منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2012, 11:34 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أميمة وليد
إدارة المنتديات الثقافية
 
الصورة الرمزية أميمة وليد
 

 

 
إحصائية العضو







أميمة وليد غير متصل


افتراضي رد: سنابل من حقول الذاكرة"ثنائيات في الأدب"


من مخيمات الشتات كانت البدايات .. حيث الأسقف المنخفضة والنوافذ الباردة التي لا تنمو على شرفاتها أزهار ، حيث السواد عباءة تلف الأحلام والأمنيات ، والبياض عزيز لا تبصره الأعين إلا في بطاقة تحملها معك حيثما وليت وجهك شطر أمانيك لتذكرك دوما بأنك لاجئ .. لاجئ قد لا يتسع حلمه لأكثر من مسكن آمن ، ورغيف خبز ، وبطانية دافئة في ليالي الشتاء .


هناك حيث الوطن البعيد القريب يلوح ويختفي كبارق نجم في السماء ، تفتّحت عيناي لأبصر من حولي الأشياء قاتمة بلون الحياد ، لم أكن لأدرك وأنا أدرج بخطواتي المتعثرة الأولى أن أبواب الحياة كلها موصدة ، وأن دربي المسافر لن يكون يوما إلا على سكك الانتظار ، فلا بوصلة ترشدنا الطريق .. وليس ثمة طريق !


في البيت المتواضع الصغير على جانب الوادي ، نشأت طفلة مدللة ، لم تسبر عيناها رغم اتساعهما حقيقة الأشياء ، حول فراشي الدافئ تحوم فراشات .. عيون أمي تروي الحكايات ، وساعد أبي يحيل كل شيء بسيط من حولنا أداة حياة ، ومن قلب جدتي النابض بالقدس تذوقت حب الوطن عذبا آسرا لذيذًا ..


ما زلت أرفل بذكريات الطفولة كعروس تزهو بثوبها الأبيض الجميل ..
ناصعة طفولتي كبياض قلب أمي ..
ثرية رغم بساطة الحال كالعزيمة في ساعد أبي ..
شجية كأحاديث جدتي ..
خضراء كقلب الربيع رغم تعاقب الفصول دون أن نلتقي الربيع ..
مرارة وحلاوة ..
حلاوة ومرارة ..
فيض من الشوق ، ومزيد من الانتظار ..
أوراق متساقطة من شجرة العمر ، وصدور أرهقتها الزفرات ..
حلم عودة ما ينفك يداعب أرواحا ما استساغت اللجوء يوما ، ولا ارتضت الخيمة مسكنا ..
رائحة برتقالة حزينة تفوح في وطن حزين ، آن له منذ زمن أن يفتح ذراعيه مرحبا بأبنائه العائدين ..
أنشودة ثورية ما تزال أنغامها أصداء تبعث النشوة في رميم الروح ..
وأحلام طفولة وردية غافية على كتف ليل لا يزول بغيمة مسافرة تحط رحالها في القدس .

أمانٍ تستحيل على التحقيق .. وأمنيات معلقة بالريح بغد لا يضرب موعدًا للقاء .. كل ذلك أو يزيد إرثي الطفولي الحزين ..


فأينا يا صديقي أحق بالبكاء ؟!
ومن منا العاشق سيء الحظ يا ذاك المفتون بمرج ابن عامر ؟!







التوقيع

 
رد مع اقتباس