الإبهام البلاغي
وفيه يأتي المتكلم الى المعنى باللفظ القليل فيدل عليه باللفظ الكثير لا لقصد إفهام البليد واسماع البعيد بل للإتيان بمعنى يتشعب الى عدة أمور كل واحد منها مستقل المفهومية كما في قوله تعالى (لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى) فقد قال لعلي آتيكم منها بقبس ولم يبت في الأمر لئلا يعد ما ليس بمستيقن من الوفاء به وما أجملها حكمة تكون درسا للذين يكيلون الوعود جزافا ولا يفكرون في الوفاء بها ثم قال لعلي أجد على النار هدى وهذا يحتوي على معنى آخر ثم يتشعب فالهداية هي المعنى الرئيسي ثم أن الهداية قد تكون بالنار نفسها بخاصة الاضاءة الكامنة فيها وإما بواسطة القوم الذين يقومون بإيقادها ويفهم من هذا ضمنا أنه ضل مع أهله الذين يرافقونه وهم امرأته بنت شعيب وقد ولدت في الطريق ابنا في ليلة شاتية مظلمة باردة وقيل مثلجة فلما أسقط في يده آنس النار فقال ما قال ثم قد يقصد بالهداية معناها المجازي الآخر أي لعلي أهتدي بنور العلم لأن أفكار الأبرار مغمورة بالهمم فتبارك قائل هذا الكلام