|
|
منتدى نصرة فلسطين والقدس وقضايا أمتنا العربية منتدى مخصص لطرح المواضيع المتنوعة عن كل ما يتعلق بالقدس الشريف والقضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية . |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
16-02-2024, 12:27 PM | رقم المشاركة : 1 | |||||
|
كتاب الوصايا/شهادات مبدعات ومبدعين من غزّة في مواجهة الموت
ذات ليلة عاصفة بالإنفجارات في الأسبوع الثاني من الحرب تقريباً ،هاتفني صديقي الكاتب يسري الغول وسألني: هل ما زلت على قيد الحياة يا سعيد ؟ فأجبته ضاحكاً: يبدو أن كلانا قد فقد حياته أو عقله . غلبتْ ضحكته المجللة أزيزَ الطائرات المحشوة بحمم الموت ثم أردف: هل فكرت أن تكتب وصيتك ؟ قلت له: لا أريد أن أموت بل أريد أن أعيش وأحكي التجربة . فأخبرني أن ثمة فكرة لكتابة وصايا الأدباء قبل أن يقضوا في هذه المحرقة و أن هناك مؤسسة سترعى العمل . وافقته، لكنني لم أكن متحمس كثيراً لفكرة أن أكتب وصيتي . لماذا أكتبها ؟ ولمن ؟وكيف وأنا أحب الحياة؟ رغم أنني لا أخشى الموت . ففي بعض الليالي رأيتُ الموت يقتحمُ الشُباك ويجتاحُ فراشي وقد شعرت به يمشي على جلدي ،سمعتُ فحيحه في ليالي أخرى ،كان قريباً جداً مني حد الالتصاق . تناسيتُ الفكرة ،وفضلتُ تسجيلَ اليومياتِ ونشرها على صفحتي على الفيسبوك،ثم توقفت بعد انقطاع الانترنت والكهرباء وعدم توفر فرص شحن الأجهزة. ثم تدهورتْ الأوضاع حولنا بصورة لم يعد معها الاستمرار بفعل أي شىء ،أي شىء سوا محاولة النجاة بما تبقى من جسد وروح . عندما نزحت إلى الجنوب ،تواصلت معي الكاتبة والمترجمة ريم غنايم وأكدت لي ضرورة القيام بما طلبه يُسري وأن هناك دار للنشر سترعى العمل والذي سيترجم للانجليزية و سيقدم له كل من الكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل والكاتبة الأمريكيّة جوديث بتلر. تحمست أكثر للفكرة وخاصة أنها ستترجم إلى الإنجليزية ولاحقاً إلى لغات أخرى ،لكنني لا أريدها وصية فقط أريدها شهادة حية لما مررنا ولا زلنا كمدنيين من محطات معاناة إنسانية مختلفة . على مدار ثلاث أيام انشغلتُ بكتابة الشهادة ،وثقتُ فيها تجربتي منذ بداية العدوان حتى وصلت إلى محطة النزوح إلى الجنوب وما أعانيه كنازح غريب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب . وفي نهاية الشهادة الطويلة اختصرتُ الوصية في حال اختصر الموت علينا طرق المعاناة وأحالنا لحفرة تحت الارض ،على قاعدة أن يظل الصوت حاضراً وأن يكون القلم شاهداً على ضريحي أن الفلسطيني حي وإن مات، وأن ثمة حياة تكتب للناجين من الحياة بعد رحيلهم. اهنىء نفسي والزملاء الكتاب الذين أمهلهم الله فرص نجاة آخرى ليحتفلوا بإصدار "كتابُ الوصايا شهادات مبدعات ومبدعين من غزة في مواجهة الموت " الصادر عن دار مرفأ من بيروت . أشكر الصديقين ريم و يسري و الكاتب الأرجنتيني ألبرتو مانغويل والكاتبة الأمريكيّة جوديث بتلر للتضامن معنا ، وكل الذين عملوا في الكواليس لإصدار هذه الوثيقة التاريخية الجديدة. والسلام على الفلسطيني الذي لا يموت حتى وإن قتله البارود . د.سعيد محمد الكحلوت غزة /فلسطين
|
|||||
|
|