الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-04-2024, 04:37 PM   رقم المشاركة : 241
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







﴿وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا:

هذه الجملةُ عَطْفٌ على: ﴿ٱسْكُنْ﴾ فهي في محلِّ نَصْبٍ بالقولِ.
وأصلُ كُلْ: أُأْكُلْ بهمزتين: الأولى همزةُ وصلٍ، والثانيةُ فاءُ الكلمة فلو جاءَتْ هذه الكلمةُ على هذا الأصلِ لقيل: اُوكُلْ بإبدالِ الثانيةِ حرفاً مجانساً لحركةِ ما قبلَها، إلا أنَّ العربَ حَذَفَتْ فاءَه في الأمرِ تخفيفاً فاستَغْنَتْ حينئذٍ عن همزةِ الوصلِ فوزنُه عُلْ، ومثلُه: خُذْ ومُرْ. ولا تَرُدُّ العربُ هذه الفاءَ في العطف بل تقول: قُمْ وخُذْ وكُلْ، إلا "مُرْ" فإنَّ الكثيرَ رَدُّ فائِه بعد الواوِ والفاءِ، قال تعالى: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ﴾ الأعراف 145، و ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ﴾ طه 132.
قالوا: ﴿وَكُلَا﴾: دليل على أن الخطاب لهما بعد وجود حوّاء، لأن الأمر بالأكل للمعدوم فيه بُعْد.
و ﴿مِنۡهَامتعلِّقٌ به، و "مِنْ" للتبعيضِ، ولا بد من حَذْفِ مضافٍ، أي: مِنْ ثمارِها، لأن الجنة تستلزم ثماراً وهي مما يقصد بالأكل.
و ﴿رَغَدًا نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ. وقيل: هو مصدر في موضع الحال أي: كُلا طيِّبَيْنِ مُهَنَّأَيْنِ.
والرغَدُ: الواسِعُ الهنيءُ، قال امرؤ القيس:
بَيْنَما المَـرْءُ تَراهُ نَاعِمـاً ..... يَأْمَنُ الأحْداثَ فِي عَيشٍ رَغَدْ
ويقال: رَغدَ عيشُهم (بضم الغين وكسرها) وأَرْغَدَ القومُ: صاروا في رَغَد.
وقُريء: {رَغْداً} بسكون الغينِ على لغة تميم.
و ﴿حَيۡثُ فيقوله: ﴿حَيۡثُ شِئۡتُمَا﴾:ظرفُ مكانٍ مبهم، أي: كلا من أي مكان من الجنة شئتما. وهو مبني على الضم، شبهت حركته بحركة الضمة بـ "قبل" و "بعد". وقد تُجَرُّ بمِنْ كقوله تعالى: ﴿مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ﴾ البقرة 222، و ﴿مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ الأعراف 182. وقد تُزاد عليها "ما" فتجزمُ فعلين شرطاً وجزاء كـ "إنْ"، وقد تُشَرَّبُ معنَى التعليلِ.
والعامِلُ فيها هنا "كُلَا"أي: كُلا أيَّ مكانٍ شِئْتُما تَوْسِعَةً عليهما.
وجملة: ﴿شِئۡتُمَا﴾ في محلِّ خفضٍ بإضافةِ الظرفِ إليها.
﴿وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا﴾ دلت على إطلاق الأكل من الجنة على وجه التوسعة البالغة حيث لم يحظر عليهما بعض الأكل ولا بعض المواضع حتى لا يبقى لهما عذر في التناول من شجرة واحدة من بين أشجارها الكثيرة.











 
رد مع اقتباس
قديم 09-04-2024, 02:24 PM   رقم المشاركة : 242
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







ما الفروق بين هذه الآية وآية الأعراف؟:


- ﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ 35البقرة.
- ﴿وَيَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ 19الأعراف.

1) السـياق في آية البقرة سياق تكريم؛ فذكر قبل قصة آدم خلق ما في الأرض جميعاً لبني آدم، ثم ذكر في القصة الاستخلاف، ثم تعليم الأسماء، ثم عرضها وقت عجز الملائكة عن الإنباء بما لم يتعلموه، ثم الرضوخ والطاعة لإرادة آدم. أما في الأعراف فكان سياق القصة ضمن ذكر العقوبات وإهلاك الأمم الظالمة من بني آدم، وفي سياق غضب الله - تعالى - على الذين ظلموا. لذلك جاء في آية البقرة ذِكْرُ الرغد بقوله: ﴿رَغَدًا﴾ بينما خلا منه سياق الأعراف.
كذلك جاء التكريم الإضافي في البقرة بالعطف بالواو، وفيه دلالة على حق الاختيار في كل الأزمنة بمعنى "اسكن وكُل" غير محددة بزمان، فلم يقيّد الله - تعالى - آدم بزمن للأكل زيادة في التكريم. بينما كان العطف بالفاء في الأعراف للدلالة على التعقيب والترتيب، بمعنى: "اسكن فكُل" أي أن الأكل يأتي بعد السكن مباشرة. فالفاء إذن هي جزء من زمن الواو، أما الواو فتشمل زمن الفاء وغيرها، والجمع وغير الجمع فهي إذن أعمّ وأشمل.

2) ﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ﴿وَيَٰٓـَٔادَمُ: الملاحظ في القرآن أنه لما ينسب الله - تعالى - القول إلى ذاته يكون في مقام التكريم، وهذا ما كان في آية البقرة.أما في الأعراف فعندما طرد إبليس جمعهما في الكلام: ﴿قَالَ ٱخۡرُجۡ مِنۡهَا مَذۡءُومٗا مَّدۡحُورٗاۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمۡ أَجۡمَعِينَ 18 وَيَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ 19﴾.

3) ﴿وَكُلَا ﴿فَكُلَا: الفاء - كما ذكرنا - تفيد الترتيب مع التعقيب، وهي في آية الأعراف جاءت بعطف ﴿كُلُواْ﴾ على ﴿ٱدْخُلُواْ﴾. ولما كان وجود الأكل منها متعلقاً بدخولها، فكأنه قال: إن دخلتموها أكلتم منها، فالدُّخول شرط موصل إلى الأَكْل.
أما في آية البقرة فالواو قد لا تفيد الترتيب، نحو قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ الشورى 3، وقوله: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ الجاثية 24، ولو كانت الواو تفيد الترتيب لكان الكافرون أقروا بالحياة بعد الموت.
ولما لم يتعلّق الثاني بالأول تعلّق الجزاء بالشرط وجب العطف بالواو دون الفاء، فالسياق يدل على التكريم بالسُّكْنَى، وهو المقام مع طول اللّبْث، والأكل جميعاً.

4) ﴿حَيۡثُ ﴿مِنۡ حَيۡثُ: يظهر التكريم هنا أيضاً باستخدام ﴿حَيۡثُ﴾ في البقرة، للدلالة على إطلاق السكنى والأكل، دون تحديد لمكان في الجنة دون آخر، فليسكنا حيث شاءا، وليأكلا حيث شاءا. وفي هذا تكريم أوسع لأن الله - تعالى - جعل لهما مجال اختيار السكن، والأكل، وهذا متناسب مع الواو التي دلّت على الإطلاق فأوجبت السعة في الاختيار. بينما في الأعراف كان استخدام الفاء للتعقيب، فحصرت (مِنۡ حَيۡثُ شِئۡتُمَا) بالأكل فقط.









 
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2024, 07:26 PM   رقم المشاركة : 243
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







﴿وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ:

﴿وَلَا تَقۡرَبَا: لا ناهيةٌ، و ﴿تَقۡرَبَا﴾ مجزومٌ بها حُذِفَتْ نونُه، والألفُ فاعلٌ، و﴿هَٰذِهِ﴾ مفعولٌ به اسمُ إشارةِ المؤنث. وحكمُها في القُرْبِ والبُعْدِ والتوسط. ودخولِ هاءِ التنبيه وكافِ الخطاب حكمُ "ذا" التي للمذكر. و ﴿ٱلشَّجَرَةَ﴾ بدلٌ من ﴿هَٰذِهِ﴾، أو نعتٌ لها.
﴿وَلَا تَقۡرَبَا: نهاهما عن القِربان، وهو أبلغ من أن يقع النهي عن الأكل، لأنه إذا نهى عن القِربان، فكيف يكون الأكل منها؟ والمعنى: لا تقرباها بالأكل.
والقِربان: هو الدنوّ من الشيء. وقَرُب - بالضمِّ - يقرُبُ قُرْباً أي: دَنَا، وقَرِبْتُهُ - بالكسر - قُرْبَاناً: دَنَوْتُ منه، وقَرَبْتُ أقرُبُ قِرابَةً إذا سِرْتَ إلى الماء وبينك وبينه لَيْلَةٌ. وقيل: إذا قيل: لا تَقْرَبْ - بفتح الراء - كان معناه لا تَلْتَبِسْ بالفعلِ. وإذا قيل: لا تَقْرُب - بالضمِّ - كان معناه: لاَ تَدْنُ منه. وهذا قول غريب فإن قَرُب وقَرِب نحو كرم وسمع بمعنى دنا، فسواء ضممت الراء أو فتحتها في المضارع فالمراد النهي عن الدنو إلا أن الدنو بعضه مجازي وهو التلبس وبعضه حقيقي ولا يكون للمجازي وزن خاص في الأفعال وإلا لصار من المشترك لا من الحقيقة والمجاز، اللهم إلا أن يكون الاستعمال خص المجازي ببعض التصاريف فتكون تلك الزنة قرينة لفظية للمجاز وذلك حَسن وهو من محاسن فروق استعمال الألفاظ المترادفة في اللغة العربية مثل تخصيص بَعِدَ مكسور العين بالانقطاع التام وبعد مضموم العين بالتنحّي عن المكان ولذلك خص الدعاء بالمكسور في قولهم للمسافر لا تبعَد، قالت فاطمة بنت الأحجم الخزاعية:
إخْوَتِي لا تَبْعَدوا أبداً ..... وَبَلى واللَّه قَد بعِدوا
وفي تعليق النهي بقربان الشجرة إشارة إلى منزع سد الذرائع وهو أصل من أُصول مذهب مالك - رحمه الله - وفيه تفصيل مقرر في أصول الفقه.
(هَٰذِهِ: للإشارة للقريب، ويقال: هذي بالياء، والهاء فيما ذكروا بدل منها، وقالوا: ذ بكسر الذال بغير ياء ولا هاء، وهي تأنيث ذا، وربما ألحقوا التاء لتأنيث ذا فقالوا ذات مبنية على الكسر.
والإشارة بـ ﴿هَٰذِهِ﴾ إلى شجرة مرئية لآدم وزوجه.
و ﴿ٱلشَّجَرَةَ: اسم جنس، وتجمع على: شَّجَر وأشجار وشَجْراء. وهو ما كان على ساقٍ بخلاف النجم، وهو ما نجم وانبسط على الأرض ليس له ساق. وقيل: لا حاجة إلى ذلك لقوله تعالى: ﴿وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ﴾ الصافات 146، مع أنها كالزرع والبِطِّيخ، فلم يخرجه ذهابه على وجه الأرض من أن يكون شجراً. وقيل: كلّ ما تفرعت له عِيْدَان وأغصان، فالعرب تسميه شجراً في وقت تشعبه. وتشجر، تعني: أخذ يَمْنَةً ويسرة. ويقال: رأيت فلاناً قد شجرته الرّماح.
وتَشَاجَرَ الرجُلاَنِ في أمر كذا. وقوله تعالى: ﴿حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ النساء 65، يقول: حتى يجعلوك حكماً بينهم فيما اختلط بينهم من أمورهم، مثل الشجرتلتف أغصانه بعضها ببعض، فالتبس عليهم حكمه.
والمشجرة: موضع الأشجار، وأرض مشجرة، وهذه الأرض أشجر من هذه، أي: أكثر شجراً.






 
رد مع اقتباس
قديم 11-04-2024, 02:41 PM   رقم المشاركة : 244
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







ما قالوه في جِنْسِ تِلْكُمُ الشَّجَرة:

اخْتُلِف في هذه الشجرة المنهي عنها، فروي عن بعض العلماء أنه نهى عن جنس من الشـجر. وقال آخرون: إنما نهى عن شَجَرٍ بعينه، واختلفوا في تلك الشـجرة على أقوال:
- هي شجرة العلم، عليها من كل لون، ومن أكل منها علم الخير والشر، وهذا ما ورد في سفر التكوين.
والمدهش أن يتبنى هذا الرأي ناس من الشيعة يُلبسون القصة الإسرائيلية رداءَ أهل البيت، فيقول بعضهم: قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‌: ﴿وَلاٰ تَقْرَبٰا هٰذِهِ اَلشَّجَرَةَ﴾ قَالَ‌ اَلْإِمَامُ: شَجَرَةَ اَلْعِلْمِ‌، شَجَرَةَ عِلْمِ‌ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم - اَلَّذِينَ آثَرَهُمُ اَللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهَا دُونَ سَائِرِ خَلْقِهِ‌، فَإِنَّهَا لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ‌ خَاصَّةً‌ دُونَ غَيْرِهِمْ‌، وَلاَ يَتَنَاوَلُ مِنْهَا بِأَمْرِ اَللَّهِ إِلاَّ هُمْ‌، وَمِنْهَا مَا كَانَ يَتَنَاوَلُهُ‌ اَلنَّبِيُّ - عَلَيْهِ صَلوات اللَّهُ - وَعَلِيٌّ‌ وَفَاطِمَةُ‌ وَاَلْحَسَنُ‌ وَاَلْحُسَيْنُ‌ بَعْدَ إِطْعَامِهِمُ اَلْمِسْكِينَ‌ وَاَلْيَتِيمَ وَاَلْأَسِيرَ حَتَّى لَمْ يُحِسُّوا بَعْدُ بِجُوعٍ وَلاَ عَطَشٍ وَلاَ تَعَبٍ وَلاَ نَصَبٍ‌. وَهِيَ شَجَرَةٌ تَمَيَّزَتْ مِنْ بَيْنِ أَشْجَارِ اَلْجَنَّةِ‌ . إِنَّ سَائِرَ أَشْجَارِ اَلْجَنَّةِ‌ كَانَ‌ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا يَحْمِلُ نَوْعاً مِنَ اَلثِّمَارِ وَاَلْمَأْكُولِ‌ وَكَانَتْ هَذِهِ اَلشَّجَرَةُ وَجِنْسُهَا تَحْمِلُ اَلْبُرَّ وَاَلْعِنَبَ وَاَلتِّينَ وَاَلْعُنَّابَ وَسَائِرَ أَنْوَاعِ اَلثِّمَارِ وَاَلْفَوَاكِهِ وَاَلْأَطْعِمَةِ‌. فَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَ اَلْحَاكُونَ لِتِلْكَ‌ اَلشَّجَرَةِ‌، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‌: هِيَ بُرَّةٌ‌. وَقَالَ آخَرُونَ‌: هِيَ عِنَبَةٌ‌. وقَالَ آخَرُونَ‌: هِيَ تِينَةٌ‌. وَقَالَ آخَرُونَ‌: هِيَ عُنَّابَةٌ‌. قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلاٰ تَقْرَبٰا هٰذِهِ اَلشَّجَرَةَ‌﴾ تَلْتَمِسَانِ بِذَلِكَ دَرَجَةَ‌ مُحَمَّدٍ وَ آلِ‌ مُحَمَّدٍ فِي فَضْلِهِمْ‌، فَإِنَّ اَللَّهَ - تَعَالَى - خَصَّهُمْ بِهَذِهِ اَلدَّرَجَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ‌، وَهِيَ اَلشَّجَرَةُ‌ اَلَّتِي مَنْ تَنَاوَلَ مِنْهَا بِإِذْنِ اَللَّهِ - عَزَّ وَ جَلَّ - أُلْهِمَ عِلْمَ اَلْأَوَّلِينَ وَاَلْآخِرِينَ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ‌، وَمَنْ‌ تَنَاوَلَ مِنْهَا بِغَيْرِ إِذْنِ اَللَّهِ خَابَ مِنْ مُرَادِهِ وَعَصَى رَبَّهُ‌ ﴿فَتَكُونٰا مِنَ اَلظّٰالِمِينَ﴾ بِمَعْصِيَتِكُمَا وَاِلْتِمَاسِكُمَا دَرَجَةً قَدْ أُوثِرَ بِهَا غَيْرُكُمَا إِذَا أَرَدْتُمَاهَا بِغَيْرِ حُكْمِ اَللَّهِ‌.
- هي الكَرْمُ، ولذلك حرمت علينا الخَمْرُ.
- هي السُّنبلة، والحَبَّة منها ككلى البقر، أحلى من العَسَلِ، وألين من الزّبد، ولما تاب الله على آدم جعلها غذاء لبنيه.
- إنها التين، ولذلك تعبر في الرُّؤيا بالندامة لآكلها.
- هي النخلة.
- هي شجرة الكافور.
- هي شجرة الحنظل.
- هي شجرة الخلد، تأكل منها الملائكة.
- هي شجرة من أكل منها أحدث.
- هي شجرة المحنة.
- إنها شجرة لم يُعلمنا الله ما هي، إذ لا يتعلق بعرفانها كبير أمر، وإنما المقصود إعلامنا أن فعل ما نهينا عنه سبب للعقوبة.









التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 12-04-2024, 12:33 AM   رقم المشاركة : 245
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







ما المراد بالنهي عن الأكل من الشجرة؟:

هذا النهيُ نهيَ تحريمٍ، أو تنزيهٍ؟ فيه خلاف:

- قال قوم: هذا نهي تَنْزيه؛ لأن هذه الصِّيغة وردت في التنزيه والتحريم، والأصل عدم الاشتراك فلا بُدّ من جعل اللفظ حقيقةً في القَدْرِ المشترك بين القسمين، وما ذلك إلاَّ أن يجعل حقيقة في ترجيح جانب الترك على جانب الفعل، من غير أن يكون فيه دلالة على المنع من الفعل، أو الإطلاق فيه كان ثابتاً بحكم الأصل، فإن الأصل في المَنَافع الإباحة، فإذا ضممنا مَدْلُولَ اللفظ إلى هذا الأصل صار المجموع دليلاً على التنزيه. وقالوا: وهذا هو الأولى بهذا المَقَام؛ لأنّ على هذا التقدير يرجع حاصل معصية آدم إلى ترك الأولى. وهم بهذا يعتبرون آدم نبياً، ومعلوم أن كل مذهب أفضى إلى عِصْمَةِ الأنبياء - عليهم صلوات الله - كان أولى.

- وقال آخرون: بل هذا نهي تحريم، واحتجوا عليه بأمور:
1. أن قوله: ﴿وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ﴾ كقوله: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ﴾ البقرة 222، وقوله: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ﴾ الإسراء 34، فكما أن هذا للتحريم فكذا الأول.
2. قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّالِمِينَ﴾ أي: إن أكلتما منها ظلمتما أنفسكما ألا ترى لما أكلا ﴿قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا﴾ الأعراف 23.
3. لو كان للتنزيه لما استحقّ آدم بفعله الإخراج من الجنة، ولما وجبت التوبة عليه.









 
رد مع اقتباس
قديم 12-04-2024, 01:45 PM   رقم المشاركة : 246
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







﴿فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ:

في هذه الجملة وجهان:
أحدُهما: أَنْ يكونَ مجزوماً عطفاً على "تَقْرَبَا" كقولِهِ:
فقلت له: صَوِّبْ ولا تَجْهَدَنَّهُ ..... فَيُذْرِكَ من أُخرى القَطَاةِ فَتَزْلَقِ
والثاني: أنه منصوبٌ على جوابِ النهي كقولِهِ تعالى: ﴿لاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ﴾ طه 81.
والنصب إما بالفاء، أو بإضمار "أَنْ".
و ﴿مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ: خبرُ كان.
والظُلْمُ أصله وَضْعُ الشيءِ في غيرِ مَوْضِعِه ثم يطلق على الشرك، وعلى الجحد، وعلى النقص، ومنه قيل للأرضِ التي لم تستحقَّ الحفرَ فتُحْفَر، قال النابغة الذبياني:
إِلاَّ أَوارِيَّ لأَيَاً ما أُبَيِّنُهَا ..... والنُّؤْيُ كالحوضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ
الأواري: واحدها آري، وهو محبس الدابة ومعلفها، واللأي: البطء أو الجهد، والنؤى :حفير يجعل حول البيت أو الخيمة لئلا يصل إليها المطر، والمظلومة :الأرض التي حفر فيها حوض، وليست موضع تحويض، والجلد: الأرض الغليظة الصلبة، شبه داخل الحاجز بالحوض في المظلومة، یعني: أرضاً مروا بها في البرية، فتحوضوا حوضاً سقوا فيها إبلهم، وليست بموضع تحويض. ويقال ظلمت الحوض: إذا عملته في
موضع لا تعمل فيه الحياض.
وقيل: سُمِّيَتْ مَظلومةً لأنَّ المطرَ لا يأتيها، أو ينصب في غير مصبِّه. قال عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ:
ظَلَمَ البطاحَ له انهِلاَلُ حَرِيصةٍ ..... فصفَا النِّطافُ له بُعَيْدَ المُقْلَعِ
إهلال المطر واستهلاله وانهلاله هو صوت وقوعه على الأرض، والنِّطافُ: جمع النُّطْفَةُ، وهي الْمَاءُ الصَّافِي قَلَّ أَوْ كَثُرَ. والبيت يعني أن البطاح مُطَرَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِ مَطَرِهَا فَلِذَلِكَ ظَلَمَ. ومنه: ظَلم الرجلُ جَزوره، وهو نحره إياه لغير علة. وذلك عند العرب وَضْع النحر في غير موضعه.
وقالوا: "مَنْ أشبه أباهَ فما ظَلَمْ"، قال:
بأبِهِ اقتدى عَدِيٌّ في الكَرَمْ ..... ومَنْ يشابِهْ أَبَه فما ظَلَمْ








 
رد مع اقتباس
قديم 13-04-2024, 01:40 PM   رقم المشاركة : 247
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







وجوه الظلم:

قالوا: الظلم على وجوه:


- الأول: الظَّالمون: المشركون، لقوله تعالى: ﴿أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ﴾ هود 18، يعني: المشركين.
- الثاني: الظلم: الضرر، قال تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ النحل 118، أي: ما ضررناهم، ولكن كانوا أنفسهم يضرون.
- الثالث: الظلم: الجحود، قال تعالى: ﴿فَظَلَمُوا بِهَا﴾ الأعراف 103، أي: فجحدوا بها.
- الرابع: ظلم الظَّالم لنفسه بالمعصية كهذه الآية أي: فتكونا من العاصين.
والمراد من الآية هو أنكما إن أكلتما منها فقد ظلمتما أنفسكما؛ لأن الأكل من الشجرة لا يقتضي ظُلْمَ الغير، وقد يكون ظالماً بأن يظلم نفسه، وبأن يظلم غيره، فظلم النفس أعم وأعظم.









 
رد مع اقتباس
قديم 14-04-2024, 04:22 PM   رقم المشاركة : 248
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥







ما قيل في مدلول: ﴿فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ:

قيل: أي من المعتدين، وأشـهر معاني الظلم في اسـتعمال العرب هو الاعتداء، والاعتداء إما اعتداء على نهي الناهي إن كان المقصود من النهي الجزْم بالترك، وإما اعتداء على النفس والفضيلة إن كان المقصود من النهي عن الأكل من الشجرة بقاء فضيلة التنعُم لآدم في الجنة. وعلى الأول الظلم لأنفسـهما بارتكاب غضب الله وعقابه وعلى الثاني الظلم لأنفسهما بحرمانها من دوام الكرامة. وظلم النفس أعم وأعظم من ظلم الغير، لكن قد يظلم المرء نفسه، ويظلم غيره.

ثم اختلف الناس ههنا على ثلاثة أقوال:
-الأول: إنه أقدم على الكبيرة فلا جرم كان فعله ظلماً.
-الثاني: إنه أقدم على الصغيرة، فظلم نفسه بأن ألزمها ما يشق عليه من التوبة والتلافي، أو أنه ظلم نفسه من حيث أحبط بعض ثوابه الحاصل فصار ذلك نقصاً فيما قد استحقه.
-الثالث ينكر صدور المعصية منه مطلقاً، وحمل هذا الظلم على أنه فعل ما الأولى له ألا يفعله. ومثاله إنسان طلب الوزارة ثم إنه تركها واشتغل بالحياكة، فإنه يقال له: يا ظالم نفسه لم فعلت ذلك؟ فإن قيل: هل يجوز وصف الأنبياء - عليهم صلوات الله - بأنهم كانوا ظالمين أو بأنهم كانوا ظالمي أنفسهم؟ والجواب أن الأولى أنه لا يطلق ذلك لما فيه من إيهام الذم.








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 15-04-2024, 12:23 PM   رقم المشاركة : 249
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥








ما قيل في مدلول: ﴿فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ:

وفي نوع الظلم أقوال كذلك: فقيل لأنفسكما بإخراجكما من دار النعيم إلى دار الشقاء،
أو بالأكل من الشجرة التي نهيتما عنها،
أو بالفضيحة بين الملأ الأعلى،
أو بمتابعة إبليس،
أو بفعل الكبيرة،
أو بفعل الصغيرة،
أو بإلزامها ما يشق عليها من التوبة والتلافي،
أو بحط بعض الثواب الحاصل،
أو بترك الأولى.

وهل كانا أول من ظَلَم؟:
قال قوم: هما أول من ظلم نفسه من الآدميين.
وقال قوم: كان قبلهم ظالمون شبهوا بهم ونسبوا إليهم. وفي قوله: ﴿فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ دلالة على أن النهي كان على جهة الوجوب لا على جهـة النـدب، لأن تاركه لا يسـمى ظالماً.
وقال بعض أهل الإشارات: الذي يليق بالخلق عدم السكون إلى الخلق، وما زال آدم وحده بكل خير وبكل عافية، فلما جاءه الشكل والزوج، ظهر إتيان الفتنة وافتتاح باب المحنة، وحين ساكن حواء أطاعها فيما أشارت عليه من الأكل، فوقع فيما وقع.
ولقد قيل:
داءٌ قَديمٌ في بَني آدَمٍ ..... صَـبـوَة إِنـسـانٍ بِإِنسانِ
وقيل: كل ما منع منه توفرت دواعي ابن آدم للاقتراب منه. هذا آدم أُبيح له الجنة بجملتها، ونهي عن شجرة واحدة، فليس في المنقول أنه مد يده إلى شيء من جملة ما أُبيح له، وكأنه عيل صبره حتى ذاق ما نهي عنه، هكذا صفة الخلق. كان آدم لا أحد يوفيه في الرتبة يتوالى عليه النداء: يا آدم! ويا آدم! فأمسى وقد نزع عنه لباسه وسلب استئناسه، رغم أنه نُبِّه على عاقبة ارتكابه ما يوجب خروجه من الجنة. وصح أن يقال فيه:
لِلَّهِ دَرِّهِـمْ مِنْ فِتْيَـةٍ بَكَّـرُوا ..... مِثْلَ الْمُلُوكِ وَرَاحُوا كالمساكين








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 15-04-2024, 10:01 PM   رقم المشاركة : 250
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥








حول مضمون الآية:

قوله تعالى: ﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ﴾ فيه دليل على تعدد الخلق وقت أمر آدم بسكنى الجنة؛ إذ لو كان جنس آدم وزوجه وحدهما موجودين، لقال: ﴿يَا آدَمُ ٱسۡكُنۡ وَزَوۡجُكَ﴾ دون: أَنتَ، فالتخصيص عني الاختيار من متعدد، كما لو أشار معلم لفتى واحد في الصف: تعال أنت. أما لو كان ذلك الفتى وحده أمام المعلم لقال له: تعال.
قد اختلف علماء المسلمين من أهل السنّة وغيرهم في ٱلْجَنَّةَ هل هي البستان، أو المكان الذي تظلّله الأشجار بحيث يستتر الداخل فيه كما يفهمه أهل اللغة؟ أم هي الدار الموعود بها في الآخرة؟ والرأي الأول هو الأولى لأنه يحل إشكالات كثيرة وهي:
1) إنّ الله خلق البشر في الأرض، وفيها سوى جيلاً منهم، بث فيه من روحه واستخلفه فيها؛ فالخلافة مقصودة لتكون تكليفاً لا عقوبةً عارضة.
2) إنّه لم يذكر أنّه عرج به إلى السماء، ولو حصل لذكر؛ لأنّه أمر عظيم.
3) إنّ الجنّة الموعود بها لا يدخلها إلاّ المؤمنون المتّقون، فكيف دخلها الشيطان الكافر الملعون؟
4) إنّها ليست محلاًّ للتكليف.
5) إنّه لا يمنع من فيها من التمتّع بما يريد منها.
6) إنّه لا يقع فيها العصيان.
7) إنّ القول بأن آدم أسكن جنّة الآخرة، يقتضي أن تكون الآخرة هي الدار الأولى والدنيا الدار الثانية، وهذا ينافي الوصف القرآني للدارين: الأولى: دار الدنيا العاجلة، والثانية: دار الآخرة الآجلة.

وبالجملة: إنّ الأوصاف التي وصفت بها الجنّة الموعود بها، لا تنطبق على ما كان في جنّة آدم، ومنه كون عطائها غير مجذوذ ولا مقطوع وغير ذلك. أما القائلون بأنها جنة الخلد، فوضعوا أجوبة يسهل دحضها، ومنهم من مال إلى الوقف. على أن قوله تعالى لآدم: ﴿ٱسْكُنْ﴾ يشير إلى الانتقال، بمعنى أنّ التعليم كان في تلك الجنّة أو بالقرب منها، وقوله: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًاۖ﴾ البقرة 38، وقوله: ﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ﴾ طه 128، يعني إما هبوطاً من علٍ، كقمة جبل، أو يكون هبوطاً معنوياً من مرتبة لمرتبة أدنى منها. ولعلّ في خاصيّة تلك الشجرة ما هو سبب خروجهما من حال إلى حال، وربّما كان في الأكل منها ضرر، أو كان النهي ابتلاءً وامتحاناً منه تعالى؛ ليظهر به ما في استعداد الإنسان من الميل إلى الإشراف على كلّ شيء واختباره، وإن كان في ذلك معصية يترتّب عليها ضرر.








التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 16-04-2024, 03:08 PM   رقم المشاركة : 251
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥








حول مضمون الآية:

وقد خاض المفسرون في مسألتين متعلقتين بهذه الآية، أولاهما: مسألة خلق حوّاء من ضلع من أضلاع آدم، وثانيتهما: مسألة عصمة آدم.
فأمّا الأولى فليس في القرآن قَوْلٌ فيها ولا يلزمنا حمل قوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ النساء 1، على ذلك لأجل مطابقة سـفر التكوين، فإنّ القصّة لم ترد في القرآن كما وردت في العهد القديم، وإنما جاء القرآن بموضع العبرة في خلق آدم واستعداد عالم الشهادة لأن يتكمّل به، وكونه قد أعطي استعداداً في العلم والعمل لا نهاية لهما ليظهر حكم الله، ويقيم سننه في الأرض فيكون خليفة له، وكونه لا يسلم من داعية الشرّ والتأثّر بالوسوسة التي تحمل على المعصية. ولكون التاريخ غير مقصود له؛ لأنّ مسائله من حيث هي تاريخ ليست من مهمّات الدين من حيث هو دين، وإنّما ينظر الدين من التاريخ إلى وجه العبرة دون غيره. لذلك قال بعض العلماء إن سوق هذه القصة بما فيها من عصيان إنما ليعلم الرسول - عليه الصلاة والسلام - والمؤمنون أن الخطأ طبع بشري، فإذا اقترفه أحدهم، حري به أن يتوب منه كما فعل آدم وزوجه، وأن عصيان إبليس لله أكبر وأشنع من شرك المشركين، وأن عاقبتهم كعاقبته إن أصروا على الإعراض، وآثروا مخالفة الحق. وسفر التكوين في روايته لبدء الخلق، بُنيَ على افتراض خاطيء منذ البداية، ولا عجب في ذلك لأنه كلام بشر، يتناوبون على كتابة القصة، ثم تعديلها وتحويرها وفق أهوائهم دون أي سند نقلي. هم رأوا أن بداية البشرية كانت منذ أقل من ستة آلاف عام، والحفريات أثبتت أن البداية كانت قبل ذلك بأزمان طويلة. بل إن من أحدث الافتراضات عن هرم خوفو الباقي إلى اليوم، أنه شيد منذ أكثر من عشرة آلاف عام. وإذا كان ذلك كذلك، فالمفترض أن بدء الخلق سبق هذا التاريخ بزمن طويل، لأن الهرم يمثل تطـوراً حضارياً لا يصل إليه الإنسـان إلا بعد أجيال من التعلم والدرس والتجربة والخطأ. ناهيك عن كشف هياكل عظمية لبشر عاشوا على الأرض منذ مئات الآلاف من السنين، ونقرأ أن أقدم أثر معروف للبشر على وجه الأرض عثر عليه في أثيوبيا، وهو عبارة عن *هيكل عظمي بشري يبلغ عمره 4.4 مليون سنة أطلق عليه اسم "أردي". وهذا يجعلنا نهمل ما في سفر التكوين من بدء الخلق، ويُثَبّتُ لدينا الافتراض أن آدم لم يكن أول البشر، وأنه من نسل أقوام أُبيدوا، أو أُزيحوا من العالم الذي نعرفه، وكان جنس آدم من الذكر والأنثى هو الذي اصطفاه الله ونفخ فيه من روحه، وعزله عن أسلافه في جنة أرضية ليستخلفه في الأرض. وما جعل المفسرين يلجأون إلى روايات العهد القديم عن خلق زوج آدم من ضلعه، تخبط أكثرهم في تفسير آيات مثل آية النساء، إلا أن من المحققين من رأى أن المعنى هذه الآيات: مِنْ جِنْسِهَا، وهو كَقَوْلِهِ تَعَالَى في سورة الروم: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا﴾ 21، فإنّ المعنى هناك على أنّه خلق لكم أزواجاً من جنسكم، ولا يصحّ أن يراد أنّه خلق كلّ زوجة من بدن زوجها كما هو ظاهر. وكذلك قوله تعالى: ﴿إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ آلِ عِمْرَانَ 164، وَقَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ التَّوْبَةِ 128، ومن البدهي أن الرسول لم يخرج من صدور قومه.









التوقيع

 
رد مع اقتباس
قديم 16-04-2024, 10:34 PM   رقم المشاركة : 252
معلومات العضو
عوني القرمة
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو






عوني القرمة غير متصل


افتراضي رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض

﴿وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا حَيۡثُ شِئۡتُمَا وَلَا تَقۡرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ
فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ ٣٥








حول مضمون الآية:

وأما قوله تعالى: ﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها﴾ النساء 1، فقيل: قوله: ﴿وخَلَقَ مِنها زَوْجَها﴾ عطف على محذوف، كأنه قيل: من نفس واحدة أنشـأها أو ابتدأها، وخلق منها زوجها؛ وإنما حذف لدلالة المعنى عليه. إنّ هذا القول في الآية هو بيان لكون زوجها من نوعها بالتماثل، وأنّ هؤلاء الأفراد المبثوثين مرجعهم جميعاً إلى فردين متماثلين متشابهين، فلفظة "من" نشوئية أو بيانية، لا تبعيضية؛ أما المراد بالنفس الواحدة هنا فهو النفس الإنسانية التي تتمثّل فيها الطبيعة البشرية، هذه النفس المكوّنة من مادة ونفس، والمتمثّل فيها الكيان البشري بما فيه من أعضاء وأجهزة، يقوم عليه جسمه المادي بما فيه من مشاعر وأحاسيس وصفات وسمات وغرائز وشهوات وآمال وتطلعات، وما فيه من قلب وروح وتصور وفكر وخيال، هذا الكيان الإنساني كله هو النفس التي خلقها الله. وخلق الله من هذه النفس الواحدة المتكاملة الرجل والمرأة في وقت معاَ؛ مع فروق فردية جعلها الله الحكيم - بيولوجياً وعاطفياً - بين الرجل والمرأة ليقوم كل منهما بدوره في الحياة. وهذا معناه أن الرجل نفس إنسانية سوية بجسمه وروحه وشخصيته، والمرأة نفس إنسانية سوية لها جسمها وروحها وشخصيتها، وهي معززة مكرمة كالرجل، وليست أدنى أو أحطّ منزلة منه، وهذا تكريم وتشريف عظيم للإنسان ذكراً وأنثى، دون تفرقة بينهما في الحقوق والواجبات، وإن كان لكـل منهما وظيفته ودوره في الخلافـة في الأرض.












التوقيع

 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:27 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط