أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمراً فردته قريش .. وكان ما كان من قصة الحديبية .. وكتب صلى الله عليه وسلم بينه وبين قريش صلحاً .. واتفق معهم أن يرجع إلى المدينة من غير عمرة على أن يأتي في العام القادم ويعتمر ..
ومضى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ..
وبعد سنة أقبل صلى الله عليه وسلم مع الصحابة محرمين ملبين .. ودخلوا مكة .. واعتمروا ..
لبث صلى الله عليه وسلم فيها أربعة أيام .. فلما توجه خارجاً منها إلى المدينة تبعته طفلة صغيرة هي ابنة حمزة رضي الله عنه .. وكان قد قتل في معركة أحد ..وبقيت ابنته يتيمة في مكة ..
أخذت الصغيرة تنادي رسول الله ..
تقول : يا عم يا عم ..
وكان علي رضي الله عنه يسير بجانب النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فتناولها علي رضي الله عنه فأخذ بيدها وناولها لفاطمة وقال : دونك ابنة عمك ..
فحملتها فاطمة ..
فلما رآها زيد رضي الله عنه .. تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد آخى بينه وبين حمزة لما هاجر إلى المدينة .. فأقبل زيد إليها ليأخذها وهو يقول : بنت أخي .. أنا أحق بها ..
فأقبل جعفر وقال : ابنة عمي وخالتها تحتي .. يعني أسماء بنت عميس زوجته .. وأنا أحق بها ..
فقال علي : أنا أخذتها وهي ابنة عمي ..
فلما رأى صلى الله عليه وسلم اختلافهم .. قضى بها لخالتها ودفعها إلى جعفر ليكفلها .. وقال : " الخالة بمنزلة الأم " ..
ثم خشي صلى الله عليه وسلم أن يجد علي أو زيد في نفسيهما .. لما نزعها منهما ..
فقال مواسياً لعلي : " أنت مني و أنا منك " ..
وقال لزيد : " أنت أخونا و مولانا " ..
ثم التفت إلى جعفر وقال : " أشبهت خلقي وخلقي " ..
فانظر كيف كان صلى الله عليه وسلم حكيماً ماهراً في غسل قلوب الآخرين وكسب محبتهم !!