الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديــات الأدبيــة > منتدى القصة القصيرة

منتدى القصة القصيرة أحداث صاخبة ومفاجآت متعددة في كل مادة تفرد جناحيها في فضاء هذا المنتدى..فهيا لنحلق معا..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-02-2024, 05:20 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ميمون حرش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







ميمون حرش متصل الآن


افتراضي رُدوا قلبي

تستيقظ بوهن أزرق مثل جرح متورم. تنظر في المرآة ولا تصدّق ما ترى. تستغرب تحولاً مفاجئاً في تقاسيم محياها.. لم تعهد في وجهها هذا الانحدار .. كرهت دائماً المنحدرين في كل مكان .. وهذا الصباح الماطر يعلوها رغماً عنها .. يزحف نحوها. إنها في الخمسين من عمرها، و حباً في الخريف لم تطمع في ربيع هذا العمر يوماً منذ أن هجرها ابنها الوحيد..
تخرج من البيت متحسسة وجهها. قطرات المطر لا تغسل جراحها. تنظر خلفها مرات عدة. تسرع الخطى. تنتشر مع المنتشرين... وكأي معذب في الأرض، تتأبّط همّها لا حقيبتها. تضع يدها على قلبها وتضغط .. إنها تخاف أن يقفز من جسدها الواهن أمام جيش من الغادين فيفضحها. لم تثق في قلبها يوماً .. تحمله بين أضْلُعها، وتكره نبْضه. إنه "صندوقها الأسود"!.. يوماً ما، فــي غــيابهــا أو حضورها، قد يحكي عنها ما تخشى أن تفصح عنه حتى مع نفسها.
حين تختلط بموظفات زميلات لها في العمل، تغار كثيراً، لا من زينتهن، ولا حتى من حليهن ،بل ممّا يحملن في صدورهن، قلبهن مختلف تماماً .. دليلها على ذلك أنهن لا يضعن أيديهن على الصدر لجسّ نبضه ، اليد هو مقياسها.. إدمانها على وضع كفها على صدرها يوحي لها بهذا الحكم .. تحس بقلبها يخفق بشدة، ولا تعترف، مع ذلك، بأنها حية تُرزق وتعيش.
وصلت متأخرة إلى مقر العمل كما العادة. ينظر إليها من يعرفها من الذين يشتغلون معها طمعاً في تحية الصباح، لكنها تتخيّلهم ينهشون لحمها، ويتصّنتون على نبضات قلبها. تفتح فمها واسعاً كنعسان غير مبال. تتمتم حين تمر بهم. ينظرون إليها، وتضع هي يدها على صدرها مكانَ القلب تحديداً، وتضغط .. ما همّتها النظرات يوماً، ولكن تبعات هذا القلب المريض تحيرّها .. ولا تواصل عملها في وجودهم إلا بعد أن تأخذ نفَسها. لا تفعل ذلك إلا جالسة .. خفقان القلب مع الوقوف معناه انهيار تام .. وهي التي تحرص على أن تبدو قوية، رابطة الجأش.
كان فمها ما يزال مفتوحاً حين سحبت كرسي مكتبها، ترتمي عليه بكل ثقلها، وتضطجع بحرص كامرأة حامل، تغمض عينيها، لا فمها، ثم تنام ، تفعل ذلك كما لو أتت لنزهة لا لعمل ، يحلو لها أن تتأمل ذاتها بهذا الشكل. في الليل لا تحلم أبداً، لكنها في النهار تظل تحلم وتحلم، وبالألوان، تمقت الأبيض والأسود معاً ، الأبيض ترجوه ولا تناله، والأسود هو ما آلت إليه الآن؛ بسبب قلب يُشعل النار بين جوانحها!
ظلت على هذه الحال مدة ، تستيقظ على ضجيج منهمر كما المطر في الخارج. تفرك عينيها بيدين مرتجفتين، تحملق في طابور من عباد الله ينتظرون عند بابها توقيعها على وثائقهم الإدارية، زميلتها إلى جانبها منهمكة في تصفح بعض الوثائق، لا ترفع رأسها عنها إلاّ بعد أن وكزتها ، وهي تصرخ في وجهها أمام استغراب الجميع:
"إنه ليس في حقيبتي .. تركته أمسِِ هنا .. اُنظري .. اليوم لا أثر له!..."
تقول ذلك، وتفرغ حقيبة يدها التي تتركها في المكتب، ولا تحملها أبداً .. من كان حاضراً، وقريباً منها، يحملق في ما اندلق منها .. لم يكن غير مشط خَرِب، وأحمر الشفاه، ورزمة من المفاتيح، وبطاقة التعريف، مع ورقة مالية يتيمة بالأبيض والأسود.
تطوّع بعضهم، يجمع مِن على الأرض ما سقط منها، يمدها بأدب لها، لا تقول له: شكراً، وإنما تنهـره:
"يفضل قلبي أيها المأفون؟... رُدّ قلبي .. رُدوا قلبي .. بالأمس كان هنا .. أين هو الآن؟.. لصوص..."
أفواه عدة رددت: "الله يستر"، مصحوبة بوشوشات تصدر من هنا وهناك، تحولت، فجأة، إلى احتجاج بصوت مسموع.
كانت ما تزال تتأمل حقيبتها حين حاول أحدهم أن يقترب منها بهدوء حذر، تصرخ في وجهه، وفي وجه الجميع:
"مكانكم جميعاً .. ولا حركة .. قلبي في الأرض .. تحت أقدامكم .. احذروا أن تدوسوه".
فوضى عارمة تلتْ صياحها .. كانت تصرخ، وهي تفرغ من جديد محتويات الحقيبة فوق مكتبها. ترشق الحاضرين بما ملكت يمينها، المشط شاطَ بعيداً، لكن المفاتيح تقع مثقلة على رأس عجوز، فيما أحمر الشفاه ترسم به قلباً فوق مكتبها، وتلون ورقتها المالية اليتيمة... بدأ بعضهم ينسحب من الطابور. آخرون توزعوا في القسم، القليل منهم يخرج متأففاً ومردِّداً: "لا حول، ولا قلب، ولا عقل!"، الباقي يتفرق، وكما الجراد تكالبوا على المكاتب، وهي تصدهم وتصرخ شاخصة إلى أخمص أقدامهم...
زميلتها ضائعة، تبدو - وهي النحيلة - كابنتها حين كانت تصدّ عنها ضربات خابطة، ثم بيدين ثملتين تركّب رقماً في هاتفها الوردي:
"احترامي سيدي الرئيس .. عذراً .. لكن الحالة لا يُسكت عنها ألبتة .. اليوم مختلف تماماً .. الرجاء التصرف، الآن، وبسرعة .. النجدة أرجوك...".






التوقيع

لم تحولني الريح إلى ورقة في مهب الريح
لقد سقت الريح أمـــامــي..
ناظم حكمــت

 
رد مع اقتباس
قديم 08-02-2024, 08:04 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحمد فؤاد صوفي
أقلامي
 
إحصائية العضو







أحمد فؤاد صوفي متصل الآن


افتراضي رد: رُدوا قلبي


هكذا القلب .. في كثير من الأحيان لا يستطيع أن يتحمل ..
نتحمل الحياة وصعوبتها ومصائبها المتكررة ..
ولكننا لا نتحمل الخذلان والبعاد من أقرب الناس إلينا ..
فالألم يكون عميقاً .. وليس منه نجاة ..
-------------------------
عزيزي ..
أعجبتني القصة وفكرتها وأسلوبها ..
سلمت الأيادي ..
تحياتي ..







 
آخر تعديل أحمد فؤاد صوفي يوم 08-02-2024 في 08:05 AM.
رد مع اقتباس
قديم 08-02-2024, 12:56 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ميمون حرش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







ميمون حرش متصل الآن


افتراضي رد: رُدوا قلبي

الألم قاسمنا المشترك،
ما أكثر المتألمين في هذه الدنيا!
الغريب ، وربما الجميل، أن منّا من لا يكشف عن آلامه ، يتصالح معها كمرض مزمن.. فلو حكى المتكلمون عن آلامهم،وانسابت في الأرض لانضاف جبل آخر للكرة الأرضية..
سعيد لأن النص أصاب هوىً في نفسك صديقي.

تحيات







التوقيع

لم تحولني الريح إلى ورقة في مهب الريح
لقد سقت الريح أمـــامــي..
ناظم حكمــت

 
رد مع اقتباس
قديم 09-02-2024, 12:01 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: رُدوا قلبي

سأعود لهذا الجمال على حين فسحة من وقت
حتى ذلك الحين
كن بخير وعفو وعافية ورضا ورضوان وإكرام من الله..




لك التقدير والاحترام وصادق الدعوات..







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 11-02-2024, 09:48 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
راحيل الأيسر
المدير العام
 
الصورة الرمزية راحيل الأيسر
 

 

 
إحصائية العضو







راحيل الأيسر غير متصل


افتراضي رد: رُدوا قلبي

تكره الانحدار وهي المنحدرة بكامل وجعها الناضج ، وحملها الثقيل في هوة بين أنين أضلعها ونبض قلبها السقيم ..
كآخر زفرة من أنفاس الأصيل حين تُطفَأ بعدها ذبالة الشمس ..
كآخر ورقة تنذر بالسقوط هشيما
والخريف في رمقه الأخير ينفرط وجعها على هيئة نبضات تكاد تقفز من جسدها الواهن
تحاول أن تضمه في كف يدها
تلملم ألما متراميا في صندوق قلبها وتغلق عليه قفص صدرها ..
مع ذلك تنهار أمام إعصار مجنون تهب من جهة الذاكرة
فتتلاشى عن الحضور وتغيب هناك تعزف على قيثارة قلبها الضائع ( ردوا قلبي ) والموت الذي يحبو نحوها بطيئا لكنه ثقيل الوطء كأنه حين يخطو نحوها يدوس على رأسها تارة وعلى قلبها أخرى ..

كيف تحيا وعلى ضفاف وجدانها رفاتها الشاحب مذ هجرها ابنها ( بموت ، أو برحيل جائر عنها ) أيا يكن ..
تبالغ في إسدال خمار التجلد كي تبدو قوية
وفجأة حين يسقط الخمار تنكشف مكامن الوجع ..
وتطالها لوثة تذهب عقلها
فيحتدم الأمر ويتأزم الوضع ..
يحصل هذا كثيرا أستاذنا المبدع أخي / ميمون حرش

إذا لم نترك الوجع يسير في مجراه الطبيعي ..
فسد الطريق أمام كم الوجع الهائل ينذر بانهيار ..
وغالبا الانهيار مدمر ..



قص ماتع رغم الحزن وهذا الوصف الشجي لامرأة الخمسين التي لها ذاكرة مطر حزينة
تفتأ تشتعل قيثارة أشجانها كلما ارتحلت نبضاتها صوب غيمة في أيسر ضلعها وأقصى ذاكرتها..


لك التقدير والاحترام وصادق الدعوات أستاذنا المكرم أخي / ميمون حرش







التوقيع

لم يبق معيَ من فضيلة العلم ... سوى العلم بأني لست أعلم .
 
رد مع اقتباس
قديم 12-02-2024, 04:07 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ميمون حرش
طاقم الإشراف
 
إحصائية العضو







ميمون حرش متصل الآن


افتراضي رد: رُدوا قلبي

"المرء بأصغريْه : قلبه ولسانه"
القلب صُندوقنا الأسود، لو حكى عنا دون رقيب ،ستهوي قلاعُنا مهما كانت متينة..
المرأة في النص مثال لأمراض تنخر مجتمعاتنا، وظلال قراءتك منحت لقضية النص بقعة ضوء..
شكراً لحضورك الوارف أستاذة راحيل، يحفظها الله.
تحياتي







التوقيع

لم تحولني الريح إلى ورقة في مهب الريح
لقد سقت الريح أمـــامــي..
ناظم حكمــت

 
رد مع اقتباس
قديم 15-02-2024, 07:40 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
عبدالرحيم التدلاوي
طاقم الإشراف
 
الصورة الرمزية عبدالرحيم التدلاوي
 

 

 
إحصائية العضو







عبدالرحيم التدلاوي متصل الآن


افتراضي رد: رُدوا قلبي

بين البداية والنهاية وشيجة وتفسير، انحدرت وهي التي تمقت الانحدار، وضاع عمرها عبثا، وتلف قلبها، وصارت إلى الحمق أقرب.
زمن القبح والهزيمة.
سلم النبض.
تحياتي.







التوقيع

حسن_العلوي سابقا

 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط