مسرحية راعي البقر

[ماجد غالب]

الفصل الأول

(الدِّفء يتمدَّد في الغرفة، من مدخنة تتأجَّج على يمين الدَّاخل من الباب المفضي إلى الرّواق الطَّويل الممتدِّ إلى أجنحة البيت الأبيض المتفرِّعة، حيث ينتصب بالقرب منها كرسيان خشبيان نادران، بينما ينتصب في الواجهة، كرسيٌّ دوار، ومكتب خشبي يتقاطع في صفحاته بريق الضَّوء، ولمعان الوهج المنعكس من الطَّرف الآخر. وعلى يساره تتراصّ مجاميع من الكتب الكبيرة الحجم بشكل منظَّم على رفوف ملتصقة على الجدار بشكل يوحي بعناية دائمة.
وفي هذه اللحظة، يتحرَّك مقبض الباب بكياسة، ثمَّ ينفتح بهدوء مسفرا عن شخص وزير الدِّفاع، الذي يقولُ
في سريرته وهو يهمُّ بالدُّخول: الدِّفء يوحي بمزيد من السُّكون والشَّاعرية، السُّكون والدِّفء شيءٌ جميل.
بوش: ( يقف ساكناً ينظر إلى صورة راعي البقر المعلَّقة فوق المدخنة).
رامزفيلد: (يتتبَّع نظرات صاحبه).
بوش: (ببرود دون أن يلتفت) أرى أنَّها بحاجة إلى إضافة.
رامزفيلد: (تلتقي نظراته بنظرات بوش) يبدو أنَّ الحرب تستدعي لديكم رؤية فنية جديدة سيادة الرَّئيس.
بوش: (يضحك، ثمَّ يقول): رؤية فنِّية، ربَّما .
رامزفيلد: الحروب غالبا ما تغذي الفكر وتستدعي الإبداع.
بوش: كنت أتصوَّر أن هذا من اختصاص الفنان وحده.
رامزفيلد: الفنان هو أكثر احساسا بالأدوات من غيره.
بوش: أتعني، أنَّ المحارب، هو من يمكن أن يحوِّل اللَّوحة إلى نصٍّ مكتوب بالدُّخان وأصوات الانفجارات؟
رامزفيلد: (بفكاهة) على أنَّ الفنَّان يعطي بعدا حقيقا للمأساة...
بوش: وهل تسمِّي إخفاء الحقائق بعدا آخر؟... أو ربَّما كذبا!
رامزفيلد: التشكيليَّة الفنية تعني الكثير من الألوان. وهو ما يلهب المأساة .
بوش: ولعلَّ هذا ما يفسِّر كثرة المعارضين منهم.
رامزفيلد: مصيبة الفنان أنَّه لا يكذب...
بوش: ت...
رامزفيلد: يحسب الفنان أنَّ كلَّ شيء ينبغي أن يحدد بالألون، سواء أكان واقعيا أم سرياليا.
بوش: ولكن حرب العراق، كانت حرب الحريَّة، وهذا ما لم يعبَّر عنه جيِّدا.
رامزفيلد: (مبتسماً بمكر) ألم أقل أنَّهم يريدون تحديد كلَّ شيء.
بوش: ألم يفهموا؟!
رامزفيلد: القلم والفرشاة لا تمسح إلا السَّطح.
بوش: ولعلَّ هذا ما يجعل النَّظرة الفنية لا تتقارب مع النَّظرة السِّياسيَّة.
رامزفيلد: على أنَّ الفنان، من الذَّكاء بحيث أنَّه يمكن أن يصور مجازر المطار، وقتال
المدن، وتدمير بلداً كاملاً مثلا، على لوحة صغيرة جداً.
بوش: ولكن من اليسر علينا التكتُّم عل...
رامزفيلد: أن محاولاتنا الصَّارمة للتكتُّم على استخدام السِّلاح المحرَّم في وقائع المطار
لم تفلح، وتكتماتنا على استخدام الفسفور الأبيض في الفلوجة لم تفلح أيضا.
بوش: أتعني أن المحارب من الصَّعب عليه حجب كلَ هذا الحقائق؟
رامزفيلد: (منفعلا) لا، لا أعني هذا، سيادة الرَّئيس.
بوش: (بدهش) إذاً!
رامزفيلد: إن موقفا صارماً لابدَّ منه.
بوش: موقفا صارما!
رامزفيلد: ليخرجنا من الحرج التَّاريخي.
بوش: تقول هذا وأنت تعلم أن الصَّحافة أصبحت في عموم البلاد شبه محنطة، هه.
رمزفيلد: ربَّما، و لكن هذا لا يكفي.
بوش: ( يحمرُّ ويتصلَّب، هازاً رأسه بعد لحظاتٍ من السُّكون ) لا أفهم.
رامزفيلد: (يصوِّب نظراته إلى النَّافذه المطلَّة على حديقة البيت الأبيض) ولكنَّهم على استعداد ليرشقونا بالقاذورات، كما يرشقنا العراقيُّون بالرَّصاص.
بوش: الغاية تبرِّر الوسيلة القاهرة.
رامزفيلد: أنسيت نحن الذين حاربناهم.
بوش: عندما كانوا ضدنا.
رامزفيلد: أنا لا أختلف معك في هذا، وإلاَّ كيف اقتحمنا البصرة والنَّاصرية وهلم جرا، ولكن التطبيق العسكري يتطلَّب نوعا من التزويق.
بوش: الحريَّة سوف تثبت غايتنا.
رامزفيلد: لا أختلف معك في هذا أيضا، ووجهة نظري هي أن نخرج كالفنان العمل الحربي بصورة مزجية، أأ...أو ما يسما بالبانوراما... مزيجا من الألوان المتداخلة.
بوش: وهل تعتقد أنَّ الدَّبَّابة والدُّخان والمفرقعات قادرة على ذلك؟
رامزفيلد: لم ننجح بالقوة في انهيار السُّوفيت...
بوش: (بتنغيم الكلمات) ولكنا نجحنا بطرق أخرى سلمية.
رامزفيلد: (يتصلب وجهه، ويقول بصرامة)غير أنا في العراق نواجه حربا.
بوش: (وهو يتطلَّع إلى اللَّوحة) ولكنَّا انتصرنا في العراق.
رامزفيلد: وانهزمنا في لوحات الفنَّانين وحتى في قصص الأطفال.
بوش: (بمكر) ولكنَّنا وجدنا سبلاً للتَّفاهم!
رامزفيلد: (يتقلص وجهه) أنا لا أقصد حفنة من الوكلاء.
بوش:!
رامزفيلد: (بصرامة تتضخَّم معها الشَّرايين ) نريد مزجا واقعيا، تجعل العراقي يرقص على الدبابة بأنغام الحرِّيَّة.
بوش: الذي يهمُّنا الواقع.
رامزفيلد: ربَّما ما أقوله خيالا و ....
بوش: ألم تر إلى الفلسطينيين؟
رامزفيلد: ربما الأمر يختلف ولو أن الطِّينة واحدة، و...
بوش: (مقاطعا) الخياليِّون لا يعتقدون.
رامزفيلد: أنا مقتنع من دوري تماما، ولكن دون فعل صارم سوف نتحوَّل إلى حقيقة كاريكاتورية،
فبدلا من أن تكون على الورق تصبح في كل المحافل.
بوش: لا يبدو أن ما تقول مقنعا، ولكن إن كنت تعني، أن الآلاف من الضحايا سوف تتحول بهم دفاتر الفنانين إلى محكمة تصدر أحكام الإدانة علينا فأعتقد أن هذا تجاوز للمألوف.
رامزفيلد: أعرف أن الخوف ليس من شيمة الأقوياء،...
بوش: لقد قلت أننا لسنا كالفنان الذي يلوِّن كلَّ شيء على السطح، وهذا لا يضير بمشاريعنا...
رامزفيلد: (يهزُّ يده مغضبا) يظهرون كالمنتصرين دائما!
بوش: (ينتصب رأسه بحنق بموازاة رأس رامزفيلد) لا أفهم.
رامزفيلد: (يتعلَّق نظره باللَّوحة، ثمَّ تلتقي بنظرات بوش) يبدو أنَّها فعلا بحاجة إلى إضافة.
بوش: (يهدأ قليلا) ربما الحصان. فلو كان رأس الحصان مقدمة لهيكل دبابة لأضافت شيئا جديدا أكثر بعدا. ألا تعتقد ذلك؟
رامزفيلد: (واضعا يديه على حنكه وهو يتخيِّل الشَّكل الجديد،) ...يبدو أن ألأمر سوف يكون أكثر إثارة.
بوش: خصوصا وأن الرمزية لا تخرج الشكل عن الجوهر، وأظن أن ذلك هو ما يثير الفانانين المتألِّقين أكثر، (ثمَّ تتحوَّل، فجأةً، نظراتهم إلى السَّاعة الجداريَّة، التي شرع ديكُها ينذر بالوقت).

[راحيل الأيسر]

مرحبا بك أستاذنا الموقر/ ماجد غالب
في كل مرة

قرأت ما أدرجت هنا قراءة عابرة وسأعود إليها إن شاء الله على حين فسحة من وقت..


سؤالي : هو نصك ( قصتك ) من نسج حروفك أليس كذلك ؟
إذاً لماذا أدرجته هنا في التفاعلية ؟

أنتظر جوابك كي أنقله هناك حيث مكانه
وأتناوله أنا والإخوة الكرام
أساتذة القصة والرواية قراءة وتعليقا ..


لأني رأيت لغته قوية وصياغة الأحداث والسردية الأنيقة حاضرة بقوة ..
أنتظر جوابك
فإن كان النص لك فهذا ليس مكانه ..


دائما وأبدا وفي كل قسم أدبي
مرحبا بك ..

[ماجد غالب]

حضرة الاستاذ الفاضل..
تحية طيبة..
نغم هذه المسرحية من تأليفي.... لم أجد قسم خاص بالمسرح.
وشكرا جزيلا لكم.
ماجد غالب

[راحيل الأيسر]

متابعون لك
وقد تم نقل النص إلى قسمه المخصص
مع ثنائي لحرفك القوي وسردك الشيق ووصفك المتقن ..



تابع

مع دعائي و أمنياتي بالتوفيق لك ..

[ماجد غالب]

تحية طيبة
شكري وتقديري لجهودكم.
مع خالص الادعية.

ماجد غالب.

[راحيل الأيسر]

متابعون لك
فأكمل باقي الفصول ..

مع التوفيق والأمنيات الطيبة ..

[ماجد غالب]

شكرا على المتابعة..سارسلها بإذن الله تعالى.
مع أطيب التحيات وخالص الأدعية.

[ماجد غالب]

أسال الله لكم النجاح والتوفيق.