الأخت الكريمة أستاذة حنين الماضي . تحية طيبة . بداية أوجه لحضرتك الشكر المؤجج بالعرفان لتواصلك في هذا الموضوع ،أدامك اللـه أختا فاضلة في طاعة اللـه وحبه ، وأود أن أجيب حضرتك على شكل نقط ؛ كي لا يتداخل الجواب ببعضه فوق بعض : ( 1 ) : الأجل في العرف الإلهي أجلان ؛ أجل حتمي ، وأجل خرمي . الأجل الحتمي المذكور في قوله تعالى في سورة الأعراف : 7 / 34 : (( لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) ، والأجل يكون للأمم كما يكون للأفراد ، فالأجل الحتمي هو الواقع ـ حتما ـ من اللـه ـ تعالى ـ فقط . الأجل الخرمي يقصد أن فاعل الأجل الإنسان وليس اللـه ، ويسمى خرميا ؛ لأن الميت قد خرم أجل اللـه ـ تعالى ـ بالانتحار ؛ ولذلك يعاقب بالنار . ( 2 ) وفاة الكائن الحي عن طريق سلب ( قبض ) الروح وفصلها عن الجسد . ( 3 ) : وبقاء النفس مع الجسد ليدفنا جميعا ؛ فيحل العذاب على النفس ، ووقوع العذاب على النفس في القبر لسببين : الأول : لأن العذاب لا يقع على الجسد ؛ لأن الجسد وعاء يحوي النفس والروح والأعضاء غير الظاهرة . وهو يأتمر بأوامر النفس التي قال اللـه فيها في سورة يوسف ( صلى اللـه عليه وسلم ) : 12 / 53 (( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )) ، ومن صواب القول إن الجسد جندي من جنود النفس . ( 4 ) : هذه النفس التي قيل فيهل إنها ( أمارة ) معبرا عنها بصيغة مبالغة تفيد التكثير والمبالغة في الشيء ، يعني إن لها وجهين : الأول : الخير . الثاني : الشر ـ وإن كان الأمر به من النفس كثيرا بمختلف صوره ـ . وجود هذين الجانبين ( الخير والشر ) هل يعلم المطلعون أن كثريا منهما من أين يأتي ؟ وكيف يتكونان ؟ . إنهما يزرعان في الإنسان أثناء فترة حمل الأم ، هناك فترة تسمى فترة ( الوحم ) ، هذه الفترة التي تتراوح ما بين شهرين إلى أربعة أشهر عند النسوة غير العقيم ، لو لحظنا أن كثيرا منهن قد بدأ في كراهية أشياء ، بعض هذه الأشياء ممكن أن يكون محببا لهن كأن يكون مأكلا أو ملبسا أو غيرهما ، وهذه الفترة هي التي تتكون فيها صفات الحب ( الخير ) ، والكره ( الشر ) ووو ، وبعد أن تنتهي فترة الوحم تنفث الروح في الجسد . ( 5 ) : أما تفسير النص فلابد أن نقف عند بعض المسائل ؛ منها : ( 1 ) : الخطاب موجه إلى النفس المطمئنة للدخول في عباد اللـه ـ تعالى ـ باطمئنانها ، والنفس المقصود بها النفس التي عبدت ربها ؛ لأن اللـه ـ تعالى ـ يقول في سورة الذاريات : 51 / 56 : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) . ( 2 ) : تدخل في العبادة النفوس التي سولت لصاحبها ارتكاب المعاصي والمآثم والفواحش والذنوب وإن كانت لمما ، فتعاقب لكي يخرج منها السوء والشر ، فتبقى طاهرة ؛ لترتقي إلى عالم المثال بعد إجراء القصاص عليها بما اقترفته ، قال تعالى في سورة البقرة : 2 / من الآية 286 (( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت )) . ( 6 ) : لاحظي لطف النص القرآني الكريم في التعامل تدريجيا في قوله تعالى في سورة الفجر : 89 / : الآيات 27 ـ 30 : (( يا أيتها النفس المطمئنة / ارجعي إلى ربك راضية مرضية / فادخلي في عبادي / وادخلي جنتي )) : ( نداء للنفس المطمئنة ( 27 ) + طلب رجوع إلى المعبود راضية وقد أرضيت بالرجوع( 28 ) + دعوتها للانضمام إلى العباد ( 29 ) + دخول جنة اللـه تعالى ( 30 ) ) . |