|
|
المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين.. |
مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان) |
|
أدوات الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
25-01-2024, 03:19 PM | رقم المشاركة : 133 | |||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
(وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ 30) حول مضمون الآية: وما يجعلنا نعتقد أن الملائكة والجن جنس واحد، منقسم إلى فئتين: أخيار وأشرار، عدة دلائل: 8) وقوله جل وعلا: (وَتَرَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ 75) الزمر، وأكثر المفسرين يؤلون معنى: (وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ) على أنها تخص البشر المؤمنين، غير أن فخر الدين الرازي يرى أنها في الملائكة، يقول: "ثُمَّ قالَ: (وقُضِيَ بَيْنَهم بِالحَقِّ) والمَعْنى أنَّهم عَلى دَرَجاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ومَراتِبَ مُتَفاوِتَةٍ، فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهم في دَرَجاتِ المَعْرِفَةِ والطّاعَةِ حَدٌّ مَحْدُودٌ لا يَتَجاوَزُهُ ولا يَتَعَدّاهُ، وهو المُرادُ مِن قَوْلِهِ: (وقُضِيَ بَيْنَهم بِالحَقِّ وقِيلَ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ) أيِ المَلائِكَةُ لَمّا قُضِيَ بَيْنَهم بِالحَقِّ قالُوا: (الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ) عَلى قَضائِهِ بَيْنَنا بِالحَقِّ، وهاهُنا دَقِيقَةٌ أعْلى مِمّا سَبَقَ وهي أنَّهُ - سُبْحانَهُ - لَمّا قَضى بَيْنَهم بِالحَقِّ، فَهم ما حَمِدُوهُ لِأجْلِ ذَلِكَ القَضاءِ، بَلْ حَمِدُوهُ بِصِفَتِهِ الواجِبَةِ وهي كَوْنُهُ رَبًّا لِلْعالَمِينَ، فَإنَّ مَن حَمِدَ المُنْعِمَ لِأجْلِ أنَّ إنْعامَهُ وصَلَ إلَيْهِ فَهو في الحَقِيقَةِ ما حَمِدَ المُنْعِمَ وإنَّما حَمِدَ الإنْعامَ، وأمّا مَن حَمِدَ المُنْعِمَ لا لِأنَّهُ وصَلَ إلَيْهِ النِّعْمَةَ فَهاهُنا قَدْ وصَلَ إلى لُجَّةِ بَحْرِ التَّوْحِيدِ، هَذا إذا قُلْنا: إنَّ قَوْلَهُ: (وتَرى المَلائِكَةَ حافِّينَ مِن حَوْلِ العَرْشِ) شَرْحُ أحْوالِ المَلائِكَةِ في الثَّوابِ، أمّا إذا قُلْنا: إنَّهُ مِن بَقِيَّةِ شَرْحِ ثَوابِ المُؤْمِنِينَ، فَتَقْرِيرُهُ أنْ يُقالَ: إنَّ المُتَّقِينَ لَمّا قالُوا: (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ وأوْرَثَنا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) فَقَدْ ظَهَرَ مِنهم أنَّهم في الجَنَّةِ اشْتَغَلُوا بِحَمْدِ اللَّهِ وبِذِكْرِهِ بِالمَدْحِ والثَّناءِ، فَبَيَّنَ تَعالى أنَّهُ كَما أنَّ حِرْفَةَ المُتَّقِينَ في الجَنَّةِ الِاشْتِغالُ بِهَذا التَّحْمِيدِ والتَّمْجِيدِ، فَكَذَلِكَ حِرْفَةُ المَلائِكَةِ الَّذِينَ هم حافُّونَ حَوْلَ العَرْشِ الِاشْتِغالُ بِالتَّحْمِيدِ والتَّسْبِيحِ، ثُمَّ إنَّ جَوانِبَ العَرْشِ مُلاصِقَةٌ لِجَوانِبِ الجَنَّةِ، وحِينَئِذٍ يَظْهَرُ مِنهُ أنَّ المُؤْمِنِينَ المُتَّقِينَ وأنَّ المَلائِكَةَ المُقَرَّبِينَ يَصِيرُونَ مُتَوافِقِينَ عَلى الِاسْتِغْراقِ في تَحْمِيدِ اللَّهِ وتَسْبِيحِهِ، فَكانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَزِيدِ التِذاذِهِمْ بِذَلِكَ التَّسْبِيحِ والتَّحْمِيدِ.". ووافقه صاحب البحر المحيط، فقال: "والظّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ مِن بَيْنِهِمْ عَلى المَلائِكَةِ، إذْ ثَوابُهم، وإنْ كانُوا مَعْصُومِينَ، يَكُونُ عَلى حَسَبِ تُفاضِلِ مَراتِبِهِمْ. فَذَلِكَ هو القَضاءُ بَيْنَهم بِالحَقِّ". وسياق الآيات جعل لكل فئة قولها المناسب لحالها، فأهل العذاب كان حوار خزنة النار معهم: (وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَآ أَلَمۡ يَأۡتِكُمۡ رُسُلٞ مِّنكُمۡ يَتۡلُونَ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتِ رَبِّكُمۡ وَيُنذِرُونَكُمۡ لِقَآءَ يَوۡمِكُمۡ هَٰذَاۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنۡ حَقَّتۡ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ 71) الزمر، أما سواهم فكانوا على فئات ثلاثة: - النبيون والشهداء قيل فيهم: (وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ 69) الزمر. - والمتقون قالوا: (ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُۥ وَأَوۡرَثَنَا ٱلۡأَرۡضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلۡجَنَّةِ حَيۡثُ نَشَآءُۖ فَنِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَٰمِلِينَ 74) الزمر. - والملائكة قيل فيهم: (وَتَرَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ 75) الزمر، فيكون القضاء بين الملائكة على هذا التقسيم. ومقتضى القضاء بين الملائكة أن يكون لكل منهم استعداد يخالف الآخر، وطاقة على الطاعة أقل أو أكثر من غيره منهم، فهذا يعني أنهم مختارون، وليسوا معصومين. |
|||
25-01-2024, 08:24 PM | رقم المشاركة : 134 | |||||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
(وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ 30) حول مضمون الآية: إنَّ هذا الحوار بين الله - جل وعلا - وملائكته يدعونا إلى التفكر في طبيعة الحوار: هل كان المولى - جل جلاله - يستشيرهم؟ وهل كان ردهم اعتراضاً؟ وما هي العلاقة بين سؤال الملائكة وبين استخلاف الله لبني آدم في الأرض؟ أما عن السؤال الأول: هل كان المولى - جل جلاله - يستشير ملائكته؟ فالجواب مخالف لما قاله أكثر المفسرين. وقد أوردنا الوجوه التي قالوها في بيان وجوه قراءة الآية؛ فلا ظنت الملائكة فساد بني آدم قياساً على حال الجن؛ وذلك لأن الخلقة مختلفة، ولا لأنهم استنتجوا الفساد من تركيب خلقة بني آدم، لأن الملائكة لا تستنبط الأحكام، ولا نحو ذلك من أقوال. وما نراه حقاً أن الملائكة قالت عن يقين بما رأوه رأي العين من سـلف بني آدم، رأوا فعلهم في الأرض من فساد وسفك للدماء، فأبدوا اسـتغرابهم من استخلاف هذا الجنس الذي من طبعه تلك الشرور التي يرتكبها ليؤمن معيشته التي تنحصر في الغذاء والمسافدة، فقالوا: (أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ). لكن لم يصل إلى علمهم قيمة ما أودعه الله في هذا الجيل المصطفى من بني آدم: (ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ) السجدة 9. إن الملائكةَ سألوا اللهَ - سبحانه وتعالى - كي يعلموا الحكمة من خلقِه، وليس ذلك على سـبيلِ الاعتراضِ؛ فهم خَلْقٌ يعبدون الله حق العبادة، والطاعة من أولويات العبادة. وهم مقربون من الله بحيث يستبعد أن يكونوا قالوا ما قالوه حسداً لبني آدم، وظناً منهم أحقيتهم بالخلافة. وتردد فعل القول: (قَالَ، قَالُوٓاْ، فَقَالَ، قُلۡنَا، وَقُلۡنَا)، لا ينبغي أن يُفْهَمَ منه أن الله - عز وجل - دعا الملائكة والناس إلى مجلس، ثم وجه الخطاب إليهم بالحرف واللفظ، وإنما المراد منه التعبير عن المتصور في النفس قبل الإبراز باللفظ. وقد ورد هذا الأسلوب في القرآن كما في قوله: (وَيَقُولُونَ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ لَوۡلَا يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُۚ) المجادلة 8، وهذا هو لسان الحال، وقوله: (ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ 11) فصلت، بمعنى: أعلنا خضوعكما له - تعالى - فكانت استجابتهما القهرية لِمَا وضع فيهما من نظام. ليس من الضروري - إذاً - أن يكون القول بالظاهر، بل نميل إلى القول بأن الكلام مع الملائكة تصوير للوحي الإلهي الذي أُنزل على الملائكة. وكلامهم لا يزيد عما خطر لهم من تساؤلات عن الحكمة من استخلاف هذا الجنس الذي مارس الظلم والقتل. أما ما قاله الله فهو تأويل عن الإعلان بقراره - تعالى - حول الاستخلاف. إن الله - تعالى - أخبر ملائكته بالأمر كي ينشط كل واحد منهم في نطاق عمله لخدمة هذا المستخلف. إن العلاقة بين إعلام الملائكة وبين استخلاف الله لبني آدم في الأرض يشـير إلى دورهم في مساعدته على إتمام مهمته التي كلفه بها الله. إنهم مأمورون بالقيام على مصالحه، وكانت رمزية السـجود له للدلالة على ذلك؛ فإن الله - تبارك اسمه - إنما خاطب أولئك الملائكة الذين كُلِّفوا بمهام تتصل ببني آدم، وكانت مخاطبتهم - ولله المثل الأعلى - شبيهة باجتماع يعقده مدير شركة ليُعْلِم فريق عمل يختاره بإدارة مشروع جديد. ومن البديهي أنه لا يحضر هذا الاجتماع إلا ذوو العلاقة بهذا المشروع.
|
|||||
26-01-2024, 01:28 PM | رقم المشاركة : 135 | |||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
(وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ 30) حول مضمون الآية: على أن ما يجعل قضية الخلافة شأناً شائكاً، إنما هي معالجة المفسرين لقضية الجعل؛ إذ أن جُلَّ ما نُقل لنا في التفسير هو من أهل الكتاب، وتحريفهم لكلام الله صار - عندنا - من المسلمات. وتحريفهم شـمل الإخفاء والحذف والإضافة والتبديل؛ فبات من غير المعقول التسليم لقصصهم، خاصة وأنَّ كثيراً منها هو أقرب للخرافة. نطالع قصة بدء الخلق في صدر سفر التكوين (الإصحاح الأول): ١ فِي ٱلْبَدْءِ خَلَقَ ٱللهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضَ.٢ وَكَانَتِ ٱلْأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ ٱلْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ ٱللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ ٱلْمِيَاهِ.٣ وَقَالَ ٱللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ.٤ وَرَأَى ٱللهُ ٱلنُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ ٱللهُ بَيْنَ ٱلنُّورِ وَٱلظُّلْمَةِ.٥ وَدَعَا ٱللهُ ٱلنُّورَ نَهَارًا، وَٱلظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلًا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا وَاحِدًا. ٦ وَقَالَ ٱللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ ٱلْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلًا بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ.٧ فَعَمِلَ ٱللهُ ٱلْجَلَدَ، وَفَصَلَ بَيْنَ ٱلْمِيَاهِ ٱلَّتِي تَحْتَ ٱلْجَلَدِ وَٱلْمِيَاهِ ٱلَّتِي فَوْقَ ٱلْجَلَدِ. وَكَانَ كَذَلِكَ.٨ وَدَعَا ٱللهُ ٱلْجَلَدَ سَمَاءً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَانِيًا . ٩ وَقَالَ ٱللهُ: «لِتَجْتَمِعِ ٱلْمِيَاهُ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ ٱلْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذَلِكَ.١٠وَدَعَا ٱللهُ ٱلْيَابِسَةَ أَرْضًا، وَمُجْتَمَعَ ٱلْمِيَاهِ دَعَاهُ بِحَارًا. وَرَأَى ٱللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.١١وَقَالَ ٱللهُ: «لِتُنْبِتِ ٱلْأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ.١٢فَأَخْرَجَتِ ٱلْأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى ٱللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.١٣وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَالِثًا. ١٤وَقَالَ ٱللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ ٱلسَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ ٱلنَّهَارِ وَٱللَّيْلِ، وَتَكُونَ لِآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. ١٥وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ ٱلسَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى ٱلْأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ.١٦فَعَمِلَ ٱللهُ ٱلنُّورَيْنِ ٱلْعَظِيمَيْنِ: ٱلنُّورَ ٱلْأَكْبَرَ لِحُكْمِ ٱلنَّهَارِ، وَٱلنُّورَ ٱلْأَصْغَرَ لِحُكْمِ ٱللَّيْلِ، وَٱلنُّجُومَ .١٧وَجَعَلَهَا ٱللهُ فِي جَلَدِ ٱلسَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، ١٨وَلِتَحْكُمَ عَلَى ٱلنَّهَارِ وَٱللَّيْلِ، وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ ٱلنُّورِ وَٱلظُّلْمَةِ. وَرَأَى ٱللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.١٩وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا . ٢٠ وَقَالَ ٱللهُ: «لِتَفِضِ ٱلْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ، وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ ٱلْأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ ٱلسَّمَاءِ». ٢١ فَخَلَقَ ٱللهُ ٱلتَّنَانِينَ ٱلْعِظَامَ، وَكُلَّ ذَوَاتِ ٱلْأَنْفُسِ ٱلْحيَّةِ ٱلدَّبَّابَةِ ٱلْتِى فَاضَتْ بِهَا ٱلْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا، وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى ٱللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.٢٢ وَبَارَكَهَا ٱللهُ قَائِلًا: «أَثْمِرِي وَٱكْثُرِي وَٱمْلَإِي ٱلْمِيَاهَ فِي ٱلْبِحَارِ. وَلْيَكْثُرِ ٱلطَّيْرُ عَلَى ٱلْأَرْضِ». ٢٣ وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا خَامِسًا. ٢٤ وَقَالَ ٱللهُ: «لِتُخْرِجِ ٱلْأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا :بَهَائِمَ، وَدَبَّابَاتٍ، وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا». وَكَانَ كَذَلِكَ.٢٥ فَعَمِلَ ٱللهُ وُحُوشَ ٱلْأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا، وَٱلْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا، وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ ٱلْأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى ٱللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.٢٦ وَقَالَ ٱللهُ: «نَعْمَلُ ٱلْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ ٱلْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ ٱلْأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ ٱلدَّبَّابَاتِ ٱلَّتِي تَدِبُّ عَلَى ٱلْأَرْضِ». ٢٧ فَخَلَقَ ٱللهُ ٱلْإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ ٱللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.٢٨ وَبَارَكَهُمُ ٱللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَٱكْثُرُوا وَٱمْلَأُوا ٱلْأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ ٱلْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى ٱلْأَرْضِ». ٢٩ وَقَالَ ٱللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلْأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا.٣٠ وَلِكُلِّ حَيَوَانِ ٱلْأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ ٱلسَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى ٱلْأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا». وَكَانَ كَذَلِكَ . ٣١ وَرَأَى ٱللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا . فنجد أن اليوم الأول من أيام الخلق الستة شـهد: خلق النور، وتعاقب الليل والنهار لتكوين المساء والصباح. ولما كان النور يأتي من الشمس، وكان تعاقب الليل والنهار يحدُث نتيجة شروقها وغروبها، فلا مفر من التسليم بأن يكون خلق الشمس قد تم قبل ذلك. لكن خلق الشمس جاء في اليوم الرابع. كذلك نجد أن اليوم الثالث شهد خلق النبات والشجر، فكيف يحيا في غياب نور الشمس التي خلقت بعده؟! ثم إنَّ الله خلق الإنسان في اليوم السادس (عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ ٱللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ) ولن نقف عند عقيدة خلق الإنسان على صورة الله - حاشاه - وهو تجسيم لله لا يُفهم النص إلا على هذا النحو. يهمنا هنا أن نشير إلى أن الخلق تم للزوجين: الذكر والأنثى هنا في هذا المقطع، لكنه يعود ليذكر خلق حواء من ضلع آدم في الإصحاح الثاني: ٢١ فَأَوْقَعَ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْمًا.٢٢ وَبَنَى ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ ٱلضِّلْعَ ٱلَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ ٱمْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ.٢٣ فَقَالَ آدَمُ: «هَذِهِ ٱلْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي .هَذِهِ تُدْعَى ٱمْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ ٱمْرِءٍ أُخِذَتْ». فأي تناقض هذا؟! |
|||
26-01-2024, 07:57 PM | رقم المشاركة : 136 | |||||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
(وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ 30) حول مضمون الآية: والمفسـرون - لأنهم لم يجدوا في تراثهم نصوصاً تبين مدلولات قصة الخلق - إلتمسـوا تفاصيل القصة من أهل الكتاب، لا سـيما والقصة مفصلة على نحو أرضاهم، بحيث لم يضعوها في موضع الشك أو النقد. بل إن من المفسرين من أضاف للقصة بعض التوابل التي تُحَسِّن النكهة، وترضي المتلقي، تماماً مثلما يتمتع نَظَّارةُ الحكايات الشعبية في الساحات والمجالس والمقاهي بقصص الزير سالم وأبي زيد الهلالي والزناتي خليفة. أما إذا نحينا نصوص أهل الكتاب - وتفسـيرات المفسـرين المسـتندة عليهـا - جانباً، واسترشدنا بالقرآن وحده - وهو كافٍ - لوجدنا الصورة مختلفة اختلافاً كثيراً، فهي - عندنا - رائقة متصالحة مع المنطق. وإنَّ أول لبنات القصة القرآنية حول استخلاف آدم هي في قوله - تعالى - هنا: (وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ)، والكلام موجه لمحمد - عليه صلوات الله - ثم لكل من يتلقى الخطاب. وذكر الرب هنا، دون ذكر الإله؛ إذ لم يقل: (وَإِذۡ قَالَ) الله. وفي هذه النكتة إشارة إلى أن صفة المتكلم هو المدبر لا الخالق. ولو كان الشأن شأن خلق لقال: "الله". والالتفات لهذه الجزئية يفهمنا مدلول: (جَاعِلٞ)، وقد ذكرنا من قبل أن الجعل عند اللغويين إما للخلق أي: الإنشاء من عدم، أو التصيير أي: التغيير والتحويل، مثلما تقول: صيَّرتِ الحرارةُ الثَّلجَ ماءً، وصيَّر الحديدَ مفتاحًا، وصيَّر الخبَّازُ العجينَ خُبْزًا، فيكون هنا للتصيير. وفائدة هذه الملاحظة تتبين لنا حين نشرح قصة الخلق وفق ما نفهمه من آيات الذكر الحكيم.
|
|||||
27-01-2024, 07:44 AM | رقم المشاركة : 137 | |||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
نعم الكثير من المفسرين ساروا على منهجية ما قُرء من أهل الكتاب وبخاصة في قصة الخلق وفي قصص يوسف وأهل الكهف وفيها اختلاف كثير مع المنهج القرآني |
|||
27-01-2024, 01:27 PM | رقم المشاركة : 138 | ||||||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
اقتباس:
صحيح. قد ذكرتَ إشكاليتين: المنهجية واللغة. أما الأولى فقد أسلم أكثر المفسرين القدامى عقولهم لبني إسرائيل في روايتهم للتاريخ الإنساني بدءاً من بدء الخلق، وانتهاءاً بقصص الأنبياء. وغفلوا عن إشارات قرآنية تخالف أساطير أهل الكتاب، ولما أشكلت عليهم شرقوا وغربوا ولم ينجحوا في إصابة الحق. مثالي على هذا النص الصريح في القرآن الكريم على عودة بني إسرائيل لمصر. وأما الثانية فإني أرى أن المفسرين التقليديين وفقوا في الدرس اللساني للفظ القرآني، بينما أرى كثيراً من المتدبرين المعاصرين يتجاوزون هذه المسألة ربما عن عجز أو جهل أو تقليل للقيمة اللفظين للنص القرآني، فيفسرون اللفظة القرآنية بمدلولها الحديث، وهذا - في تقديري - خطأ كبير. ومثالي الفاضح المدعو: "إ. ح" وهو يؤول اللفظة القرآنية باللفظ الدارج.
|
||||||
27-01-2024, 01:43 PM | رقم المشاركة : 139 | |||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
(وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ 30) حول مضمون الآية: إن مما دفع المفسرين للقول بأن الله - تعالى - يروي لنا قصة بدء الخلق البشري بخلق آدم، هو ورود هذه القصة في صدر القرآن؛ وكأنهم اعتبروا هذا دليلاً على الترتيب الزمني للخليقة. لكن من قال إن ترتيب سور القرآن وآياته قائم على الترتيب الزمني لنزول الآيات، أو تتابع زمني للأحداث؟! إن من الثابت أن ترتيب السور والآيات لا علاقة له علي الإطلاق بترتيب الأحداث زمنياً؛ فالقرآن يقدم ويؤخر، ولا تذكر حادثة أو قصة إلا ضمن السياق الموضوعي للسورة التي توضع فيها. وقد رأينا جُلَّ القصص القرآني موزعاً بين السور، لا يستثنى من ذلك إلا قصة يوسف - عليه صلوات الله -التي جاءت كاملة مرتبة زمنياً في سياق سورة يوسف. وقد اضطربت أقوال المفسرين أيما اضطراب في تفسير "الجعل" فجعله أكثرهم مرادفاً للخلق، وهو ليس كذلك لأكثر من سبب. الأول هو انتفاء الترادف في القرآن الكريم، فلكل لفظة مدلولها المستقل، ولا يجوز أن توضع لفظة محل أخرى في السياق القرآني، وإلا اختل المعنى، أو بَعُدَ عن المـراد الإلهي. إن مـراد الله - بلا أدنى شـك - أن تكون هذه اللفظة هنـا، وتلك المقاربة للمعنى مع اختلاف واضح بينهما هناك. وإذا كنا اتفقنا على أن مدلول لفظة "الخلق" هو الإنشاء على غير مثال، أو الإبداع من عدم، فإن جَعَلَ الشيءَ يَجْعَله جَعْلاً ومَجْعَلاً، واجتعله: وَضَعه. قال أَبو زبيد: ومـا مُغِبٌّ بِثَنْي الحِنْـوِ مُجْتَعِـلٌ ..... في الغِيلِ في ناعِمِ البَرْدِيِّ، مِحْرَابا ناطَ أَمْرَ الضِّعافِ، واجْتَعَلَ اللّيْـ ..... ـلَ كحَبْـلِ العَادِيَّـةِ المَمْـدُود وفي القرآن: (وَجَعَلَنِي نَبِيّٗا 30) مريم، وكذلك: (إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا) الزخرف 3، أي : سميناه ووصفناه، أو صيرناه. وقوله: (وَجَعَلُواْ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمۡ عِبَٰدُ ٱلرَّحۡمَٰنِ إِنَٰثًاۚ) الزخرف 19، والجَعْل ههنا بمعنى: سمَّوهم، أو هو القول والحكم على الشيء كما تقول: قد جعلت زيداً أَعلم الناس، أَي: قد وصفته بذلك وحكمت به. وإذا تبين هذا علمنا أن المسألة هنا في الآية ليست خلقاً لآدم، بل هو تكليف له بالخلافة، ولا علاقة للآية ببدء الخلق. وواقعة الخطاب قبيل تجهيز بني آدم لحمل التكليف، فسواه ونفخ فيه من روحه ليكون مخالفاً لطبيعة آبائه الذين أفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء، وليكون مؤهلاً لحمل الأمانة بإرادة وتعقل. |
|||
27-01-2024, 04:35 PM | رقم المشاركة : 140 | ||||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
اقتباس:
تعليقا على مداخلتكم الكريمة؛ أود بداية أن أقول أن البعض يتصور أن هناك "تفسير ثابت" للقرآن الكريم!!!.. والواقع أن هناك تفاسير.. بل ما زالت مسيرة التفسير مستمرة؛ وهذا هو المنطقي والمعقول.. { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه} فبيان القرآن مستمر مع الزمن... وكما أن المعرفة هي تراكمية؛ تزداد وتتسع حسب كم المعلومات والمعارف التي تتوفر؛ فمن الطبيعي أن يكون تفسير المفسرين الآوائل حسب الكم المعرفي لديهم.. ومن الطبيعي أن يتأثروا بالتصورات التي كانت لدى أهل الكتاب.. وهذا شيء طبيعي ولا يقلل من جهدهم وقدرهم.. ومثال ذلك في العلوم الطبيعية وكيف تتطور مفهوم الذرة من ثومسون ودالتون.. الخ.. الخلل هو أن هناك من يعتبر التفاسير القديمة مقدسة لا يجوز مخالفتها بأي حال من الأحوال!!! والمصيبة أن هناك في المقابل من يدّعون ببطلان التفاسير القديمة جملة وتفصيلا ويأتون بترهات مضحكة. كما أنه من العجب أن نرى من يضع تصوراته مستندا إلى "العلم الحديث" ويسقط هذه التصورات على آيات القرآن مفسرا لها ومعتبرا أن تصوره وتفسيره هو الصحيح المطلق!! وهذا النوع الأخير هو في نظري أكثر جهلا من الذي يتعصب للتفاسير القديمة ولا يقبل مخالفتها. |
||||
27-01-2024, 07:07 PM | رقم المشاركة : 141 | ||||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
|
||||
27-01-2024, 08:11 PM | رقم المشاركة : 142 | ||||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
اقتباس:
1- مفهوم الجعل في الآية (( إني جاعل في الأرض خليفة )) لا يثبت تحول الإنسان من شيء إلى شيء .. والجعل في الآية للأرض أصلا .. مثل قوله تعالى (( وجعلنا فيها رواسي )).. وإذا جاز التعبير يكون المعنى أن هناك موضع إداري جديد في الأرض قد يشغله مخلوق قديم أو قد يشغله مخلوق جديد. 2- مع تحفظي لمفهوم ودلالة مفردة الفعل ( خلق) الذي قلت به؛ فقد جاءت الآيات صريحة في خلق آدم عليه السلام من تراب ثم نفخ فيه الروح (( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )).. واللجوء إلى تأويل هذه الآيات كي تناسب التصورات المطروحة غير منطقي وغير مبرر؛ والمنطقي أن يتم تغيير التصورات كي تتناسب مع صريح الآيات.. ولا أعرف أي منطق لا يقبل أن الله تعالي قد خلق آدم عليه السلام من طين على شكله ثم سواه ونفخ فيه الروح.. ونجد هذه الصورة فيما كان يفعله عيسى عليه السلام في الطير بأمر الله تعالى (( إذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني..)) |
||||
28-01-2024, 01:06 PM | رقم المشاركة : 143 | ||||||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
اقتباس:
ثمَّة تنويه مهم يجب أن أكرره: منهجي في درس القرآن الكريم يستند على ثابت واحد هو النص القرآني. أما غيره من نصوص فهو ظني آخذ به إذا لم يعارض - حسب فهمي - آيات القرآن. ولي رؤية شاملة للحياة والتاريخ من خلال القرآن الكريم. حين أعرضها يكون على المتلقي "المهتم" أحد ثلاثة أمور: إما أن يأخذها كلها، أو يأخذ بعضها، أو يرفضها كلها. لكن أطمع في أن تسمع مني الفكرة كاملة قبل أن يكون لك منها موقف بالقبول أو الرفض.
|
||||||
28-01-2024, 01:44 PM | رقم المشاركة : 144 | |||
|
رد: قراءات في الكتاب: ســـورة البقرة: 2) الخلافة في الأرض
(وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ خَلِيفَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَجۡعَلُ فِيهَا مَن يُفۡسِدُ فِيهَا وَيَسۡفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ 30) حول مضمون الآية: أما الخليفة، فهو في المعاجم العربية من: "خَلَفَ"، والخَلْفُ ضدّ قُدّام، يقول تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ) طه 110، وقالوا: خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم وما بين أَيديهم من أَمرِ القيامة وجميع ما يكون. أما قوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ) يس 45، فمعناه: ما بين أَيديكم: ما أَسْلَفْتُم من ذُنوبكم، وما خلفكم: ما تستعملونه فيما تستقبلون، وقيل: ما بين أَيديكم: ما نزل بالأُمم قبلكم من العذاب، وما خَلْفكم: عذابُ الآخرة. وخَلَفَه يَخْلُفه: صار خَلْفَه. واخْتَلَفَه: أَخذَه من خَلْفِه. واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: جعله خَلْفَه؛ قال النابغة: حتى إذا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِـراً ..... ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا والخَلْفُ: الظَهْر. وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان خَلِيفَتَه، كما في قول موسى لهارون: (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) الأعراف 142، وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده. واسْتَخْلفه: جعله خليفة. ويقال: خَلَّفْتُ فلاناً أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا جَعَلتُه خَليفَتي. والخَلِيفةُ الذي يُسْتخْلَفُ ممن قبله، والجمع خلائف. وهو الخَلِيفُ وجمعها: خُلَفاء. ولأَوْس بن حَجَر: إنَّ مِنَ الحيّ موجوداً خَلِيفَتُهُ ..... وما خَلِيفُ أبي وَهْبٍ بمَوْجُودِ ففرق هنا بين الخليف والخليفة. والخليفة كما تشير المعاني العربية هو الذي يُستخلف ولا يعني هذا أنه سيكون خليفة لمن قبله. والخليفة هو النائب عن الغير، واختلف المفسرون حول الخليفة: يخلف من؟؛ ولهم في ذلك أقوال:1) إنه خليفة الملائكة الذين كانوا يسكنون من قبل على ظهر الأرض. 2) إنه خليفة الجن. 3) إنه خليفة جنس آخر من الكائنات كانت تعيش قبله على الأرض. 4) كل جيل من البشر يخلف الجيل السابق. 5) إنه خليفة الله ونائبه على ظهر الأرض. ذهب كثير من المحققين أن المقصود بالخليفة هو خليفة الله ونائبه على ظهر الأرض؛ لأن سـؤال الملائكة بشأن هذا الموجود الذي قد يفسد في الأرض ويسفك الدماء يتناسب مع هذا المعنى، ونيابة الله في الأرض إنما تناسب الصلاح والإصلاح. |
|||
|
|