منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - صــلاح لـبـكــي من كــوَّة أمــيــــة حــمـــــدان !
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2008, 05:58 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
وليد محمد الشبيبـي
أقلامي
 
الصورة الرمزية وليد محمد الشبيبـي
 

 

 
إحصائية العضو







وليد محمد الشبيبـي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى وليد محمد الشبيبـي إرسال رسالة عبر Yahoo إلى وليد محمد الشبيبـي

افتراضي رد: صــلاح لـبـكــي من كــوَّة أمــيــــة حــمـــــدان !

ويبدو ان أمية حمدان الذي فاتته هذه الحقائق ، قد سرى إليه أيضاً الخطل الذي وقع فيه شاعرنا لبكي في نثره الأسطوري (من أعماق الجبل/ النغم التائه) الذي حاول فيه أن ينسج أساطيره الخاصة من أساطير أغريقية/فينيقية/توراتية ، وهي كلها أصداء للأساطير الرافدينية ، ولم يتغير منها سوى الأسماء ، اذ يستعين بـ(أسطورة أدونيس وعشتروت) ، فاذا كان الشاعر حُراً في أنتخاب أساطيره وعناوينها وأبطالها ، فالباحث ليس حراً في الأنقياد الأعمى لهذا الخطل ، كان يجب عليه أن يشير ولو أشارة بسيطة إلى أن أسطورة (أدونيس وعشتروت) الفينيقية ما هي الا صدى للأسطورة السومرية (ديموزي واينانا) والأكدية (تموز وعشتار) (51) ، فـ(المعتقدات السومرية الخاصة بموت الاله تموز وبالحزن الجماعي عليه كانت قد وجدت طريقها هي الأخرى إلى سوريا وفلسطين حيث شارك كل من بعل وأدونيس الاله الراعي تموز بصفة الموت أيضاً وهذا الحزن الجماعي بقيت رواسبه حتى عند بعض الطوائف الدينية كالصابئة (كما يشير إلى ذلك أبن النديم – ت 995 م) ، واليهود حيث ورد ذكر (تموز) في العهد القديم والذي كانت نساء القدس يقمن المناجاة من أجله إلى زمن متأخر في أيام النبي (حزقيال) والذي حرّم النواح على (تموز) (لأنه من الأمور المكروهة البغيضة) كما قال(52)) ، وتذكر النصوص الكنعانية المكتشفة في أوغاريت (رأس شمرة) أن الكنعانيين أتخذوا من بعل وأنات (أو عناة) الهين للخصب وبذلك يكونان نظيرين لديموزي واينانا ، ورغم ان هذا البحث الموجز لا يمكن أن يفي الموضوع حقه لذلك فقد عرضنا هذا التأثير بأقتضاب وعلى القارئ الرجوع للمصادر والمراجع المذكورة ، اذ كانت غايتنا هي إبراز ما غفلت عنه دراسة أمية حمدان ، لذا فالحضارة السومرية والأكدية (ومنها الأساطير والملاحم) قد أثّرت كثيراً وأنتقلت إلى بلاد الشام وفلسطين ومصر والأناضول واليونان والرومان وحتى العهد القديم ، حيث يظهر التأثير الرافديني في أسفار التوراة ، وسفر التكوين على وجه الخصوص إلى الحد الذي دفع عالم الآشوريات الألماني المعروف (فريدريك ديليج) إلى القول بأن سفر التكوين (غارق في ذنوب الأنتحال) ، كذلك يقول الأستاذ صموئيل نوح كريمر أنه (كلما تزايد عدد الوثائق الأدبية السومرية المتيسّرة للباحثين ، سينمو عدد المتطابقات السومرية ويتضاعف ، وعلى الأخص مع ما كتب في المزامير والأمثال والمرثيات ونشيد الأنشاد(53)).
في الصفحة (146) من مؤلف أمية حمدان (موضوعنا) ، نجده يتطّرق إلى أسطورة بيجماليون النحّات اليوناني ، الذي يقوم بنحت تمثال امرأة جميلة يقع بحبها فتشفق عليه أفروديت وتبعث الحياة في هذا التمثال ... ، حيث يشير إلى تأثر شاعرنا صلاح بهذه الأسطورة ليحوّلها إلى أسطورته في مؤلفه النثري (من أعماق الجبل) ، أسطورة (بعل مرقد) ، وما يهمنا هنا ، اشارة حمدان في هامش الصفحة نفسها ، حيث يقول عنها انها (أسطورة أغريقية تروي ان بيغماليون ، ملك قبرص ، عشق تمثال أفروديت ، وقد أوّل (Ovid) في كتابه (The Metamorphoses) هذه الأسطورة تأويلاً جديداً حين جعل بيغماليون نحّاتاً يصنع تمثالاً لامرأة من نسج خياله ثم يعشق هذا التمثال فيتوسل إلى فينوس ان تبعث الحياة في تمثاله ففعلت) ؟ ، ويبدو ان حمدان قد تأثر بمسرحية توفيق الحكيم ، والتي أبدل فيها الالهة الأغريقية أفروديت إلى نظيرتها الرومانية فينوس ، وباحثنا لم ينتبه لهذا الألتباس فالأسطورة أغريقية ، فمن أين جاء بـ(فينوس) الرومانية ؟ ، كما أنه يشير في هامشه إلى أصل الأسطورة (كما يعتقد !)، ولكن في الحقيقة نحن لا نعرف من أين جاء (بأن أصل الأسطورة أن بيجماليون هو ملك قبرص) وليس فناناً ؟! وللقارئ الرجوع للمصادر والمراجع المختصة ليستوثق من ذلك(53) .
وبعد أن ينتهي من الأساطير، يبحث حمدان في مقالات لبكي ، فنجده يعلّق على مقالة له (أن صلاحاً يجعل من الأخلاق قيداً للحرية ، الأمر الذي يشير إلى أن شاعرنا لم ينتبه إلى قانون التغيير الذي يشمل الكون بأسره ، فالأخلاق تختلف بأختلاف الشعوب والعصور(55)) ، لكننا نجد ان حمداناً ينتقد رأي صلاح بأن الحرية مقيّدة بالأخلاق ، وهذا أمر بديهي ولا يقبل العكس ، فأفلاطون يقول (الأخلاق هي الأنسجام الفعّال في المجموع) ، أي هناك فرق بين الحرية والفوضى ، حريتك في التعبير عن رغباتك ، أن تُظهر ما تُبطن ، ان تتصرّف أمام الملأ مثلما تفكر في خلوتك ، أن تكون صريحاً ، شريفاً ، مباشراً ، أن لا تنافق ، واذا ما أستحييت من رغبة ان تظهر للملأ فتكتمها تحت جبل من التصرفات المهذبّة (المتقنة التمثيل) فهذه هي اللا أخلاقية ، والنفاق ، لانها تتقاطع مع حريتك في التعبير عن ذاتك الحقيقية بكل تجريد ودون رتوش ، واذا كنت حراً فأنت جميل ، القبيح فقط من يردّد مقولته الذرائعية (أنا لا أكذب ولكن أتجمّل) الجميل لا يحتاج لأن يتجمّل ، والأمر نسبي ، والحرية ليست مطلقة والاخلاق هي إحدى محددات الحرية ، نعم ، الأخلاق تختلف بأختلاف العصور والشعوب (زمكان) ، ولكن نقصد بالأخلاق هي ما يضعه ذلك الشعب او ذلك العصر من محددات للخرية التي لا تعيق بل تمنع الفوضى والتحلل ، ما تبني ولا تهدم ، واذا هدمت فمن أجل بناء أفضل ، هكذا ينبغي أن تُفهم الحرية ، وما (الحرية الجنسية لدى الغرب) (كما أشار حمدان) ، الا نتاج حضارة وفكر له محدداته الأخلاقية ، وهي بالتأكيد أمراض تسيء لهذه الحرية ، مثلما ينبغي محاربة أمراض أخرى أبتلت بها بقية المجتمعات ، كالكذب ، والغش ، والنفاق ، والجهل ، والدجل والخرافات ... الخ ، فلتكن الحرية امرأة رائعة الجمال ولكنها اباحية ، منافقة ، كذّابة ، جاهلة ... الخ ، ولكن ماذا لو أعتصمت بالأخلاق ، (على أن لا يكون هذا الجمال محض مساحيق وأصباغ ورتوش ؟!).
وحمدان نفسه يؤكد ذلك بقوله : (لذلك يجدر بنا حين نتكلم عن الأخلاق ان نتأكد من وجود الانسجام الصادق داخل أنفسنا مع ما نعتبره حقيقة يجب التصريح بها ، فأن هذا الانسجام وحده هو القانون الأخلاقي الذي لا يتغيّر(56)) ، الانسجام مع الذات والآخر ، أنه يؤكد ما قاله افلاطون أعلاه ، وبعبارة أخرى ، لم يقل لبكي غير ذلك .
ومما يلفت الأنتباه أيضاً ، أعتراض حمدان على عبارة للبكي وردت في (من أعماق الجبل) وهي (تقوم جثته على ساقين قصيرتين...) في وصفه للشيطان ، ليذكر في هامش الصفحة (137) ما يلي (تستعمل لفظة (جثة) للميت) ، في حين أن كل معجم للغة العربية لا يحصر هذه الكلمة بهذا المعنى الضيّق(57) رغم انها تستعمل في أغلب الأحيان للميت.
وأخيراً نحب ان نشير إلى ان حمدان قد أعتاد ذكر أسم المؤرخ (البلداني) الشهير ياقوت الحموي بـ(ياقوت الرومي) (58) ؟ وهو ما لم نقف عليه في أي مرجع آخر ، فما هي الحكمة من ذلك يا ترى ؟ وحتى عند العودة لمراجعه نجده يصّر على ذلك وعدم ذكر أسمه كاملاً أسوة بغيره من الباحثين ! ، فما الذي جعله يهمل لقبي (الحموي) و(البغدادي) العربيين ليتوسّل بـ(الرومي) ؟! في بحثه الذي فاجأنا بنهايته(59) ؟!!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
الإحـــــــالات :
(1) (فلنفترض انك تريد ان تقول اين وقعت حادثة معينة ، ولتكن انفجاراً على منطاد – فسوف تذكر أربعة مقادير ، هي خط الطول وخط العرض والارتفاع فوق سطح الأرض والزمان .. والمقادير الثلاثة الأولى – وفقاً للنظرية التقليدية – هي التي تحدد الوضع في المكان ، بينما المقدار الرابع هو الذي يعطي الوضع في الزمان. ويمكن تحديد المقادير الثلاثة التي تعطي الوضع في المكان بمختلف الطرق ، فمن الممكن مثلاً ان تأخذ مستوى خط الأستواء ، ومستوى خط الزوال في جرينتش ، ومستوى خط تسعين ، وتقول أين كان المنطاد من كل من هذه المستويات الثلاث وتكون هذه المسافات هي ما تسمى (الاحداثيات – الديكارتية) نسبة إلى ديكارت. كما يمكنك ان تأخذ أية ثلاث مستويات متعامدة كل على الآخر ، فيكون لديك دائماً (الاحداثيات الديكارتية) أو قد تستطيع أن تأخذ المسافة من لندن إلى أية نقطة رأسية تحت المنطاد، واتجاه هذه المسافة (شمال شرقي أو غربي، جنوب غربي أو أي شيء كان) وأرتفاع المنطاد عن الأرض. فهناك عدد لا نهائي من مثل هذه الطرق لتحديد الوضع في المكان، وكلها طرق مشروعة على حد سواء ، وأختيار أحداها سيكون لمجرد ايثار السهولة. وحين كان الناس يقولون ان للمكان ثلاثة أبعاد، فقد كانوا يعنون هذا بالضبط: ان ثلاثة مقادير لازمة لتخصيص موقع نقطة ما في المكان، أما المنهج الخاص بتحديد هذه المقادير فكان تحكمياً تماماً. أما فيما يتعلق بالزمان، فقد كان من المعتقد ان هذه المسألة مختلفة تمام الاختلاف . ذلك ان العناصر التحكمية الوحيدة في تسجيل قياس الزمان كانت هي الوحدة، ونقطة الزمان التي بدأ منها التقدير: Reckoning ، فمن الممكن أن يقيس المرء بتوقيت باريس ، أو بتوقيت نيويورك ، وهذا موضع اختلاف بالنسبة لنقطة البداية. وكذلك يستطيع المرء أن يقيس الوقت بالثواني أو الدقائق أو الساعات أو الأيام أو الأعوام، وهذا اختلاف في الوحدة. وهاتان مسألتان واضحتان وتافهتان في الوقت نفسه. فليس هناك ما يقابل حرية الأختيار في منهج تحديد الوضع في المكان. وكان من المعتقد – على وجه الخصوص – ان منهج تحديد الوضع في المكان ومنهج الوضع في الزمان – يمكن ان يكونا مستقلين احداهما عن الآخر استقلالاً تاماً. ولهذه الأسباب كان الناس ينظرون إلى الزمان والمكان على انهما متمايزان تمام التمايز) الف باء النسبية، برتراند رسل – ص 41 – 42 . (وهذا لا ينحل الزمكان إلى زمان ومكان مطلقين: فظواهر الأشياء تختلف بأختلاف العالم الذي ينظر منه إليها، كما ان أي مشهد من مشاهد الطبيعة يختلف بأختلاف الموقع الذي يطل عليه. ان السرعة تتحكم في الزاوية فكلما زادت السرعة ضاقت الزاوية وكلما قلّت أتسعت. فالزمان والمكان اذن أشبه بالمنظورات التي يختلف شكلها بأختلاف الموضع الذي تُرى منه. فكل شخص، وفي كل لحظة من زمانه الخاص به، يقتطع لنفسه ، على نحو ما ، قطعة من الكون ويقسمها إلى زمان ومكان، ثم يقيس زمانه هو ومكانه هو. وهذا الاقتطاع لا يجري على نمط واحد بالنسبة إلى شخصين ينتميان إلى عالمين تختلف سرعة أحدهما عن الآخر) اينشتاين والنظرية النسبية ، د. عبد الرحمن مرحبا ، ص 93 – 95 .
(2) أنظر: الرمزية والرومانتيكية في الشعر اللبناني، أمية حمدان ، بغداد – 1981 . (وعلى أية حال نعتقد ان تغيير العنوان قد تم من قبل جهة النشر ولا علاقة للمؤلف بهذا التغيير !)
(3) الشاعر صلاح لبكي (1906 – 1955) شاعر لبناني ولد في سان باولو بالبرازيل (من أبوين لبنانيين) هاجرا للبرازيل عام 1894) ولم تلبث العائلة ان عادت للبنان عام 1908 عقب الانقلاب العثماني واعلان الدستور ، في عام 1930 نال شهادة الحقوق ومارس مهنة المحاماة، كان ذو شخصية عاطفية (تنأى، في الأعم الأغلب من التصرفات، عن الاتزان الفكري) على حد قول حمدان، وهذا ما يستدل عليه بوضوح من شعره ذي النزعة الرومانتيكية ، له دواوين شعرية:
مواعيد – 1943
سـأم – 1949
أرجوحة القمر – 1955
غربـاء – 1956
حنين – 1961
ونقد أدبي:
لبنان الشاعر – 1954
ونثر/ أساطير :
من أعماق الجبل – 1945
(4) الرمزية والرومانتيكية في الشعر اللبناني ، أمية حمدان ، ص 64 .
(5) نفس المرجع، ص 79 ، ص 88 – 89 ، ولأفلاطون رأي مخالف في المرأة اذ (يرى أن المرأة عاجزة عن النشاط الابداعي) (المأدبة ، فلسفة الحب ، أفلاطون ، ص 17) ، وهذا رأي متطرف طبعاً ويجانب الصواب ، اذ بالرغم مما عرف عن المرأة الا انها تمتلك نفس قدرات الرجل ولا أختلاف بينهما من الناحية الفسلجية والواقع يُعطي أبلغ أمثلة.
(6) بسم الله الرحمن الرحيم (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ 35 فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 36) سورة البقرة (الآيتان 35/36)، (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) سورة آل عمران (الآية 59)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) سورة النساء (الآية 1)، (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) سورة الأعراف (الآية 189)، (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ 19 فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ 20 وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ 21 فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ 22 قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 23 قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 24 قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ) سورة الأعراف (الآية 19 – 25) ، (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا 115 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى 116 فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى 117 إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى 118 وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى 119 فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى 120 فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى 121 ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى 122 قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) سورة طه (الآية 115 – 123) ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان أباكم آدم كان كالنخلة السحوق (الطويلة) ستون ذراعاً كثير الشعر موارى العورة، فلما أصاب الخطيئة في الجنة بدت له سوأته ، فخرج من الجنة ، فلقيته شجرة فأخذت بناصيته ، فناداه ربه: إفراراً مني يا آدم ؟ قال: بل حياءً منك يا رب مما جئت به) (قصص الأنبياء للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير ، بغداد: 1988 ، ص 22). (وجبل الرب الأله آدم تراباً من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حيوة . فصار آدم نفساً حية. وغرس الرب الاله جنة في عدن شرقاً. ووضع هناك آدم الذي جبله. وأنبت الخير والشر . وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة .... وأخذ الرب الأله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها. وأوصى الرب الاله آدم قائلاً من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً . وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها. لانك يوم تأكل منها موتاً تموت. وقال الرب الاله ليس جيداً ان يكون آدم وحده. فأصنع له معيناً نظيره .... فأوقع الرب الاله سباتاً على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحماً. وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم . فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي . هذه تدعى امرأة لانها من أمرءٍ أُخذت . لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بأمرأته ويكونان جسداً واحداً. وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته لا يخجلان. وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله . فقالت للمرأة أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة. فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة نأكل. وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتاه فقالت الحية للمرأة لن تموتا . بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر . فرأت المرأة ان الشجرة جيدة للأكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهية للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل . فأنفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر. وسمعا صوت الرب الاله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار. فأختبأ آدم وأمرأته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة . فنادى الرب الاله آدم وقال له أين أنت . فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فأختبأت . فقال من أعلمك أنك عريان . هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ان لا تأكل منها. فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت . فقال الرب الاله للمرأة ما هذا الذي فعلت . فقالت المرأة الحية غرّتني فأكلت . فقال الرب الاله للحية لانك فعلت هذا معلونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية . على بطنك تسعين وتراباً تأكلين كل أيام حياتك. وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه. وقال للمرأة تكثيراً أكثر أتعاب حبلك. بالوجع تلدين أولاداً . وإلى رجلك يكون أشتياقك وهو يسود عليك. وقال لآدم لانك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. وشوكاً وحسكاً تنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لانك تراب وإلى تراب تعود. ودعا آدم أسم امرأته حواء لانها أم كل حي. وصنع الرب الاله لآدم وامرأته أقمصة من جلد والبسهما ، وقال الرب الاله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر. والان لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحيوة أيضاً ويأكل ويحيا إلى الأبد. فأخرجه الرب الاله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها. فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلّب لحراسة طريق شجرة الحيوة)، الكتاب المقدس ، العهد القديم ، سفر التكوين ، الاصحاح الثاني (7 – 25) ، الاصحاح الثالث (1 – 24) ، الصفحات 5 و 6 و 7 ، دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط ، 1991 .
(7) صلاح لبكي ، سـأم ، ص 75 .
(8) نفس المرجع ، ص 85 .
(9) نفس المرجع ، ص 93 ، رغم ان آدم (أو الشاعر صلاح) رأى في قوة العقل وتمرّد العلم ضرباً من التحدي الأرعن لسلطة الله (كذا) يُعاقب عليه بالموت ( ! ) وصلاح (على لسان حمدان) (يجمع بين المعرفة والخطيئة ويجعل حواء رمزاً لهما لذلك كان يحذرها من عقاب الله) :

أتركي من تلهف وسؤال
ما لنا بالأصول خلف الجمال
لن نزيد الضياء وهجاً اذا ندرك
مسراه من يد الازال

لقد شاهدت
توبي وأستغفري الرحمانا
وأتركي كل مطمع ان دون
العلم موتاً رأيته ظمآنا
(الرمزية والرومانتيكية ، حمدان، ص 80) و (سـأم ، ص 80 ، و ص 92 – 93).

(10) نفس المرجع ، ص 87 .
(11) (لكن حواء تدعوه إلى المعرفة ، فيدعوها إلى الصلاة ليتحد بالصلاة المتصاعدة من انفاس الأكوان والمخلوقات جمعاء ، فتلح ، وتكره ، ويخضع الرجل ، وينقاد ، تحت نير من يهوى ، ويستنفد العمر للمعرفة . هكذا وجهاً لوجه أما اللانهاية والمجهول ، يحاول تمزيق الحجب والحجب مسدولة دونه. ويحاول الانعتاق من الأرض والتراب ، والتراب يشده أبد الدهر إليه. ويريد ان يعتصم بالصلاة من جديد، وتريد هي ان تعتصم بالعلم من جديد لان الجحيم العالِم خير من الفردوس الجاهل .. ويسيران ، وقد أمتد ظلهما وتطاول تحت أرجل الشقاء والذل) ، الرمزية والأدب العربي الحديث ، أنطون غطاس كرم ، ص 178 .
(12) الفرد دوفيني ، شاعر فرنسي رومانتيكي ، عاش في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، كتب الشعر والرواية والمسرحية بالأخص بين عامي 1825 – 1835 ، وكان يرى ان معاصره فكتور هيغو قد أنتزع منه مجده في الشعر والدراما وسرق منه الأضواء ، كان نبيلاً وحياته عبارة عن كتلة من خيبات الأمل ! فقد كان وهو تلميذ عرضة لحقد زملائه الحاسدين ، الخيبات لاحقته في الأدب ، السياسة ، الحـب ، وكان ، كشاعر ومفكر ، يرى (ان المجتمع يضطهد الشعراء والمفكرين أو يخاصمهم ، في ظل جميع الأنظمة والحكومات) ، ويصف ف . ل . سولنيه شعر دو فيني بأنه (بارز العضلات ، رجولي وقاسٍ مثل سنديانة صلدة ، وهو يفرض نفسه كأنه كاتدرائية ببنائها المتين الشامخ ، وربوضها ، وترشيح خيوط الشمس في زجاجها الملون وزواياها المظلمة)، من مؤلفاته في الشعر والرواية والمسرح (النبوءات) و (المصاير) و(شمشون) و(بيت الراعي) و(جبل الزيتون) و(ستيللو) و(دافنيه) و(الفكر الصافي) و(زجاجة في البحر) و(مذكرات شاعر) و(شاترتون) و(الخامس من مارس) ، وكعاشق فقد صُدم بعد ان أكتشف ان الممثلة (ماري دورفال) تخونه عام 1837 . (بتصّرف من : الرومنطيقية في الأدب الفرنسي، تأليف ف. ل. سولنيه ، ترجمة أحمد دمشقية ، بيروت – 1960 ، ص 70 – 73).
(13) الرمزية والرومانتيكية ، أمية حمدان ، ص 123 – 125.
(14) نفس المرجع ، ص 125 .
(15) قصيدة (موت الورود) لصلاح لبكي.
(16) (أرجوحة القمر) لبكي .
(17) أبو العلاء المعري ، سقط الزند ، اللزوميات ، قصيدة (غرباء) لبكي.
(18) أنظر: الرمزية ...، حمدان، ص 125 - 130
(19) نفس المرجع والصفحات.
(20) ن.م والصفحات.
(21) نفس المرجع ، ص 42 و ص 92 .
(22) قمنا بإرجاع القصيدة كما كانت عليه (كقصيدة عمود) وليس كما وزّعها حمدان على طريقة قصيدة التفعلية !
(23) أما أمية حمدان فقد قام بترديد ما أدعاه غطاس كرم بأن هناك تشابهاً بين القصيدتين ، أنظر: الرمزية، حمدان ، ص 129 – 130 .
(24) قام أمية حمدان بتغيير كلمة (رف) العيون إلى (نور) العيون ، ولا نعرف هل كان هذا توهماً أم خطأً مطبعياً ؟! ، كذلك كلمة (الفؤاد) إلى (لفؤاد) ، نفس المرجع ، ص 130 .
(25) الرمزية والأدب العربي الحديث، كـرم ، ص 178 – 179 .
(26) يبدو ان للدكتور عمر فروّخ آراء متفردة في هذه المسميات ، اذ يقول : (في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر أنتشر في أوروبة مذهب هو المذهب الوجداني (ويسمّونه عندهم: الرومانتيكي) وكان أنتشاره أولاً في فرنسا وأنكَلترة وايطالية ثم في المانيا أيضاً. والعرب قد عرفوا المذهب الوجداني أو أبتدعوه قبل أن تشعر أوروبة بالحاجة إليه بألف عام في النصف الثاني من القرن الثامن للميلاد. لمّا خرج الشعر عندنا من بيئته الاموية البدوية إلى بيئته العباسية الحضرية ثم نشأ عندهم في أواسط القرن التاسع عشر مذهب عرفوه بأسم المذهب البرناسي أو – كما نقول نحن – مذهب التحكيك أو الصنعة ، أي مذهب العناية باللفظ المفرد وبالتركيب النحوي والتأنق البلاغي.. ومذهب التحكيك هذا عرفه العرب منذ أقدم عصورهم الأدبية – في العصر الجاهلي ... ثم أتسع هذا المذهب في العصر العباسي ... وفي منتصف القرن التاسع عشر ، نشأ عندهم المذهب الرمزي ... وهذا الأدب الرمزي قد نشأ عندنا قبل بودلير بألف ومائتي عام .. فأنت ترى ان الرمز في الأصل ليس شيئاً أكثر من المبالغة في الاستعارة والكناية والتورية مع المحاولة للجمع بين هذه الأوجه الثلاثة من البلاغة في نظام واحد)، أنظر: هذا الشعر الحديث ، د. عمر فروّخ ، دار لبنان للطباعة والنشر ، الصفحات 49 – 55 .
(27) ديوان بدر شاكر السيّاب ، تقديم ناجي علوش ، بيروت: دار العودة – 1971 ، ديوان (انشودة المطر) ، قصيدة (المبغى) ، ص 450 .

لطفاً
أنظر التكملة تحت






 
رد مع اقتباس