منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - من أجمل ما قرأت اليوم
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2012, 10:12 AM   رقم المشاركة : 240
معلومات العضو
عبد السلام الكردي
الهيئة الإدارية
 
الصورة الرمزية عبد السلام الكردي
 

 

 
إحصائية العضو







عبد السلام الكردي غير متصل


افتراضي رد: من أجمل ما قرأت اليوم

تسادا ... سبعون موقدا دافئا . سبعون خيط دخان أزرق يرتفع في سماء جبلية عالية وصافية . بيوت بيضاء فوق أرض سوداء . أمام القرية ، أمام البيوت البيضاء حقول خضر منبسطة . ووراء القرية تنتصب الصخور . لقد تزاحمت الصخور الرمادية فوق قريتنا كأنها أطفال اجتمعوا عل سطح لينظروا إلى أسفل ، إلى الحوش حيث يجري العرس .
حين وصلت قرية تسادا ، تذكرت الرسالة التي بعث بها والدي حين رأى موسكو ، أول مرة . كان يصعب علينا أن نحرز أين يمزح أبي وأين يجد ، كان مدهوشا لما يراه في موسكو :
" يبدو أنهم هنا في موسكو لا يوقدون النار في المواقد ليحضروا الطعام ، لأني لا أرى نساء يصنعن أقراص الزبل ويضعنه على جدران منازلهن ، ولا أرى فوق السطوح دخانا يشبه قبعة أبي طالب الكبير . ولا أرى محادل لدك السقوف ورصها . ولا أرى الموسكوفيين يجففون الحشائش على السطوح . فماذا يطعمون أبقارهم ، إذا كانوا لا يجففون الحشائش . لم أر مرة واحدة امرأة تسير وهي تحمل حزمة حطب أو عشب . ولم أسمع مرة واحدة غناء الزورنا أو نقر الدف . يمكن للمرء أن يظن أن الشباب هنا لا يتزوجون ولا يقيمون الأعراس . وعلى كثرة ما تجولت في شوارع هذه المدينة الغريبة . لم أر أبدا خروفا واحدا .
وإني لأتساءل عما ينحر الموسكوفيون حين يتخطى عتبة بابهم ضيف ؟ بماذا يحتفلون عند قدوم صديق عزيز إن لم يكن بخروف ينحر ؟
كلا ، أنا لا أحسدهم على حياتهم هذه ، بل اريد أن أعيش في قريتي تسادا حيث أستطيع أن آكل الخنكل كما أشتهي بعد أن أطلب من زوجتي أن تضع فيه كمية أكبر من الثوم " ..

ووجد أبي كثيرا من العيوب في موسكو وهو يقارنها بقريته ، كان يمزح بالطبع حين يبدي دهشته لأن البيوت في موسكو ليست منقوشة بأقراص الزبل ، لكنه لم يكن يمزح حين كان يفضل قريته الصغيرة على هذه المدينة العظيمة . كان يحب قريته تسادا ، ولم يكن مستعدا ليستبدل بها كل عواصم الدنيا .




رسول حمزا توف







 
رد مع اقتباس