من رسائلي إلى والدي جعله الله في العليين ..

[راحيل الأيسر]

مذ كان ارتحالك ضَلَّ ذا اللب
بالشرود صوابَه ..
يا من وهبتك الروح فداءً
يا أصل الهوى
يا كلَّ النهى
والرجال بعدك ماء وطين
محض حمأ مسنون
وحدك النور يتجلى مشرقا ..
ما وطئت سِنةً وساد ليلي
لا ، ولا أسكنت بجفني نعيم الوسن ..
بعدك مشيت في غربتي حيرى
يمزقني الحنين
ألملم من الدروب ما تناثر - ذات شوق -
مِزقاً من روحي الثكلى ..

أجبني ياليلي المديد
بحق انكسارات الدمع في هدب بليل
في أي واد لا زلت تبغيني أهيم ؟؟

[راحيل الأيسر]

وحين أسكنت الجفن في نعيم الوسن برهة من زمان
مر في الأرجاء طيفك
فهمس الليل
أن أقبلي
مدي ذراعيك قبل التلاشي ..
تنفسيه ؛
لتمتلئ ذرات الروح بعطره ..

ياجفنا تماهى غيمة سكب دفوق
تأتيك الأطياف على جناح المساء
كوشاية حنين
كنميمة شوق
تمر ضوءا
تغتال النوم في مؤقك
وتستحث العِبٓر

ثُمَّتَ تتبخر كقطرة
ولما يتبخر هطل عين هتون ..

ترفرف ضوءا
، ترتقي مدارج السماء ..

يا كل الأحباب
تجسدت طيفا
تمهل ..
أنى لطيفٍ أن يسد هوة الروح
أنى له أن يطعم شره الحنين ..؟؟!
ما أنت إلا عصفة تؤجئج الشوق
تحيل القلب فراشة تفتأ ترتطم بضوئك
حتى تبلغ بإعيائها أعتاب النهار ..

[راحيل الأيسر]

ثلاثون عاما وأنت تزرع في قلبي دأبا غلال حبك
وأنا أحصدها وأودعها في سنابل قلبي
حتى إذا ما جاءتني السنين العجاف
كفاني ما أورثتني ..
ظللت في شموخك
نخلا
بعذقه الكريم
وظله المديد
يتفيؤه القريب والبعيد

وحتى عندما جاء الغروب
ليرتاح على كتفك
كنت شامخا ، عاليا ..
ثم..
وبعد حين
وضع إبهامه في يدك
وسلكتما درب الرحيل ..!





قد أسترسل فيها على حين فسحة من وقت
وأعود أدرجها ..
إذا تمكنت من إعادة صياغتها والاستفاضة فيها ..

[راحيل الأيسر]

في رمضاء غربتي
أنهكني الظمأ
وصوتك نضح و رذاذ
نشيد بعيد
يتردد نشيجا في خافقي
ينكأ الجفن ..
يستعصر مزن المآقي
فأنهمر
وأنهمر

كآهة فاضت
من شدة العطش ..!

[راحيل الأيسر]

وفي دفء ذكرك ما يذيب صقيع الغياب ..
يا طيفا كلما لاح ؛ تدفق النور في أزقة روحي
يا ريحا طيبة تعبرني بهفيفها العليل
هاقد غدوت بعطرك سوسنة يبللها الدمع
كالندى على خد وردة ..!

[راحيل الأيسر]

على قلبي كان سيرك نحو الباقية
على قلبي حتى تهشم أضلعي ..
على قلبي يا عمر عمري
وبعدك العمر شتاء طويل
وليل بهيم
مترع بصمت موحش
ومضغة بين جوانحي
تستصرخ شوقا / وجعا
وتغرق رئتاي في تناهيد تفوح منها رائحة الحنين ..

العمر بات باردا
يا عمر عمري
أحتاج إلى دفء أنفاسك
إلى لمسة كفيك
إلى يدك تمسح على ناصيتي
؛ فأقبل ما بين عينيك وراحتيك
وأقبل إن شئت قدما
إذ شد الرحال نحو الآخرة
شدت الأفراح رحلها معه
وغاب الأمان ..




اللهم أكرمه في شهرك الفضيل بأن تعلي درجاته مع كل سجدة لأبنائه وكل تسبيحة لنا .. أشركه في أجرنا وتقبله منا كاملا وإن اعتراه النقص بكرمك ومنِّك ..

[راحيل الأيسر]

أبت وحــيدًا صِـرتَ تحت التُّربِ ... في قـبرٍ بـعيدٍ ضـائِعِ الـعنـــوانِ ..

أبــدًا فـقد جاورتَ رَبـًّا شاكِرا ... يَجـزيكَ رَوضًـا مِن رِياضِ جِــنانِ .
وأنـا الـوحيدُ هُـنا وفوقَ التُّربِ .... لا سَـنَدٌ يُعـينُ ولا أَنيـسٌ دانِ
رُحماك ربِّي لـيس غـيرُك عاضِدي ...... في مِحنتي بِمهامِهِ الأحـزانِ ..





يَعِزُّ عَلَيَّ حينَ أُديرُ عَيني
أُفَتِّشُ في مَكانِكَ لا أَراكا
وَلَم أَرَ في سِواكَ وَلا أَراهُ
شَمائِلَكَ المَليحَةَ أَو حِلاكا



اللهم في هذه الليلة المباركة اغفر لأبي وارفع درجته في العليين واحشره مع النبيين والصديقين
واجعله من ورثة جنة النعيم
اللهم اجزه عنا خير الجزاء
وأحسن إليه كما أحسن إلينا
وأكرمه كرما يليق بكرم الجواد المنان المحسن أكرم الأكرمين ..

[راحيل الأيسر]

بسم من أضحك وأبكى
وأمات ذا القلب وأحيا
بسم من قال اقرأ
وفتح خزائن علمه
تماوجت سنابل أبجد
وتفتحت بساتين هوز
، أينع الكلام ، وأورق البيان
، أزهر على غصن البلاغة حلو المعاني ..
بِسْم من جعل الليل يغشي الأنام نعاسا
ويجعل قلبا مترعا كالغيم
ينتشي برعدة السهد
إذ يهزه وريدا وريدا ..

يا قلبي الغيم
وذكرك رعشة البرق
يرسم في شعاب الروح شرايين وأوردة ، تتشعب منتشيا وأستعذب منك أنيني ..
يدق الحنين أبواب صدري
فيطير سرب الحروف صوبك
تبرق العين
وأهطل مطرا
أسقي المحراب
فتشرق بيادر دعوة مجابة
إذ تمر في رؤياي طيفا ..
وأنا في حانوت الحلم
أبيع مزق القلب
أقايضه بوميضٍ منك عابر
أرهن كلي ببعض منك
أفور في حمى الهذيان
يغشاني الوجع
وأقترف البوح ..
كلما ذبلت سنابلي
بذرتك في أبجديتي
فيثَّاقل البيان ؛ وأنحني بألمي ..!