منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-11-2007, 02:39 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إبراهيم العبّادي
أقلامي
 
الصورة الرمزية إبراهيم العبّادي
 

 

 
إحصائية العضو







إبراهيم العبّادي غير متصل


إرسال رسالة عبر MSN إلى إبراهيم العبّادي

افتراضي مشاركة: الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم

تمهيد :

أولا : أنواع الاختلافات وأسبابها .
ثانيا :الاختلاف الفقهي .



أنواع الاختلافات وأسبابها

الاختلافات من حيث أسبابها وجذورها أنواع، أو قل نوعان:

1. اختلافات أسبابها خلقية.

2. اختلافات أسبابها فكرية.

أما الاختلافات التي ترجع إلى أسباب أخلاقية، فهي معروفة للعلماء والمربين الذين يتدبرون دوافع الأحداث والمواقف، ولا يكتفون بالنظر إلى سطوحها دون أن يغوصوا في أعماقها.

ومن هذه الأسباب:

أ. الغرور بالنفس، والإعجاب بالرأي.

ب. سوء الظن بالغير، والمسارعة إلى اتهامه بغير بينة.

ج. حب الذات واتباع الهوى، ومن آثاره: الحرص على الزعامة أو الصدارة أو المنصب.

د. التعصب لأقوال الأشخاص والمذاهب والطوائف.

ه. العصبية لبلد أو إقليم أو حزب أو جماعة أو قائد.

وهذه كلها رذائل أخلاقية عدت من (المهلكات) في نظر (علماء القلوب) ويجب على المسلم العادي ـ بله العامل للإسلام الداعي إليه ـ أن يجاهد نفسه، حتى يتحرر منها، ولا يستسلم لها، ويسلم زمامه للشيطان، وأن يعمل بجد في رياضة نفسه حتى يتحلى بأضدادها.

والاختلاف الذي ينشأ عن هذه الرذائل أو المهلكات، اختلاف غير محمود، بل هو داخل في التفرق المذموم.

اختلافات أسبابها فكرية:

وأما الاختلافات التي سببها فكري، فمردها إلى اختلاف وجهات النظر في الأمر الواحد، سواء كان أمرا علميا كالخلاف في فروع الشريعة، وبعض مسائل العقيدة التي لا تمس الأصول القطعية، أم كان أمرا عمليا كالخلاف في المواقف السياسة واتخاذ القرارات بشأنها، نتيجة الاختلاف في زوايا الرؤية، وفي تقدير النتائج وتبعا لتوافر المعلومات، عند طرف، ونقصها عند طرف آخر، وتبعا للاتجاهات المزاجية والعقلية للأطراف المتباينة، وتأثيرات البيئة والزمن عليها سلبا وإيجابا.

ومن أبرز الأمثلة لذلك: اختلاف الجماعات الإسلامية حول مواقف سياسية كثيرة في عصرنا، مثل خوض المعارك الانتخابية، ودخول المجالس النيابية، والمشاركة في الحكم في دولة لا تلتزم بتطبيق الإسلام كله، والتحالف مع بعض القوى السياسية غير الإسلامية أو غير المسلمة، لإسقاط قوة طاغية تخنق كل رأي حر، وتخرس كل صوت حر، إسلاميا أو غير إسلامي، مسلما أو غير مسلم.

وبعض الخلاف هنا سياسي محض، أي يتعلق بالموازنة بين المصالح والمفاسد وبين المكاسب والخسائر، في الحال وفي المآل.

وبعضها فقهي خالص، أي يرجع إلى الاختلاف في الحكم الشرعي في الموضوع: أهو الجواز أم المنع؟ مثل المشاركة في الحكم، والتحالف مع غير المسلمين، أو غير الإسلاميين، ومثل مشاركة المرأة في الانتخابات ناخبة ومرشحة. وبعضها اختلط فيه النظر الفقهي بالنظر المصلحي والسياسي.

ومن أهم الأمثلة البارزة وأوضحها هنا: اختلاف الرأي بين العاملين للإسلام في مناهج الإصلاح والتغيير المنشود:

أنبدأ بالقمة أم بالقاعدة؟

أنرجح طريق الثورة والعنف أم طريق التدرج والرفق؟

أيفضل الانقلاب العسكري أم الكفاح السياسي، أم التكوين التربوي؟

أنعطي الأولوية للعمل الجماهيري، أم لتكوين الطلائع؟

أيجوز تعدد الحركات العاملة للإسلام، فيعمل كل منها في ميدان أم لابد من حركة جامعة شاملة؟

إلى آخر ما يمكن أن يقال في هذا المجال، وهو رحب..

ويدخل في الخلافات الفكرية: اختلاف الرأي في تقويم بعض المعارف والعلوم مثل: علم الكلام، وعلم التصوف، وعلم المنطق، وعلم الفلسفة، والفقه المذهبي.

فهناك من يتعب لهذه العلوم بعضها أو كلها، ويدافع عنها، ويأخذها بعجرها وبجرها.

ومقابلة من يرفضها كلها، ويعتبرها دخيلة على الإسلام، مدسوسة عليه وإثمها أكبر من نفعها.

وبينهما من يتوسط بين الفريقين، ويجتهد أن يحكم بينهما بالقسط، وأن يأخذ منها يدع، ويقبل ويرفض.

كما يدخل في الخلافات الفكرية، الاختلاف في تقويم بعض الأحداث التاريخية وبعض الشخصيات التاريخية كذلك.

فمن الأحداث: ما وقع بين بعض الصحابة، مثل موقف عمر من خالد، وعثمان من ابن مسعود وأبي ذر، وموقف طلحة والزبير وعائشة من علي، وحرب صفين، وقضية التحكيم وما تبعها.

ومن الشخصيات: معاوية وأبوه وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم.

ومثلها الشخصيات العلمية، مثل بعض علماء الكلام أو رجال التصوف.

ومنها: أبو حامد الغزالي، وأبو العباس ابن تيمية، ومحيي الدين بن عربي وغيرهم من المشاهير الذين اختلف الناس في أمرهم، ما بين معظم أبلغ التعظيم إلى حد قد يصل إلى التقديس، وبين قادح طاعن مسرف في القدح.

على أن الخلاف الأكبر والأوسع هو الخلاف في فروع الفقه، وبعض مسائل العقيدة غير القطعية.

ولهذا النوع من الخلاف أمثلة شتى، نشير إليها في السطور التالية.



الاختلاف الفقهي

ومن أقوى أسباب الاختلاف والتفرق بين فصائل الصحوة الإسلامية: الاختلاف في فروع الفقه تبعا لتعدد المشارب والمدارس في فهم النصوص، وفي الاستنباط فيما لا نص فيه، ما بين موسع ومضيق، ومتشدد ومترخص، ميال إلى مدرسة النص، وميال إلى مدرسة الرأي، وما بين موجب لتقليد المذاهب على كل الناس ومحرم له على كل الناس أيضا، ومتوسط بينهما، ممن يجيز للعامي التقليد دون إلزام بمذهب معين، ويطالب كل من كان من أهل العلم أن يستكمل نقصه العلمي حتى يبلغ درجة النظر في الأدلة والترجيح بين الأقوال، والاجتهاد ـ ولو جزئيا ـ فيما جد من أمور.

ولذلك أمثلة في مجالات شتى:

في مجال الطهارة:

حكم (الكلونيا) و (السبرتو) المستخدم للتطهير وما استحال عن عين نجسة الأصل، ومياه المجاري إذا نقيت، والتوضؤ من أكل لحم الإبل، ومن لمس المرأة، ومس الذكر.. الخ.

وفي مجال الصلاة:

مثل إرسال اليدين أو قبضهما، وقراءة البسملة سرا أو جهرا أو عدمها، والاختلاف في الأذان والإقامة، وحكم صلاة الجماعة، وجلسة الاستراحة والنزول باليدين قبل الركبة أو العكس. وما يجوز من الجمع بين الصلاتين، وما لا يجوز.

وفي الزكاة:

هل تجب الزكاة في الفواكه والخضراوات وفي محاصيل أخرى مهمة كالقطن أو لا؟ وهل يجوز إخراج القيمة في الزكوات ـ وخصوصا زكاة الفطر ـ أو لا؟ هل في حلي النساء زكاة سنوية أو لا؟

وفي الصيام:

مثل إثبات دخول رمضان وعيد الفطر: أيكون برؤية الواحد أم بالاستعاضة أم بالحساب؟ أيتوسع في المفطرات أم يضيق فيها؟

وفي الحج:

أيجوز الإحرام من جدة لركاب الطائرات، أم لا؟ أيجوز الرمي قبل الزوال أم لا؟ أيجوز ذبح هدي التمتع في مكة قبل يوم النحر أم لا؟

وفي الزينة والتجمل:

أيكون إعفاء اللحية واجبا أم سنة؟ وهل يجوز تهذيبها والأخذ منها أو لا؟ وما حكم إحفاء الشارب؟ وهل يحرم إطالة الثوب ولو لغير خيلاء؟ وهل يجب على المرأة المسلمة لبس النقاب أو يكفي تغطية ما عدا الوجه والكفين؟ وهل يجوز لها بعض الزينة الخفيفة مثل الكحل في العينين والخاتم في اليدين؟ وهل يجوز استعمال (الكولونيا) للتطيب؟ وما حكم التصوير؟ ما له ظل وما ليس له ظل، وبخاصة التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني.

وفي اللهو والترفيه:

هل يجوز سماع الغناء بآلة أو بغير آلة أو لا؟ وما قيود ذلك وشروطه عند الجواز؟

وفي المأكل والمشرب:

هل يجوز تناول ذبائح أهل الكتاب؟ وهل يعتبر أهل أوروبا وأمريكا أهل كتاب أو لا؟

وفي فقه الأموال والمعاملات:

هل يجوز تسعير السلع والإجارات، وخصوصا المساكن، والعقارات؟

وبالتالي: إلى أي مدى يجوز تدخل الدولة في الاقتصاد وتوجيهه؟

وما الحكم في استغلال الأرض البيضاء والمزرعة؟ وما تأويل الأحاديث التي نهت عن كراء الأرض؟ والأحاديث التي تقول: "من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه"؟ وما حكم التأمين بأنواعه المختلفة؟

وما حكم العمل في المؤسسات الحالية التي لا تلتزم بكل أحكام الإسلام؟

وفي الفقه السياسي والدستوري والدولي:

ما القول في الحكام الذين لا يحكمون بما أنزله الله: أهم كفرة أم عصاة فقط؟

وما الحكم في استخدام القوة لإسقاطهم؟

وما الحكم في محاولة بعض الأفراد تغيير المنكرات العامة باليد أي باستعمال العنف والقوة المادية؟

وما الحكم في الانتخاب لاختيار أهل الحل والعقد أو أهل الشورى؟

وما حكم الشورى: أهي معلمة أم ملزمة؟

وما القول في تحديد مدة الإمارة أو رئاسة الدولة؟

وما موقف الأقليات غير المسلمة من وظائف الدولة المسلمة؟

وما موقف الأقليات المسلمة في دولة غير مسلمة؟

وما الأصل في العلاقة بين الدولة الإسلامية وغيرها: أهو السلام أم الحرب؟

وهل الجهاد للدفاع أو للهجوم؟

وبعبارة أخرى: هل يقاتل الكفار لكفرهم أو لعدوانهم على المسلمين؟

وهل هناك دار غير دار الإسلام ودار الحرب؟

وما المدلول المحدد لكل من هاتين الدارين؟

وغيرها.. وغيرها.. من القضايا الكثيرة المتنوعة، التي تختلف فيها وجهات النظر، وتتعدد الإجابات والفتاوى في شأنها من أهل العلم والفكر، شأن كل المسائل الاجتهادية، التي ليس فيها نص شرعي قطعي الثبوت، قطعي الدلالة.






 
رد مع اقتباس