﴿فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ عَنۡهَا فَأَخۡرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِۖ وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ
وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ 36﴾
حول مضمون الآية:
وأما القول بأن الجمع لآدم وزوجه وذريته التي يفترض أنْ تُخلق بعد الهبوط، فواضح فيه الفساد، لأن الهبوط لا يشـمل العدم، وهم كانوا عدماً يوم أهبط آدم وزوجه من الجنة. إنَّ ضمير الجمع وارد في أكثر من موضع في الكتاب، ثم إن السياق في مواضع ذكر القصة يوافق ما نذهب إليه:
- ﴿قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗاۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ 38 وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ 39﴾ البقرة،
- ﴿قَالَ ٱهۡبِطُواْ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ 24 قَالَ فِيهَا تَحۡيَوۡنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنۡهَا تُخۡرَجُونَ 25﴾ الأعراف،
- ﴿قَالَ فَبِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ صِرَٰطَكَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ 16 ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ 17﴾ الأعراف.
وكما أنه من الواضح أن أمر الإهباط كان لجمع، ولنلحظ تأكيد الجمع في قوله: ﴿جَمِيعٗا﴾، فكذلك الإشارة إلى الجمع وقت الإهباط في قوله: ﴿يَأۡتِيَنَّكُم﴾ ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَآ﴾، وفي ضمائر الجمع في كلام إبليس مع ربه: ﴿لَأَقۡعُدَنَّ لَهُمۡ﴾ ﴿ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم﴾ ولا نقبل تأويل المفسـرين القائلين بأن إبليس اطلع على اللوح المحفوظ فعلم قدراً من الغيب مكنه من معرفة مستقبل آدم وذريته! وكأن الملائكة ليسوا أمينين على ما كلفهم الله به من مهام الحفظ في الملكوت، أو أن الله - حاشاه - غفل عن تلصص إبليس. ولأنه لا شك لدينا من جهل إبليس بالغيب، فإنه عني بالإغواء ذلك النفر من جنس آدم، ذكوراً ونساءً.