منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - فيصل أكرم .. قصيدة الأفراد
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-04-2007, 09:29 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حسن سلامة
أقلامي
 
الصورة الرمزية حسن سلامة
 

 

 
إحصائية العضو







حسن سلامة غير متصل


فيصل أكرم .. قصيدة الأفراد

فيصل أكرم .. قصيدة الأفراد


( 1 )

فيصل أكرم، شاعر سعودي، قرأته ولم أره··
لم يخرج عن تخيلي بأنه مواطن عام··
لأن الوجع في كل الحالات يصيب الجسد كله ·· تتداعى له الأطراف·· لذلك امسكت بهذا الكتيب (الديوان) أو القصيدة، تيقنت أن هناك آخرين يحملون الهاجس الواحد، الألم الواحد، الرؤية للأشياء ذاتها، وهذا لم يكن في لحظة ما إلا صادراً عن إنسان تتعارك في دواخله هموم شتى·· الأرض، الإنسان، الحدث اليومي، الصراع من أجل غد أجمل··
هذا هو فيصل أكرم·· الذي قرأته ولم أره··
في ( قصيدة الأفراد .. وعشر قصائد تشبهها )، بدايات صعبة صارخة من العنوان الذي يعنينا نحن، كل فرد على حدة، إلى القصائد الأخرى التي تشبهها، والتي أيضاً تخصنا نحن·· تخاطبنا نحن··
في إهدائه للكتاب يقول: قصيدة الأفراد، إلى الذين خسرتهم كثيراً·· إليهم كلهم··
ترى، من هم الذين خسرهم فيصل كثيراً، كلهم؟
بطبيعة الحال، الخسارة بحد ذاتها تبعث الألم، الأسى، وتبعث في النفس سؤالاً كبيراً لماذا خسرنا كل هؤلاء·· وكيف؟!
الخسارة قد تكون مادية، يمكن تعويضها، وقد تكون أشخاصاً وهذا هو المهم، وفي حال خسارة الأشخاص، قد تكون أبدية كمن يغيّبهم الموت، وهذا بحد ذاته قدر لا مناص منه ولا اعتراض عليه، إذاً، الخسارة المرة هي أن تخسر من حولك، الأحياء، لأسباب قد لا تكون أنت ضائعاً فيها·· وحين نقول كلهم! هنا تكمن المأساة·· لماذا·· وكيف·· وكثير من الأسئلة التي لا تخرج عن الاستفهام العام والبحث في دواخل فيصل أكرم من خلال كلماته التي أوشكت على استنزاف روحه واكتوى بصورها التي يراها هو·· وحده، ولم يكترث لها ( كلهم) بالدرجة التي يريد··!
في المقطع الأول من قصيدة الأفراد نقرأ:

أمي تحبُّ الماء في عيني غزيراً
وأبي يحبُّ أصابعي منزوعة الأظفار
قال مسكون بذات الهمّ: تعرفني··؟
فقلت: أقول أن الأرض تجمعنا
ويدفعنا الطريق إلى سلالات القطار
ندور في الحلقات، معتبرين أن جراحنا
انفتحت·· إذا انغلقتْ مدينة واحد منا وذابت في الحصار··

هذا هو المشهد المهم الواحد الذي يجمع التراكيب كلها: الأم، الأب، الآخر، الهمّ، السعي، الجراح، الحصار·· وضمن هذا المشهد يمكن أن نضع الأحداث جميعاً، بكل جوانبها ونتائجها وكيفية التعامل معها·
فالأم والأب هما الجذر الذي تنبت منه الشجرة والثمر، منهما العطاء والحرص الشديد على الثمرة (أبي يحب أصابعي منزوعة الأظفار) ليلاعبني ربما، وربما لتلافي (خرمشات) أظافري، وربما حتى لا أكون مشاكساً للآخرين·· وذلك من باب الحرص الزاذد·· هنا يريدني أن أكون مسالماً·· حتى لا تنفتح الجراح في لحظة ما، بخاصة حين يقوم الجيش، يعود:

الجيش قام·· الجيش عادْ
وأنت وحدك والمطاعم، والبلادْ
ماذا إذا عاد طفلّ
تحت ركبته الرصاصة والرمادْ··؟
ويقوم فيك الطفل عصفوراً يغنّي
حول مائدة يغنّي
ثم يفتح نصف كفك كي يشير إلى السوادْ··؟
الجيش قام··
والجيش عاد··
وأنت مقصورّ على دور الضحية،
واستلام دفاتر الشهداء، تقبلها·· ويقبلك العنادْ·

الصورة هنا جاءت سريعة واضحة للراهن الذي يراه هذا الطفل المبلل بالحنوّ والحنان الأبوي، والخوف الذي يلف المكان، ثم تكون الصورة أكثر سوداوية حين لا يقتصر الدور على أن تكون الضحية، وإحصاء الشهداء·· وإحصاء الأحزان وكل ذلك في النهاية يخلق (لا بد) حالة من العناد الذي قد يتحول إلى فعل·· في لحظة ما، مكان ما، ربما، لكن أين هم الآخرون الذين رأى فيهما صاحبنا غياباً وخسارة··!
هنا لا بد من اللجوء إلى الأرض·· المعطاء، والتي بها يستطيع صاحبنا أن يفعل، يجرب كل شيء·· لا يقهره سوى باب القبر··

عصما، هذي الأرض، في أحوالها
عصماء، نكتبها على الأصداف·· واللغة احترام·
·· وحدي، كما الأفراد، أحيا
كي أجرّب كل شيء··
كي أغطي كل شيء، بالتغاضي، والتفادي والنداء
ولا يجرّبني غطاء غير أبواب القبور··
لم نخرج بعد من المقطع الأول من قصيدة الأفراد··

الأفراد الذين يراقبون، يحللون، ولا نعرف حتى هذه اللحظة ما يفعلون تجاه كل هذا الوجع الإنساني الذي يحاصرنا والذي يدفعنا إلى ( سلالات القطار) لندور في الحلقات بجراحنا المفتوحة·· وبالضرورة القصوى أن يدرك الآخر (أنت) أنه: سيمر يوماً، فوق خط خارج من رمش عينك، ثم تشعر أنك الحيران في كل الجهات·· أسماء أهلك مثل اسمك، في الحروف·· وفي الظروف، فهل ستنفعك العظات؟!
ستقول: ما قد عاش فينا، قد أمات الصمت فينا·· ثم ماتْ··!

(2)

كتاب فيصل أكرم يستحق قراءة أخرى لاحقة··
فيصل أكرم ، لم أقرأه منذ فترة ليست قصيرة ..
.. لماذا يحاولون خنق كلمات فيصل أكرم ..؟
لماذا يحرمونه من مساحة بوح ، حتي خارج حدود جسده ..؟


حسن سلامة
h_salama_51@yahoo.com






 
رد مع اقتباس