ما هي عوامل نهضة الأمة؟

[محمد صوانه]

بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن يسهم الأخوات الكريمات والإخوة الكرام في هذا الحوار المهم، فإنه لا يمكن أن يملك أحد الرؤية الكاملة الشاملة لجوانب هذا الموضوع، الذي يمثل الأساس في حياة الأمة.
ويستطيع كل أحد أن يشارك بما لديه من خبرات وأفكار تسهم في إثراء هذا الموضوع،
إذا اقتنعتم بأهميته، ورأيتم فائدة الكتابة فيه؛ فلا تبخلوا على إخوانكم وأخواتكم في بث أفكاركم النيّرة وإسهاماتكم البناءّة. ونرجو الله أن يجعل فيها الفائدة والبركة، وأن تكون كل مشاركة من أي أخ أو أخت مدماكاً في هذا البناء الأساس.

ما هي عوامل وأسباب نهضة الأمة من سباتها الحالي؟

فالأمة - بشكل عام - في سبات عميق، وهي تتخبط، وتتردد في النهوض، ومعرفة الطريق للخروج من عثرتها ومعالجة أمراضها المستعصية التي تنأى بها عن اللحاق بالأمم المتقدمة، بل واستعادة دورها الريادي، فمتى تفيق من هذا السبات ومتى تنهض وتعالج وهنها، وتعود أمة تقود الحضارة العالمية وتعمر الأرض على خير ما أردا الله لها؟

فمرحباً بكم ونأمل من الله التوفيق لهذا المشروع الحواري.

[نايف ذوابه]

شكرا لك أخي محمد على هذا الحوار الهام ..
أرجو أن نؤسس قواعد لمعنى النهضة وكيف تكون ..؟ وما دور كل مسلم في هذا الأمر ؟

سأمر على الموضوع وأفيض في المشاركة بإذن الله .. وأدعو الإخوة للتفاعل مع هذا الحوار الهادف الجاد الذي يعني كل واحد منا ...

[محمد صوانه]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نايف ذوابه

شكرا لك أخي محمد على هذا الحوار الهام ..
أرجو أن نؤسس قواعد لمعنى النهضة وكيف تكون ..؟ وما دور كل مسلم في هذا الأمر ؟

سأمر على الموضوع وأفيض في المشاركة بإذن الله .. وأدعو الإخوة للتفاعل مع هذا الحوار الهادف الجاد الذي يعني كل واحد منا ...

أشكر الأستاذ نايف سلمه الله على اهتمامه وتأييده لأهمية موضوع الحوار.
فجزاه الله خيراً

[محمد صوانه]

أرجو أن تسمحوا لي بإبراز عناصر أرى أنها من الأسس التي تسند موضوع الحوار وتبني مداميك استئناف البنيان الذي أراده الله سبحانه وتعالى ابتداء:

البداية الأولى: الغاية من الخلق ابتداءً

عندما خلق الله تعالى آدم - وهو أول البشر ومبتدأهم في هذه الأرض،
قال الله تعالى:
((وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)).
انظروا، إلى المعاني العظيمة لهذه الوظيفة في الأرض، هذه المهمة العظيمة الأساسية:
فقد جعل الله آدم خليفة في الأرض.
فكيف تكون الخلافة إذا لم يقم بها آدم وبنوه على خير ما يكون، ولو افترضنا أن هذا الخليفة تخلّف عن دوره أوقصّر فيه، أو تخلّى عنه؛ فهل يتحقق الهدف من خَلقِه وتكيلفه بعمارة الأرض؟
فالهدف الأول من خلق آدم: أن يكون خلفية الله في أرضه.
والخلافة لا تكون إلا وفق أسس يحددها المستخلف، وهو هنا الله جل جلاله وعزَّ شأنه
ولا يجور للخليفة أن يتجاوز تلك الأسس ويستبدل بها غيرها؛ وكيف له ذلك وهو يعلم ويدرك أنه لن يتمكن من تحقيق غايته وفق ما أرادها الله إلا إذا أعانه الله ووفقه لإنجاز مهمته الأصل ودوره الأساس في خلافة الأرض وعمارتها؟!
فإنني أرى أن الخلافة في الأرض التي ذكرها الله في بداية خلق آدم عليه السلام هي الاساس في سبر أغوار الموضوع الذي نحن بصدده
(عوامل النهضة)، فالنهضة تكون إذا عرفت أين أنت من الهدف، وأقصد الهدف الأساس الذي وجدتُ ابتداءً من أجله في هذه الأرض؛ ثم تتمكن بعدها من تلمّس الطريق القويم، واتباع الوسائل الكفيلة باستئناف تحقيق ذلك الهدف.
وللموضوع تتمات بإذن الله.

[سلمى رشيد]

أخي الكريم محمد صوانة
أطيب وأصدق التحيات وجزيل الشكر على المواضيع القيمة التي تطرحها....
في البداية أخي محمد أنا عادة أميل إلى بعث الأمل والهمة وإلى القول أن في هذه الأمة الخير الكثير ،، ولكن تاهت البوصلة أحيانا وفقدنا الإتجاه الصحيح وسط هذه المتغيرات المتسارعة في العالم.
أخي محمد
من الضروري جدا أن تكون هناك قاعدة وخلفية ثابتة متماسكة قائمة على الدين أولا ومن ثم موروثاتنا وتقاليدنا الأصيلة يعتمد عليها الجيل الجديد ونربيه عليها ونجعله واقعا ماثلا أمامه لا مجرد نظريات نضعها له في قوالب وعلى أرض الواقع الوضع مغاير جدا.
قد يقال وكيف يكون ذلك؟؟
يكون حين أدرك دوري كأم وأب والأمانة التي تحملتها حتى أخرج لهذا المجتمع من هو قادر على التعاطي مع معطيات الحياة المختلفة ومتغيراتها ضمن القاعدة التي تربى عليها.
عبادة الله أخي محمد لا تعني القيام بالصلاة والصوم والزكاة وغيرها من الأركان فقط ،، العبادة أيضا عمل وجهد من أجل رفعة الأمة التي كرمها الله جل في علاه في محكم تنزيله ونسينا هذا للأسف الشديد ،، فلنبعث مثل تلك الروح المعنوية في أطفالنا وشبابنا حتى نبدأ الخطوة الألى الصحيحة.
كل التقدير لأخي محمد.

[رولا زهران]

اخي المكرم موضوع رائع ومهم
اخي العزيز فقدنا عناصر الأساس هو الحفاظ
على كرمتنا وهيدا ابسط شئ...

نسينا امور ديننا هو التوحيد والوحده
حياة نعيشها لمجرد إنها ( حياة ) فقط !..

لاطعم ولا رائحة ولا لون
لك تقديري تحياتي واحترامي..

[بسام فارع]

الاخ الكريم

محمد صوانه


السلام عليكم

اولا:-
اود ان اشكرك على طرح مثل هذه المواضيع التي تهتم بشأن الامه والتي تعبر عن مدى همة صاحبها ومدى معرفته والمامه بما اعترى امته من الضعف والوهن والهوان حتى قد اصبحت كغثاء السيل الذي قال الني عليه الصلاة والسلام.

اخي العزيز اود اولا ان اقول ان من اهم اسباب تخلف هذه الامه دونا عن سائر الامم الاخرى هو انه ليس هناك الان على الاقل مايهذبها ويرسم لها الطريق الواضح المعالم الذي ينبغي عليها ان تسلكه في حياتها ومسيرتها كي تسير على هدى واثقة من خطوها بين الامم وبغياب هذا العامل فقدت الامة توازنها وتخطبت في سيرها ونامت نوما عميقا ثم هي لم تزل تتخبط بين نومها ويقضتها حتى لا تستطيع ان تدرك اين هي الان وبالتالي فانها تقبل مايرد عليها من غث وسمين من دون ادنى تمحيص او تدقيق.

ان هذا العامل هو الالتزام بمباديئ دينها القويم وعقيدتها الواضحه التي لا احد يستطيع ان ينكر مدى وضوحها وسطوعها ولكنه الاهمال والتغابي والانجذاب الى التقليد الاعمى.

ان اي امة لا تسير على اهداف مرسومة وغرض سام من الحياه هي امة لامحاله ميته هامده عالة على غيرها من الامم الاخرى التي اما رسمت اهدافها بنفسها او بعقيدة تعتقد بها بصرف النظر عن صحة العقيدة او فسادها.

ان انعدام وجود الهدف امام الامة هو ماجعلها تتخبط في دياجير التخلف والظلام الذي فرضته على نفسها بنفسها ولا تريد ان يشرق عليها صباح.

ثم اننا اذا نظرنا الى واقع الامه والامم الاخرى راينا في الامم الاخرى مبدا التعاون والتكاتف على انجاز مهمة معينة وكل واحد يسهم بما لديه وبما يقدر عليه من دون ان ينفس احدهم على الاخر او ان يوفل احدهم في انتقاد الاخر انتقادا هادما غير بناء.

لكن اذا نظرنا نحن في واقعنا راينا ان كل واحد منا يريد ان يمضي بمفرده وان ينجز بمفرده او ان ينسب الى نفسه الفضل في ابتكار او صنع شيئ ليس له في شيئ ام انه له فيه اسهاما.

حيث ان كل واحد ينتقد الاخر وينفس عليه لايغبطه انما يحسده وينفس عليه ويتمنى ان لو لم يكن صاحبه هو صاحب الفضل .

ثم لا يتورع عن ان يحارب اخاه حتى يلفت عنه الانظار وينزل من مكانته بقدر استطاعته وباقصى حهد يستطيعه.

وهذا بسبب عدم وجود الوازع الديني السليم القويم الذي يهذب سلوك االانسان العربي الذي له صفات وخصائص نفسيه معقده دونا عن غيره من ابناء الامم الاخرى.

حيث ان نفسية الانسان العربي لاتستقيم ولا تتهذب وتظل عشوائية هادمة اذا لم تتهذب بشيئ واحد لا مهذب غيره مهما احتهدت في تقليد مهذبات الامم الاخرى فان الامة لها مهذبها الخاص الذي لا يمكن ان تستقيم بدونه .

هذا المهذب هو الاسلام الوسطي المبني على الفهم السليم للشريعة الغراء من دون شطط او طيس او انزلاق يودي بابنائها الى الهاويه .

وفي الاخير اود ان اضع هنا معادلة لفظية وضعها الشيخ محمد الغزالي حيث قال:-

العرب - اسلام = صفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــر

احترامي

[صهيب الجماعيني]

عدد المصلين في صلاة الفجر = عدد المصلين في صلاة الجمعة =نهضة ونصر

[محمد صوانه]

الفاضلة رولا زهران سلمها الله
الفاضل بسام فارع سلمه الله
الفاضل صهيب الجماعيني سلمه الله

لكم تحياتي وتقديري على إسهاماتكم في هذا الموضوع المهم.
وما تفضلتم به صحيح، ونحن في هذا الموضوع نأمل أن نحدد أو الأصوب أن نقارب العوامل الأساس التي تقوم عليها قواعد النهضة؛ انطلاقاً من البدايات، التي لا تقوم النهضة إلا بها. إذ يمكن قطف الثمار قبل زرع الشجرة، ومن ثم إتقان كل مقومات تثبيت جذورها ابتداءً في الأرض الملائمة لها، والعمل على إنمائها، ثم استمرار العناية بها وتقويمها أولاً بأول..

والتركيز على أن العرب دون إسلام لا شيء، وأن المحافظة على صلاة الفجر ضروري جداً، هذان الأمران مهمان ولكنهما عنوانان ونحن بصدد التفصيل وتحديد ملامح الطريق من أجل بناء النهضة أو إعادة استئنافها.

وربما تكون لنا عودة بإذن الله لكل عنوان كبير تحدثم عنه
لكم تحياتي
والمجال مفتوح لإضافة مداميك البناء..

[محمد صوانه]

[[يتبع المشاركة رقم 4 (البداية الأولى : الغاية من الخلق ابتداءً):]]

اسمحوا لي أن أتابع ما بدأته وأسال الله العون في أن أقدم ما أنا بصدده لإخواني وأرحب بكل مشاركة وكل تقويم وكل إضافة، فليس هناك من يمكن أن يدّعي أنه يستأثر بالاحاطة بجوانب الموضوع كلها وحده، ولا تكتمل الصورة إلا بتنوع الآراء وتلاقحها، والهدف هو كشف النقاب عن الغموض في فهم عوامل النهضة، والدعوة إلى البدء بسلوك الطريق نحو تنفيذها والعلو بها والله الموفق.

واستدراكا لما بدأته في البداية الأولى:
ما أقصده من الخلافة في الأرض المأخوذة من قوله تعالي: (( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة))، هو أن يقوم الإنسان بعمارة الأرض التي استخلفه الله فيها، والعمارة تكون باتباع النهج الذي يحدده الخالق سبانه (وهو المستخلِف) والعمارة تكون بالمحسوس وغير المحسوس والمحسوس هو البناء وكل عمل من شأنه أن يقيم حضارة ويطورها يوماً إثر يوم، وغير المحسوس هو أن تسود القيم العليا في حياة الإنسان أثناء قيامه بعمارة الأرض، ولا يكون ذلك كله إلا باتباع النهج الرباني، وللإنسان بعدها أن يطور ويبتكر وينهض بكل أنشطة الحياة والحضارة.

[محمد صوانه]

الخطوة الثانية: المنهج
بعد أن ندرك أن الله استخلف بني آدم لعمارة الأرض؛ لا بد أن نعرف ما هو الطريق الذي ينبغي أن يتّبعه الإنسان للقيام بهذه المهمة، خير قيام!

إنه المنهج الذي إن سار عليه تحقق الهدف، وإن حادَ عنه واستبدل به غيره ضلَّ وضاعَ في متاهات بعيدة عن الطريق الصحيح.


وليس ثمة منهج يناسب المهمة التي تم اختيار الإنسان ليقوم بها، إلا منهج الله؛ فهو من استخلَف بني آدم، وهو وحده سبحانه من يُحَدِّد المنهج الذي ينبغي أن يسير عليه الإنسان في خلافته في الأرض.

إنه المنهجُ الرباني إذاً..
وهل ثمة مهنج أفضل وأنجع من منهج الله؟!

قال تعالى بعد أن أمر آدم بالهبوط والإقامة في الأرض واستخلفه فيها:
((قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدىً فمن تَبِعَ هدايَ فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)) الآية 38 – سورة البقرة.
وقال أيضاً: ((ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بنها من سلطان إنِ الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون)) الآية 40 – سورة طه.

((الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات)) الآية 257- سورة البقرة.

((فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشرة يوم القيامة أعمى))



فالمنهج إذاً واضح ولا منهج يوصل إلى الهدف المطلوب إلا منهج الله ولا شيء سواه فمن اتبع هذا المنهج فلا يمكن أن يتيه ولا يكابد شقاءً في هذه الدنيا؛ أما من حاد عن منهجه سبحانه فإن نتيجته معروفة: حياة كلها شقاء ونتيجة قاسية لا يمكن أن يتصورها بشر في الآخرة.

إذاً: الخطوة الثانية هي:
المنهجُ الرباني

[محمد صوانه]

الخطوة الثالثة: الفهم الصحيح للمنهج الرباني

إذا عرفنا أن المنهج الرباني هو دستور إقامة الخلافة في الأرض وعمارتها، فإنه من الضروري أن يمتلك الإنسان المؤمن بهذا المنهج أدوات الفهم الصحيح لنصوص المنهج وكذلك آليات تطبيقها في حياته وأنشطته الحضارية.
فبدون الفهم الصحيح تضيع البوصلة ويحيد الإنسان عن الطريق القويم. ولا بد للفهم أن تكون له مرجعية يقيس ويقوِّم من خلالها مستوى فهمه ويتأكد من صواب توجهه. وهي متوافرة مع المنهج دون شك؛ فإن الله سبحانه لم يُنَزِّل المنهج مجرداً؛ وإنما أنزله على الرسل ليبلغوه للناس ويطبقوه على مرأى ومسمع منهم - والأنبياء معصومون عن الخطأ، إن في الفهم أو في التطبيق - ما يحول دون أي خلل في فهم الناس الذين أمرهم الله باتباع الرسل ((لقد كان لكم في رسول الله قدوة حسنة)).

إذاً الفهم متوافر في المنهج وفي أدواته أيضاً؛ ما يحول دون أن يكون ثمة مجال للخلل في التطبيق الصحيح المبنيّ على نصوص المنهج الأصل المنزل من عند الله عز وجل.

إذاً الخطوة الثالثة: الفهم الصحيح للمنهج ونصوصه