أرِيحُ الصَّبا هَبَّتْ عَلَى زَهرِ الرُّبَا (8)
* القصيدة من بحر : الطويل
* موضوع القصيدة : مذكرات وفوائد .
*عدد أبياتها: 51 "احدى وخمسين بيتاً"
* أشهر أبياتها :
فأَوْسَعَهُمْ فضلاً فآمَنَ خائِفاً *** وَأنْصَفَ مظلوماً وَأخْصبَ مُجْدِبا
وقول الشاعر:
ولِي أدبٌ حُرٌّ أُحَرِّمُ بَيْعَهُ *** وما كانَ بَيْعُ الحُرِّ لِلحُرِّ مَذْهَبَا
نص القصــــيدة
أرِيحُ الصَّبا هَبَّتْ عَلَى زَهرِ الرُّبَا ***** فأصْبَحَ منها كلُّ قُطْرٍ مُطَيَّبا
أمِ الرَّاحُ أهْدَتْ للرِّياحِ خمارَها ***** فأسْكَرَ مَسْرَاهَا الوُجُودَ وطَيَّبا
ألمْ تَرَني هَزَّ التَّصابي مَعاطِفي ***** وراجَعَني ما راقَ مِنْ رَوْنَقِ الصِّبا
فمنْ مُخْبِري ماذا السُّرُورُ الذي سَرَى ***** فلا بُدَّ حَتْماً أنْ يكونَ لهُ نَبَا
فقالوا أعادَ اللَّهُ للناسِ فَخْرَهُم ***** وَلِيَّاً إلى كلِّ القلوبِ مَحَبَّبا
فقلت أَفَخْرُ الدِّينِ عثمانُ قال لي ***** بَلَى قُلْ له أهْلاً وَسَهْلاً وَمَرْحَبا
وقال الورَى للَّهِ دَرُّكَ قادِماً ***** سُقِينا به من رحمةِ اللَّهِ صَيِّبا
ونادَى مُنادٍ بينهم بِقدُومِهِ ***** فَرَهَّبَ منهُم سامِعينَ ورَغَّبا
فأَوْسَعَهُمْ فضلاً فآمَنَ خائِفاً ***** وَأنْصَفَ مظلوماً وَأخْصبَ مُجْدِبا
وقد أخَذَتْ منه البسيطةُ زِينةً ***** فَفَضَّضَ منها الزهرَ حَلْياً وذَهَّبا
فيا فرحَةَ الدُّنيا وَفَرحَةَ أهلها ***** بِيَوْمٍ له مِنْ وَجْهِ عثمانَ أعربا
وشاهد منهُ صُورةً يُوسُفِيَّةً ***** تباهَى بها في الحُسْنِ وَالبَأْسِ مَوْكِبا
مُفَوِّضُ أمْرِ العالمينَ لِرَأْيه ***** فكان بهمْ أوْلَى وأدرَى وأذْرَبَا
أعيدُوا على أسماعِنا طِيبَ ذِكْرِهِ ***** لِيُطْفِئَ وجْداً في القلوب تَلَهَّبَا
ولا تَحْجُبُوا الأبصارَ عَنْ حُسْنِ وجهِه ***** فقدْ كانَ عنها بالبِعادِ مُحَجَّبا
وَلِيٌّ إذا ضاقتْ يَدِي وَذكَرْتُهُ ***** مَلَكْتُ نِصَاباً أوْ تَوَلَّيْتُ مَنْصِبا
تَوَسَّلْ به في كلِّ ما أنتَ طالبٌ ***** فكم نلتُ منهُ بالتوسُّلِ مطلبا
وعِشْ آمِناً في جاهِهِ إِنَّ جاهَهُ ***** لِقُصَّادِهِ راضَ الزمانَ وهَذَّبا
تَغَرَّبْتُ يَوْماً عَنْ بِلادِي وزُرْتُهُ ***** فَنِلْتُ غِنَىً ما نَالَهُ مَنْ تَغَرَّبَا
على أنني ما زِلْتُ مِنْ بَرَكاتِهِ ***** غنِيّاً وفي نَعْمائِهِ مُتَقَلِّبَا
وكُنْتُ لِمَا يَرْضَاهُ بالغيبِ فاعِلاً ***** وَكُنْتُ لِمَا لَمْ يَرْضَهُ مُتَجَنِّبا
ولا كان دِيناري مِنَ النُّصحِ بَهرَجاً ***** لَدَيْهِ ولا بَرْقِي مِنَ الوُدِّ خُلَّبا
أمَوْلايَ أَنْسَيْتَ الوَرَى ذِكْرَ مَنْ مَضَى ***** وأغنى نَداك المادحينَ وأَتعَبا
ولِي أدبٌ حُرٌّ أُحَرِّمُ بَيْعَهُ ***** وما كانَ بَيْعُ الحُرِّ لِلحُرِّ مَذْهَبَا
وقد أَهْجُرُ العذْبَ الزُّلالَ عَلَى الصَّدَى ***** إذَا كَدَّرَتْ لِي السَّمْهَريَّةُ مَشْرَبا
وأَنْصِبُ أَحْياناً شِباكَ قَنَاعَةٍ ***** أَصِيدُ بها نُوناً وَضَبَّاً وجُنْدبا
ومَهْمَا رآني شَاعِرٌ مُتَأَسِّدٌ ***** تَذأَّبَ منها خِيفَةً وتَثَعْلَبَا
أُراقِبُ مَنْ عَاشَرْتُ منهم كأنَّني ***** أُراقِبُ كلباً أَوْ أُراقِبُ عَقْرَبا
كأني إذا أهْدِيهِمُ عَنْ ضَلالِهِمْ ***** أُبَصِّرُ أَعْمىً أَوْ أُقَوِّمُ أَحْدَبا
فلا بُورِكَ المُسْتَخْدمونَ عِصابةً ***** فكمْ ظالمٍ منهم عَلَيَّ تَعَصَّبا
إذَا ما بَرَى أَقْلامَهُ خلْتُ أَنَّه ***** يَسُنُّ لَهُ ظُفْرَاً وناباً ومِخْلَبَا
يغالِطُني بعضُ النَّصَارَى جَهالةً ***** إذا أَوْجَبَ المُلْغَى وَأَلْغَى المُوجَّبَا
ومَا كانَ مَنْ عَدَّ الثَّلاثَةَ وَاحداً ***** بِأَعْلَمَ مِنِّي بالحِسَابِ وأكْتَبَا
وَما الحَقُّ في أَفْوَاهِ قومٍ كأنّها ***** أَوَانٍ حوَتْ ماءً خَبِيثاً مُطَحْلَبَا
مُفَلَّجَةٍ أَسْنَانُها فكأنَّها ***** أَصَابَ بها الزِّنْجَارُ أَحْجَارَ كَهرَبا
كأنَّ ثَناياهُم من الخَبَثِ الذي ***** تَحَصْرَمَ في نِيَّاتِهِمْ وتَزَبَّبا
عجِبْتُ لِأمرٍ آلَ بالشَّيْخ مخْلصاً ***** إلى أَنْ يُعَرَّى كاللُّصوصِ وَيُضْرَبا
بَكَيْتُ لَهُ لَمَّا كَشَفْتُ ثيابَهُ ***** وأَبْصرتُ جسماً بالدِّماءِ مُخَضَّبا
وَحَلَّفْتُهُ باللَّهِ ما كانَ ذَنْبُهُ ***** فأَقْسَمَ لِي باللَّهِ ما كانَ مُذْنِبَا
وَلكنْ حبيبٌ راحَ فِيَّ مُصَدِّقاً ***** كلامَ عَدُوٍّ ما يزالُ مُكَذّبا
فقلت ومن كان الأَميرُ حبيبَه ***** فلا بد أَنْ يَرضَى عليه وَيَغْضَبا
فصَبْراً جميلاً فالمُقدَّرُ كائِنٌ ***** فقد كانَ أمراً لم تجِدْ منهُ مَهْرَبَا
فإبليسُ لَمَّا كانَ ضِدَّاً لِآدمٍ ***** تَخَتَّلَ في عِصْيانِهِ وَتَسَبَّبَا
وقد كانت العُقْبَى لآدمَ دونَه ***** فتابَ عليه اللَّهُ مِنْ بعْدُ وَاجْتَبَى
وَمِنْ قبْلِ ذَا قد كُنتُ إذ كُنتَ ذاكِراً ***** نَهَيْتُكَ أنْ تَلْقَى الأَميرَ مُقَطِّبَا
دَعَاكَ إلى أَمرٍ مُهِمٍّ فجِئْتَهُ ***** كَأَنَّكَ في عُرْسٍ أَتَيْتَ مُشَبّبا
فلا تنْسَ فينا للأَميرِ قضِيَّةً ***** فَتَفْتَحَ باباً لِلْعِتَابِ مُجَرَّبا
وَإياكَ أَنْ تُبْطِي عَلَيَّ بِرَاتبي ***** فيَبْقَى عليكَ اللَّومُ منه مُرَتَّبا
وَخَف صارِماً هَزَّ المَدِيحُ فِرِنْدَهُ ***** حَبِيبٌ إِليه أَنْ يُهَزَّ ويُنْدَبَا
فلا فارَقتْ منه السَّعَادَةُ قائماً ***** وَلا فَلَّتَتْ منه الحَوادِثُ مَضْرِبا
ولا زالَ دينُ اللَّهِ يَرْضَى الَّذي قَضَى ***** به في بَنِي الغالِي وَيأبى الذي أبَى