لتلهج ألسنتنا في بيوتنا ومجتمعاتنا بذكر الله. فعن أبى موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مثل البيت الذى يذكر الله فيه والبيت الذى لا يذكر الله فيه مثل الحى والميت».
#article-body.fullScreen { width:800px; margin:0 auto; background:#fff; font-size:130%; padding:45px 45px 10px;}
ها هو رمضان قد مضى وتصرمت أيامه، ربح فيه الرابحون وخسر من عظمت موبقاته وآثامه، فيا أيها الرابح هنيئًا لك، و يا أيها الخاسر ما أجهلك، ولا نعلم من الرابح فنهنئه، ومن الخاسر فنعزيه، لكن الله يعلمهم، فعلم الغيوب إليه سبحانه.
إيه أيتها النفس ؟! كنت في أيام... في صلاة، وقيام، وتلاوة، وصيام، وذكر، ودعاء, وصدقه، وإحسان، وصلة أرحام ! .
ذقنا حلاوة الإيمان وعرفنا حقيقة الصيام، وذقنا لذة الدمعة، وحلاوة المناجاة في الأسحار!! كنا نُصلي صلاة من جُعلت قرةُ عينه في الصلاة، وكنا نصوم صيام من ذاق حلاوته وعرف طعمه, وكنا ننفق نفقه من لا يخشى الفقر, وكنا .. وكنا .. مما كنا نفعله في هذا الشهر المبارك الذي رحل عنا!.
رحلت يا رمضان! ولم يمض على رحيلك سوى ليالي وأيام، ولربما لم نذق فيها طعم القيام.
خليلي شهر الصوم زُمَّت مطاياه *** وسارت وفود العاشقين بمسراه
فيا شهر لا تبعد لك الخير كله *** وأنت ربيع الوصل يا طيب مرعاه
رمضان كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا؟! بفضل ربنا كنت عوناً لنا، ونحن بين قارئ وصائم ومنفق وقائم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع. رمضان فيك المساجد تعمر، والآيات تذكر، والقلوب تجبر، والذنوب تغفر، كنت للمتقين روضةً وأنساً، وللغافلين قيداً وحبساً، كيف ترحل عنا وقد ألفناك وعشقناك وأحببناك؟! رمضان ألا تسمع لأنين العاشقين وآهات المحبين؟!
قال ابن رجب في وداع رمضان: "يا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة الوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يعتق"
عسى و عسى من قبل وقت التفرق *** إلى كل ما ترجو من الخير تلتقى
فيجبر مكسور و يقبل تائب *** و يعتق خطاء و يسعد من شقى
فقد رحلت يا شهر رمضان، يا شهر العتق من النيران، يا شهر الصدقة والإحسان، يا شهر الصيام والقيام، يا شهر الفضل والإنعام، يا شهر الخشوع والسجود والركوع، يا شهر القرآن والغفران، يا شهر الحسنات وإقالة العثرات، يا شهر التسبيح والتراويح، لقد رحلت يا شهر العتاق وأذقت الأنام مرارة الفراق.
الشيخ عبد العزيز رجب