الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتدى القصة القصيرة

منتدى القصة القصيرة أحداث صاخبة ومفاجآت متعددة في كل مادة تفرد جناحيها في فضاء هذا المنتدى..فهيا لنحلق معا..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-12-2005, 12:56 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
معاذ رياض
أقلامي
 
الصورة الرمزية معاذ رياض
 

 

 
إحصائية العضو







معاذ رياض غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ رياض إرسال رسالة عبر Yahoo إلى معاذ رياض

افتراضي قصة قصيرة / الجزء الثانى

ما أَن دقَّ جَرسُ الفُسحةِ حَتى وَجدَ الأستاذُ (مُحمد) مُديرُ المدرسةِ نَفسَهُ أَمامَ الأستاذة (الهام). "أستاذ (مُحمد) ، كنتُ سأذهبُ لمكتبِكَ حَالاً" ، قَالتها بلهفةٍ وردَّ هو بتساؤلٍ لا يَخلو مِنَ الوقارِ : خيراً يا ابنتى ، تعَالى لنتحدثَ فى المكتبِ" . الأطفالُ مِنْ حولهما يتَحركون فى كُلِ الاتجاهاتِ ، على وجوهِهم فرحٌ حقيقىٌ بالفسحةِ ، يأكلونَ ، يجرونَ وراءَ بعضِهم أو يتَبادلونَ الاجاباتِ الصحيحةِ فِى دفاترِهم التى سوفَ يُسلمونها فى الحصةِ التاليةِ..

- "أستاذ (مُحمد) ، بالنسبةِ للجزءِ الثانى مِنَ المدرسةِ ، أعتقدُ أنَّ أحدَ الطلابِ يفكرُ فى الوصولِ إليه ، اسمُه (حُسين) وهو فى الصفِّ الثالثِ ، لقدْ سَألنى إنْ كنتُ أعرفُ مَا وراءَ أَحدِ الأبوابِ المؤديةِ للجزءِ الثانى وَلمْ استطعْ أنْ أجيبَ ، وقدْ أحسَّ هو بترددى. أَخشى أَن يحاولَ... أَنتَ تعرفُ ما قدْ يحدثُ عندئذٍ". بهدوءٍ قالَ : " لا تتَردى يا (الهام) ، إذا سألَك أحدُ الطلابِ بعدَ ذلكَ ، أخبريه بالحقيقةِ مباشرةً !". تغيرتْ ملامحُ (الهام) مِنَ الارتباكِ إِلى الرعبِ وقالت : "الحقيقةِ ؟ أخبرُهم بالحقيقةِ يا أستاذ (مُحمد) ؟". وبنفسِ الهدوءِ والبساطةِ قالَ الاستاذ (مُحمد) : "نعم ، الجزءُ الثانى مِنَ المبنى الخاصِ بالمدرسةِ لمْ يتم الانتهاءُ مِن اعدادِه ، وسنقومُ بتجهيزِه فِى اجازةِ الصيفِ لتبدأَ الدراسةُ فيه فى العامِ القادمِ. أليستْ هذه هى الحقيقةُ ؟" فهمتْ (الهام) ما يريده مديرُها فقالتْ :"بلى يا سيدى انها الحقيقةُ ، وإنْ كانتْ ناقصةً قليلاً". قالَ المديرُ :" لا ينبغى أنْ يعرفَ الطلابُ أكثرَ مِنْ هذا ، غداً فى طابورِ الصَّباحِ سأَخبرُهم بأَنَّ المدرسةَ بها جزءٌ ناقصٌ كى يتوقفَ فضولُهم ، وساتأكدُ مِن اغلاقِ كلِّ الأَبوابِ والممراتِ المؤديةِ إلى هناك بنفسى ، هذا هو الأسبوعُ الأولِ مِنَ الدراسةِ ولا نريدُ أيةَ مشكلاتٍ ، أنتِ مَعى فى هذا طبعاً" . هزتْ رأسها بالموافقةِ ، وتمتمتْ : "بالتأكيدِ يا أستاذ (مُحمد) ، بكلِ تأكيد".
* * *
يتحركونَ فِى كلِّ الاتجاهاتِ ، يأكلونَ ، يجرونَ ، يتبادلونَ الاجاباتِ الصحيحةِ . لكنَّ أحدَهم كانَ يفعلُ شيئاً مُختلفاً. كانَ (حُسين) قَدْ استكشفَ كُلَّ الفصولِ والممراتِ فى أولِ يومٍ لهُ فى المدرسةِ ، دَخلَ المكتبةَ ، وصلَّى فى الجامعِ ، رأى غرفةَ المدرسين ، ولمحَ جزءاً مِن غرفةِ المديرِ. لكنَّ هذا الجزء المغلق مِن المدرسةِ يبدو أنه يحوى شيئاً فريداً ، كلُّ المدرسينَ يتحاشون ذكرَه ، لا أحدٌ يذهبُ أو يعودُ مِن هناك. الأبوابُ التى يفترضُ أنها تؤدى إليه مغلقةٌ بأقفالٍ كبيرةٍ ، لو استطاعَ عبورَها سيشبعُ فضولَه وسيكونُ لديه مِنَ المعرفةِ ما ليسَ لدى أحدٍ مِن زملائِه، سيعرفُ ما يخفيه المديرُ والمدرسونَ فى الجزءِ الثانى فقط لو وجدَ ثغرةً ما : باباً منسياً ، فتحةً فى جدارٍ ، أو لعلها تلكَ النافذةُ فى الفصلِ الأخيرِ هناك. سيحضرُ كرسياً ليقفَ عليه ثمَّ يقفزُ مِنَ النافذةِ ليكونَ أولَ طالبٍ يضعُ قدمَيه على أرضِ الجزءِ الثانى !

لحظة واحدة ، لماذا لم يقلْ أحدٌ أنَّ هذا الجزءُ مِنَ المدرسةِ ليسَت بِه كهرباءٌ ؟ صحيحٌ أننا فى منتصفِ النهارِ لكنَّ نورَ الشمسِ لا يدخلُ إلى هذا الجزءِ كأنه يهربُ منه. طبعاً لا أحدٌ هنا ، لا طلاب ، لا مدرسونَ ، لا كتبٌ ، لا فصولٌ ، والأسوأُ أنه لا يوجدُ كرسىٌ يساعده على الرجوعِ من نفسِ النافذةِ ! إذن ليسيرَ فى هذا الجزءِ مستكشفاً وليبحثَ عن سُلم خشبىٍ أو أىَّ شئٍ يساعدُه على العودة ..
* * *
قالَ الأستاذُ (مُحمد) مديرُ المدرسةِ :"إنها الحربُ يا (الهام). الحربُ التى كدْنا نفقدُ فيها الوطنَ لولا رحمةُ اللهِ بنا. لقدْ كانت القواتُ المحتلةُ تستخدمُ هذا المبنى كسجنٍ ومكانٍ لتعذيبِ المقاومين ، وعندما استلمنا المبنى ، قامت الوزارةُ بتنظيفِ هذه الغرف وطلائِها مِن جديد.."
"هذه الغرفةُ مثلاً كانت ملطخةً بالدماءِ ولها رائحةٌ رهيبةٌ. بعضُ الغرفِ كانت بها عظامٌ بشريةٌ وملابسٌ ممزقةٌ ، لقد بذلنا كلَّ جهدَنا لكى تعودَ الحياةُ للمدرسةِ الابتدائيةِ ولكى لا يشعرَ الطلابِ بما حدث.."
"لكنَّ العامَ الدراسى بدأَ ولمْ تنتهِ عملية التنظيف ، ونفذت الميزانيةُ قبلَ أنْ نتمكنَ مِنَ شراءِ المقاعدِ والأدواتِ الخاصةِ بالجزءِ الثانى ؛ لذلكَ أغلقناهُ حتى تنتهى الدراسةُ هذا العامِ.."
"انظرى إلى اللوحاتِ الفنيةِ التى زيَّنا بها الممرات ، والزهورِ التى زرعناها فى أحواضٍ خاصةٍ فى كلِ فصلٍ. كُل هذا الجمالِ والنظامِ يقابله بشاعةٌ واهمالٌ فى الجزءِ الثانى. ينبغى ألا يعرف الطلابُ – حتى عندما يكبرون – أنَّ مدرستَهم كان بها مكانٌ بهذا السوء ، وسأفعلُ كلَّ ما بوسعى لاخفاءِ هذا السر.."
* * *
تأكدَ (حُسين) مِنَ أنه لا توجدُ وسيلةٌ للعودةِ للمدرسةِ فى هذا الدور من الجزءِ الثانى. كلُ الفصولِ مدمرةٌ وعليها بقعٌ وأتربةٌ كثيفةٌ ؛ أحذيةٌ قديمةٌ ملقاه فى كلِ مكانٍ ؛ وهناكَ زجاجٌ مهشمٌ ومساميرٌ على الأرضِ. كانَ هناك سلمٌ يقودُ للدورِ الأرضى، لكنّ شجاعته كانت قد انتهت ولم يعدْ يجرؤُ على الذهابِ بعيداً ؛ قد يضلُ الطريقَ ، أو قد يصادفُ كلباً ، وهو لا يرى كابوساً أسوأَ من مقابلةِ كلبٍ ضالٍ فى مكانٍ مظلمٍ كهذا. لكنه بعدَ ترددٍ سينزلُ للدورِ الأرضى بخطواتٍ مرتجفةٍ وسيكونُ مستعداً للعودةِ بأقصى سرعةٍ إذا لمحَ أى شئٍ يتحركُ. الاضاءةُ شبه منعدمةٍ والسكونُ يشيرُ إلى عدم وجود أىَّ حياة. يبحثُ عن مخرجٍ ، عن سلمٍ ، عن جهازِ هاتف ليتصل بأخيه ، عن كوبٍ من الماءِ لأَنه بدأَ يعطشُ فعلاً.

توقفَ بغتةً والتفتَ إلى أحدِ الفصولِ عن يمينه بعدما أحس بحركةٍ صامتهٍ فيه. كانت عيناه قد اعتادت على الظلام واستطاعَ أن يميزَ مصدرَ الحركةِ. لثوانٍ لم يفهمْ كُنهَ الشئِ الذى يراهُ لكنه أدركَ فجأةً أنه يجبُ أن يعودَ بسرعةٍ ، أن يجرى ولا ينظرَ خلفَه ، سيصعدُ إلى الدورِ الثانى ويقفُ تحت النافذةِ ويصرخُ ويصرخُ حتى يسمعَه أحدٌ من الجهةِ الأخرى. فقط كان يتمنى أن يحدثَ هذا قبل فواتِ الأوان !
* * *
قالت (الهام) لتلاميذِ الفصلِ : "ماذا تقصدونَ بأنكم لا تجدون (حُسين) فى أىِّ مكان ؟ أنه هنا حتماً ". تذكرت أسئلةَ (حُسين) عن الجزء الثانى فأمرت أحدَ الطلابِ أن يقفَ مكانها ويقرأَ الدرسَ عدةَ مراتٍ بصوتٍ عالٍ حتى تعود..
كانَ صراخُ (حُسين) قد وصلَ إلى أحدِ الفصولِ وارتبكَ مدرسُ الفصلِ الشابِ وهو يطلبُ من الطلابِ الهدوء حتى يستطيعَ أن يعرفَ مصدرَ الصوت. بعدَ دقيقةٍ واحدةٍ كانَ المدرسُ ومعه أحدُ الفراشين قد وصلا إلى النافذة التى يقف (حُسين) تحتها من الجهةِ الأخرى. صعدَ المدرس فوق الكرسى وأشار لـ (حُسين) كى يهدأ حتى يحضر الفراشُ مفتاح أحد الأبواب. فى نفسِ اللحظة ، دخلَ المديرُ مع (الهام) وصاح :" أين هو الآن ؟". أشار المدرس إلى النافذةِ وقال :"أنه هناك بالأسفل من الجهة الأخرى. أنا أراه ولكن وجهه أصفرٌ من الرعبِ. لقد ذهبَ الفراشُ ليحضر مفتاحاً و..." . لم يكملْ عبارتَه فقد ازاحه المديرُ وصعدَ على الكرسى وعبرَ النافذةَ ليقفزَ بجوارِ الطفلِ المرعوبِ ويحتضنه بعتابٍ :"لماذا أتيتَ إلى هذا المكان ؟ لماذا لم تسمع الكلام ؟" وسط ذهول المدرسين. أشار (حُسين) إلى السلم وقال بحروف متقطعة "انه هناك ... أسفل ... السلم ... أول غرفة .. أنه ... الدور ... يمين..." ثم فقدَ الوعى بين يدى المدير.
صاحَ الاستاذُ (مُحمد) اطلبوا الدكتور (فايز) فوراً ، وأسرعوا بفتحِ البابِ. فتحَ الفراشُ البابَ والتقطَ الطفلَ من بينِ يديه. أشارَ المديرُ نحو الدورِ الأرضى وسألَ الفراشَ : "هل تتذكرُ ماذا كانَ أسفلَ هذا السلمِ على اليمين ؟". هز الفراشُ رأسه نافياً وقالَ وهو يعودُ بالطفلِ للمدرسةِ : "لا يا سيدى ، لم يذهبْ أحدٌ إلى هذا المكان منذ أن استلمنا المدرسةَ". توقفَ المديرُ ونظر إلى السلمِ مفكراً ثمَّ قالَ: "اذن اذهبْ بـ (حُسين) إلى الدكتور واحضرْ لى مصباحاً كهربائياً ، اعتقدُ أنه رأى شيئاً ويجبُ أن أعرفَ ما هو ، وأن أجدَ له تفسيراً قبلَ أن يفيق".
* * *
كانَ واضحاً أن هذا اليوم ليسَ عادياً فى المدرسةِ ، فقد صُرفَ التلاميذُ مبكراً واحتلتْ عرباتُ الاسعافِ والشرطةِ فناءَ المدرسةِ. وشُوهدَ المديرُ يتهربُ من أحدِ الصحفيين الذى يلاحقه بعبارةٍ ثابتةٍ : "أرجوكَ يا سيدى ، أجبْ لى عن سؤالٍ واحدٍ فقط !". التفتَ المديرُ إلى ضابط شرطة ، فقالَ الأخيرُ : "أخبرهم يا أستاذ (مُحمد) ، لمْ تعد هناك أسرارٌ". قالَ الأستاذُ (مُحمد) : "بل تفضل حضرتك بالكلام ، ليس لدى ما أقوله عن هذا الأمر". هزَّ الضابط رأسه متفهماً وصاحَ : "من كان لديه سؤالٌ فليأت إلي".
صحفى : "من أين جاءَ كلُّ هؤلاءِ المصابين ؟"
الضابط : "لقد كانوا فى سجن أسفلَ المدرسةِ ويبدو أن المحتلين تركوهم مقيدين قبل أن يغادروا السجن"
صحفى آخر : "هل استطاعوا البقاءَ شهراً كاملاً منذ أن رحلَ الاحتلالُ ، بلا ماءٍ أو طعام ؟"
الضابط : "التحقيقاتُ لم تبدأْ بعد ، لكنى رأيتُ آثاراً لكميةٍ من الخبزِ والماء ، يحتملُ أن يكون المحتلون قد تركوها بجوارهم ، ومع ذلك فقد توفى معظمُ السجناء ولكنَّا فككنا قيودَ الناجين ، وكما ترى فسياراتُ الاسعافِ تنقلهم للمستشفى"
صحفى ثالث : "هل يمكن أن نعرفَ كيف تمَّ اكتشافُ هذا السجن ؟"
الضابط : "يااه ، ليسَ الآن ، هذه قصةٌ طويلةٌ ، سأخبركم بها فيما بعد .."

http://boswtol.com/nabadat/meenyehb_72_01.html






 
رد مع اقتباس
قديم 26-12-2005, 03:38 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محمود الحروب
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمود الحروب
 

 

 
إحصائية العضو






محمود الحروب غير متصل


افتراضي

زميلي المهندس معاذ..
القصة جميلة ..رائعة..فكرتها قوية ، وهي تضيف جديدا لقارئ الاحداث ، بإسلوب أدبي فيه متانة ، غير أن لي عليها ملاحظتين
- يشعر القارئ في بداية النص أنه يقرأ بمسرحية ، وذلك من استخدامك لاسم المتكلم بعد الشرطة ، وليس من المفروض استخدام الأسم بهذه الطريقة
- كان عليك أن تترك القارئ يلهث وراء الحقيقة ، وراء سر القسم المغلق ، وما كان عليك أن تفضح أمره في منتصف النص حينما قلت : " قال الاستاذ محمد ، إنها الحرب يا إلهام ...الخ " اترك الأمر ينفضح في النهاية على المصابين المركونين ، واترك الباقي على القارئ ، كي يعود مرة وأخرى على النص ويجتهد في الرأي...

أرجو عليك قبول رأيي...

تقبل النقد وراء كل ابداع







 
رد مع اقتباس
قديم 25-01-2006, 06:57 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
معاذ رياض
أقلامي
 
الصورة الرمزية معاذ رياض
 

 

 
إحصائية العضو







معاذ رياض غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى معاذ رياض إرسال رسالة عبر Yahoo إلى معاذ رياض

افتراضي

شكرا لك يا أستاذ محمود ..

في الحقيقة أني غير جيد في علامات الترقيم . أرجو أن تسامحني إن كان بها خطأ ما ..

مسألة كشف سر الجزء الثاني لها وجهة نظر أخرى ، فالهدف من القصة ليس التشويق والاثارة فهي ليست قصة بوليسية أو قصة رعب.. إنما الفكرة الواضحة للقارئ العادي هي قصة المدرسة والسجن .. أما المعنى الخفي للقارئ المدقق فهو أعمق من هذا ..

اسمح لي أن انقل لحضرتك وللأعضاء الكرام التعليقين الآتيين حول القصة من موقع بص وطل .. وستفهم ما أعنيه ..

اقتباس:
الحياة مرة أخرى
بين يدي النص:

لا يمكن أن تتوقف الحياة أبداً، ربما تتعثر قليلاً، أو تنطفئ، ربما تهتز، تتراجع، وتتردد، ولكنها من جديد، تتماسك، وتقوى، وتتدفق، فلا معنى لليأس والإنسان فيه عرق ينبض، ولا مبرر للهزيمة، مادام عقل الإنسان بألف صحة وعافية، ومن قلب الموت تنبت الحياة، وفي أعماق النهايات –فقط- لو دققت النظر سوف تجد براعم البدايات ترفع رأسها على استحياء!

في قصته المتميزة (الجزء الثاني) يقدم لنا القاص الجميل "معاذ رياض"، صورة أخرى من صور رفض الهزيمة والانكسار، والإصرار على البناء وسط الركام، ووضع عَلَم الإرادة الإنسانية فوق "تبة" الضعف والذكريات المؤلمة.

ومن خلال حدوتة هادئة وهامسة، متماسكة الأطراف، يعرض لنا القاص، حكاية مدرسة، ليست كأي مدرسة، فقد اختير موقعها بعناية وخصوصية، مكان أحد سجون التعذيب التي كان يقيمها المستعمر، أينما حل وأينما سار، في إشارة واضحة للحياة ذاتية البناء في مواجهة الهدم، وللعلم في مواجهة قيم السادية، واستخدام القوة لتبرير المواقف وفرض الآراء الاستعمارية.

وقد تم الانتهاء بالفعل من أحد أقسام المدرسة، وهو الذي يدور فيه اليوم الدراسي، لكن قسماً آخر، مازال تحت الإنشاء، وما زال يخضع -على فترات- لعمليات الترميم والصيانة وإزالة آثار العدوان.

ومن هنا تنبع حبكة العمل كله، فأحد الطلاب المتطلعين -ربما يرمز للباحث عن الحقيقة في مقابل الراضخين للواقع مهما كان ناقصاً مبهماً- يأكله الفضول وينغص عليه حياته، بل ويدفعه لتخطي الخطوط الحمراء، ومحاولة اكتشاف ماذا يخفي هذا القسم.

لقد حذره المدرسون، صيانة لطفولته، وخوفاً عليه من هول ما يمكن أن يجد، ولكنه رغم ذلك أصر -مخلصاً لقدره- على أن يعرف. ومادامت الطرق الشرعية قد فشلت في إرضاء فضوله، فها هو ذا، يتجاوز المسموح به، وبمفرده، يتسلل في غيبة الرقابة، ليكتشف بنفسه سر القسم الثاني.

ولم يكن ما وجده ساراً على الإطلاق، وعقله الصغير، لا يستوعب بسهولة، كل هذه الأنقاض، والدماء على الحائط، والبقايا المغبرة، التي تبدو متخلفة عن آثار معركة. وتتهاوى إرادة الطفل سريعاُ، مع توارد كل هذا السيل أمام عينيه ومخه، وقد رحل عنه فضوله أخيراً، واحتله الخوف والرعب مما لم يتوقع أن يجد، حتى يفقد وعيه بغتة، وقد لمح في أحد الغرف ما يبدو أنه شبح إنسان، بعد أن ملأ الدنيا صراخاً وعويلاً بالطبع!

ويأتي المدير على صوته، ويحقق في الأمر، ليكتشف سجناً آخر مما ترك المحتل قبل الرحيل، وبه العديد من الضحايا الأبرياء، الذين لم يكن سيكتب لهم الحياة لولا فضول هذا الطفل وإصراره أن يعرف!

وتنتهي القصة، ببارقة الأمل وقد أصبحت أكبر، وبالدمعة وقد تحولت بسمة، والمصابين وقد تم إنقاذهم على يد الشرطة والإسعاف. قصة جميلة، ومؤثرة، تحاول أن ترسم بالكلمة وبالصورة، لوحة معبرة، عن واقع الاحتلال المر، وما يخلفه من آثار نفسية ومادية في النفوس، ربما لا يمكن أن تنمحي بسهولة أبداً بعد ذلك، ولكنها بلا شك تنمحي.

عن الفكر في العمل:

والعمل يرسخ لرفض الوصاية على حرية الإنسان، والأضرار التي من الممكن أن تترتب على ذلك، فرغم أن الطفل صغير، فإنه بإصراره على أن يعرف، قد أفاد آخرين، لم يكن عندهم أمل في النجاة، حتى جاء هذا الطفل الفضولي.

كما أن الحقائق -حتى لو كانت مؤلمة- لا يمكن أن تختبئ في الظلال طويلاً، مهما اتُخِذت الترتيبات والاحتياطات اللازمة لإخفائها وتعميتها، وها هو الطفل الضعيف، الصغير، قد أزاح الستار عن السر الكبير المهول، الذي تضافر الجميع لإخفائه في إصرار واستماتة!

فلابد أن يعرف الجميع الحقيقة، ليشاركوا بمسئوليتهم في تحمل تبعات الأمور، ولابد أن نعتمد العلم وسيلة فاعلة في مواجهة كل صنوف القهر والفساد وفرض الإرادات. كما يشير إلى أنه لابد أن تأتي اللحظة التي ينتهي فيها كل ظلم، وكل عدوان، وكل فساد، مهما طال أمده، وتصور الجميع أن إقامته فوق القلوب مؤبدة، فبالأمس كان هذا المكان سجناً ومعتقلاً، وهو اليوم مدرسة، ومنارة للحرية، ولانتصار الخير على الشر، والسلام على الحرب، والإنسان على الموت والدمار.

لمحات ومقتطفات:

ـ نبرة العمل هادئة، ومسالمة، مما يجعلك تسترخي وأنت تقرؤه، ولا تحمل هم المفاجآت اللفظية والأسلوبية التي من الممكن أن توقف تدفقك الانفعالي أو تنغص عليك سبحك الطويل في أعماق النص.

ـ اللغة جيدة، ومناسبة للشخوص، وقادرة على رسم جو العمل، ومواكبة للتطور الدرامي للأحداث.

ـ كما أن الحوار جميل ومتوازن وهادئ، وتم استخدامه ببراعة وفي مكانه دائماً، مما ساهم في الكشف عن أفكار الشخصيات بسلاسة وبشكل تلقائي وطبيعي.

ـ أعطى القاص لكل شخصية ما تستحقه من تسليط الضوء، وجاءت ردود أفعالها متناسبة تماماً مع جوها النفسي والصفات التي نسبت إليها والتي كشف عنها الحوار، فالأستاذة متوترة وخائفة، تكتفي برواية ما يحدث بينها وبين التلميذ، والناظر مقدام وعليم، ولذا فهو في النهاية الذي ينقذ التلميذ الفضولي.

ـ كما استطاع القاص برهافة أن يرصد أحوال التلاميذ -الأسوياء!- في مدارسهم وسلوكهم المعتاد في اليوم الدراسي، مما أضفى ظلالاً من الواقعية والمنطقية على العمل بشكل واضح ومؤثر.

ـ وربما ما نأخذه على القاص قليلاً هو العنوان، فهو واضح وصريح جداً، وربما لا يضيف أي بعد درامي للعمل، في حين أنه كان الممكن اختيار عنوان أكثر مناسبة وإيحاء يضيف للنص المزيد من الجودة والتألق.

كلمة أخيرة:

العمل جيد، ويشي بمقدرة عالية على الحكي، والسير مع الشخوص حتى لحظة التنوير، ويرمي لإقامة صرح فكري متماسك في نفوس قرائه، مما يصنف كاتبه ضمن طليعة المؤمنين بدور الكلمة، في خلق جيل وفكر جديدين، نتمنى للقاص مزيداً من السيطرة على عالمه القصصي، ومزيداً من التألق على صفحات مجلتنا التي ترحب وتسعد بكل المبدعين من كل جنس ولون.

حسام مصطفى إبراهيم
اقتباس:
لعنوان : قد يكون العنوان واضح و صريح لكن - عند تأمله قليلا- نجده بلا شك أعمق مما يبدو .أعتقد أن التورية الكامنة خلف العنوان هو أن الجزء الثاني من المدرسة هو جزئها الأول بمعنى أن هذا الجزء المظلم من المدرسة هو أصلها ، أي أن الجزء الذي تشغله الفصول الآن هو الجزء الثاني.إذا تبعنا هذا التفسير للعنوان نجد أنه يملي على الذهن قراءة جيدة للنص:

1- لأن 'الجزء الثاني ' من المدرسة هو الأصل ، هو في الحقيقة الجزء الأول ، نجد 'حسين' عاجز عن كبح جماح فضوله حيال هذا الجزء .إذا كان حسين كما يقول الناقد الجميل و الصديق العزيز حسام هو 'باحث عن الحقيقة في مقابل الراضخين للواقع مهما كان ناقصاً مبهماً' فمن الطبيعي أن يعود هذا الباحث إلى الأصل ، أن ينطلق من نقطة البداية ، من الجزء الأول و ليس الجزء الثاني بمعنى أن إستقراره النفسي في الجزء الأول مرتبط للغاية بل و متوقف على فهمه و كشفه لأسرار الجزء الثاني ، و هكذا يصبح الجزء الثاني هو الأول و الأساس في حين يأتي الجزء الأول من المدرسة في المرتبة ثانية. يظهر هذا بوضوح في تخلي حسين عن دروسه و إنشغاله عن باقي النشاطات العادية التي يمارسها زملائه بالتخطيط للتسلل إلى الجزء الثاني . إذا كان هذا الجزء الثاني هو الماضي الذي يعجز حسين عن معايشة الحاضر دون سبر أغواره فإن هذا الجزء يأتي بلا شك أولا و قبل 'الجزء الأول'.

2- الرمز : يمكن إعتبار أحداث القصة بأسرها رمز واحد كبير معناه :' لا يمكننا أن نمضي قدما في الحاضر دون التعامل مع الماضي مهما كان قاسيا، يجب أن نتصالح مع الماضي لا أن ندفنه ، أن نتعامل مع الخسارة و نستفيد من المكسب' بداخل القصة عدد من الرموز الهامة سأشير إلى بعضها:

1- المكان واحد من أهم هذه الرموز ، كون أحداث القصة تدور في مدرسة إبتدائية أمر له مغزاه. فهؤلاء الأطفال هم الجيل الصاعد. كون هؤلاء الأطفال يحصلون على تعليمهم في مدرسة كانت تستخدم كمعتقل للتعذيب أيام الإحتلال يرمز بوضوح إلى آلية تأثير الإحتلال ... جيل يتربى فوق أنقاض و فوق رفات شهداء و أبطال.

2- نفاذ الميزانية قبل إستكمال ترميم و طلاء المدرسة أيضا أمر له مغزى... لا يمكن للماضي أن يدفن... الماضي و الحاضر يتواجدان جنبا إلى جنب و ما 'الجزء الثاني ' من المدرسة سوى المعادل المادي لهذه الفكرة .. الماضي حاضر ... مهما حاول الحاضر ان يطغي عليه و يتجاوزه فهو قائم هناك يتحدث عن نفسه.

3- شخصيا، يدهشني أنه من بين طلاب مدرسة كاملة نجد طالبا واحدا فقط يشعر بقدر كاف من الفضول بحيث يستكشف 'الجزء الثاني'. لكن لهذا الأمر معناه أيضا، فالعقول النشطة، الفضولية التي لا ترضيها الإجابات السطحية فتذهب باحثة عن إجابة شافية، أصبحت هذه العقول عملة نادرة بل و تزداد ندرة يوما بعد يوم. دون التشكيك في حسن نية المدرسين و المدير، أجد في طريقة تعاملهم مع الطلاب نظرة لهؤلاء الطلاب على أنهم عقول صغيرة يكفيها القليل. لا أعرف لماذا يروادني شعور سيء بعض الشيء حول الصورة التى يظهر بها هذا الجيل من الطلاب في القصة . أستاذتهم يخفون عليهم الحقيقة – قد يكون لأنها أكبر منهم بكثير- لكنها خفية عنهم . أنظر إليهم 'يتَبادلونَ الإجاباتِ الصحيحةِ في دفاترِهم التي سوفَ يُسلمونها في الحصةِ التاليةِ' لماذا يتبادلون الإجابات ؟ لماذا لا ينهمك كل منهم في الوصول إلى إجابة ؟ قد يكون في هذا مبالغة بعض الشيء ، لكني أعتقد أن مثل هذه الأسئلة يجب ان تأخذ على مستوى رمزي لنصل إلى قيمتها و مغزاها. ثم أنظر إلى سلوك المدرسة عندما لاحظت إختفاء 'حسين'. طلبت من أحد الطلاب' أن يقفَ مكانها ويقرأَ الدرسَ عدةَ مراتٍ بصوتٍ عالٍ حتى تعود..' كطريقة لإلهاء باقي الطلاب. يستمر هذا الجو من التعتيم حتى النهاية حيث 'صُرفَ التلاميذُ مبكراً'و عزم المدير على معرفة كنة الشيء الذي رآه 'حسين' ' وأن أجدَ له تفسيراً قبلَ أن يفيق' ثم عندما يسأل صحفي عن قصة إكتشاف السجن تكون إجابة الضابط ' ليسَ الآن، هذه قصةٌ طويلةٌ، سأخبركم بها فيما بعد.. '.

لست واثقة من حجة المدير و المدرسين في أخفاء الحقيقة عن الطلاب، لكن الحقيقة التي تفرض نفسها الآن هو أن الحقيقة لا تموت و لا تدفن و دائما ما تظهر يوما ما. حتى إذا إنصرف الطلاب مبكرا ألن يعلموا بالأمر في اليوم التالي أو التالي أو التالي ؟ صحيح أن 'حسين' إنهار أمام هول ما اكتشفه، لكنه أنقذ أرواحا يائسة معذبة... على المستوى الرمزي... مد الروابط بين الماضي و الحاضر، أنقذ ما يمكن إنقاذه من ماضي كاد أن يدفن بكل تفاصيله. بالنسبة للسطر ' ليسَ الآن، هذه قصةٌ طويلةٌ، سأخبركم بها فيما بعد.. ' أجده مميزا من حيث خط الكتابة وهذا بالطبع له معناه. شخصيا، أعتقد أن القصة التي يرفض الضابط التصريح بها هي القصة التي يجب أن تروى، لكن عملية الدفن مازالت مستمرة و كما جرت محاولات للتعتيم على وجود السجن تنتهي القصة بمحاولة للتعتيم على إكتشاف هذا السجن. إن 'الجزء الثاني' ، السجن، هو فعلا بطل القصة من أولها إلى آخرها، حتى عندما لا يكون موقع الأحداث نجده دائما حاضرا في الخلفية القريبة جدا التي تلقي بظلالها على الأحداث. وهذا السبب الثاني الذي يجعل عنوان القصة مناسبا تماما لمضمونها.

4- الدماءِ و الرائحةٌ الرهيبةٌو العظامٌ البشريةٌ والملابسٌ الممزقةٌ كلها بالطبع رموز إلى ما يخلفه الإحتلال ورائه في أي مكان. بالرغم من قصر القصة و بساطتها الظاهرة إلا أنها كأي عمل أدبي جيد تفتح أعيننا على الكثير والكثير و تحتمل المزيد و المزيد من التعليقات و القراءات.
cleopatra






 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:48 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط