الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع التقييم: تقييم الموضوع: 1 تصويتات, المعدل 5.00. انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-2009, 04:26 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "


الإمام بن كثير

تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات

خطة البحث على النحو التالى
البحث مقسم إلى بابين
الباب الأول : وفيه ترجمة مختصرة ومحققة عن الإمام أبي الفداء بن كثير وعرض لأعماله وعطائه فى مختلف علوم الشريعة
الباب الثانى : بن كثير فى تفسيره , وقسمته إلى فصلين
الفصل الأول : عن علم التفسير وأصوله وتطوره وفيه ثلاثة مباحث تناولت معنى التفسير ومفهومه ونشأته كعلم وأنواعه وأعلامه
الفصل الثانى : عن تفسير بن كثير ومنهجه فيه , وهو على مبحثين
الأول جعلته لمنهج بن كثير العام فى شرح وتقديم تفسيره
الثانى عن الإسرائيليات وموقف بن كثير منها , وقمت بتقسيم هذا الفصل إلى مطلبين ,
المطلب الأول وجعلته لمفهوم الإسرائيليات بشكل عام وكيفية دخولها على التفسير
والمطلب الثانى دور بن كثير وموقفه منها فى تفسيره






التوقيع

الإيميل الجديد
 
رد مع اقتباس
قديم 09-09-2009, 04:27 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

الباب الأول

ترجمة مختصرة للإمام الجليل الحافظ بن كثير

هو الإمام الحافظ، المحدث، المؤرخ، عماد الدين، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن درع القرشي الدمشقي الشافعي.ولد بقرية "مجدل" من أعمال بصرى، وهي قرية أمه، سنة سبعمائة للهجرة أو بعدها بقليل
نشأ الحافظ ابن كثير في بيت علم ودين، فأبوه عمر بن حفص بن كثير أخذ عن النواوي والفزاري وكان خطيب قريته، وتوفى أبوه وعمره ثلاث سنوات أو نحوها، وانتقلت الأسرة بعد موت والد ابن كثير إلى دمشق في سنة (707 هـ)، وخلف والده أخوه عبد الوهاب، فقد بذل جهدا كبيرا في رعاية هذه الأسرة بعد فقدها لوالدها، وعنه يقول الحافظ ابن كثير: "وقد كان لنا شقيقا، وبنا رفيقا شفوقا، وقد تأخرت وفاته إلى سنة (750 هـ)فاشتغلت على يديه في العلم فيسر الله منه ما تيسر وسهل منه ما تعسر" 1 "
وقد تلقي بن كثير العلم عن عدد كبير من الشيوخ الأعلام فى عصره فخاض بحور علوم الشريعة جميعا ونبغ فى الفقه والحديث والتاريخ والسير , وشرب من معين العديد من أعلام هذه المجالات من أمثال
شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله , وهو معلمه الذى سار على دربه وخطاه وامتحن بسببه فى مسألة فتوى الطلاق الشهيرة لشيخ الإسلام والتى سبب له ولتلاميذه أزمة كبري بين فقهاء وحكام عصره " 2 "
, والحافظ الجهبذ أبو عبد الله الذهبي رائد علم الحديث والطبقات , والحافظ الكبير أبو الحجاج المزى صاحب التهذيب وهو فى نفس الوقت ختنه على ابنته
كما تلقي عن الشيخ أبو اسحاق الفرازى , والقاضي بن الشحنة أبي العباس الحجار وغيرهم كثير
ومن تلامذة الإمام بن كثير الذين نبغوا فى مدرسته
ولده محمد بن إسماعيل بن كثير , وكذلك العلامة بن أبي العز الحنفي والحافظ علاء الدين الشافعى ومحمد بن أبي محمد بن الجزرى ,
وقد أثنى عليه علماء عصره ومن بعدهم حتى عصرنا الحالى
قال عنه بن حجر ( أنه اشتغل بالحديث والأثر وجمع التاريخ فى كتابه البداية والنهاية وعمل طبقات الشافعية وشرع فى شرح البخارى وكان كثير الإستحضار حسن المفاكهة وسارت تصانيفه فى البلاد فأفادت الناس والعباد وانتفع بها الناس بعد وفاته ) " 3 "
وقال عنه الذهبي عنه ( الإمام المفتى المحدث البارع فقيه متفنن ومحدث متقن ومفسر نقال )
وقال عنه صاحب شذرات الذهب ( كان كثير الإستحضار قليل النسيان جيد الفهم )
وقال عنه بن حبيب ( زعيم أرباب التأويل سمع وجمع وصنف الكثير وأطرب الأسماع وشنف )
وقال عنه بن حجى ( أحفظ من أدركناه من حفظة المتون فى الحديث وأعرفهم برجالها وأحوالها وصحيحها وسقيمها وكان أقرانه يعترفون له بذلك
ولا أعرف أنى اجتمعت به كثرة ترددى به إلا واستفدت منه ) " 4 "
وقد قال السيوطي في ترجمة الحافظ ابن كثير: "له التفسير الذي لم يؤلف على نمط مثله".
وقال الشوكاني: "وله تصانيف، منها التفسير المشهور وهو في مجلدات، وقد جمع فيه فأوعى، ونقل المذاهب والأخبار والآثار، وتكلم بأحسن كلام وأنفسه، وهو من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها".
وقال عنه الدكتور حامد طاهر فى مقدمة تحقيقه لتاريخ بن كثير المعروف بالبداية والنهاية ,
( نجا الرجل ـ يعنى بن كثير ـ من فخ التشويه وخرج من جحر العنب الذى وقع فيه كثير من المؤرخين ... وإننا إزاء مؤرخ من الطراز الممتاز بحق سلك منهج المحدثين والمؤرخين )
وقال عنه د. محمد بن أبي شهبة فى كتابه الإسرائيليات والموضوعات فى كتب التفسير
( كان تفسيره وتفسيره من أجل التفاسير وأعظمها جمع بين التفسير والرواية والدراية والتأويل والجرح والتعديل واستيفاء الآيات فى الموضع الأول وتفسير القرآن بالقرآن مع حسن البيان وعدم التعقيد وعدم التشعب فى المسائل والإستطراد الكثير ,
ومن خصائص هذا التفسير العظيم أنه يعتبر نسيج وحده فى مجال الإسرائيليات والموضوعات فتارة يتركها وتارة يذكرها ويبين أنها من الإسرائيليات
وكل من جاء بعد بن كثير من المفسرين المعاصرين هم عالة عليه فى هذا ومدينون له بهذا الفضل منهم الإمام الآلوسي " 5 " ومحمد عبده " 6 " )
ومن عطاءات الإمام بن كثير فى مجال الفقه والحديث والتاريخ تصانيف مذهلة منها
في مجال علوم القرآن ,
تفسير القرآن العظيم : وهو أجل كتبه وأنفسها ويعتبر العمدة بين التفاسير بالمأثور وسنعرض لميزاته تفصيلا
فضائل القرآن: وهو ملحق بالتفسير في النسخة البريطانية، والنسخة المكية، وقد طبعت مفردة بتحقيق الأستاذ محمد البنا في مؤسسة علوم القرآن ببيروت
وفى مجال الحديث وعلومه ,
• أحاديث الأصول
* شرح صحيح البخاري.
• التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والمجاهيل: منه نسخة بدار الكتب المصرية برقم (24227) في مجلدين، وهي ناقصة
• اختصار علوم الحديث نشر بمكة المكرمة سنة (1353 هـ بتحقيق الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، ثم شرحه الشيخ أحمد شاكر، رحمه الله، وطبع بالقاهرة سنة (1355 هـ(
• جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن: منه نسخة بدار الكتب المصرية برقم (184) حديث، ونشره مؤخرا الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، وطبع بدار الكتب العلمية ببيروت.
• مسند أبي بكر الصديق، رضي الله عنه
• مسند عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: نشره الدكتور عبد المعطي قلعجي، وطبع بدار الوفاء بمصر.
• الأحكام الصغرى في الحديث
• تخريج أحاديث أدلة التنبيه في فقه الشافعية.
• تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب: طبع مؤخرا بتحقيق الكبيسي، ونشر في مكة.
• مختصر كتاب "المدخل إلى كتاب السنن" للبيهقي
• جزء في حديث الصور.
جزء في الرد على حديث السجل.
• جزء في الأحاديث الواردة في فضل أيام العشرة من ذي الحجة.
• جزء في الأحاديث الواردة في قتل الكلاب.
• جزء في الأحاديث الواردة في كفارة المجلس..
وفى الأحكام الكبرى.
• كتاب الصيام.
• أحكام التنبيه.
• جزء في الصلاة الوسطى.
• جزء في ميراث الأبوين مع الإخوة.
• جزء في الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها.
• جزء في الرد على كتاب الجزية.
• جزء في فضل يوم عرفة
• المقدمات في أصول الفقه.
في التاريخ والمناقب:
البداية والنهاية: مطبوع عدة طبعات في مصر وبيروت، أحسنها الطبعة التي حققها الدكتور علي عبد الستار
وآخرون.و مطبوع في مصر بتحقيق أحمد عبد العزيز , وفى طبعة أخرى أيضا طبعتها دار الفجر للتراث وحققها الدكتور حامد طاهر
ويعتبر تاريخه ثانى أعظم أعماله على الإطلاق ولا زال يوصي به باعتباره واحدا من أكثر التواريخ القديمة والمصادر التاريخية الموثوقة
رغم أن بن كثير نهج فيه منهج المحقق والرواية بلا سند إلا أنه تعرض لكثير من المرويات الضعيفة والموضوعة فى التاريخ ونقدها وأزال اشكالاتها عدا بعض الأخطاء التى وقعت منه فيها وقام بالرواية عن أحداث مدسوسة تركزت فى بعض أحداث الفتنة عقب استشهاد أمير المؤمنين ذى النورين عثمان بن عفان
• جزء مفرد في فتح القسطنطينية.
• السيرة النبوية: مطبوع باسم الفصول في سيرة الرسول بدمشق
• طبقات الشافعية: منه نسخة في شستربيتى بإيرلندا، وقد طبع مؤخرا في مصر
• الواضح النفيس في مناقب محمد بن إدريس: منه نسخة في شستربيتى بإيرلندا.
• مناقب ابن تيمية
. مقدمة في الأنساب
. النهاية فى الفتن والملاحم : وهو كتاب بالغ الروعة تعرض فيه بن كثير لأحاديث الفتن والملاحم وعالجها من ناحية السند والمتن ثم تعرض لها بالشرح التفصيلي الغير مسبوق
وقد توفي رحمه الله في يوم الخميس السادس والعشرين من شهر شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة توفي الحافظ ابن كثير بدمشق، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه ابن تيمية، رحمه الله.
وقد ذكر ابن ناصر الدين أنه "كانت له جنازة حافلة مشهودة، ودفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية بمقبرة الصوفية". " 7 "
ويعتبر بن كثير واحد من الأعلام الكبار الذين اشتهر ذكرهم وطغى حتى فى عصرنا الحالى وتمت طباعة معظم أعماله وعوضت مؤلفاته قسطا كبيرا من المؤلفات المفقودة لعدد من أنبغ علمائنا على مر العصور
الباب الثانى

بن كثير فى تفسيره

وفيه فصلان
الفصل الأول : تعريف بعلم التفسير وأصوله وتطوره
الفصل الثانى : بيان منهج بن كثير فى تفسيره وقيمته العلمية
الفصل الأول : علم التفسير وأصوله وتطوره ..

المبحث الأول : تمهيد
يقول الله تعالى فى محكم كتابه " كنتم خير أمة أخرجت للناس ... الآية "
وقد صدقنا الله وعده حيث خرجت من هذه الأمة منذ عهد السلف أجيال تترى فى مجالات العلم المختلفة وبرزت فيها الحضارة الإسلامية كالشمس الساطعة على سائر أنحاء العالم " 8 "
ولم تكتف الحضارة الإسلامية أن خرّجت للعالم تفوقها فى علوم معروفة فى سابق الأمم , بل تقدمت منفردة فى كثير من العلوم حاملة لواء البدء فيها بلا منازع فظهر منها العلماء الأفذاذ والمفكرون العمالقة الذين أسسوا علوما لم تكن معروفة قبلهم , ووضعوا لها القواعد كما هو الحال فى علوم الرياضيات التى شهدت نبوغ الخوارزمى فى ابتكاره علم الجبر وكذلك شهدت نبوغ علماء الرياضيات العرب فى حل معضلة الحساب بإيجاد القيمة الصفرية , فضلا على تقدمهم فى مجالات الطباعة والنسخ وعلومها ,
كما وضع عباقرة الطب أسس علم التشريح الحديث والدورة الدموية , وقام فلاسفة الإسلام بواجبهم فى إثراء الفكر الإنسانى بالعديد من نظريات وعلوم الفلسفة الإسلامية , كما تقدم بن خلدون المؤرخ الشهير فوضع أساس علم الإجتماع وجاء معه البيرونى فوضع أسس علم الجغرافيا ,
كل هذه الإضافات جاءت فى أساس دولة الإسلام التى أسسها رسول الله عليه الصلاة والسلام على كلمة التوحيد وصحبه جيل صحابته وخيرة خلق الله بعد الأنبياء والرسل ليضعوا البذرة التى أضحت للعالمين كألف حديقة غناء فى بحر سنوات معدودة هى كالثوانى فى عمر الحضارات
ومن بين كل مشارق الشموس التى حملت مشاعل العلوم من بلاد الإسلام إلى العالم , برزت علوم الشريعة نسيج وحدها فى فضلها وعظمتها وثرائها , على نحو وضع علماء وفقهاء الشريعة فى كل عصورهم بمرتبة المؤسس الجامع لكل منارات العلوم ,
وكيف لا وهم حملة التوحيد وحفظة الوحى المنزل وشرّاحه ,
ولا يقتصر فضل علماء الشريعة على وجه أنهم حفظة الدين فحسب بل يقبع فضلهم الحقيقي أنهم كانوا عنوان أمة الإسلام التى تفردت عن سائر الأمم السابقة فبذلت فى سبيل الحفاظ على دينها ووحيها ما لم تبذل معشاره أى أمة من الأمم السابقة التى أضاعت رسالة التوحيد وأضاعت الكتب السماوية بين التحريف والإهمال والتبديل
فمنذ جيل الصحابة تأسست البذور الأولى لعلوم الشريعة وأخذت تنمو وتتفرع فى كل عصر وتتطور مع الحاجة إليها ,
ومع كل خطوة يخطوها أعداء الإسلام من الزنادقة والفرس واليهود تجاه الدين , كان لعلماء الإسلام الكلمة العليا فى نصب الدروع الحامية لشرائع الدين ,
المبحث الثانى : معنى التفسير
تفرعت علوم الشريعة إلى علوم خاصة بالقرآن الكريم تشمل الناسخ والمنسوخ والقراءات والأحكام والتفسير , وعلوم خاصة بالعقيدة عنيتى بحفظ عقائد المسلمين من بدع المبتدعة ومحاولتهم التلبيس على العامة عند ظهور الفرق المختلفة , وتأسس علم الفقه المعنى بالأحكام الفقهية والعبادات والمعاملات وتفصيلها وإيجاد مختلف الحلول لقضايا المسلمين
ثم نشأ أجل العلوم وأشرفها ألا وهو علم الحديث الذى ما سبقتنا إليه أمة من الأمم وهو العلم الذى تصدى لتنقية وغربلة التراث النبوى وحفظ السنة من التحريف وتفرع هذا العلم بدوره إلى فروع علم الرجال ودراسة الأسانيد وأصول الحديث والناسخ والمنسوخ من الحديث النبوى ومصطلح الحديث وغيره ,
وقام المحدثون بجهد غير مسبوق عبر العصور لتفنيد الروايات وبيان سقيمها وصحيحها وبهذا كان لهم فضل على سائر العلوم المتعلقة بالشريعة حيث بينوا للمفسرين ما صح من روايات التفسير المنسوبة للنبي عليه الصلاة والسلام وللصحابة وللتابعين بل وقاموا بغربلة الأسانيد المؤدية لأشهر مفسري الصحابة والتابعين زيادة فى الإحتياط وحماية لعلم التفسير من الإسرائيليات
وقاموا بنفس الدور مع علم الفقه والسير والتاريخ
ولطبيعة البحث سنركز على دورهم مع مجال التفسير الذى عج فى بعض كتبه بالإسرائيليات والروايات الموضوعة سواء ما كان منها مرفوعا إلى النبي عليه الصلاة والسلام أو موقوفا و مقطوعا على الصحابة والتابعين
التفسير فى اللغة معناه الإيضاح والتبيين .. ومنه قوله تعالى فى سورة الفرقان
( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا)
والفسر فى قواميس اللغة كالبحر المحيط ولسان العرب هو كشف المغطى أو المستور وبيانه " 9 "
أما التفسير فى الإصطلاح فقد اختلف فيه العلماء التفسير على عدة وجوه مثلما جاء عن الزركشي وأبو حيان وغيره مما أورده العلامة جلال الدين السيوطى فى كتابه الإتقان , , ويعد أشمل ما جاء فى هذا الباب هو القائل
( التفسير هو علم نزول الآيات وشئونها وأقاصيصها وأسباب نزولها وقراءاتها وترتيب المكى والمدنى فيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ونهيها وعبرها وأمثالها )
وقد ثار اختلاف بين العلماء فى معنى التفسير والتأويل والعلاقة بينهما فقال بعضهم أنهما بمعنى واحد وقال بعضهم أنهما يختلفان فالتفسير للرواية والتأويل للدراية ثم خلص العلماء إلى نتيجة مفادها أن التفسير أعم وأشمل من التأويل
المبحث الثالث مراحل تطور علم التفسير
نشأ التفسير كعلم , مثل غيره من العلوم عبارة عن خطوط عريضة تجمعت فيما بعد والتقت حتى تم ترتيبها ووضع أسسها فى عصر التدوين وتفرع العلم نفسه إلى مختلف الفروع منها فرعان رئيسيان التفسير بالمأثور والتفسير بالرأى
ولما كان التفسير من أشرف وأجل العلوم فى كونه معنيا بمعجزة الإسلام الخالدة القرآن الكريم , فقد جرت بداياته مع بداية الرسالة حيث انصب اهتمام الصحابة الكرام بدرجات متفاوتة على السؤال فى شأنه وتدبره وتلقيه , والعلوم أقفال والأسئلة مفاتيحها وقد برز فى الأسئلة من الصحابة الأربعة الراشدون و أبي بن كعب وعبد الله بن عباس وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميعا ,
وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام بعض روايات التفسير وحكم العلماء ببطلان بعضها الآخر وبينوه , لا سيما المدخول على الحديث من الإسرائيليات ,
ويضاف إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام أقوال الصحابة التى عدها إجماع العلماء أنها تأخذ حكم المرفوع إلى النبي عليه السلام ما لم يكن الصحابي القائل من المشتهرين بالأخذ من أخبار بنى إسرائيل والشرط الثانى أن يكون محل التفسير مما لا مجال للرأى فيه
ثم جاء عصر التابعين ليتشكل علم التفسير أكثر وأكثر وتبرز فيه مدارس التفسير المختلفة مثل
* مدرسة مكة ومنها مجاهد بن جاب المكى : وهو أحد الثقات المشاهير والقلة النادرة التى حصدت إجماع المحققين والعلماء لكونه نقل عن بن عباس نقلا صحيحا ووفيرا حتى أنه قال عن نفسه وهو صادق عرضت المصحف على بن عباس ثلاث عرضات , أسأله فيها عن كل آية منه
وروى بن جرير بسنده إلى بن أبي مليكة أنه قال : رأيت مجاهدا سأل بن عباس عن تفسير القرآن ومعه ألواحه فيقول بن عباس اكتب , حتى سأله عن التفسير كله
وقد قال فيه سفيان الثورى " إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك , وبمثل ذلك قال الشافعى
سعيد بن جبير , وهو أحد أئمة التابعين الأكابر وأخذ العلم عن بن عباس وبن عمر رضي الله عنهما وعن غيرهما أيضا من طبقات الصحابة والتابعين
وقد أثنى عليه معاصروه ومن تلاهم وقال فيه سفيان الثورى " خذوا التفسير عن أربعة سعيد ومجاهد وعكرمة والضحاك "
وعطاء بن رباح وهو أحد الذين انتهت إليهم الفتوى بمكة وقال فيه بن عباس لأهل مكة " تجتمعون عندى وعندكم عطاء "
وعكرمة مولى بن عباس : وهو أحد الأئمة الأعلام وقد نال شرف صحبة حبر الأمة بن عباس رضي الله عنهما وتولاه منذ صغره بالرعاية والشدة ولو اضطر لتكبيله حتى علمه القرآن والسنن
* والمدرسة الثانية وهى مدرسة المدينة وتألق فيها وعبر عنها زيد بن أسلم وأبو العالية ومحمد بن كعب القرظى
* والمدرسة الثالثة مدرسة أهل العراق وبرز فيها مسروق بن الأجدع الذى كان أعلم أصحاب بن مسعود , وقتادة بن دعامة الدوسي والحسن البصري الإمام العلم ومرة الهمذانى والضحاك بن مزاحم
* والمدرسة الرابعة مدرسة أهل الشام وبرز فيها عبد الرحمن بن غنم الذى بعثه الفاروق عمر للشام وأيضا الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز الذى تتلمذ بالمدينة ومصر وكان جبلا بين العلماء
ورجاء بن حيوة شيخ أهل الشام وكعب الأحبار وهو أشهر علماء اليهود الذين أسلموا
* والخامسة مدرسة أهل مصر وبرز فيها يزيد بن أبي حبيب الذى قال فيه الليث بن سعد عالمنا وسيدنا ’ وأبو الخير مرثد اليزنى
* ومدرسة اليمن واشتهر منها طاوس بن كيسان ووهب بن منبه الصنعانى عالم أهل اليمن
والمدارس السابقة كلها هى الطبقة العليا من المفسرين بالمأثور وهو التفسير الذى يعتمد لونه على تفسير القرآن بالقرآن وبما ورد عن السنة وبأقوال الصحابة والتابعين ,
وهذا القسم من التفسير هو الذى دخله دخل الإسرائيليات والموضوعات ودخنها وتمت معالجتها كما سيأتى
ثم تلت هذه الطبقة العليا طبقة التفسيرات المكتوبة الجامعة لأقوال الصحابة والتابعين مثل تفسير سفيان الثورى وسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرزاق الصنعانى وبن أبي شيبة وغيرهم , ويلاحظ فى هذه الطبقة التى جمعت أقوال السلف أن غالبيتهم من كبار علماء الحديث والعارفين بطرق الرجال
ثم تطور علم التفسير فى عصر التدوين المستقل له على يد علماء الطبقة التالية مثل الإمام أحمد بن حنبل وبن جرير الطبري شيخ المفسرين وصاحب التفسير المشهور وبن أبي حاتم وبن مردويه
وهذه التفاسير كلها من نوع التفسير بالمأثور المسند إلى الصحابة والتابعين ومما يلاحظ أنه حتى هذه الطبقة التى كان عصرها بالقرن الثالث الهجرى لم ينفصل التفسير فيها عن الحديث وإن كان قد نال تمييزا عن بقية العلوم والإستقلال به
ثم جاءت المرحلة الرابعة التى تم حذف الأسانيد فيها ليبدأ عصر المدخول من الإسرائيليات والموضوعات
هذا بالإضافة إلى ظهور الفرق المختلفة كالمعتزلة والخوارج والباطنية بمختلف تنوعاتهم وثقافاتهم الدخيلة وتقدمت كل فرقة برجالها لتخوض فى التفسير بمكذوبات مختلفة إما لنصرة مذاهبها وإما بغرض الهدم والتشويه
أما النوع الثانى من التفسير والذى تكونت له مدارس مختلفة أيضا هو مجال التفسير بالرأى أو بغير المأثور وهو أمر جائز طالما التزم المفسر بالعلوم الواجب عليه تحصيلها والتى لخصها العلماء فى وجوب توافرها على من يتصدى لهذا العلم الجليل ومنها علمه باللغة وبالناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وبعلم الحديث والطرق والأسانيد وبالمغازى والسير وغيرها من فنون ودروب العلوم التى تمثل الركيزة الأساسية الواجب توافرها فى المفسر
ولا شك أن هناك سلبيات للتفسير بالمأثور تتركز فى الروايات الغير منضبطة والمحققة , ولكن هذا لا يعنى أن التفسير بالرأى يمثل مدرسة بلا عيوب .
فقد غزت التفاسير بالرأى المذموم تراث المسلمين وحاضرهم ومنها ما قدم العقل على النقل فى بعض الأحيان وإن كان العلماء فى كل عصر تصدوا لهذا التغريب
أما موضوع بحثنا وهو تفسير الإمام بن كثير والذى يعتبر من أجل وأقوى كتب التفسير هو من نوع التفسير بالمأثور والتحقيق في الروايات وقد أثنى عليه الكثير من العلماء سواء فى المنهج الذى اتبعه بن كثير برواية تفسير مسندا , أو فى تصديه للإسرائيليات ونقدها
وقد اعتبر العالم المصري د. محمد أبو شهبة أن بن كثير هو فارس الحلبة فى مجال التصدى للإسرائيليات ونقدها " 10 " كما سيأتى بيانه بالتفصيل فى الفصل الذى نتحدث فيه عن موقف بن كثير من الإسرائيليات
,






التوقيع

الإيميل الجديد
 
آخر تعديل هشام يوسف يوم 10-09-2009 في 01:26 PM.
رد مع اقتباس
قديم 09-09-2009, 04:30 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

الفصل الثانى , منهج بن كثير فى تفسيره

يعتبر تفسير الإمام بن كثير المعروف باسم " تفسير القرآن العظيم " واحد من أعلى وأجل التفاسير فى مجال المأثور , وقد وضعه العلماء والمحققون فى المرتبة الثانية بعد تفسير الإمام بن جرير الطبري المنشور باسم " جامع البيان فى أحكام القرآن "
وقد نهج بن كثير فى تفسيره طريق الرواية الموثقة عن السلف الصالح بالإسناد , وهو الأمر الذى اتبعه فى تفسيره بينما اكتفي فى تاريخه " البداية والنهاية " بالرواية المحقق دون إسناد
ولا شك أن وجود الإسناد فى تفسيره كان له ميزة عظيمة فى معرفة طرقه ونقدها ,
وقد تميز بن كثير فى تفسيره بعدد من المميزات قل أن توجد فى غيره من التفاسير وأعظم ميزاته
روايته المسندة والتى أتبعها بالنقد والتحليل ,
وأيضا تعرضه للإسرائيليات التى أورد بعضها وأخضعها للنقد والتمحيص ,
كما أنه تتبع بن جرير الطبري ـ على جلالة قدره ـ ورد عليه فى بعض المواضع التى لجأ فيها الطبري إلى الإسرائيليات وإن كان الإمام الطبري قد بين ما أخذه من أهل الكتاب إلا أن تفسيره كان حافلا بمروياتهم التى نقدها العلماء نقدا شديدا وتعد أشهرها ما رواه فى قصة قابيل وهابيل , وأيضا خرافة عوج بن عنق , ومنها كذلك رواية سفينة نوح وهاروت وماروت وغيرها من الروايات التى اتفق العلماء المحققون على إبطالها

وسنعرض لتفسير بن كثير ومنهجه فيه على مبحثين
الأول : تعريف عام بمنهجه وقيمة تفسيره
الثانى : مبحث خاص عن الإسرائيليات وتعريفها وموقف بن كثير منها
المبحث الأول : منهج بن كثير " 11 "
اتبع بن كثير فى تفسيره طريقة سهلة محببة للقارئ توفر عليه الكثير من الجهد والمشقة , ذلك أنه يذكر الآية ثم يتلوها بالتفسير بعبارة سهلة موجزة ,
وإذا كان محل التفسير يقتضي مقارنة الآية بأخرى فإنه يبسط تلك الآيات ويقرنها ببعضها عملا بمنهج تفسير القرآن بالقرآن , وقد أعطى هذه الطريقة اهتمامه الكبير حتى قال بعض العلماء المحققين أن تفسيره احتوى على أكثر ما عرف من هذا النوع من التفسير
ثم يتبع بن كثير بعد ذلك بإيراد الأحاديث المرفوعة التى تتعلق بالآية ويبين موقفها من الثبوت والضعف فى مقام الإحتجاج ثم يردف ذلك كله بأقوال نفس الصحابة والتابعين ومن تلاهم من علماء السلف
ولا يقتصر إيراد ن كثير لهذه الروايات على العرض فقط ـ كما هو الحال فى تفسير الطبري ـ بل يرجح بعضها على بعض وينقد بعضها الآخر مبينا رأيه فيها وفى رجال الروايات بما له من دراية فى مجال علوم الحديث
وقد اعتمد بن كثير فى تفسيره على العديدين وأشهرهم ذكرا فى تفسيره بن جرير وبن عطية وبن أبي حاتم
وبالإضافة إلى ذلك نجد بن كثير يتعرض لأقوال الفقهاء فى آيات الأحكام وأدلة العلماء وترجيحها
ومثال ذلك ما قاله فى تفسير الآية 185 من سورة البقرة
( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ........... الآية )
فإنه ذكر أربعة مسائل فقهية متعلقة بهذه الآية وناقشها وناقش أدلتها
إلا أنه لم يكثر ويستفيض فى الخلافات الفقهية كما هو الحال فى تفاسير الفقهاء الغالبة عليهم أحكام مجالهم الأصلي وهو الفقه , بل كان بن كثير مقتصدا فى ذلك على الفائدة ما أمكنه
أما بالنسبة لقيمة التفسير العلمية والعملية فكما سبق القول شهد له علماء عصره على نبوغه فى هذا المجال ووافقهم من أتى بعدهم على ذلك
ومن أشهر الشهادات بقيمة تفسير بن كثير شهادة السيوطى فى تذكرة الحفاظ والزرقانى فى شرح المواهب
المبحث الثانى : الإسرائيليات .. أصلها وموقف بن كثير منها
وهو على مطلبين ,
أحدهما لبيان معنى ومفهوم الإسرائيليات
والثانى لبيان موقف ودور بن كثير منها
المطلب الأول : معنى ومفهوم الإسرائيليات
لقد عانى العلماء الأوائل ومن تلاهم محنة عظيمة برزوا فيها بروز الأبطال ليقوموا بأداء أمانتهم العلمية وتوصيل تراث الإسلام صحيحا لا شبهة فيه ,
وكانت قمة المعاناة تتمثل فى تنقية وحفظ ثلاثة علوم من الدس والتشويه الذى تم فى عصر الفرق والفتن وهذه العلوم هى الحديث النبوى والتفسير المأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته , والعلم الثالث هو علم التاريخ والأثر والسير والمغازى
فحفظ الدين عبر حفظ نصوص الأثر تميزت به أمة الإسلام الحنيف ـ كما سبق القول ـ وتفردت به على سائر الأمم بإسناد متصل " 12 " إلى المصادر الأصلية مما كان له أعظم الأثر فى عجز وفشل المستشرقين فى مهمتهم التى هدفت لضرب الإسلام من داخله , حتى أن المستشرق مرجليوث عبر عن شدة إعجابه وعجزه بقول شهير مؤداه " ليهنأ المسلمون بعلم حديثهم " , فى إشارة إلى ما فعله علم الحديث والأسانيد فى حفظ وتمييز التراث الأصلي من الدس والوضع , بينما وجدنا الحضارة الغربية التى حرفت كتب أنبيائها لا تستطيع أن تصل إلى تراثها أو بعض منه على وجه اليقين لأن الفصل القائم بين أقدم نصوصهم المكتوبة وبين مصدرها الأصلي يربو على أربعمائة عام
وقد عبر بعض الكتّاب المعاصرين عن براعة التنقية فى التراث والتى تميز بها المسلمون بأنها كانت أعظم عملية مخابرات فى تاريخ الإسلام لا سيما بعد نشأة علم الرجال " 13 "
وعلم التفسير كان هو ثانى أهم العلوم التى عانت من الوضع والدس بعد علم الحديث , وهذا بعد ظهور عوامل الدس المختلفة التى ظهرت مع مؤامرات الفرس والروم عقب انهيار تلك الإمبراطوريات وأيضا بعد ظهور فرق المبتدعة التى حرفت فى تفسير القرآن الكريم ليتناسب مع أهوائها وتعتبر فرق الشيعة المختلفة والمعتزلة والجهمية والخوارج " 14 " هى أكثر الفرق التى أكثرت من وضع المفاهيم الخاطئة لتفسير الآيات على حسب أهوائها فجاء الشيعة الباطنية بتفسيرات باطنية تخدم أغراضهم مثل تفسيرهم لقوله تعالى
" والشمس وضحاها " على أنها محمد عليه السلام وعلى رضي الله عنه وفسروا الآية الكريمة " وأنذر عشيرتك الأقربين أنها أمر من الله للنبي عليه الصلاة والسلام بتمييز آل أبي طالب بهداية خاصة وهى هداية الأئمة .. إلى غير ذلك من التفسيرات الباطنية " 15 " وهى تفسيرات تثير الأسي على هذه العقول التى تدعى حب آل البيت بينما يفسرون القرآن الكريم بطريقة توحى كما لو أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفرق فى رسالته للهداية بين الناس ـ عياذا بالله ـ وجاء المعتزلة فابتدعوا العديد من المسائل التى تناقض حقائق التوحيد بغرض تنقية التوحيد كما يزعمون فقالوا بخلق القرآن وأنه محدث , وقالوا بإنكار الصفات نهائيا عن الله عز وجل وأولوا الألفاظ الصريحة فى القرآن بتأويلات من أهوائهم ومنها تفسيرهم لقوله تعالى " الرحمن على العرش استوى " بأن استوى هنا معناها استولى وفسروا قوله تعالى " يد الله فوق ايديهم " بأنها قدرة الله فوق قدرتهم إلى غير ذلك من البدع التى لم يأذن بها الله ولا أتى بها رسوله عليه الصلاة والسلام لأن مذهب السنة ـ الذى دافع عنه أحمد بن حنبل رضي الله عنه ورفاقه الخمسة فى محنة خلق القرآن ـ كان ولا زال يثبت لله ما أثبته لنفسه من الصفات بغير تأويل أو تعطيل ولا يقول فى القرآن الكريم إلا أنه كلام الله عز وجل دون تحديد أو توظيف كما برزت الخوارج منذ عهد الفتنة بتفسيراتهم الخاصة للقرآن الكريم فقالوا بخلود أصحاب الكبائر فى النار مكذبين بذلك القرآن الكريم والحديث الصحيح بخروج الموحدين منها , واعتمدوا فى ذلك على تفسير ظاهرى للآية الكريمة " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " وكان أحرى بهم أن يتموا الآيات فى السياق وكانوا سيجدون قوله تعالى
" إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "كما أن الآية الكريمة التى استدلوا بها لو كانوا من المتدبرين لوجدوا لفظ خالدا فيها قد أتى خاليا من كلمة " أبدا " ولفظ " أبدا " هو الذى يفيد الخلود بالإستمرار اللامتناهى كما فى قوله تعالى
" يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا " فكلمة أبدا ـ كما يقول العلامة العراقي د. أحمد الكبيسي " 16 " تفيد النهى المؤبد عن العودة
للخوض بحديث الإفك وإلا انتفي الإيمان عن الخائضين فيه , ولو أن الآية الكريمة جاءت خالية من كلمة أبدا لكان الحظر متوقفا فقط على جيل الحادثة نفسها فى زمن الرسول عليه الصلاة والسلام
هذه هى مظاهر الدس بأمثلة بسيطة على القرآن الكريم وتتبقي من تلك المظاهر , ظاهرة خاصة وهى الإسرائيليات لأنها ليست من نوع الدس المطلق التى بثته الفرق بل إنها كما عرفها العلماء وعرفناها من تاريخ التفسير تعتبر أخبار التوراة والإنجيل التى نقلها إلينا من أسلم من اليهود والنصارى ,
وقد التصق مسمى الإسرائيليات بها نظرا لأن معظم تلك الأخبار كان يأتى من خلال كتب اليهود التى كان يحدث بها كعب الأحبار وعبد الله بن سلام ووهب بن منبه رضي الله عنهم
وليس أمر الإسرائيليات ـ كما روج لذلك بعض المثقفين ـ أمر سوء من أوله لآخره بل كانت تلك الأخبار عبارة عن تفسيرات وجدها الصحابة فى كتب اليهود لمتشابه القرآن لكريم وقد بين الرسول عليه الصلاة والسلام أمرها فقال فى الحديث الصحيح
( حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج )
وأمر فى نفس لوقت أنه إذا شيئ من أهل الكتاب ألا نأخذه بالتكذيب أو التصديق لو لم يكن عندنا منه أصل
وإنما جاءت خطورة الإسرائيليات من وجهين
الأول : من حيث أن بعضها رفعه بعض المفسرين إلى النبي عليه الصلاة والسلام ـ وهنا معيار الخطورة حيث أن قول النبي عليه السلام قول تشريع ـ
الثانى : أن بعض تلك الأخبار محرف أصلا فى صلب التوراة وافتراه اليهود على أنبيائهم فى الكتب ـ كما أخبر القرآن الكريم بذلك ـ
وبالتالى فعندما قام كعب الأحبار وغيره بنقل تلك الأخبار جاء فى بعضها ما هو مكذوب فى أصل الكتب اليهودية , وبالتالى فالذين أسلموا من علماء اليهود لا مطعن فى عدالتهم من هذه الناحية حيث أنهم أخبروا بالصدق عما نقلوه , والكذب والدس إنما جاء فى الأخبار نفسها من غير طريقهم
والإسرائيليات التى اندست فى بعض كتب التفسير جاءت على ثلاثة أنواع وتعامل العلماء والمفسرون معها تبعا لكل نوع على حدة
فالنوع الأول : ما اعتمده أو حدده رسول الله عليه الصلاة والسلام وثبت عنه بالنقل الصحيح كتحديد اسم صاحب موسي عليه السلام " 17 " فقد جاء الاسم صريحا على لسان رسول الله عليه الصلاة والسلام عند البخارى .
أو أن يكون الخبر المنقول له شاهد صحيح من الشرع يؤيده , وهذا النوع من الأخبار مقبول
النوع الثانى : ما يتأكد كذبه عندما يناقض ما هو معلوم صريح من الدين أو يضاد العقل ويصادمه , مثال ذلك
ما ورد فى بعض التفاسير والكتب عن قصة سيدنا داوود عليه السلام ونسبه أشياء مخجلة إليه " 18 ", أو ما ورد فى خرافات بنى إسرائيل وافتراءاتهم على الملائكة والأنبياء كدسهم بالإتهام على هاروت وماروت أو خرافة عوج بن عنق وغيرها
وهذا النوع مرفوض نهائيا بالطبع
النوع الثالث : المسكوت عنه وهو ما ورد غير مصادم للعقل ولا شاهد يؤيده من الشرع مثال ذلك عدة أصحاب الكهف وأسمائهم وتعيين ما هو بعض البقرة الذى ضرب به بنو إسرائيل القتيل فأحياه الله بذلك , ونوع الشجرة التى كلم الله منها موسي
وفى البداية أثناء عصر الصحابة لم يكن هناك خطر كبير من الرواية عن بنى إسرائيل وإنما انتشرت الخطورة وتعاظمت عندما تقدم الزمان وظهرت العديد من تلك الروايات المكذوبة سواء فى أصلها أو فى نسبتها للنبي عليه الصلاة والسلام أو لصحابته وانتشرت فى كتب التفسير بشكل طافح وأصبحت مدخلا للمستشرقين أو للمغرضين حتى فى عصرنا الحالى " 19 "
بل ويري بعض الباحثين أن الإسرائيليات القديمة فى كتب التفسير أقل خطرا ألف مرة من إسرائيليات الفكر الحديث التى انتشرت فى العصور المتأخرة كالذي خرج معلنا أنه اكتشف أن آدم عليه السلام ليس أول البشر , وأحد علماء الشيعة المعاصرين الذى يفسر قوله تعالى
" إنا إلينا إيابهم " بمعنى أن الإياب فى اليوم الآخر هو لله مع الأئمة الذين يعتقدون فيهم " 20 "ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ وهذا الغافل الذى فسر هذا التفسير لست أدرى أين هو عن قوله تعالى " مالك يوم الدين " أو قوله تعالى " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار "
المطلب الثانى : موقف بن كثير من الإسرائيليات
نظرا لأن الإمام بن كثير كان أحد رواد العلماء فى عصره ونال من أطراف العلوم جميعا ما ناله ونظرا لتبحره مع علوم التفسير والسير فى علوم الحديث والنقل والدراية والرجال
ونظرا لتعلمه على يد أحد أنبغ علماء الرجال بعصره وهو الحافظ المزى ـ وهو حميه حيث تزوج بن كثير من ابنة المزى ـ صاحب موسوعة تهذيب الكمال التى تمثل مع تاريخ دمشق لبن عساكر أكبر وأوثق مراجع نقد الرواة ,
نظرا لهذا كله فقد برزت فنون النقد عند بن كثير فى تفسيره , فروى تفسيره بالأسانيد وتعرض للروايات ونقدها ," 21 "
وفى مجال الإسرائيليات كان له موقف فارس الحلبة كما يقول مفسرو العصر الحديث
فقد تتبع بن كثير الإسرائيليات عند من سبقه من المفسرين ولم يكتف بأنه أورد بعضها بل قام بتشريحها سندا ومتنا ونبه عليها وحذر منها على وجه الإجمال تارة وعلى وجه من التفصيل تارة أخرى
فمثلا , عند تفسيره لقوله تعالى ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ... الآية )
أورد قصة غريبة عن عن بحث بنى إسرائيل عن البقرة المخصوصة التى وجدوها عند رجل منهم كان بارا بأبيه فجزاه الله عن ذلك بأن اشتروا منه البقرة بأحمال الذهب ,,, إلى نهاية القصة التى وردت عن بعض السلف
فيقول بن كثير معلقا بعدها بالنص " وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدى " 22 " وغيرهم , فيها اختلاف والظاهر أنها مأخوذة من كتب التراث ولكن لا نصدق ولا نكذب فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا , والله أعلم "
وأيضا " 23 "عند تفسير أول سورة " ق " نراه يعرض لبعض معانيها فى أول السورة فيقول
" وقد روى بعض السلف أنهم قالوا ( ق ) جبل محيط بجميع الأرض يقال له قاف والظاهر لنا ـ والله أعلم ـ أن هذا من خرافات بنى إسرائيل التى أخذت عنهم وعندى أن هذا من وأمثاله
من اختلاق بعض زنادقتهم يلبسون به على الناس أمور دينهم كما افترى فى هذه الأمة ـ مع جلالة قدر علمائها وحفاظها ـ أحاديث مختلقة على النبي عليه الصلاة والسلام وما بالعهد من قدم
فكيف بأمة بنى إسرائيل مع طول الزمن وقلة الحفاظ بينهم والنقاد , وشربهم للخمور وتحريفهم الكلم عن مواضعه وتبديل كتاب الله وآياته ,
وإنما أباح الشارع الرواية عنهم فى قوله " وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج " فيما قد يجوزه العقل فأما ما تحيله العقول ويحكم فيه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل والله أعلم "
كما يري الدكتور محمد أبو شهبة فى كتابه القيم " الإسرائيليات فى التفسير " أن بن كثير كان ينتج النقد للإسرائيليات وتارة لا يذكرها لكنه عند ذكرها يبين رأيه فيها وأنه قد تأثر فى هذا بشيخه شيخ الإسلام بن تيمية
ودلل على ذلك بأن مقدمة تفسير بن كثير يكاد يكون ما نص عليه شيخه بن تيمية فى " مقدمة فى أصول التفسير " وتظهر روحه فى هذه المسائل التى يكون لشيخه بن تيمية رأى معروف به ومخالف لغيره
ويضيف الدكتور أبو شهبة
" أن نهج بن كثير وطريقته هو فاتحة الطريق الذى سلكه كل من جاء بعده ولهذا الكتاب فضل كبير فى تنبيهى
لكثير من الإسرائيليات والموضوعات وهذا الكتاب ـ يعنى تفسير بن كثير ـ كان معتمدى فى نقد المرويات من الإسرائيليات وكيف تدسست فى الرواية الإسلامية ويرجع الفضل لبن كثير بما تميز به من حاسة دقيقة وملكة راسخة فى هذا المجال
" " 24 "
ويستمر الدكتور أبو شهبة فى الثناء وبيان فضل الإمام بن كثير فى موضع آخر من الكتاب حيث عنون فصلا فى كتابه المشار إليه بعنوان " فارس الحلبة الإمام بن كثير "
يقول فيه
" سأذكر هنا كلام بن كثير بنصه وبطول نفاسته ـ يعنى ما ذكره بن كثير فى نقده المرويات من الإسرائيليات ـ فقال بن كثير
" يذكر المفسرون هاهنا آثارا وأحاديثا سأوردها وأبين فيها ثم نتبع بعد ذلك ببيان الصحيح فى ذلك إن شاء الله وبه الثقة
قال الإمام أحمد فى مسنده : حدثنا عبد الصمد قال حدثنا عمر بن إبراهيم قال حديثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال
( ولما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش وكان ذلك من وحى الشيطان وأمره )
وهكذا رواه بن جرير عن محمد بن بشار عن عبد الصمد بالإسناد السابق ذكره ورواه الترمذى فى تفسير هذه الآية عن محمد بن المثنى عن عبد الصمد إلى نهاية نفس السند وقال
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلفا من هذا الوجه ورواه بعضهم عن عبد الصمد مرفوعا ورواه الحاكم فى المستدرك ثم قال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
" "
قلت ـ أى بن كثير ـ والغرض أن الحديث معلول لثلاثة وجوه
أحدها : أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري وقد وثقه بن معين وقال أبو حاتم الرازى لا يحتج به ولكن رواه بن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعا فالله أعلم
الثانى : أنه قد روى من قول سمرة نفسه ليس مرفوعا كما قال بن جرير حدثنا عبد الأعلى ...
الثالث : أن الحسن نفسه فسر هذه الآية بغير هذا فلو كان عنده هذا الحديث من سمرة مرفوعا لما التجأ لتفسير غيره "
ثم أورد بن كثير الروايات الثابتة عن تفسير الحسن لهذه الآية بغير الحديث المذكور ثم قال
" وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه أنه فسر الآية ( جعلا له شركاء فيما آتاهما ) هم اليهود والنصاري لا حواء وآدم عليهما السلام
ولو كان الحديث المعلول ثابتا عند الحسن مرفوعا إلى النبي لما عدل لغيره لتقواه وورعه "
وهذا يؤكد على ما سبق بيانه أن بن كثير يستحق بالفعل وصف فارس حلبة نقد الإسرائيليات وبيانها بالنقد
التفصيلي المفيد , لا سيما فى تلك المرويات التى تم تخصيصها للتهجم على أنبياء الله ورسله وكتبه من بنى إسرائيل حيث أنهم ما تركوا نبيا أو صديقا إلا ونالوا منه بأقذع التهم لكن قيض الله لهذه الأمة أمثال بن كثير لردها , بالإضافة للإسرائيليات الخرافية التى جلبت تعطل العقول واستغلها المغرضون بعد ذلك
ولئن تجلت أهمية بن كثير وتفسيره فى عصره , فنحن بعصرنا الحالى أحوج لذلك منهم
فالعصور السابقة حفلت بالعلماء الأفذاذ والمفسرين المقتدرين والحفّاظ المعتبرين الذين مثلوا حائط الصد وحرس الحدود على حد تعبير المحدث الكبير أبو اسحاق الحوينى ’
ولكن العصر الأخير لا سيما بعد عصر النهضة بأوربا وبداية القرن العشرين عانى من تراجع المواهب التى أخرجت قديما أبطال الحلبات فى هذا المجال الحساس الذى يمس أهم ما يعتنى الإنسان وهو مجال الدين والشريعة , ولم يكن هذا فقط لتراجع الإهتمام بالحضارة الإسلامية وإنما لتفشي الجهل فى المجتمعات الإسلامية التى كانت قديما تبلغ الغاية فى الوعى وحفظ أقدار العلماء
وتحقق فى عصرنا حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وتسلقت الرويبضة أماكن الواعظين والمفسرين فى ظل اضطهاد تام لعشرات العلماء النابغين من أبناء العالم الإسلامى وعلى رأسهم مصنع المواهب والأبطال المتمثل فى الأزهر الشريف
ولم يقصر الأزهر فى القرن العشرين أو يتوانى علماؤه على الدخول فى معارك ضارية للذود عن بيضة الدين وخرجت منه المواقف المشرفة التى لا تحصي حتى اليوم ولكن الأزمة تتمثل الآن فى ابتعاد الجماهير وعدم توجهها لقبلة العلماء الحقيقيين وتركيز الإعلام على أدعياء العلم
ولا شك أن جهل العامة من أين يأخذون دينهم وفتاواهم ساهم كثيرا فى زيادة انتشار معدلات التعرض للشريعة بالشبهات عن جهل أو عن غرض
وكما ورد فى الحديث الشريف
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا اتخذ الناس رءوسا جهالا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " أو كما قال عليه الصلاة والسلام , وهذا بلا شك من أشراط الساعة
ولكن الأمل لا زال قائما فى حركة التنوير التى لا تتوانى من علماء الأمة فى سباحتهم ضد التيار مصداقا لقول المعصوم عليه الصلاة والسلام
" لا تزال طائفة من أمتى ظاهرة على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتى أمر الله وهم كذلك "






التوقيع

الإيميل الجديد
 
رد مع اقتباس
قديم 09-09-2009, 04:32 AM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

خاتمة البحث

لا شك أن تفسير بن كثير كما تعرضنا له يمثل إحدى نوافذ التراث الإسلامى الأغنى بين الحضارات , ولئن كان يمثل فى زمانه إحدى شعلات العلم التى يوجد لها نظائر فى عصرها ,
فهو فى عصرنا الحالى أصبح شعلة لابد منها لتفرده فى مجاله , وهذا المجال الشريف ـ مجال تفسير القرآن العظيم ـ لا شك أنه أخطر المجالات التى تعنى الأمة الإسلامية اليوم ,
لأننا أمة القرآن فى الأصل وبغيره لا مجال لانفتاحنا على حضارتنا وتراثنا ومن قبل هذا ديننا
وهذا التواصل لابد منه , فالعلم ـ أى علم ـ عبارة عن بناء رأسي لابد لكل من أتى أن يبدأ من حيث انتهى سابقه وإلا كان معنى العلم معنا عبثيا ,
وطائفة المفسرين للقرآن الكريم أو الراغبين فى سلوك هذا الدرب يكون عليهم وجوبا إن أحبوا الوصول لنقطة إنطلاق حقيقية فى هذا المجال أن يلتمسوا ما قاله وتركه لنا العلماء السابقون ومطالعة جهودهم التى لم يبخلوا بها وتركوها كنزا أتى على طبق من فضة للمعرفة والرواية والدراية والتدريب , وذلك حتى يتمكن جيل اليوم من المضي قدما فى استكناه أسرار القرآن الكريم التى وعد رسول الله صلي الله عليه وسلم أنها أسرار لا تنتهى إلى قيام الساعة ووصف القرآن الكريم بأنه لا يشبع منه العلماء ولا يخلق من كثرة الرد
ومطالعة تفسير بن كثير بالذات لدارس وباحث التفسير تمثل فرضا عينيا عليه , لما يمثله هذا التفسير من قيمة علمية تتمثل فى اتباعه أكثر وجوه التفسير دقة وأمانا واتباعا للسلف الذين نزل فيهم القرآن الكريم
كما يمثل تفسير بن كثير طريق مأمونا لمقصود الشارع العزيز حيث وفر الجهد فى النقد على أجيال كثيرة أتت بعده لليوم لكى تدع الإسرائيليات جانبا بعد أن بطلت إليها حاجة العصر فى ظل عطاءات جاء الكثير منها على يد العلماء المعاصرين , لا سيما فى شق الآيات الكونية التى تكشف عن بديع معناها كل يوم ونسأل الله أن ينفعنا بما علمنا
الهوامش

1 ـ ترجمة الإمام بن كثير للدكتور سيد جمعة سلام ـ بحث منشور فى بعض المواقع العلمية لعلوم الشريعة على الإنترنت
2 ـ طبقات المفسرين للداودى
3 ـ منقول بتصرف يسير عن ترجمة بن كثير فى " الدرر الكامنة بأعيان المائة الثامنة " لبن حجر العسقلانى
4 ـ أقوال الذهبي وبن حجى وبن حبيب منقولة بتصرف عن " التفسير والمفسرون " للدكتور الذهبي ـ الجزء الأول ـ طبعة دار الحديث
5 ـ الإمام الآلوسي شيخ المفسرين المعاصرين وله تفسير " روح المعانى فى تفسير القرآن والسبع المثانى "
6 ـ له تفسير شهير اشتهر به ونقله عنه رشيد رضا وغيره وفى الواقع نال هذا التفسير اعتراضات كثير جدا من العلماء بسبب سلوك محمد عبده فى تفسير ثوابت الغيبيات كالجن والملائكة وسواها وتقديم العقل فى فهمها , هذا فضلا على عقيدته التى تبنى فيها كثير من آراء المعتزلة القديمة فى تأويل الصفات أورد بعضها عنه رشيد رضا فى كتابه " تاريخ الأستاذ الإمام "
ومن تفسيراته التى حصدت الإعتراض تفسيره المتأول للطير الأبابيل على أنها طيور حملت جراثيم ميكروبية وتفسيره المتأول لحديث سحر الرسول عليه الصلاة والسلام على أنه لم يكن سحرا بل عارض مرضي بل إنه أنكر السحر أصلا !
7 ـ ترجمة بن كثير للدكتور سيد جمعه سلام ـ مصدر سابق
8 ـ التعبير للمستشرقة الألمانية زيجريد هونكه فى كتابها الشهير عن الحضارة الإسلامية المعروف باسم " شمس العرب تشرق على الغرب "
9 ـ التفسير والمفسرون ـ الجزء الأول ـ د. محمد حسين الذهبي
10 ـ الإسرائيليات والموضوعات ـ د. محمد أبو شهبة ـ طباعة دار الحديث
11 ـ التفسير والمفسرون ج1 ـ د. محمد الذهبي " بتصرف "
12 ـ اختصار علوم الحديث لبن كثير ـ شرح وتحقيق العلامة أحمد شاكر
13 ـ أعظم عملية مخابرات فى تاريخ الإسلام ـ محمد جاد الزغبي ـ مجلة العز الثقافية بشبكة الإنترنت
14 ـ الفرق بين الفرق ـ عبد القاهر البغدادى .. وأيضا مقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري
15 ـ يراجع فى ذلك تفسير القمى وتفسير الصافي للفيض الكاشانى وغيرها فى المعجم الفقهى الإليكترونى للشيعة الإثناعشرية
16 ـ عالم عراقي فى فقه اللغة العربية وله تفسيرات لغوية بديعة فى آيات القرآن الكريم ونظريات لغوية حمدها العلماء له فى مدلول الألفاظ فى القرآن الكريم
17 ـ التفسير والمفسرون ـ مصدر سابق
18 ـ الكامل فى التاريخ لبن الأثير ـ الجزء الأول ـ طبعة دار العلم ببيروت
19 ـ بعض أقلام العلمانية بل وبعض أقلام العلماء المنسوبين للشريعة تطاولت على التراث الإسلامى بحجة انتشار الإسرائيليات فيه ورفضته كاملا ! وهذا افتراء عظيم بلا شك فلئن كانت الإسرائيليات تمثل خطرا فهو ليس بالخطر الذى يهدد التراث لا سيما وقد تتبعه العلماء عبر العصور , وهؤلاء الجهال إنما يبحثون عن الذريعة لتغييب الأمة عن تراثها بأكثر مما هى غائبة ويعتبرون أن مجرد ورود تلك المنكرات فى الكتب أنها تمثل شيئا يعتد به فى الثقافة الإسلامية وهذا غير صحيح بالطبع فالروايات المناكير توجد فى الكتب التاريخية والتفسيرية وغيرها ولكن مع النقد المناسب لها وليس مجرد ورودها تعنى أن العلماء اعتمدوها , وإلا كيف يفسر هؤلاء ما قام به العلماء عندما أفردوا كتب متخصصة جمعوا فيها المرويات الموضوعة والمكذوبة كما فى اللآلئ المصنوعة لبن الجوزى والفوائد المجموعة للشوكانى
20 ـ هذا الدجال هو على الكورانى أحد أساتذة ومرجعيات الشيعة الإثناعشرية فى قم بإيران
الإسرائيليات فى التفسير والحديث ـ د. محمد حسين الذهبي ـ طبعة الأزهر
21 ـ، هناك عالمان بهذا الاسم السدى الكبير وهو أحد كبار علماء السنة والسدى الصغير أحد الشيعة وقد استغل الشيعة هذا التشابه ومثله فى كل العصور فكانوا يستشهدون بقول عالمهم وينسبون القول لعالم السنة وهذا من مكايدهم الكثيرة التى أوردها إمام المفسرين المعاصرين الآلوسي فى مختصر التحفة الإثناعشرية
21 ـ تفسير القرآن العظيم ـ بن كثير ـ الجزء الأول ـ طبعة دار التراث
22 ـ التفسير والمفسرون ـ مصدر سابق
23 ـ الإسرائيليات والموضوعات فى كتب التفسير ـ د. محمد أبو شهبة ـ طبعة مكتبة السنة
24ـ هو أبو عبد الله الحاكم النيسابورى صاحب كتاب " المستدرك على الصحيحين " وقد كتبه فى أواخر عمره الذى ناهز الثمانين بقليل وقال إنه استدرك على صحيحي مسلم والبخارى ما لم يخرجاه فى صحاحهما إلا أنه لم يطابق الواقع بذلك حيث تعقبه المحدثون فى عصره مثل الإمام الذهبي وبينوا تساهله المفرط فى التصحيح حتى حكم المحدثون على ما يناهز البرع بأنه ضعيف وموضوع ولهذا لم يعتمد كتابه المستدرك أغلب المحدثين وإن اختلفوا فى سبب سقوط الحاكم ـ على جلالته ـ فى هذا فبرر بعضهم ذلك بكبر سنه ووفاته قبل تنقيح كتابه وبرر الآخرون تصحيحه للأحاديث الشيعية الساقطة لبعض تشيعه هو نفسه , وهى تلك الأحاديث التى قال عنها الإمام البخارى " أحاديث الكوفيين هذه مناكير " ولم يخرج منها شيئا كما أن الإمام مالك قال عنها " أنها مصنوعة فى دار الضرب بالكوفة " منبت الشيعة والرافضة " يشير بذلك إلى اشتهار الكوفيين بوضع الأحاديث
وفى هذا يقول الذهبي معلقا على المستدرك " الحاكم أجل وأكبر من أن يذكر فى الضعفاء كما أنه من غير المستساغ أن تفوت عليه ضعف تلك الروايات "
المراجع

* التفسير والمفسرون ـ د. محمد حسين الذهبي , د. مصطفي الذهبي
* الإسرائيليات فى التفسير والحديث ـ د. محمد حسين الذهبي
* الإسرائيليات والموضوعات فى كتب التفسير ـ د. محمد أبو شهبة
* تفسير القرآن العظيم ـ الإمام بن كثير
* البداية والنهاية ـ الإمام بن كثير ـ تحقيق د. حامد طاهر
* الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة ـ الإمام بن حجر العسقلانى
* مقدمة فى علوم التفسير ـ الإمام أحمد بن تيمية
* طبقات المفسرين ـ الداوودى
ومصادر متفرقة ومنتقاه من البحوث على شبكة لإنترنت لعدد من الباحثين فى مجال التاريخ والتفسير






التوقيع

الإيميل الجديد
 
رد مع اقتباس
قديم 09-09-2009, 04:59 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ياسر سالم
أقلامي
 
إحصائية العضو







ياسر سالم غير متصل


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ياسر سالم

افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

الأخ المكرم الأستاذ / محمد جاد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رفع الله في الخير ذكرك
كما رفعت ذكر الأئمة العظماء
وضاعف الله لك الآجر..

وأسأل الله أن يرزقك عطاء هذه الآية
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
فما ذكرته هو خير سبب تتصل به إلى من اختصهم الله بريادة هذه الأمة وصدارتها.

***
اللهم ارحم علمائنا الذين أفنوا أعمارهم وأماتوا أجسادهم في إحيائنا
واجعلنا من العارفين بفضلهم السالكين لدربهم الداعين لهم بالخيرات

( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (الحشر : 10)






 
رد مع اقتباس
قديم 09-09-2009, 05:12 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
محمد االحارثي
أقلامي
 
إحصائية العضو







محمد االحارثي غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

الأستاذ محمد جاد ..
و الله لا أملك إلا الدعاء لك أن جندت نفسك ..
و أشغلت وقتك .. و سيلت حبرك .. في عرض سيرة أحد أعلامنا
العالم الحافظ المحدث المؤرخ المفسر بن كثير رحمه الله تعالى ..
و حزاه خير الجزاء على ماقدم و عفا عنه ..
و جزاك الله خيرا أخي الكريم على ماقدمت ..
فلعلك تسكت به من ينال من علمائنا و أئمتنا ..
لم أستطع إكمال قراءتي للموضوع لعارض عرض لي أثناء قراءته ق.. مع حرصي على إكماله ..
فقط أرجو منك تعديل الآية ( و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا ) فقد عرض فيها
خطأ كيبوردي و هي في الباب الثاني الفصل الأول المبحث الثاني من موضوعك القيم ..
شكر الله لك و أمتع بمواضيعك ..







 
رد مع اقتباس
قديم 10-09-2009, 03:58 AM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر سالم مشاهدة المشاركة
الأخ المكرم الأستاذ / محمد جاد


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رفع الله في الخير ذكرك
كما رفعت ذكر الأئمة العظماء
وضاعف الله لك الآجر..

وأسأل الله أن يرزقك عطاء هذه الآية
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)
فما ذكرته هو خير سبب تتصل به إلى من اختصهم الله بريادة هذه الأمة وصدارتها.

***

بارك الله فيك وأعزك
والشكر لك أنت على ترحيبك واعتزازك الذى نفتقد مثله من الكثيرين الذين يجهلون ماذا قدم لنا هؤلاء
وأستغرب والله كيف أن علماءنا أهدوا لنا الهدى وطريق الجنة والعلم والمعرفة
ثم نقابلهم بمثل هذا الاهمال والتهوين

اقتباس:
اللهم ارحم علمائنا الذين أفنوا أعمارهم وأماتوا أجسادهم في إحيائنا
واجعلنا من العارفين بفضلهم السالكين لدربهم الداعين لهم بالخيرات

( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (الحشر : 10)
اللهم آمين






التوقيع

الإيميل الجديد
 
رد مع اقتباس
قديم 10-09-2009, 04:02 AM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الحارثي مشاهدة المشاركة
الأستاذ محمد جاد ..
و الله لا أملك إلا الدعاء لك أن جندت نفسك ..
و أشغلت وقتك .. و سيلت حبرك .. في عرض سيرة أحد أعلامنا
العالم الحافظ المحدث المؤرخ المفسر بن كثير رحمه الله تعالى ..
و حزاه خير الجزاء على ماقدم و عفا عنه ..
و جزاك الله خيرا أخي الكريم على ماقدمت ..
فلعلك تسكت به من ينال من علمائنا و أئمتنا ..
..
بارك الله فيك
والشكر والعرفان أولى لهؤلاء العلماء الأبطال
فكم قدموا وكم عانوا
والله المستعان


اقتباس:

لم أستطع إكمال قراءتي للموضوع لعارض عرض لي أثناء قراءته ق.. مع حرصي على إكماله ..
فقط أرجو منك تعديل الآية ( و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا ) فقد عرض فيها
خطأ كيبوردي و هي في الباب الثاني الفصل الأول المبحث الثاني من موضوعك القيم ..
شكر الله لك و أمتع بمواضيعك
جزاك الله خيرا للتصحيح
أرجو أن يقوم المشرف المختص بذلك لأنته يملك أدوات التعديل وغير متاحة للأعضاء
جزيت خيرا






التوقيع

الإيميل الجديد
 
رد مع اقتباس
قديم 19-11-2014, 01:21 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
محمد حمزة
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد حمزة
 

 

 
إحصائية العضو







محمد حمزة غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

الأستاذ الفاضل محمد جاد..
بارك الله في عطائك ونفع به آمين
عطاء زاخر.. ومداد سخي







التوقيع

هيّمتـْني في هـواها ...
خابَ مَن يطلب سواها
 
رد مع اقتباس
قديم 21-11-2014, 11:53 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي رد: الإمام بن كثير " تفسيره ومنهجه وموقفه ومن الإسرائيليات "

بارك الله فيك أخى الكريم محمد
كل الشكر والتقدير لك







التوقيع

الإيميل الجديد
 
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:48 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط