|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
29-07-2006, 10:38 PM | رقم المشاركة : 1 | |||
|
ياقوتة الأنبياء
سيد الكونين ..جد الحسنين ..صلى الله عليه وسلم .. كانت نبوته مفرق طريق بين فهمين متباعدين لمعنى النبوة كما عرفتها ديانات الأقدمين أو الكتب السماوية الموجودة وقت بعثته .. من قبله كانت النبوة تختلط مع السحر والكهانة والجنون المقدس وتقوم على الغرائب والأعاجيب ونبوءة التنجيم وطوالع الأفلاك والقدرة على تسخير نواميس الطبيعة .. فنبوءة السحر موكلة بتسخير الأرواح الخبيثة للإطلاع على المجهول أو السيطرة على الحوادث والأشياء. ونبوءة الكهانة تلبي فيها الأرباب صلوات الكاهن وترشده بالعلامات والأحلام .. أما نبوءة الجنون المقدس فهو مغلوب على أمره ينطق لسانه بالعبارات المبهمة ويكون معه مفسر لمغزى كلامه ولحن رموزه وإشاراته .. وقد عرفت ديانات العبريين نبوءات السحر والكهانة والتنجيم كما عرفتها الشعوب البدائية وحتى بعد ارتقائهم إلى الإيمان بالنبوة الإلهية ظلوا يخلطون بين السحر والتنجيم وبين النبوة الصادقة ويجعلون الإطلاع على الغيبيات امتحانا لصدق دعوى النبي ولم يرتفع أكبر أنبيائهم عن مطلب الكشف عن الغيب والاشتغال بالتنجيم . كانوا يقصدون صموئيل ليدلهم على مكان الماشية الضائعة وينقدونه أجرا على ردها ، وكانوا يعولون على النبي يعقوب عليه السلام في التنجيم ..وقد كثر عدد الأنبياء في قبائل بني إسرائيل كثرة يفهم منها أنهم كانوا كدراويش الطرق الصوفية في الجذب وتعذيب الجسد وآلات الطرب..وجاء في كتاب صموئيل الأول " أنك تصادف زمرة من الأنبياء نازلين من الأكمة وأمامهم رباب ودف وناي وعود وهم يتنبأون ، فيحل عليهم روح الرب فتنبأ معهم وتتحول إلى رجل آخر ." ..بل وصل الأمر بهم أنه كانت لهم خدمة بالجيش حيث قيل أن داود ورؤساء الجيش " أفرزوا للخدمة بني أساف وغيرهم من المتنبئين بالعيدان والرباب والصنوج " ولم تكن لهم منفعة إلا في كشف الخبايا والإنذار بالكوارث المتوقعة بسبب غضبة إلهم "يهوا" الأقدر على النقمة من سائر الأرباب ..ووجب على النبي في عرفهم أن يكون مستعدا بكراماته ومعجزاته في كل وقت كلما أريدت منه ..بل وصل الأمر إلى ما يشبه مباريات الرياضة بين فريقين متنافسين وقد ثبت لهم غلبة أنبياء "يهوا " على أنبياء " بعل " على أثر مباراة من هذا القبيل في التنبؤ والإنذار بالأخطار . تلك هي نظرة بني إسرائيل للنبوة إلى آخر عهدهم بالأنبياء قبل ظهور المسيح فلم تكن عندهم إلا صناعة مرادفة لصناعة التنجيم أو الفراسة المنذرة للكوارث أو استطلاع للخبايا أو صيحة فزع من نقمة يهوا إذا أشركوا بعبادته ربا آخر من أرباب الشعوب الأخرى ..وهكذا وقر في أذهانهم أن الكشف عن الغيب هو المرادف الوحيد لمعنى النبوة ووقوع الخبر هو امتحان صدقه وأن الفرق بين أنبيائه وبين سحرة الأمم الأخرى هو فارق بين أناس يحسنون الكشف عن الغيب وأناس يخطئون في هذه الصناعة لأنهم ينقلون عن آلهة كاذبة لا تستحق العبادة . ........................ ثم جاء محمد ... رجل ليس بساحر ولا بكاهن ولا مجنون ولكنه إنسان كسائر الناس. لا يعلم الغيب ..لا يملك خزائن الأرض "قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك ، إن أتبع إلا ما يوحى إلى "..لا يستطيع دفع السوء عن نفسه فضلا عن قومه " قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله " فالأمر كله لله عز وجل " ليس لك من الأمر شيء " لا يعرف صناعة الخوارق والمعجزات فيقول لمن يطالبه بها " سبحان ربي ، هل كنت إلا بشرا رسولا ؟" ..بل حينما أتته المعجزة طائعة بكسوف الشمس وقت دفن ابنه إبراهيم وتهامس المسلمون أنها كسفت حزنا عليه لم ينسه الحزن أمانة الهداية للمؤمنين فبادرهم بقوله أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنخسف لموت أحد ولا حياته ..وكان بوسعه – صلى الله عليه وسلم – أن يسكت على الأقل فلا يدعيها ولا ينكرها . ذات مرة فقد بعيره فطلب من أصحابه ألتماسه قال رجل: يزعم أنه يعلم خبر السماء ولا يعرف مكان بعيره فقال النبي على الفور أنه لا يعلم إلا ما علمه ربه . هذا هو نبينا محمد... صلى الله عليه وسلم . ................... إن هذا الدين جميل ..أجمل بكثير مما نتصور بل أجمل مما نستحق ..دين احترم العقل وبدأ كتابه المقدس بكلمة "اقرأ" دون غيرها من الكلمات رغم البيئة الأمية الجاهلة ..والعجيب أننا لا نستلهمه فتصبح ثقافة المعجزة هي الثقافة السائدة في المجتمع وكأن القرآن لم ينزل على قلب نبينا .. نصدق من يقول لنا أن منقوع حبة البركة واللبان الدكر مع بعض العسل يشفي من السرطان وأن شرب الماء على الريق يقوي من المناعة وأن هناك طالبا مفصولا في كلية العلوم أخترع محركا يعمل بالماء . نصدق أن الأولياء في قبورهم عاكفين على حماية مريديهم من عالم البرزخ..وأن فلانا يعلم الغيب ويحسن صناعة الخوارق ..ونعتمد ثقافة الأحلام في حياتنا ونستمع لمن يزعم أن رسول الله أمره بفعل كذا وترك كذا ..ويطالبنا بالتهيب والتصديق وكأن الدين لم يكتمل والنعمة لم تتم . إن هذا الدين جميل ..جميل جدا. دين يقوم على الدليل والمنهج العلمي ويخلو من المعجزات القاهرة للعقل والتي هي ضد الخط العام للقرآن الكريم.. دين يمكن تلخيصه في كلمتين جامعتين " التوحيد لله والعدل مع الآخرين " .. دين يقدم أرفع صورة لله الواحد الأحد متكامل الصفات الذي لا حد لجماله وكماله ورفعته ..ونبي عزيز بعبوديته لله، وكون حي مأنوس ساجد لخالقه وإنسان مكلف كل على قدر استطاعته. هذا هو نبي الإسلام " محمد " عبد الله ورسوله ومصطفاه ..ولله در الشاعر حين يقول : بلغ العلا بكماله كشف الدجى بجماله حسنت جميع صفاته صلوا عليه وآله .. ........................... ملحوظة : تحدثت عن مفهوم النبوة كما هي مذكورة في الكتاب المقدس الموجود حاليا أما عقيدة المسلم فكل الأنبياء يشاركون نبينا في خصائص النبوة ومعناها ..كما أدين بالفضل مرة أخرى لكتاب الأستاذ العقاد " حقائق الإسلام وأباطيل خصومه " الذي استقيت منه المادة العلمية . دار نهضة مصر ..رقم 31 من مؤلفاته الكاملة ..صفحة ( 47-58) |
|||
30-07-2006, 02:33 AM | رقم المشاركة : 2 | |||||
|
مشاركة: ياقوتة الأنبياء
|
|||||
30-07-2006, 02:36 AM | رقم المشاركة : 3 | |||
|
مشاركة: ياقوتة الأنبياء
سلمت أخي ياسر وأحبك الذي أحببتني فيه ..وأنتظر مرورك على المقال بعنوان " جواهرنا الأصيلة والمزيفة " . |
|||
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الصلاة ... ياقوتة قلب المؤمن !! | د. صفاء رفعت | المنتدى الإسلامي | 17 | 15-03-2010 10:13 PM |
مائة خصلة انفرد بها النبي "ص" عن بقية الأنبياء عليهم السلام | أحمد سلامة | المنتدى الإسلامي | 6 | 28-08-2006 05:05 PM |
قاعــدة جليلــة في التوسل والوسيلة(شيخ الإسلام ابن تيمية) | ياسر أبو هدى | المنتدى الإسلامي | 6 | 09-06-2006 03:32 AM |
لها قبلة تسكر الأنبياء | قمر صبري الجاسم | منتــدى الشــعر الفصيح الموزون | 19 | 28-12-2005 01:36 AM |