منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - أنا لا ألوم اسرائيل ،، ولماذا ألومها ؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-07-2006, 05:08 AM   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ايهاب ابوالعون
أقلامي
 
الصورة الرمزية ايهاب ابوالعون
 

 

 
إحصائية العضو







ايهاب ابوالعون غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى ايهاب ابوالعون إرسال رسالة عبر Yahoo إلى ايهاب ابوالعون

افتراضي




المقال الثاني

هذا تعليق سياسي من الأهمية الاضطلاع عليه :

في هذا اليوم الأربعاء 2/2/1966 تنتهي زيارة الملك فيصل ملك السعودية للأردن بعد أن استمرت مدة أسبوع تباحث فيها مع الملك حسين في أمور على جانب كبير من الخطر والخطورة. وإنه وإن حاول الملكان إخفاء الأهداف الحقيقية من هذه الزيارة بإعلان أنها زيارة خاصة، وبعدم ذكر لبدء المباحثات الرسمية وعدم تخصيص أي وقت لإجراء المباحثات، فإن ما يكتنف هذه الزيارة من ظروف وأوضاع وما صدر أثناء الزيارة من تصريحات يلقي الضوء على الأهداف الحقيقية من هذه الزيارة ومنها تتبين خطورة هذه الأهداف والخطر الكامن فيها.
إن الغاية من هذه الزيارة أمران اثنان، أحدهما اقتسام الدول العربية الموجودة في آسيا بين السعودية والهاشميين، والثاني الاتفاق على إيجاد تكتل إسلامي بين بعض الدول العربية وبين باقي الدول القائمة في العالم الإسلامي التي ليست عربية. أمّا الأمر الأول فمعروف أن الهاشميين يطالبون بالحجاز ويعتبرون السعودية مغتصبة له، ويحاولون إيجاد نفوذ لهم في اليمن لايجاد صلات مع أبناء آل حميدالدين وأن هناك عداء تقليدياً بين السعوديين والهاشميين، ولذلك لا يخشى السعوديون أحداً على ملكهم بقدر ما يخشون الهاشميين، وذلك لأن لهم ثأر ولا ينسون استرداد الحجاز. ومعروف كذلك أن السعوديين يقاومون كل محاولة يراد منها توحيد دولتين من دول الهلال الخصيب، فطالما قاوموا مشروع سوريا الكبرى، وطالما قاوموا مشروع الهلال الخصيب، وهم يبذلون الأموال ويستأجرون العملاء في هذه الدول ولا سيما في سوريا للحيلولة دون وحدة أو اتحاد يقوم به بين هذه الدول. وذلك لأنهم يعتبرون أية وحدة خطر عليهم وعلى ملكهم، فيريدون إبقاء الدول مجزأة حتى يظلون بمأمنهم في دولتهم. ولهذا فإنه لا يمكن أن يتم للسعودية توحيد الجزيرة العربية كلها من جراء مفاوضة الهاشميين، ولا يمكن أن يتم للهاشميين توحيد دول الهلال الخصيب من جراء معارضة السعوديين، وكانت هذه هي السياسة الواقعة في المنطقة طوال السنين الفائتة. ولكن الانجليز وهم الذين أوجدوا السعوديين من حيث هم كملوك وهم الذين أعطوهم الحجاز، وهم كذلك الذين أوجدوا الهاشميين كملوك، وهم الذين ملّكوهم في العراق والأردن، ورأوا أن المصلحة الانجليزية صارت تقضي بأن تتبدل هذه السياسة في المنطقة وأن يقتسم السعوديون والهاشميون هذه الدول فتُطلق يد السعوديين في الجزيرة العربية كلها وتُطلق يد الهاشميين في دول الهلال الخصيب كلها، وتنفيذاً لهذه السياسة الانجليزية كانت هذه الزيارة، وكانت هذه المباحثات لاقتسام الدول العربية في آسيا بين هاتين الدولتين.
أمّا كيف تم ذلك فإنه في شهر شباط الماضي لسنة 1965 قام اللورد مونت باتن زوج ملكة الانجليز بزيارة السعودية وقام بعقد صفقة مع الملك فيصل خلاصتها أن تقوم انجلترا بتسليح وتدريب جيش سعودي قوي للملك فيصل، بحيث يكون هذا الجيش قادراً على حماية الجزيرة العربية كلها من أي غزو خارجي، وأن يخلف هذا الجيش الانجليزي حين يغادر المنطقة الجيش السعودي بدلاً من الجيش الانجليزي حماية المنطقة وليسد الفراغ العسكري الذي سيحصل من جراء انسحاب الجيش الانكليزي، وإلى جانب ذلك يقوم الانجليز بإعطاء عدن (00000 يوجد سبعة أسطر ممحية 00000) في المنطقة كلها، وقد وافق فيصل على ذلك، وتم عقد الصفقة وغادر دوق ادنبره السعودية، وأخذت الصحف ووكالات الأنباء تنشر ما يترشح من أنباء هذه الصفقة، ونشرت الصحف الانجليزية حينئذ بصراحة أنه قد جرى الاتفاق على إيجاد التناسق والانسجام بين المصالح الانجليزية والمصالح السعودية، وبين السياسة الانجليزية والسياسة السعودية في المنطقة، وبالفعل بادرت انجلترا وصار ظاهراً أن فيصل أصبح من عملاء انجلترا، وعلى أثر ذلك جرى عقد المؤتمر الإسلامي في موسم الحج، وخطب فيه فيصل ورعاه بنفسه، وكان من قرارات ذلك المؤتمر عقد مؤتمر قمة إسلامي في موسم الحج القادم، وبهذا ظهر السير في الصفقة المذكورة من قِبل كل من الانجليز وفيصل كل فيما يخصه، غير أن الأمر كان لا يزال أمر الجزيرة العربية وأمر إيجاد نفوذ لفيصل خارج بلاده في العالم الإسلامي ولم يكن قد أذيع شيء بعد عن تكتلات إقليمية سوى تكتل الجزيرة، ولا عن تكتلات إسلامية، ولمّا قام فيصل بزيارة شاه ايران بدأت الإشاعات عن إيجاد حلف إسلامي، ولما زار الكويت واجتمع بالحاكم الجديد لأول مرة، نشرت الصحف عن فيصل وهو لا يزال في الكويت أنباء مفادها أن الملك فيصل سيساعد على إعادة الهاشميين إلى حكم العراق بشخص الحسين أو بشخص الأمير زيد، وإلى حكم سوريا بأشخاص أركان 28 أيلول 1961 أي بالحزبين الوطني والشعب وأنه سيقيم معهم حلفاً عربياً ثم يقيم حلفاً يكون هذا الحلف العربي جزءاً منه. هذا ما نشرته الصحف أثناء وجود فيصل في الكويت وذلك في منتصف شهر كانون الأول 1965 قبل رمضان الفائت، فكان هذا النبأ، وهو مروي عن مطّلعين سعوديين بالذات من مسؤولين، إلى جانب أنباء أخرى أشارت إلى أن الصفقة التي عقدها دوق ادنبره فيها أشياء أخرى تظهر في وقت تنفيذها، ومن هذه الأشياء إطلاق يد الهاشميين في دول الهلال الخصيب، وكان ذلك هو الأمر الطبيعي إذ ليس من المعقول أن تُطلق يد السعوديين في الجزيرة ومنها الحجاز واليمن من غير إطلاق يد الهاشميين في العراق والشام. فيكون الانجليز قد ضمنوا في عقد الصفقة مع فيصل مصالح أتباعهم أو حلفائهم التقليديين أو الهاشميين، والآن جاء فيصل بزيارته هذه للقيام بالوفاء بهذا الجزء من الصفقة.
هذا هو الهدف الأول من من زيارة فيصل للأردن، اقتسام الدول العربية الموجودة في آسيا بين السعوديين والهاشميين بأن تحالِف يد حسين بن طلال باسم الهاشميين يد فيصل والسعوديين في جزيرة العرب كلها بما في ذلك الحجاز واليمن، وأن يُطلِق فيصل باسم السعوديين يد حسين والهاشميين في جميع البلدان المسماة بالهلال الخصيب أي العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين بما في ذلك الجزء المحتل الخاص باسرائيل. وإنه وإن كان لا توجد هناك أدلة صريحة من تصريحات رسمية ووثائق تدل على هذا الهدف بالذات، فإن الظروف والأوضاع التي تكتنف هذه الزيارة وما يجري خلف الستار من اتصالات، إذا قُرن بالخطط المبينة للانجليز وربط بموضوع الحلف الإسلامي أو التكتل الإسلامي الذي يحمله فيصل ويسير فيه، ليَدُل على أن هذه الزيارة فيها مفاوضات اقتسام مصالح وفيها أبحاث لتركيز ما يجب تركيزه من صلات بين الدول العربية التي ستسير بالتكتل الإسلامي من اتفاقات وأحلاف واقتسام وجود. على أن ما حصل من محاولات لإخفاء أهداف هذه الزيارة يدل بصراحة على أن هناك أمراً يحاوَل إخفاؤه وأن هذا الأمر خاص، أمر يخص السعوديين والهاشميين, فالزيارة قد أُعلن عنها قبل أسبوع من حدوثها وكان معروفاً أنها وقد أتت بعد زيارة إيران إنّما هي لإكمال السير بما يحمله فيصل من التكتل الإسلامي والحلف الإسلامي، فلماذا جرت المحاولات لإلباسها لباس الزيارة الخاصة ولم يُذكر في برنامجها أي وقت لبدء المحادثات ولا المحادثات؟ فقبل الزيارة قامت حكومة الأردن بتوزيع برنامج الزيارة ولم يرِد في هذا البرنامج أي ذِكر لموعد بدء المحادثات الرسمية بين الملكين سوى أنه تُرك يوم الاحد دون وضع أي ترتيبات له، وقيل إنه أُعطيت الحرية فيه وحُدد يوم الثلاثاء ليقضي فيه الملكان يوماً في العقبة ولم توضع له أي ترتيبات، وهذا يعني أن هذين اليومين هما يومان للمحادثات وأن هذه المحادثات محادثات خاصة وأنه سينفرد بها الملكان وحدهما. وإذا أضيف إلى ذلك أن الملكين قاما بمحادثات يوم الجمعة والسبت، وأُعلن يوم الاثنين عن استئناف المحادثات بينهما، فيكون ما حُرص على كتمه وجُعل له يومان أحدهما في عمان والثاني في العقبة هي محادثات غير المحادثات التي جرت عن التكتل الإسلامي أثناء المحادثات المعلَنة، فهي إذن محادثات قد حُرص على إخفائها كل الحرص وجُعلت خاصة بين الملكين، وإذا لوحظ أن الأخبار التي كانت تعطى عن تنقلات الملكين كانت تقرن بالملك فيصل الأمراء السعوديين وتقرن بالملك الحسين الأمير محمد، وأن فيصل صحبه عدد من الأمراء فإنه يُفهم منه أن هناك شيئاً يتعلق بالعائلتين حتى اشترك فيها الأمراء بوصفهم أمراء. وعليه فإن الحوادث تدل على أن هناك هدفاً من الزيارة قد حُرص على كتمانه وجُعل خاصاً بين الملكين، والأحداث السابقة من عقْد الانجليز صفقة مع فيصل ومِن حوادث الحلف الإسلامي ومن أوضاع العائلتين السعودية والهاشمية بالنسبة للحجاز وبالنسبة للهلال الخصيب، كل ذلك يدل على أن هناك صفقة يراد عقدها بين فيصل وحسين تتعلق بالعائلتين، ولا يوجد بالتحديد ما يعقِد الملكان عليه صفقة سوى الجزيرة والهلال الخصيب، وأنهما هما الموضوعان اللذان لا بد من الاتفاق عليهما قبل السير بالتكتلات الإسلامية أو الأحلاف الإسلامية، والموضوعان اللذان لا تجري التحريات الخفية والعلنية بشأنهما، سواء من دول المنطقة أو من الدول الكبرى، فيكون الهدف الأول لهذه الزيارة عقد صفقة بين فيصل وحسين يتقاسمان فيها الدول التي هي مجال منافسة بينهما ثم ينطلقان معاً في تحالف للوقوف في وجه الدول العربية الأخرى التي في صف مضاد لهما.
هذا بالنسبة للهدف الأول، أمّا بالنسبة للهدف الثاني وهو الاتفاق على إيجاد حلف إسلامي أو تكتل إسلامي فإن الملكين لم يخفيانه بل صرّحا به علناً وإن كانا قد حاولا إبعاد كلمة الحلف عنه وإعطائه كلمة أخرى غير الحلف. ففي اليوم الأول لوصول فيصل لعمان خطب الملكان في حفلة العشاء التي أقامها الملك حسين للملك فيصل وصرّحا في خطابيهما ما يدل على ذلك، فقد قال الملك الحسين في خطابه "إن الأردن والسعودية مدعوتان للأخذ بزمام المبادرة في الدعوة لتجديد الصلات الروحية بين الدول والشعوب الإسلامية جميعها على هدى من أوامر ديننا الحنيف" وقال في نفس الخطاب "إن البلدين مدعوان إلى الحفاظ على الأماكن المقدسة وصيانة تعاليم العقيدة السمحة التي هي رسالة السماء وأسس قوميتنا العربية من أدران الشرك والإلحاد في عالم تتناحر فيه المبادئ والقِيَم ويسمه خوف دائم من مصير مظلم لا عاصم فيه إلاّ التمسك بأهداب المفاهيم الروحية والإيمان بالله"، فهذا الكلام صريح في المراد من اجتماع الملكين هو "الدعوة لتجديد الصلات الروحية بين الدول والشعوب الإسلامية" وأنه يُقصد من هذه الدعوة أي هذا التكتل الإسلامي الوقوف في وجه الدول العربية التي تحمل الاشتراكية ثم الوقوف في وجه الاشتراكية والشيوعية بوجه عام، فهو صريح في في الحلف الإسلامي أو التكتل الإسلامي، وصحيح في تحديد الغاية منه. وقد أيد ذلك الملك فيصل في خطابه الذي رد به على حسين إذ قال في خطابه إنه يشكر الملك حسين لإتاحة الفرصة للقاء به لتبادل الرأي "لما فيه مصلحة العرب والدين والشعوب العربية لا لمصلحة ذاتية وإنما لخدمة ديننا والتضامن مع إخواننا العرب والمسلمين في سبيل إنقاذ الجزء العربي السليب. وليس معنى هذا التضامن مع المسلمين، وهو ملك، إلاّ التضامن مع الدول الإسلامية، فالملكان قد قالا بصراحة إنهما يجتمعان من أجل البحث في دعوة من يسمونهم بالدول الإسلامية معاً، ولم يكتفيا بذلك بل حددا الهدف من الاجتماع بأنه لتحقيق المؤتمر الإسلامي الذي عُقد في مكة وذلك ولا ريب يُعتبر تنفيذاً لبنود الصفقة الانجليزية الفيصلية، فقد قال نواف بن عبدالعزيز شقيق فيصل في تصريح له أدلى به في عمان يوم الجمعة 28/1/1966 إن ما يستهدفه شقيقه الملك فيصل من محادثاته الجارية مع المسؤولين الأردنيين هو تحقيق أمنية المؤتمر الإسلامية الذي عُقد في مكة المكرمة سنة 1965 بالنسبة لعقد مؤتمر قمة إسلامي. وبهذا يكون موضوع إيجاد تكتل إسلامي قد وضح وضوح الشمس وبأنه الهدف الثاني من زيارة فيصل للأردن لا سيما وقد سارت المباحثات في ذلك علناً وآتت ثمراتها بتمام تشكيل اللجنة لدعوة هذا المؤتمر وإدخال الأردن فيها. إنه وإن استطاع الملكان إخفاء الهدف الأول من اجتماعهما عن أعين الناس والسير به حتى نهاية الشوط في سرية تامة، فإن محاولاتهما إخفاء الهدف الثاني قد باءت بالفشل لأنه ظاهر ظهور الشمس ولا يمكن إخفاؤه، ولقد بذل السعوديون جهدهم لإخفاء أن فيصلاً يقوم بإيجاد حلف إسلامي أو تكتل إسلامي وذلك لإسكات الضجة التي قامت على هذا الحلف بمناسبة هذه الزيارة للأردن، ففي يوم وصول فيصل لعمان 27/1/1966 أدلَت شخصية قيل عنها إنها مصدر مطّلع بتصريح قالت فيه: "إن اللقاء السعودي الهاشمي ما هو إلاّ لقاء ملكي أخوي في الدرجة الأولى وما يزعمون عن الحلف الإسلامي فإن القرآن الكريم والاستمساك به وبتعاليمه أشد وأقوى من أي نص أو أي ميثاق، فالمؤتمر إذاً هو للعمل بهذه التعاليم نصاً وروحاً". وفي يوم السبت 28/1/1966 أعلن الأمير نواف بن عبدالعزيز شقيق الملك فيصل أن فكرة عقد ميثاق إسلامي غير ذي موضوع ثم قال: "إن ما يستهدفه شقيقه الملك فيصل من محادثاته الجارية مع المسؤولين الأردنيين هو تحقيقة أمنية المؤتمر الإسلامي في مكة المكرمة عام 1965 بالنسبة لعقد مؤتمر قمة إسلامي"، وفي يوم الاثنين 31/1/1966 عقد الملك فيصل مؤتمراً صحفياً تحدث فيه للصحفيين وأجاب على أسئلتهم ونفى عن نفسه أن تكون غايته عقد حلف إسلامي، فقد أجاب على سؤال حول التعاون مع الدول الإسلامية بقوله: "إنه يجدر بنا أن نعرف أن الروابط الإسلامية أقوى من أي معاهدة، وأن ما يشاع عن حلف إسلامي لا يستند إلى شيء من الصحة"، وقال إن لقاءه مع الملك حسين هو لأجل التضامن العربي وأن التضامن الإسلامي أمرٌ قرره مؤتمر القمة العربي، فهذه الأقوال كلها دفاع عما يقوم به فيصل من العمل لعقد مؤتمر القمة الإسلامي ويراد منها إخفاء الغاية التي يهدف إليها فيصل وهي إقامة تكتل إسلامي إن لم يكن حلفاً إسلامياً. إن هذا الدفاع لا ينطلي على أحد، فإن الصفقة التي عقدها الانجليز مع فيصل كانت في شباط من السنة الماضية وهو يصادف في ذلك الوقت شهر شوال أي قبل موسم الحج، وكانت تلك الصفقة إحياء الدعوة الوهابية وجمع الدول الإسلامية وإيجاد تعاون بينها، فكوْن فيصل يبادر لعقد مؤتمر إسلامي في مكة ثم يحتضن هذا المؤتمر علناً ثم يجعله يقرر عقد مؤتمر قمة إسلامي ثم يتبنى فكرة عقد هذا المؤتمر، كل ذلك لا يمكن أن يكون صدفة ولا يمكن أن يكون بداهة وإنما هو تنفيذ لمخطط مرسوم وتنفيذ لما اتفق عليه مع الانجليز. يقول فيصل في مؤتمره الصحفي الذي عُقد في 21/1 بأن المؤتمر الإسلامي في مكة قد قررنا قرارات وقد تبنينا قرارات المؤتمر المذكور ومن تلك القرارات عقد مؤتمر قمة إسلامي ومن أجل ذلك سيصار إلى تشكيل لجنة لعقد هذا المؤتمر"، وهذا القول اعتراف صريح بأن الدولة السعودية تبنت المؤتمر الإسلامي الذي عُقد في مكة وهو مؤتمر شعبي وليس مؤتمراً دولياً، فلماذا تتبنى الدولة في السعودية هذه القرارات؟ ثم إن من هذه القرارات دعوة الدول لا الشعوب لعقد مؤتمر في مكة، والدول ورؤساء الدول ليس من السهل أن يعقدوا مؤتمراً، وهم إنّما يعقدونه لاتخاذ قرارات تلتزم فيها الدول، فهل السعودية حينما تبنت عقد مؤتمر القمة قد عرفت ما هي أبحاث هذا المؤتمر؟ وهل هي مستعدة للالتزام بهذه القرارات؟ إن هذا وحده كافٍ لأن يدل على أن فيصلاً لم يتبن عقد مؤتمر قمة إسلامي في مكة إلاّ لغاية محددة عنده ومحددة عند من اتفق معهم على عقد هذا المؤتمر، وأقل ما يقال في هذه الغاية أنها الالتزام بعمل معين تنفذه هذه الدول جميعها، وإذا عرفنا أن عملاء الانجليز في البلاد الإسلامية كلها لا سيما الدول العربية يضربون على وتيرة الإسلام لمقاومة الاشتراكية، وعلى وتيرة الاتحاد الإسلامي بحجة مقاومة الإلحاد، أدركنا أن الأمر الذي يراد لهذه الدول المدعوة لمؤتمر القمة الإسلامي هو إيجاد تكتل إسلامي بينها سواء سمي حلفاً أو تضامناً من أجل أن يشغل بأُلهِية مقاومة الاشتراكية ومقاومة الإلحاد، وبذلك يظهر بوضوح أن مجرد الدعوة إلى مؤتمر قمة إسلامي في هذا الجو إن لم يكن لإيجاد حلف عسكري فهو لإيجاد تحالف بينها ضد أعداء الانجليز، ومن هذا ينجلي أمر فيصل للناس بأنه في رحلاته لإيران والأردن ثم لما بقي من رحلات لباقي البلدان الإسلامية من أجل الدعوة لعقد مؤتمر إسلامي إنّما يقوم بإيجاد تكتل من الدول القائمة في العالم الإسلامي تنفيذاً لمخطط انجليزي خبيث. إن الغاية من جميع التكتلات التي تقوم في البلاد الإسلامية إنّما هو الحيلولة دون عودة الدولة الإسلامية، سواء أكانت تكتلات بين الدول العربية وحدها أو كانت بين الدول التي في بلاد الإسلام عربية أو غير عربية، فحلف سعد إياد والجامعة العربية وحلف بغداد كلها تكتلات أنشئت لتكون أداة تحُول دون وحدة هذه البلدان في دولة واحدة، وبالتالي تحُول دون عودة الدولة الإسلامية، والغربيون جميعاً لا سيما الانجليز يقلقهم دائماً شبح الدولة الإسلامية وترتعد فرائصهم من ذِكر عودتها، ولذلك تجدهم يشتغلون في جميع الميادين للحيلولة دون رجوعها. وكان من أخبث ما اتخذوه لذلك من أساليب أسلوب التكتلات والاتحادات والأحلاف. إن الغربيين حين انتهت الحرب العالمية الثانية كان أشد ما يقلقهم مصير البلدان المستعمَرة، ذلك أن روسيا تبنت الحملة على الاستعمار، ولديها طريقة مرعبة لمقاومة الاستعمار هي إثارة القلاقل والاضطرابات في البلاد المستعمرة، وهذا يعني إشغال الدول الغربية بالحروب المحلية وبالتالي إضعافها وطردها من مستعمراتها، والبلاد الإسلامية سواء في آسيا أو افريقيا كلها بلاد مستعمَرة للغربيين ولا سيما الانجليز والفرنسيين، حتى وصل الحال أن يقول دينون في مذكراته إن انجلترا وفرنسا دولتان إسلاميتان، أي أن أكثر مستعمراتهما بلاد إسلامية، فكان مما يرهب الانجليز أن يتحرك المسلمون باسم الإسلام وأن تدوي بينهم صيحة الجهاد، وكان ذلك أشد عليهم من تحركهم ضد الاستعمار، ولذلك آثرت أن يتحرك المسلمون باسم مقاومة الاستعمار على تحركهم باسم الإسلام، فساعدت على إشاعة كلمات الاستعمار والمستعمرين وجعلها محل كلمات الكفر والكفار، ولمّا حوّلت أسلوب الاستعمار القديم وهو الحكم المباشر إلى الأسلوب الجديد للاستعمار والاحتلال أي تحويل البلاد الإسلامية إلى دول مرتبطة بها وخافت أن يقوم المسلمون بالإطاحة بهذه الدول وأن يعيدوا الدولة الإسلامية، لذلك جاءت بفكرة الأحلاف متخذة من روسيا والشيوعية حجة لإيجاد هذه الأحلاف، وعلى هذا الأساس جاءت جميع هذه الأحلاف، من حلف الدفاع عن الشرق الأوسط إلى حلف بغداد إلى حلف المعاهدة المركزية إلى غير ذلك من التكتلات، غير أن هذه الأحلاف والتكتلات قد تعفنت وصارت غير صالحة للحيلولة دون وحدة المسلمين، والرأي كله صار ضد الأحلاف وروسيا أصبحت صفاً واحداً مع أمريكا فلم تعد هناك مبررات للأحلاف، لذلك كان لا بد من أسلوب جديد لإيجاد التكتلات، أسلوب يحل محل الأحلاف لتكتلات تحل محل حلف بغداد، فجاءت فكرة عقد مؤتمر قمة من الدول القائمة في العالم الإسلامي، ولإيجاد منظمة كالجامعة العربية وحلف كحلف بغداد تؤدي في مهمة الدفاع عن استقلال هذه الدول، أي عن انفصالها عن بعضها البعض والحيلولة دون وحدة المسلمين، فكانت تلك الصفقة من فيصل التي كان ما يقوم به ليس من الدعوة إلى مؤتمر قمة إسلامي وفق مخطط الانجليز. هذا هو واقع ما يقوم به فيصل من الدعوة إلى مؤتمر قمة إسلامي لإيجاد منظمة من الدول الإسلامية، وهذا هو ما يهدف إليه هذا المؤتمر



طبعا هذا غيض من فيض

بانتظار ردك , ولكن أطلب منك أن تضطلع على هذه الوثائق و تقل لي حكمها وفق الشرع الاسلامي

احترامي و تقديري






التوقيع

رحم الله عبدا عرف قدر نفسه
 
رد مع اقتباس