخطيب البغدادي في الكفاية([17]) بسنده عن إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل عن أحمد بن كامل القاضي عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري عن محمد بن عبيد المحاربي عن صالح بن موسى الطلحي عن عبدالعزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال: ((سيأتيكم عني أحاديث مختلفة، فما جاءكم موافقًا لكتاب الله ولسنتي فهو مني)). ورواه الدارقطني([18]) بسنده عن أبيه عن أحمد بن الحنين بن عبدالجبار عن داود بن عمرو عن صالح بن موسى الطلحي بسند الخطيب، وزاد الدارقطني له متابعة أخرى عن عثمان بن أحمد الدقاق عن محمد بن الحسين بن حفص الخثمي عن محمد بن عبيد المحاربي عن الطلحي به. سند الحديث: إبراهيم بن مخلد (في سند الخطيب) شيخ الخطيب. قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، صحيح الكتاب، حسن النقل، جيد الضبط، ومن أهل العلم والمعرفة بالأدب، ت:410هـ([19]). وأحمد بن كامل القاضي فهو تلميذ الطبري، حدث الدارقطني والحاكم. قال الدارقطني: كان متساهلا. وقال الذهبي: وقع لي من عواليه، وكان من بحور العلم فأخمله العجب([20]).أهـ. وإنما عابوا عليه أنه كان لا يقلد، وإنما يختار ما ترجح عنده، فنسبوه إلى العجب لذلك. أما محمد بن جرير الطبري : فهو صاحب التفسير والتاريخ. قال الذهبي : كان ثقة، صادقا، حافظا، رأسًا في التفسير، إماما في الفقه([21]). قلنا: وشهرته تغني عن التعريف به، وتابعه عن المحاربي محمد بن الحسين الخثمي، وهو يروي عن محمد بن عبيد المحاربي النحاس الكوفي شيخ المحدثين، روى عنه الطبري، وأبود داود، والترمذي، والنسائي، وأبوحاتم، وأبو زرعة، وبقي بن مخلد. قال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات([22]). أما صالح بن موسى: فهو ابن إسحاق بن طلحة الكوفي الطلحي، روى له الترمذي، وابن ماجة. سئل عنه أحمد فقال: ما أدري ، قال: كأنه لم يرضه([23]). قال البخاري: منكر الحديث عن سهيل بن أبي صالح. وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدًّا، وضعفه النسائي. وكما ترى فإن أكثر ما أخذوه عليه: النكارة، والنكارة معيار غير دقيق، فهو متوقف على ذائقة المحدث، فهي تحدد ما يعرف وما ينكر، ويتأثر الإنكار ببيئة المحدث ومذهبه. قال ابن عدي: هو عندي ممن لا يتعمد الكذب، ولكن يشبه عليه ويخطئ([24]). بعد أن لمح إلى أن ما يؤخذ عليه عائد إلى النكارة بقوله: عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد. وكلام ابن عدي في صالحه كما ترى، والاشتباه هنا مرتفع، فقد توبع من طرق أخرى، وقد روى له الترمذي، وابن ماجة، وصحح الحاكم له حديثا([25]). واحتج ابن القيم في (إعلام الموقعين) بإحدى رواياته([26]). أما بقية السند فلا خلاف في وثاقتهم، فعبد العزيز بن رفيع: تابعي، أبو عبدالله المكي الطائفي، رأى عائشة، وسمع عن أفراد من الصحابة، وسمع أذان أبي محذورة. روى له الجماعة، وثقه أحمد بن حنبل، وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين وأبو حاتم والنسائي: ثقة روى له الجماعة([27]). وأبو صالح: هو ذكوان مولى عائشة، أبو عمرو المدني. قال أبو زرعة: ثقة، مات ليالي الحرة. وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات([28])، وبه يتصل السند بأبي هريرة، وهذا السند لا بأس به كما ترى. أما صالح بن موسى: فإنه وإن كان فيه مقال، إلا أن رواياته تصلح في الشواهد والمتابعات، وإنما رد المحدثون رواياته لمحل النكارة ولتفرده بما لا يتابع عليه، ولم يتفرد في هذا الحديث كما تقدم. الحديث الثالث: عن عبدالله بن جعفر رواه الروياني في مسنده من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عبدالله بن المسور عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ((إني سألت قوما من اليهود عن موسى فحدثوني حتى كذبوا عليه، وسألت قوما من النصارى عن عيسى فحدثوني حتى كذبوا عليه، وإنه سيكثر عليَّ من بعدي كما كثر على من قبلي من الأنبياء، فما حدثتم عني بحديث فاعتبروه بكتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو من حديثي، وإنما هدى الله نبيه بكتابه، وما لم يوافق كتاب الله فليس من حديثي))([29]). سند الحديث: زيد بن أبي أنيسة الجزري وثقه علماء الحديث([30])، وهو من رجال الجماعة، روى عن طبقة عبدالله بن المسور، وذكر الإسماعيلي في الكتاب الذي جمع فيه حديث زيد بن أبي أنيسة رواةً روى عنهم لم يذكروا في التهذيب ولا في الإكمال، كذا قال مغلطاي: ومن ذكره في الضعفاء فلأجل قول أحمد: صالح ليس هو بذاك، في أحاديثه بعض النكارة، وقد وثقه الذهبي وابن حجر([31])، توفي زيد سنة125هـ، وقيل غير ذلك. ويروي الحديث عن عبدالله بن المسور، وهو عبدالله بن المساور بن عون بن جعفر بن أبي طالب، أبو جعفر الهاشمي المدائني ، قال مغلطاي: سائر الناس يقولون عبدالله بن المسور([32]). وأبو جعفر تابعي أدرك عم أبيه عبدالله بن جعفر وروى عنه وعن ابن عباس وابن الحنفية، ورأى ابن الزبير وغيره، سكن المدائن، روى عنه خالد بن أبي كريمة، وعمرو بن مرة، وعبدالملك بن أبي بشير، وزيد بن أبي أنيسة وتوفي قبله([33]). واشتبه على علماء الرجال اسمه لمحل اختلاف رسم (المسور) بالألف وبدونها، فجعلوه رجلين، وثقوا أحدهما وجرحوا الآخر. فإذا ورد ذكره باسم عبدالله بن المسور ضعَّفوا حديثه ورموه بالوَضْعِ، فقد روى العقيلي تضعيفه عن يحيى بن معين وأحمد وعبدالرحمن بن مهدي([34])، وقال البخاري: كان جرير يقول فيه، ويحيى يغمزه، وزاد ابن عدي عن النسائي: أنه متروك([35]). لكن إذا ورد اسمه برسم عبدالله بن المساور قبلوه ورووا حديثه واحتجوا به، وقد ذكره البخاري بالاسمين معاً فجرحه بالأول وأجازه بالثاني، وذكر له حديثا، وكذا فعل ابن أبي حاتم([36]). وترجم لعبدالله بن المساور ابن حجر في كتبه، قال في التقريب: مقبول من الرابعة([37])، وروى له البخاري حديثا في الأدب المفرد عن ابن عباس صححه الألباني([38])، وذكره ابن حبان في الثقات([39]). ملاحظات تدل على أنهما واحد: أولاً: اتحاد المصر والعصر والاسم؛ إذ الفارق بين اسميهما "ألف" يحتمل في الرسم إثباتها وحذفها، فمن هنا جاء اللبس. ونسب ابن المسور إلى جعفر ولم ينسب ابن المساور إلى آخر ، فدل على أنه هو، كما أن عبدالله بن المسور سكن المدائن ونسب إليها، فقيل: المدائني([40])، أما ابن المساور فهو وإن لم يذكر نصًّا أنه سكن المدائن؛ لكن الراوي الوحيد عنه وهو عبدالملك بن أبي بشير سكن المدائن([41])؛ فدل على أنهما رجلٌ واحد كان ينزل المدائن؛ والعصر واحد لأن رواية أحدهما عن ابن الحنفية وعبدالله بن جعفر ورواية الآخر عن ابن عباس وهم أهل عصر واحد. ومنه يتضح أن اللبس إنما حصل بسبب رسم الاسم لا أكثر. ثانيا: اتحاد الراوي عنهما وهو عبدالملك بن أبي بشير، روى عن عبدالله بن المساور، كما ذكر روايته عنه البخاري، وقد تقدمت الإشارة إليها كما روى عبدالملك بن أبي بشير هذا عن عبدالله بن المسور وهما من أهل المدائن. وذكره أحمد فيمن روى عن عبدالله بن المسور([42])، ولم يرو عن عبدالله بن المساور وعن عبدالله بن المسور إلاَّ لكونهما شخصا واحدا. ثالثا: روى البخاري في اسم عبدالله بن المساور وجهين: أنه عبدالله بن المساور أو عبدالله بن أبي المساور([43]). قالوا: إنه وقع في نسخة القطان، وهذا يزيد من قوة احتمال حدوث اللبس في اسمه، فيتسع المجال للوجه الثالث وهو عبدالله بن المسور، طالما وقد وقع اللبس في اسمه جاز أن يكون أوسع مما ذكر. رابعا: رواية عبدالله بن المسور عن أهل مكة والمدينة لا تُستبعد؛ لكونه من ذرية جعفر، أما عبدالله بن المساور فغير منسوب، وقد روى حديث ابن عباس مع ابن الزبير كما في الأدب المفرد وكانا في مكة، فدل على أنه ابن المسور المدائني نفسه؛ إذ لم يُذْكَرْ مكان سكنه، لكن رواية أهل المدائن عنه وروايته عن أهل مكة تدل على اتحاد الشخصية . خامسا: رواية ابن المساور في الأدب المفرد في الجار، ولابن المسور رواية في الجار أيضاً([44]) تدل مع قلة حديثهما على اتحاد الاهتمام الباعث على الرواية، فكأن الراوي للحديثين واحد. سادسا: أن العلامة مغلطاي تنبه لهذا الأمر فترجم لعبدالله بن المساور ثم ذكر أن سائر الناس يقولون عبدالله بن المسور ولم يجعل رسم الاسم مبررا لاستنساخ شخصية جديدة . مما تقدم يتبين أن عبدالله بن المسور المتهم هو نفسه عبدالله بن المساور المقبول، ولكن يبقى التساؤل قائما: ما سبب اتهام عبدالله بن المسور في تصور، وتوثيقه في تصور آخر؟ وللإجابة عليه: يلاحظ على اتهامه وجرحه بعض الملاحظات: أولاً: اتهامه بالوضع يدور على رقبة بن مصقلة وعنه جرير بن عبدالحميد، ورقبة ليس مشهورا في رجال الجرح والتعديل؛ بل قد تكلم فيه الرجال وضُعِّف في نفسه([45]). كما أن رقبة كان معاصرا له، فقد توفي رقبة عام129هـ وهو نفس العام الذي قتل فيه ابن المسور([46])، فهذا من كلام الأقران. وكلام أحمد في ابن المسور يرويه عن رقبة([47]) ، وكلام ابن المديني ويحيى بن معين عن رقبة أيضاً([48]) ، ولا تجد فيه جرحا إلاَّ وجدته يؤول إلى رقبة، فلا يعقل أن يكون وضاعا ثم لا يتنبه لوضعه إلاَّ شخص واحد. ثانيا: أن رقبة حين اتهمه بالوضع اتهمه بناءً على أن الأحاديث التي رواها ابن المسور لم يعرفها هو، فرماه بوضعها، قال : "إنه وضع أحاديث على رسول الله وكلاما هو حق فاختلط بأحاديث رسول الله فاحتمله الناس"([49]). أما كيف عرف أن هذه الأحاديث التي هي كلام حق ليست من حديث رسول الله فاتهمه بوضعها؟ فإن رقبة أحالنا على ذوقه. وروى العقيلي عن رقبة أيضاً أنه قال: كان أبو جعفر يضع الحديث، رآه الحسن بن علي شيئاً لا ينكر يشبه أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاحتملها الناس([50]). ومع ما عليها من مسحة الكلام النبوي إلاَّ أنه حكم بالوضع على راويها، ثم تغير معيار النكارة فلم يعد منكرا ما كان مخالفا لحديث النبي( صلى الله عليه وآله وسلم )، وإنما صار المنكر ما وافق حديث النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) . روى العقيلي عن أحمد أنه قال: "أحاديث عبدالله بن المسور مناكير كأنها موضوعة"([51]). وهنا يظهر أن رقبة رمى ابن المسور بالوضع لا لأنه تأكد من كذبه؛ وإنما لأنه رأى أحاديثه تشبه حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )، وهو لم يطلع عليها من قبل، فرماه بالوضع! وتلقف المتأخرون كلامه فعولوا عليه. ثالثا: قد يأتي الحديث الذي يشبه كلام النبوة لكنه لا يروق لمن رواه، ومع صحة سنده أو عدمها يُرى جمال متنه وعدم نكارته، فلا يدري كيف يتخلص منه، فتراه يحمله على عبدالله بن المسور ويتهمه بوضعه ولو لم يكن له ذكر في سنده ، وهذا دليل على استهدافه بالاتهام دون مبرر . مثال ذلك : ما ذكره العقيلي في ترجمة عمرو بن يزيد الشيباني، وأورد حديثا في ذمِّ تعظيم المترفين وليس في سنده عبدالله بن المسور بتاتاً، لكن العقيلي تمحل إقحامه قائلا: ليس لهذا الحديث من حديث شعبة أصل . قال: وهذا الكلام عندي والله أعلم يشبه كلام عبدالله بن المسور الهاشمي وكان يضع الحديث، وقد روى عمرو بن مرة عنه، فلعل هذا الشيخ حمله على رجل عن عمرو بن مرة عن عبدالله بن المسور فأحاله على شعبة([52]). وبمثل هذه التشبيهات والتوهمات اتهموه بالوضع، والمعتاد أن يتهم من لا يشبه كلامه كلام النبي( صلى الله عليه وآله وسلم )، أما أن يتهم الراوي؛ لأن كلامه يشبه كلام النبي( صلى الله عليه وآله وسلم )، فهذا لم يحدث إلاَّ في حالته! بل إن الأولى أن يعتبر ذلك دليلا على صدقه. رابعا: أن الرجل قليل الحديث، قال ابن عدي: "وعبدالله بن المسور هذا ليس له كثير حديث"([53]) ، وهو كثير الإرسال. قال ابن أبي حاتم: يحدث بمراسيل لا يوجد لها أصل في أحاديث الثقات([54]). قلنا: لو كان وضَّاعًا لأكثرَ من الكذب والوضع، فمن وضع الحديث لا يبالي إن وضع ألف حديث، وهل عرفت قلة الحديث إلاَّ لدى المتحرزين عن الرواية خوفا من الكذب. كما أن من يضع الحديث لا يرويه مرسلا، بل لا بد أن يتقن ما صنع؛ ليلاقي رواجا، ومن يضع الحديث ما يمنعه أن يضع له سنداً؟ ولم تكثر مراسيله إلاَّ لأنه روى كما سمع. وقد تقدم توثيقه، وروايتهم عنه باسم عبدالله بن المساور، فلا يضره اختلاف رسم الاسم، كما لا تضره هذه التوهمات وأحاديثه مع قلتها لها شواهد من غير طريقة. ومما يدل على وثاقته إضافة إلى ما سبق أمران: الأول: أن أبا الفرج الأصفهاني ذكره في مقاتل الطالبيين، وذكر أن عبدالله بن معاوية بن عبدالله بن جعفر قتله ضربا بالسياط([55]). وكان أبو الفرج قد شرط في مقدمة كتابه أن لا يذكر إلاَّ من كان محمود الطريقة، سديد المذهب قال: "لا من كان بخلاف ذلك، أو عدل عن سبيل أهله ومذاهب أسلافه..."([56]). الثاني: أن جميع الرواة عنه: خالد بن أبي كريمة، وعبدالملك بن أبي بشير، وزيد بن أبي أنيسة وغيرهم ثقات، وهذا يدل على أنهم ارتضوه. وقد روى الحديث عن عم أبيه عبدالله بن جعفر وهو صحابي. وبهذا تصح رواية حديث العرض من هذا الطريق، وهي لا تقل قوة عن رواية ابن عساكر السالفة الذكر. وقد ذكر السيوطي في (مفتاح الجنة)([57]) أن البيهقي أورد هذا الحديث من طريق خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر عبدالله بن المسور، ثم علق عليه بقوله: خالد مجهول، وأبو جعفر ليس بصحابي، فالحديث منقطع. وأشار إلى أنه المراد بقول الشافعي في الرسالة([58]): "ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير ، وإنما هي رواية منقطعة عن رجل مجهول، ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء". وهذا التضعيف ليس دقيقاً؛ لأن خالدا ليس مجهولا، فهو ابن أبي كريمة الأصفهاني، روى له النسائي وابن ماجة، وله ترجمة في تهذيب الكمال، ذكر فيها أن أحمد وأبا داود وثقاه، وأن ابن حبان ذكره في الثقات([59]). وأما أبو جعفر فصحيح أنه ليس صحابيا، ولكن الرواية موصولة عن عبدالله بن جعفر كما تقدم عن (مسند الروياني). الحديث الرابع: عن عبدالله بن عمر رواه الطبراني بسنده عن علي بن سعيد الرازي عن الزبير بن محمد بن الزبير الرهاوي عن قتادة بن الفضيل عن أبي حاضر عن الوضين عن سالم عن أبيه عبدالله بن عمر عن النبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: ((سئلت اليهود عن موسى فأكثروا وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وسئلت النصارى عن عيسى فأكثروا فيه وزادوا ونقصوا حتى كفروا، وإنه سيفشو عني أحاديث فما أتاكم من حديثي فاقرأوا كتاب الله واعتبروه، فما وافق كتاب الله فأنا قلته وما لم يوافق كتاب الله فلم أقله))([60]). ورجال سنده كما يلي: علي بن سعيد الرازي: هو ابن بشير بن مهران، قال الذهبي: الحافظ البارع أبو الحسن (عُلَيِّك) قال الذهبي: الكاف في (عليك) هي علامة التصغير في علي. قال السهمي: سألت الدارقطني عنه فقال: لم يكن بذاك في حديثه . وطعن فيه بجمعه الخنازير في المسجد. قال: قلت: فكيف هو في الحديث؟ قال: حدث بأحاديث لم يتابع عليها، قال ابن يونس : كان يفهم ويحفظ. توفي سنة299هـ بمصر([61]). ويروي عن الزبير بن محمد الرهاوي: وهذا روى عنه أهل الشام ، وذكره ابن حبان في الثقات([62]). وهذا يروي عن قتادة بن الفضيل أبي حميد الرهاوي. قال أبو حاتم: شيخ مات سنة 200هـ، وروى له النسائي حديثا، وذكره ابن حبان في الثقات([63]). أما أبو حاضر فهو عبدالملك بن عبدربه بن زيتون ذكر ذلك ابن حبان، والهيثمي في مجمع الزاوئد([64])، وهو من أهل الشام، روى عنه أهلها وذكره ابن حبان في الثقات([65]). وهو يروي عن الوضين وهو ابن عطاء الخزاعي أبو كنانة وثقه ابن معين، وقال أبو داود: صالح الحديث روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة، ذكره ابن حبان في الثقات([66]). أما سالم بن عبدالله: فهو أحد علماء المدينة، وثقه ابن سعد وغيره، روى له الجماعة ، توفي سنة 105هـ([67]). وهذا السند من الأسانيد الجياد، رجاله ثقات، عدا أبي حاضر، قال الذهبي في المغني: مجهول ولكنه عرفه في ميزان الاعتدال فهو عبدالملك بن عبدربه، وأخذ عليه نكارة حديثه والنكارة غير واردة هنا؛ لاعتبار ورود الحديث من طرق أخرى فلم يتفرد به أبو حاضر، وعليه فأبو حاضر يستشهد بحديثه طالما لم يتفرد، خصوصا وأن البخاري عرفه فقال: عبدالملك بن عبدربه بن زيتون أبو حاضر قال: حديثه في الشاميين ثم سكت عنه. فأبو حاضر مقبول في الشواهد، وهذا شاهد يعتد به لحديث العرض. ا الحديث الخامس: عن ثوبان رواه الطبراني بسنده عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة عن إسحاق بن إبراهيم أبو النضر عن يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان أن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: ((ألا إن رحى الإسلام دائرة))، قال: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال: ((اعرضوا حديثي على الكتاب فما وافقه فهو مني وأنا قلته))([68]) . سند الحديث: شيخ الطبراني: هو أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة أبو عبدالله الحضرمي، وصفه الذهبي بالْمُسْنِد، وذكر وفاته سنة289هـ([69]). قال ابن عساكر: كان قد كبر فكان يلقن ما ليس من حديثه فيتلقن([70]). وهو عن إسحاق بن إبراهيم أبو النضر الفراديسي القرشي الدمشقي مولى أم الحكم بنت عبدالعزيز، هذا حدث عنه البخاري ومسلم وأبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم. وثقه أبو مسهر وأبو حاتم والدار قطني، توفي سنة227هـ([71]). قال ابن حجر: صدوق ضعف بلا مستند، وروى قول أبي زرعة : كان من الثقات البكائين([72]). ذكره ابن حبان في الثقات([73]). قال ابن عدي: ولأبي النضر أحاديث صالحة، ثم قال- وكان قد ذكر له حديث الأعمال بالخواتيم- :ولم أر له أنكر مما ذكرته([74]). وهو يروي عن يزيد بن ربيعة أبي كامل الدمشقي الرحبي. قال أبو حاتم: ليس هو بالقوي، وقال: منكر الحديث، وفي روايته عن أبي الأشعث عن ثوبان تخليط كثير([75]). وقال البخاري: حديثه مناكير([76]). وتبعه علماء الرجال. وهكذا كل من ضعف يزيد بن ربيعة ضعفه بالنكارة، وهي عائدة إلى الذائقة في الأغلب، لكن قال أبو مسهر عنه: يزيد بن ربيعة كان قديما غير متهم بما ينكر عليه أنه(كذا) أدرك أبا الأشعث ، ولكني أخشى سوء الحفظ والفهم، ثم قال ابن عدي: ويزيد بن ربيعة هذا أبو مسهر أعلم به؛ لأنه من بلده، ولا أعرف له شيئا منكرا قد جاوز الحد وأرجو أنه لا بأس به في الشاميين([77]). وقد تقدم كلام ابن عدي في ترجمة أبي النضر أنه لم ير له أنكر من حديث ((الأعمال بالخواتيم)) ، وهذا الحديث من رواية يزيد، فلم ير ابن عدي حديث العرض منكرا، مع أنه من رواية أبي النضر عن يزيد، كما صرح بأنه لم ير له شيئا منكرا قد جاوز الحد فخالفهم في إنكاره. ودافع عنه ابن حبان فقال: روى عنه أهل بلده، وكان شيخا صدوقا، إلا أنه اختلط في آخر عمره فكان يروي أشياء مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات فهو معتبر به؛ لقدم صدقه قبل اختلاطه([78]). قلنا: وهنا هو لم ينفرد وإنما اعتبرنا به؛ لَمَّا وافق غيره. وأما أبو الأشعث فهو شراحيل بن آده، قال العجلي : شامي، تابعي، ثقة، نزل دمشق، وتوفي زمن معاوية ، وهو من رجال الجماعة([79])، وذكره ابن حبان في الثقات([80]). ويروي عن ثوبان مولى رسول الله، وقد استنكر ابن حجر دعوى ابن الجوزي انقطاع رواية أبي الأشعث عن ثوبان([81]). وبهذا تكون هذه الرواية شاهدا لما تقدمها من الروايات. الحديث السادس: رواية عن علي أوردها البيهقي كما في مفتاح الجنة([82]) من طريق بشر بن نمير عن حسين بن عبدالله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال(إنه سيأتي ناس يحدثون عني حديثا، فمن حدثكم حديثا يضارع القرآن فأنا قلته، ومن حدثكم حديثا لا يضارع القرآن فلم أقله)). وعقب عليها بقوله: هذا إسناد ضعيف لا يحتج بمثله، حسين بن عبدالله بن ضميرة قال فيه ابن معين : ليس بشيء، وبشر بن نمير ليس بثقة. يقال: لا يصح اعتماد كلام البيهقي هذا على إطلاقه؛ لأن حسين بن عبدالله بن ضميرة إنما انتقد لمكانه من التشيع([83])، وهذا النوع من الجرح غير مقبول؛ لأنه عند محققي المحدثين من جرح الخصوم، خصوصا وأن ثمة فرقا بين التشيع والغلو. أما بشر بن نمير فقد اختلف فيه المحدثون حيث اعتمد روايته ابن ماجة في سننه، وهذه الرواية تصلح شاهدا لما تقدم، خصوصا وأنهم رأوا في حديثه نكارة وما ضعفوه إلا لأجلها([84]). ________________________________________ ([1]) تاريخ ابن عساكر 55/77. ([2]) سير أعلام النبلاء 19/577. ([3])تاريخ ابن عساكر 73/359، وسير أعلام النبلاء 19/577. ([4]) تذكرة الحفاظ 4/1218. ([5]) تاريخ ابن عساكر 55/77. ([6]) سير أعلام النبلاء 18/233. ([7]) سير أعلام النبلاء16/477. ([8]) سير أعلام النبلاء 14/464، 305. ([9]) تهذيب الكمال 26/243، وسير أعلام النبلاء 11/396. ([10]) تهذيب الكمال 33/133، وسير أعلام النبلاء 8/495. ([11]) الكامل لابن عدي 4/25. ([12]) تهذيب الكمال /473، وطبقات ابن سعد 6/320، وسير أعلام النبلاء 5/256. ([13]) تهذيب الكمال 9/335، وطبقات ابن سعد 6/104، وسير أعلام النبلاء 4/166، والاستيعاب 2/131. ([14]) سنن الدارقطني 4/208. ([15]) الروض النضير 1/111 وما بعدها. ([16]) تهذيب التهذيب 2/50. ([17]) الكفاية في علم الرواية 1/130. ([18]) سنن الدارقطني 4/208 ([19]) تاريخ بغداد 6/189 رقم 3250. ([20]) سير أعلام النبلاء 15/546. ([21]) سير أعلام النبلاء 14/270. ([22]) تهذيب الكمال 26/70 رقم 5446، وتهذيب التهذيب 9/286 رقم 6406، وثقات ابن حبان 9/108. ([23]) العلل ومعرفة الرجال لأحمد 1/91 رقم 1656. ([24]) الكامل لابن عدي 4/17 رقم 918، تهذيب الكمال 13/95 رقم 2841. ([25]) المستدرك 1/93. ([26]) إعلام الموقعين 2/307. ([27]) تهذيب الكمال 18/134 رقم 3446. ([28]) ثقات ابن حبان 4/122، وتهذيب التهذيب 3/169 رقم 1921. ([29]) مسند الروياني2/255. ([30]) تهذيب الكمال22/18رقم289، وإكمال مغلطاي5/133رقم1759. ([31]) الميزان6/27رقم2939، وتهذيب التهذيب3/347رقم2207. ([32]) إكمال تهذيب الكمال8/197. ([33]) تاريخ بغداد 10/172، وينظر التهذيب والإكمال (مصدر سابق). ([34]) ضعفاء العقيلي2/306. ([35]) الكامل لابن عدي4/166، 167رقم985. ([36]) تاريخ البخاري5/195، والجرح والتعديل5/169. ([37]) تهذيب التهذيب6/26، التقريب رقم629. ([38]) تهذيب الكمال 16/121، وصحيح الأدب المفرد رقم82. ([39]) ثقات ابن حبان5/44. ([40]) تاريخ بغداد10 /171. ([41]) تاريخ بغداد10/391، وتهذيب التهذيب6/339. ([42]) العلل لأحمد1/519. ([43]) تاريخ البخاري5/196. ([44]) ضعفاء العقيلي2/306، والموضوعات لابن الجوزي3/496. ([45]) اكمال مغلطاي4/400رقم1608. ([46]) الإكمال4/400، ومقاتل الطالبيين ص160. ([47]) العلل لأحمد1/520. ([48]) الكامل لابن عدي4/166. ([49]) تاريخ بغداد10/172. ([50]) ضعفاء العقيلي2/306. ([51]) المصدر السابق. ([52]) ضعفاء العقيلي2/306. ([53]) الكامل لابن عدي4/167. ([54]) الجرح والتعديل 5/170. ([55]) مقاتل الطالبيين ص160. ([56]) مقاتل الطالبيين ص5. ([57]) مفتاح الجنة1/21. ([58])الرسالة 224. ([59]) تهذيب الكمال8/156، والثقات لابن حبان 6/262. ([60]) الطبراني12/316رقم13224. ([61]) سير أعلام النبلاء14/146. ([62]) ثقات ابن حبان8/257. ([63]) تهذيب التهذيب8/310رقم5735، وتهذيب الكمال23/518رقم4849، وثقات ابن حبان7/341. ([64]) مجمع الزوائد1/169. ([65])ثقات ابن حبان7/99. والتاريخ الكبير5/422. ([66]) تهذيب الكمال30/449، وثقات ابن حبان7/564. ([67]) تهذيب الكمال10/145، طبقات ابن سعد5/196. ([68]) المعجم الكبير2/97. ([69]) تذكرة الحفاظ2/650، سير أعلام النبلاء13/454. ([70]) ابن عساكر5/467. ([71]) تاريخ ابن عساكر8/174. ([72]) تهذيب التهذيب1/199. والتقريب376. ([73]) ثقات ابن حبان8/111 . ([74]) الكامل لابن عدي1/339. ([75]) ابن عساكر65/170. ([76]) التاريخ الكبير8/332. ([77]) الكامل لابن عدي7/259. ([78]) المجروحين لابن حبان2/455. ([79]) تهذيب التهذيب4/219. ([80]) ثقات ابن حبان4/365. ([81]) تهذيب التهذيب. مصدر سابق. ([82]) مفتاح الجنة للسيوطي1/22. ([83]) طبقات الزيدية الكبرى مخطوط. ([84]) تهذيب التهذيب4/157. |
|||
16-05-2009, 08:34 PM | رقم المشاركة : 2 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
|
|||
16-05-2009, 11:46 PM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
الاستاذ العزيزناجح اسامة سلهب |
|||
17-05-2009, 11:13 AM | رقم المشاركة : 4 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
|
|||
18-05-2009, 08:40 AM | رقم المشاركة : 5 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
الاستاذ سلهب حفظك الله ورعاك |
|||
18-05-2009, 05:20 PM | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
|
|||
18-05-2009, 05:37 PM | رقم المشاركة : 7 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
|
|||
18-05-2009, 05:58 PM | رقم المشاركة : 8 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
|
|||
18-05-2009, 05:59 PM | رقم المشاركة : 9 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
مجهووود تشكرين عليه |
|||
18-05-2009, 10:28 PM | رقم المشاركة : 10 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
|
|||
19-05-2009, 12:47 AM | رقم المشاركة : 11 | |||
|
مشاركة: عرض الحديث على القرآن العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم |
|||
19-05-2009, 12:16 PM | رقم المشاركة : 12 | |||
|
رد: عرض الحديث على القرآن العظيم
|
|||
|
|