الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-08-2023, 07:47 PM   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)







بين بطلان عذاب القبر وإثباته:

اِحْتُجَ بهذه الآية على بطلان عذاب القَبْرِ، قالوا: لأنه - تعالى - بين أنه يحييهم مَرَّةً في الدنيا، وأخرى في الآخرة، ولم يذكر حياة القبر، ويؤيده قوله في سورة "المؤمنون": (ثُمَّ إِنَّكُم بَعۡدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ 15 ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تُبۡعَثُونَ 16)، ولم يذكر حياةً فيما بين هاتين الحالتين، ولا يجوز الاسـتدلال بقوله تعالى: (قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ) غافر 11؛ لأنه قول الكفار، ولأنّ كثيراً من الناس أثبتوا حياة الذَّر في صُلب بني آدم حين استخرجهم وقال لهم: (أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ) الأعراف 172. وعلى هذا التقدير حصل حَيَاتان وموتتان من غير حَاجَةٍ إلى إثبات حَيَاةٍ في القبر.
أما من يثبتون عذاب القبر فيجيبون بأنه لم يلزم من عدم الفِكْرِ في هذه الآية ألا تكون حاصلة، وأيضاً فلقائل أن يقول: إن الله - تعالى - ذكر حَيَاة القبر في هذا الآية؛ لأن قوله: (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) ليس هو الحياة الدائمة، وإلا لما صح أن يقول: (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون)؛ لأن كلمة (ثُمَّ) تقتضي التَّراخِي، والرجوع إلى الله - تعالى - حاصل عقب الحَيَاةِ الدَّائمة من غير تَرَاخٍ، فلو جعلنا الآية من هذا الوجه دليلاً على حياة القبر كان قريباً.






 
رد مع اقتباس
قديم 12-08-2023, 05:47 PM   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





ما دلالة: (وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ):

قوله: (وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ) جملة حالية لبيان أولى الدلائل على وجوده وقدرته، وهي ما يشـعر به كل أحد من أنه وجد بعد عدم.
وقالوا: "قد دلت العبارة على أن هذا الإيجاد على حال بديع، إذ أن الإنسان كان مركب أشياء موصوفاً بالموت أي لا حياة فيه إذ كان قد أخذ من العناصر المتفرقة في الهواء والأرض فجمعت في الغذاء وهو موجود ثانٍ ميت ثم استخلصت منه الأمزجة من الدم وغيره وهي ميتة، ثم استخلص منه النطفتان للذكر والأنثى، ثم امتزج فصار علقة ثم مضغة كل هذه أطوار أولية لوجود الإنسان وهي موجودات ميتة ثم بثت فيه الحياة بنفخ الروح فأخذ في الحياة إلى وقت الوضع فما بعده.
وإطلاق الأموات هنا - كما بينَّا من قبل - مجاز شائع بناء على أن الموت هو عدم اتصاف الجسم بالحياة سواء كان متصفاً بها من قبل كما هو الإطلاق المشهور في العرف أم لم يكن متصفاً بها إذا كان من شأنه أن يتصف بها فعلى هذا يقال للحيوان في أول تكوينه نطفة وعلقة ومضغة ميت لأنه من شأنه أن يتصف بالحياة فيكون إطلاق الأموات في هذه الآية عليهم حين كانوا غير متصفين بالحياة إطلاقاً شائعاً والمقصود به التمهيد لقوله: (فَأَحۡيَٰكُمۡۖ)، ثم التمهيد والتقريب لقوله: (ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ)".






 
رد مع اقتباس
قديم 14-08-2023, 04:25 PM   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





(ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ):

إن كانت جملة: (وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ) جملة حالية؛ فلا يتعين أن تكون جميع الجمل مندرجة في الحال، إذ يحتمل أن يكون الحال قوله: (وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ)، ويكون المعنى: كيف تكفرون بالله وقد عبر عن الخلق بقوله تعالى: (وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ)، لأنه لا نعمة أعظم من نعمة الاختراع، ثم نعمة الاصطناع، وقد شمل هذا القول النعمتين، لأن بالإحياء حصلتا. ألا ترى أنها تضمنت الجملة الإيجاد والإحسان إليك بالتربية والنعم إلى زمان أن توجه عليك إنكار الكفر؟ ولما كان مركوزاً في الطباع ومخلوقاً في العقول أن لا خالق إلا الله، لأن ذلك لا خلاف فيه، لقوله تعالى: (وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ) الزخرف 87، كانت حالاً تقتضي ألا تجامع الكفر، فلا يحتاج إلى تكلف. إن الحال هو العلم بهذه الجملة. وعلى هذا يكون قوله تعالى: (ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ) جملاً أخبر الله - تعالى - بها مستأنفة لا داخلة تحت الحال، ولذلك غاير فيها بحرف العطف وبصيغة الفعل عما قبلها من الحرف والصيغة. وما يؤيد أنها خبرية أن المشركين لا يؤمنون بالبعث.






 
رد مع اقتباس
قديم 18-08-2023, 03:52 PM   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





ما قيل في ترتيب الموتتين والحياتين المذكورتين في الآية:

في ترتيب هاتين الموتتين والحياتين اللاتي ذكر الله - تعالى - وامتن عليهم بها أقوال:
1) الأول: أن الموت الأول: العدم السابق قبل الخلق، والإحياء الأول: الخلق، والموت الثاني: المعهود في دار الدنيا، والحياة الثانية: البعث للقيامة.
2) كنتم أمواتاً - أي نُطَفاً - في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، ثم نقلكم من الأرحام فأحياكم، ثم يميتكم بعد هذه الحياة، ثم يحييكم في القبر للمسألة، ثم يميتكم في القبر، ثم يحييكم حَيَاةَ النشر إلى الحَشْرِ وهي الحياة التي ليس بعدها موت.
وعلى هذا التأويل هي ثلاث مَوْتَات، وثلاث إحْيَاءَات، وكونهم موتى في ظهر ابن آدم، وإخراجهم من ظهره والشهادة عليهم غير كونهم نطفاً في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، فعلى هذا تجيء أربع موتات وأربع إحياءات.
3) أن الموت الأول: المعهود في الدنيا، والإحياء الأول: هو في القبر للمسألة، والموت الثاني: في القبر بعد المسألة، والإحياء الثاني: البعث.
4) أن الموت الأول: كونهم في أصلاب آبائهم، والإحياء الأول: الإخراج من بطون الأمهات، والموت الثاني: المعهود، والإحياء الثاني: البعث.
5) كنتم أمَواتاً في ظهر آدم، ثم أخرجكم من ظهره كالذَّرِّ، ثم يميتكم موت الدنيا، ثم يبعثكم.
6) إن الله - تعالى - أوجدهم قبل خلق آدم كالهَبَاءُ، ثم أماتهم، فيكون هذا على خمس موتات، وخمس إحياءات، وموتة سادسة للعُصَاة من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلوا النَّار.
7) أن الموت الأول: كون آدم من طين، والإحياء الأول: نفخ الروح فيه فحييتم بحياته، والموت الثاني: المعهود، والإحياء الثاني: البعث.
8) يجوز أن يكون "أماتهم" عبارة عن تغييبهم عن آلامها بالنوم، ولا يكون ذلك موتاً على الحقيقة.
9) وقيل: المعنى: وكنتم أمواتاً بالخمول، فأحياكم بأن ذكرتم، وشـرفتم بهذا الدين، والنبي الذي جاءكم، ثم يميتكم فيموت ذكركم، ثم يحييكم للبعث.
10) وللمنسوبين إلى علم الحقائق أقوال تخالف ما تقدم:
أمواتاً بالشرك فأحياكم بالتوحيد.
أو: أمواتاً بالجهل فأحياكم بالعلم.
أو: أمواتاً بالاختلاف فأحياكم بالائتلاف.
أو: أمواتاً بحياة نفوسكم وإماتتكم بإماتة نفوسكم وإحياء قلوبكم.
أو: أمواتاً عنه فأحياكم به.
أو: أمواتاً بالظواهر فأحياكم بمكاشـفة السرائر.
أو: أمواتاً بشهودكم فأحياكم بمشاهدته ثم يميتكم عن شواهدكم ثم يحييكم بقيام الحق عنه ثم إليه ترجعون من جميع ما لكم.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 22-08-2023, 01:14 PM   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





(ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ):

في هذه الجملة من الترهيب والترغيب ما يزيد المسيء خشية ويرده عن بعض ما يرتكبه، ويزيد المحسن رغبة في الخير ويدعوه رجاؤه إلى الازدياد من الإحسان، وفيها رد على الدهرية والمعطلة ومنكري البعث، إذ هو بيده الإحياء والإماتة والبعث وإليه يرجع الأمر كله.
والضميرُ في: (إِلَيۡهِ)لله تعالى، وهذا ظاهرٌ لأنه كالضمائر قبلَه، و (ثَمَّ) مضافٌ محذوفٌ أي: إلى ثوابِهِ وعقابِه. وقيل: على الجزاءِ على الأعمالِ. وقيل: على المكانِ الذي يَتَوَلَّى اللهُ فيه الحكمَ بينكم. وقيل: على الإِحياء المدلولِ عليه بـ "أَحۡيَاكُمۡ"، يعني أنكم تُرْجَعُـون إلى الحالِ الأولى التي كنتم عليهـا في ابتداء الحياةِ الأولى من كونِكم لا تَمْلِكُون لأنفسِكم شيئاً.
والجمهورُ على قراءة (تُرْجَعُون) مبنياً للمفعولِ، وقُرِئَ مبنيّاً للفاعل. ووجهُ القراءتين أنَّ "رَجَع" يكونُ قاصراً ومتعدياً، فقراءةُ الجمهورِ من المتعدِّي وهو أرجحُ؛ لأنَّ أصلَها: "ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجِعُكُمْ" لأنَّ الإِسنادَ في الأفعالِ السابقة لله - تعالى -، فيناسِبُ أن يكونَ هذا كذا ولكنه بُنِيَ للمفعول لأجل الفواصل والقواطع.
وفي الآية مسألتان:
1) لِمَ عطف بالفاء في الأولى، وبـ (ثُمَّ) في البواقي؟: إنَّ سبب العطف الأول بالفاء والبواقي بـ (ثُمَّ) أن الأحياء الأول قد يعقب الموت بغير تراخ، وأما الموت فقد تراخى عن الإحياء والإحياء الثاني، كذلك متراخ عن الموت إن أريد به النشور تراخياً ظاهراً.
2) ما المقصود من ذكر الإماتة والإحياء والبعث؟: إنَّ المقصود في الآية: إظهار القدرة والتصرف التام بنسبة الإحياء والإماتة، والإحياء والرجوع إليه - تعالى -، وإن كنا نعلم أن الله - تعالى - هو فاعل الأشياء جميعها.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 29-08-2023, 02:10 PM   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





حول مضمون الآية:

الكلام متّصل بما قبله، ومرتبط به ارتباطاً محكماً. والخطاب للفاسـقين الذين يضلّون بالمثل، فإنّه وصفهم أوّلاً بنقض العهد الإلهيّ الموثق، وقطع ما أمر به - سـبحانه - أن يوصل، سـواء كان الأمر أمر تكوين وهو السـنن الكونيّة، أو أمر تشـريع وهو الديانة السـماويّة، ثمّ بعد هذا البيان جاء بهذا الاسـتفهام التعجيبيّ عن صفة كفرهم مقترناً بالبرهان الناصع على أنّه لا وجه له، ولا شـبهة تسـوّغ الإقامة عليه، فقال: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ)، أي: بأيّ صفة من صفات الكفر بالله تعالى تأخذون، وعلى أيّة شبهة فيه تعتمدون، وحالكم في موتتيكم وحياتيكم تأبى عليكم ذلك ولا تدع لكم عذراً فيه؟ والكفريطلق في القرآن على الإشـراك بالله في العبادة، بناءً على أنه أشـد صور كفر النعمة إذ الذي يترك عبادة من أنعم عليه في وقت من الأوقات قد كفر نعمته في تلك الساعة إذ توجَّهَ بالشكر لغير المنعِم وتركَ المنعِم حين عزمه على التوجه بالشكر ولأن عزم نفسه على مداومة ذلك استمرار في عقد القلب على كفر النعمة وإن لم يتفطن لذلك، فكان أكثرُ إطلاق الكفر بصيغة المصدر في القرآن على الإشـراك بالله. ولم يَرد الكفر بصيغة المصدر في القرآن لغير معنى الإشـراك بالله. وقل ورود فعل الكفر أو وصف الكافر في القرآن لجحد رسالة محمد - عليه صلوات الله - وذلك حيث تكون قرينة على إرادة ذلك كقوله: (مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ) البقرة 105، وقولِه: (وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ 44) المائدة، يريد اليهود.






 
رد مع اقتباس
قديم 31-08-2023, 01:06 PM   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





حول مضمون الآية:

ومذهب جمهور السلف والخلف أنه لا يكفر أحد من المسلمين بذنب أو ذنوب من الكبائر؛ فقد ارتكبت الذنوب الكبائر في زمان رسول الله - صلوات الله عليه - وفي زمن الخلفاء، فلم يعاملوا المجرمين معاملة المرتدين عن الدين. والقول بتكفير العصاة خطر على الدين لأنه يؤول إلى انحلال جامعة الإسلام ويهون على المذنب الانسـلاخ من الإسلام منشداً "أنا الغريق فما خوفي من البلل". إن الغلو في التكفير، وتكفير المسلمين واستحلال دمائهم، أول بدعة ظهرت في الإسلام؛ إذ نشأ هذا الانحراف في وقت مبكر في تاريخ الأمة، بخروج الخوارج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - سنة سبع وثلاثين، إثر تحكيم الحكمين في موقعة صفين، فأنكروا عليه هذا، وكفّروه والحَكَمين ومن رضي بالتحكيم، واستحلّوا دماءهم وأموالهم وأعراضهم.
وفي عصرنا هذا ظهرت جماعات وأحزاب ضالّة منحرفة، شـابهت الخوارج في بدعتهم، بحيث فارقت جماعة المسلمين، وكفّرت من يخالفها في بدعتها وضلالها، واستحلّت دماءهم وأموالهم وأعراضهم. وآيات الكتاب في حرمة دم المسلم واضحة. يقول تعالى: (وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا 93) النساء. وكثر الحديث عن قتل النفس بما يسمى بالعمليات الاستشهادية، بين مؤيد ومعارض؛ فالمعارض يتمسك بقوله تعالى: (وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا 29 وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ عُدۡوَٰنٗا وَظُلۡمٗا فَسَوۡفَ نُصۡلِيهِ نَارٗاۚ) النساء 30.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 01-09-2023, 12:29 PM   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





حول مضمون الآية:

منذ أن بدأت الحركات الإسلامية الجهادية تطوير عملياتها والقيام بنوعٍ جديد من المقاومة، وهي العمليّات الاستشهادية المتمثلة بإلقاء المجاهد نفسه على الموت، ليقتل بموته ما أمكن من أفراد العدو عندما يفجّر نفسه في حافلة أو قافلة أو أي موقع من مواقعه، حتى بدأ التساؤل في الأوساط الإسلامية، لا سيّما الفقهية منها، عن مشروعية هذا العمل من الناحية الإسلامية. ومن الفقهاء من ذهب إلى إصدار الفتوى بحرمته أو تحفظ إزاءه، لأنّه يراه انتحاراً بإلقاء للنفس في التهلكة، بينما اختار آخرون مشروعيته، واعتبروه إحدى وسائل الجهاد والقتال في سبيل الله. ومنذ عدة سنوات لجأ مجاهدون معتدلون للقيام بمثل هذه العمليات ضد المحتل الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. على أن من بدأها كانت الجماعات التكفيرية والحركات المتشددة التي اسـتخدمت هذا الأسـلوب في الصراعات الداخلية، بحيث يسـتهدفون قتل المسلمين ممن لا يتفقون معهم في المذهب أو العقيدة، ويستحلون قتل المسالمين في تجمعاتهم المدنية، دون تفرقة في الدين أو الجنس أو المكان، حتى لم تسلم منهم دور العبادة. ومن الضروري - والوضع على هذا النحو - بحث مدى شـرعية هذا النوع من العمل، وهل هو جهادي أم لا، فنستجلي الفارق بين العمل الاستشهادي والعمل الانتحاري. لكن قبل الدخول في البحث الاستدلالي وبيان الوجوه التي قد تصلح للاستدلال بها في هذا المقام، من الضروري التطرق إلى بيان ثلاثة أصول ارتكزت عليها الشـريعة الإسلامية فيما يرتبط بالنفس الإنسانية:






 
رد مع اقتباس
قديم 01-09-2023, 11:16 PM   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





حول مضمون الآية:

لكن قبل الدخول في البحث الاستدلالي وبيان الوجوه التي قد تصلح للاستدلال بها في هذا المقام، من الضروري التطرق إلى بيان ثلاثة أصول ارتكزت عليها الشـريعة الإسلامية فيما يرتبط بالنفس الإنسانية:
1) حرمة النفس: إنّ الإسلام قد اهتمّ اهتماماً بالغاً بالحياة الإنسانية وحرص على احترامها ولزوم المحافظة عليها، لأنّ ذلك حقاً من حقوقها الأساسية، قال تعالى: (وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ) الإسراء 33. وحرصاً منه على رعاية النفس وحمايتها، أكد التشريع الإسلامي أنّ الاعتداء على حياة فرد من أفراد الإنسان هو اعتداء على الإنسانية جمعاء، كما في قوله تعالى: (مِنۡ أَجۡلِ ذَٰلِكَ كَتَبۡنَا عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ أَنَّهُۥ مَن قَتَلَ نَفۡسَۢا بِغَيۡرِ نَفۡسٍ أَوۡ فَسَادٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعٗا وَمَنۡ أَحۡيَاهَا فَكَأَنَّمَآ أَحۡيَا ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۚ) المائدة 32، والظاهر أنّه لا خصوصية لبني إسرائيل في هذا الحكم. بل إنَّ الأمر لم يقتصر على تحريم قتل نفس الآخر، بل حرّم الإسلام قتل الإنسان لنفسه ووضع حدٍ لحياته، لأنّ حياة الإنسان - في منطق الإسلام - ليست ملكاً له ولا هو مسـلط عليها، وإنّما هي وديعة اسـتودعه الله إياها، فلا يجوز له التفريط بها والاعتداء عليها والتخلص منها دون أن يأذن الله بذلك، لقوله تعالى: (وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ) البقرة 195، وقوله: (وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ) النساء 29، حيث نصّت الآية على حرمة قتل النفس، مما يدل على أنَّ حرمة الانتحار وإلقاء النفس في التهلكة هي من واضحات وبديهيات التشريع الإسلامي.







التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 02-09-2023, 01:02 PM   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





حول مضمون الآية:

لكن قبل الدخول في البحث الاستدلالي وبيان الوجوه التي قد تصلح للاستدلال بها في هذا المقام، من الضروري التطرق إلى بيان ثلاثة أصول ارتكزت عليها الشـريعة الإسلامية فيما يرتبط بالنفس الإنسانية:
2) وجوب الجهاد: أقرّ الإسلام الجهاد وشرعه، والأصل فيه بذل للنفس في سبيل الله، قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ) البقرة 216. ومن المعلوم أن الإذن القرآني بالقتال صدر في المدينة المنورة، حين قال جل وعلا: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ 39 ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ 40) الحج. وإنَّ وجوب الجهاد لا ينافي حرمة الانتحار، بل هما ينطلقان سـويّة من نبعٍ واحد ولهما هدف واحد وهو حماية حياة الإنسان وحفظ كرامته، لأنّ الجهاد - فيما نفهمه - لم يشرّعه الإسلام لأجل السيطرة على الآخرين واستغلالهم واستعبادهم، بل شرّعه دفاعاً عن حياة الإنسان وحفاظاً على حياته وكرامته، وسعياً لتحريره من الأغلال والآصار، ففي آيتي سورة الحج علل الإذن بالجهاد بأمـرين وهما: أنّهم ظُلِمـوا وأُخرجوا من ديارهم بغير حق، وإنّه لولا الإذن بالجهاد لهدّمت الدور التي يتعبد الناس فيها الله. وهذا يعني أنّ الجهاد لا يستهدف هدم أو تخريب معابد الآخرين من الكنائس والبيع التي الآخرون فيه لله، بل من الواجب حمايتها، كما تحمى المساجد. كما يتقرر مبدأ الجهاد لرد الاعتداء في آية أخرى من سورة البقرة: (وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ 190)، ويقول في مشروعية القتال لرفع الظلم والضيم عن المستضعفين: (وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا 75) النساء، والآية تحبب في مناصرة المستضعفين ولا تفرق بين المسلمين وغيرهم.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 02-09-2023, 09:31 PM   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





حول مضمون الآية:

لكن قبل الدخول في البحث الاستدلالي وبيان الوجوه التي قد تصلح للاستدلال بها في هذا المقام، من الضروري التطرق إلى بيان ثلاثة أصول ارتكزت عليها الشـريعة الإسلامية فيما يرتبط بالنفس الإنسانية:
3) أصالة الاحتياط في الدم: وبين هذين الأصلين: حرمة قتل النفس، ووجوب الجهاد، يأتي السؤال عمّا يسمى بـ "العمليات الاستشهادية"، فهل هي عمل جهادي لتندرج ضمن الأصل الثاني، أو أنها عمل انتحاري وقتل للنفس بغير حق فتندرج ضمن الأصل الأول؟ فإذا لم نتمكن من ترجيح أحد الوجهين، يأتي الحديث عن الأصل الثالث، وهو الأصل العملي في المقام، أي: الوظيفة العملية التي يفترض بالمشرّع أن يحددها للمكلفين عند عدم وصولهم - بطريق معتبر - إلى معرفة الحكم الشرعي في الواقعة المشكوكة، والأصل العملي هو المرجع في حالة الشك. والمحقق في علم الأصول أنّ الأصل العملي في موارد الشك في التكليف هو البراءة، إلاّ في موارد الدماء والنفوس، فإنّه يقتضي الاحتياط، وهو يعني في المقام العملي ضرورة اجتناب العمل "الاستشهادي" أو الفدائي المتمثل بقتل النفس في عمل تفجيري في بعض مواقع من يفترض أنّه عدو، ولا يُرفع اليد عن أصالة الاحتياط هذه إلاّ بقيام دليل على المشروعية، وأمّا مع عدم قيام دليل كهذا فاللازم هو الاجتناب.

ولهذا فإنّه يتحتم علينا من الناحية المنهجية أن نستعرض أدلة الجواز، وإذا انعدم وجود مبرر للفعل، رحنا لبحث أدلة المنع امتثالاً لمبدأ: أصالة الاحتياط في الدم. وأمّا إن تمّت دلالتها على المنع فلا بدّ حينها من إجراء موازنة بين أدلة المنع وأدلة الجواز للخلوص إلى نتيجة فقهية تحددها عملية الموازنة المذكورة.






التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2023, 12:03 PM   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

(كَيۡفَ تَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ
وَكُنتُمۡ أَمۡوَٰتٗا فَأَحۡيَٰكُمۡۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡ ثُمَّ إِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ 28)





حول مضمون الآية:

أولاً: دلائل مشروعية العمل الاستشهادي:
يرى جمع من الفقهاء مشروعية العمل الاستشهادي، وما يمكن الاستدلال به لهذا الرأي هو مجموعة من الوجوه:

1) الوجه الأول: إنّ إطلاقات الجهاد بالنفس والقتال في سبيل الله تشمل العمل الاستشهادي، فقوله تعالى: (ٱنفِرُواْ خِفَافٗا وَثِقَالٗا وَجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ) التوبة 41، وكذلك قوله سبحانه: (إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِ) التوبة 111، وغيرها من الآيات والروايات الدالة على جواز الجهاد بالنفس هي مطلقة وشاملة للعمل الاستشهادي المتمثل بقتل المجاهد أعداء الأمة الذين يجوز قتالهم بتفجير نفسه في وسطهم، لأنّ هذا العمل الاستشهادي هو نوع من القتال في سبيل الله تعالى ووسيلة من وسائل الجهاد ضد العدو، ولا سيّما بالالتفات إلى أنّ الله لم يحدد وسيلة معيّنة للجهاد، بل ترك الأمر مرناً ومتحركاً في هذه الدائرة ليتسنى لولي الأمر - بالاستعانة بأهل الخبرة - أن يأخذوا بأفضل الوسائل وأشدها تأثيراً في حسم المعركة وأقربها إلى تحقيق النصر، وأشدّها مساهمة في ردع العدو عن ظلمه وعدوانه. وعندما أشار القرآن الكريم إلى "رباط الخيل" في قوله تعالى: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ) الأنفال 60، فلأنّه كان أفضل وسيلة ممكنة ومؤثرة آنذاك، ولذا ذكره الله - تعالى - بعد إعطاء المبدأ العام الثابت، وهو "إعداد القوة قدر المستطاع"، ومن هنا، أُعتبر أنّ الدليل الذي يدلّ على مشروعية الجهاد والقتال في سبيل الله، يدل بنفسه على مشروعية العمليات الاستشهادية.
ولكن قد يلاحظ على هذا الاستدلال:
أولاً: إنّ بين العمل الجهادي العادي وبين العمل الاستشهادي ثمة فرق؛ إذ في الحالة الأولى يخرج الإنسان إلى المعركة وهو يحتمل النجاة، بينما في الحالة الثانية يذهب وقد اتخذ قراراً مسـبقاً بالموت.
لكن القائلين بجواز العمليات الاستشهادية لا يرونه فرقاً؛ إذ أنها مشمولة في نية الجهاد والقتال في سبيل الله. إذاً للزم سدّ باب الجهاد من رأس، لأنّه في بعض المعارك يعلم بعض المجاهدين بأنه سيلقى حتفه بسبب طبيعة مهمته القتالية مثلاً، كما أنّه لا يوجد قائد يأمر بمعركة أو بحربٍ إلاّ وهو يعلم في معظم الأحيان بأنّ بعض جنوده سيقتلون، ولا فرق بين العلم الإجمالي والتفصيلي من هذه الناحية، ولا بين علم الشخص بموته أو موت من هم تحت قيادته وضمن مسئوليته.
ثانياً: إذا كان العمل الاستشهادي مصداقاً للجهاد في سبيل الله فهذا يعني أنّه يجوز اللجوء إليه في الحالة الطبيعية أو الاختيارية مع عدم وجود ضرورة لبذل النفس من خلال العمل الاستشهادي، بمعنى أنّه كان من الممكن التوصل إلى نتيجة العمل الاستشهادي بالطرق التقليدية المألوفة للقتال، فلو كان هناك نقطة معينة للعدو يتوقف العمل الجهادي على تدميرها، وكان بالإمكان تحقيق ذلك إمّا بهجوم عادي غير استشهادي، قد لا يكلف سـقوط شهداء، وإمّا بهجوم استشهادي، ففي هذه الحالة يصعب على الفقيه أن يلتزم بجواز العمل الاستشهادي مع كون الخيار الآخر متيسراً، هذا مع أنّ هذا العمل الاستشهادي هو مصداق للجهاد.
ويرد المجيزين بالقول بأنّ المستفاد من مجموع الأدلة الشـرعية الواردة في حفظ النفس وتحريم إلقائها في المهالك أو تعريضها للمخاطر هو ضرورة الاحتراز عن كل ما يؤدي إلى إيقاع الإنسان نفسه في خطر الموت دون مبرر بسبب وجود خيارات أخرى، حتى في حالات الجهاد، وهذا المعنى هو نهج عقلائي عام، ويدان من يتخطاه ويتجاوزه، وعليه تنزّل الأدلة الشـرعية الآمرة بالجهاد والقتال في سبيل الله، وعليه إذا وجد الكادر العسكري وسيلة جهادية تحقق النتيجة عينها التي تحققها العملية الاستشهادية فلا يجوز اللجوء للأخيرة، فكون العمل الاستشهادي مصداقاً للقتال أو الجهاد في سبيل الله لا يمنع من وجود تراتبية في الأعمال الجهادية.






 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:27 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط